fbpx

“بي الكل”:
هوس السلطة حين تثقله ضريبة العمر

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

“بي الكل”، هو اللقب الذي حاول ميشال عون أسر وجدان اللبنانيين به ، لكنه وهو يسلك بنا مساراً سياسياً واجتماعياً شديد البؤس لم ينجح في استدراج وجداننا إلى أسره إلا حين انتبهنا للحظة كم أن الرجل مُثقَل بضريبة العمر.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

في الرئيس اللبناني ما يُعسِر على واو العطف استدراجها كرابط بينه وبين عاطفتنا، وميشال عون هو من صنع بنفسه هذا العسر.

ومع ذلك، نجح ميشال عون مرتين باستدراج عاطفتنا نحوه، وقد سلبنا الأخيرة حين رفعنا حاجباً بيننا وبين السياسي الذي فيه، والتي فعلها معظمنا على الأرجح.

فبين حديثه الأخير إلى قناة “الجزيرة”، وقبلها وقوعه على وجهه في مؤتمر القمة العربية الثامن والعشرين في الأردن عام 2017، يسكن ميشال عون خارج وجدان أغلب اللبنانيين. لكن مشقة العمر ومآلاته، أتاحت للرجل فينا مساحة وجدانية بفعل النزعة الإنسانية لأي فرد يكابد في مواراتها، وكما لو أننا في حضرة الموت.

في حديثه إلى قناة”الجزيرة”، ظهر ميشال عون أسيراً لصمت العاجز مرةً، ولتثاقله في الرد حيناً، وتائهاً بين تواريخ مفصلية من عهده الرئاسي أحياناً، وكنا نشاطره الصمت والتيه من موقع ملتبس بين العاطفة والسياسة، فيما محاوره كان غالباً أكثرنا استشعاراً بمعاناة الرجل في اجتراح الأجوبة التائهة، وأغلب الظن أن مقابلة كهذه ستبقى في ذاكرته كنموذج عن هزيمة السياسة أمام اللحظة الوجدانية التي تقفينا أثرها في وجه المحاور، بقدر ما تقفينا وجه رئيس مُثقل بالعمر.

لكن المفارقة أن الحديث المتلفز الذي وضعنا أمام المشهد المرئي والعصيب لعون، أتى بعد أسبوع قال فيه الأخير كلاماً وشى بعدم مغادرته القصر الرئاسي بعد انتهاء ولايته الدستورية، ثم حاول تدارك وقعه السيئ على اللبنانيبن باشتراط التمديد له في مجلس النواب.

والحديثان عن الفراغ والتمديد، واللذين يراكمان في عون نزعته السلطوية، يراكمان أيضاً وجداناً سلبياً هائلاً نحوه، لكن مشهدية “الجزيرة” تكفلت بالضربة القاضية لأوهام الرجل، بقدر ما منحته لحظةً وجدانية استدُرِجنا إليها مرغمين، وتحت وطأة السياسة.

أربعة أعوام إذاً، تفصل بين وجدان تشظى للحظتين نحو عون بين الأردن وقطر، ومن موقع الخصومة، لكن اللحظتين ليستا على سوية واحدة. كان “التعثر” الأردني أكثر جذباً لوجدان جمعي فرضته بالضرورة أبوة متخيلة عن قضاء الأعمار في كهولة آبائنا، لكنه بالمقابل كان تعثراً يُفضي إلى دلالة وازنة عن أرجحية أننا كنا خلال خمسة أعوام محكومين برئيس ظل آلت إليه السلطة بالمصاهرة، وأن الكثير من المواقف السياسية التي تصدر عن عون، هي صنيعة جبران باسيل، ثم يأتي مشهد”الجزيرة” كرافد لتلك الدلالة التي كونت هذا الالتباس بين عون المرئي، وعون الذي يتحدث من خلف جدران القصر، ناهيك بتهفيت كل بلاغة رئاسية حين لا يتسع المشهد المرئي لوزير العدل السابق ومستشار الرئيس سليم جريصاتي.

عموماً، ليست اللحظة الوجدانية الراهنة قدراً، وهي ستصير وراءنا عاجلاً كسابقتها الأكثر وطأةً على الوجدان، لأن فعل السياسة هو ما سيكون أمامنا. إننا في عهد رئيس جمهورية مسكون بهوس سلطوي يحجب عنه تلك الاعتلالات الجسدية التي طبعت عهده منذ البدايات، وأتاحت للبنانيين مشاهدة آخر فصولها بمسحة وجدانية آنية لا تغفر خطايا السياسة.

“بي الكل”، هو اللقب الذي حاول ميشال عون أسر وجدان اللبنانيين به ، لكنه وهو يسلك بنا مساراً سياسياً واجتماعياً شديد البؤس لم ينجح في استدراج وجداننا إلى أسره إلا حين انتبهنا للحظة كم أن الرجل مُثقَل بضريبة العمر.

إقرأوا أيضاً:

سامر المحمود- صحفي سوري | 30.03.2024

فصائل مسلّحة في سوريا “توظّف” الأطفال كـ”مقاتلين مياومين”

مئات الأطفال شمال غربي سوريا يعملون كمقاتلين لدى الفصائل المسلحة، بأجور يوميّة يُتَّفق عليها مع زعيم المجموعة، يبلغ "أجر" الطفل المقاتل/ المرابط في اليوم بين 3 و6 دولارات، أما الفصائل المتشددة فتدفع 100 دولار في الشهر.