fbpx

إبادة الأيزديين وسبي نسائهم متواصلان إلى اليوم

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

ثمة وجه للإبادة ما زال يشتغل إلى اليوم، فمصير أكثر من ألف أيزدية تم سبيهم ما زال مجهولاً، بعدما عادت نحو ثلاثة آلاف ممن تعرضن إلى السبي إلى عائلاتهن، ومعظمهن غادرن الجبل وهاجرن إلى بلاد بعيدة.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

 نعم، ما حصل للأيزديين في سنجار هو عملية إبادة جماعية، ومناسبة هذا التأكيد هو حكم صدر عن محكمة ألمانية بحق أحد عناصر تنظيم “داعش”، وفي حيثيات الحكم ذكر القاضي أن ما تعرض له الأيزديون في شمال العراق هو عملية إبادة جماعية موصوفة. 

للتوقف عند هذا التصنيف للمجزرة في أهمية تتعلق بنا نحن أهل الضحايا وأهل الجناة! ذاك أن ما حصل في سنجار في آب/ أغسطس 2014 لا يقتصر بالنسبة إلينا على ما تضمنه قرار القاضي الألماني، فالضحية واحدة والجناة كثيرون. الأيزديون وحدهم من قتلوا في ذلك اليوم الحالك، لكن القتلة متنوعون، على رغم أن “داعش” يتصدرهم. والأخطر أن القتل أتى كامتداد “ثقافي” لعلاقة أكثريات بأقلية تعيش في ذلك الجبل منذ قرون طويلة. نعم القتل مثل ثقافة، لجهة العلاقة العنيفة المديدة بين المرتكب وضحيته، و”داعش” كان آخر تجليات هذه العلاقة، وآخر فصولها.

لا إحصاء دقيقاً لعدد الضحايا. الرجال في جبل سنجار قُتلوا. كل الرجال! والنساء والأطفال تعرضوا للسبي. كل النساء والأطفال. لهذا اعتبر القاضي الألماني أن ما حصل هو إبادة جماعية، لكن ما لم يتضمنه حكم القاضي من وقائع أفظع من ذلك الذي اعتمد عليه في اعتباره المجزرة إبادة. وإذا كان الحكم مناسبة للتذكر والاستعادة بعد سبع سنوات من المأساة، فهي مناسبة أيضاً لكي نكرر أن ما حصل للأيزديين تم تجاوزه “ثقافياً”، وكأننا لم نقتلهم، والأسوأ أننا تعاملنا مع “اجتثاثهم” بوصفه أمراً واقعاً ويمكن التعايش معه والبناء على نتائجه. لقد قتلناهم وكان ما كان، ولا داعي للمراجعة والاعتراف وتحمل المسؤولية!

“داعش” نفذ، والبيشمركة الكردية انسحبت، والحكومة العراقية خذلت! يجب أن نذهب خطوة أبعد في الاعتراف. “داعش” نفذت بمساعدة العشائر العربية السنية التي تقيم بجوار الأيزديين في جبل سنجار، وقوات البيشمركة الكردية انسحبت إلى مناطق مجاورة لحماية الأكراد غير الأيزديين، والحكومة العراقية (الشيعية) لم تشعر بأن الأيزديين مواطنون يستحقون نجدة أو إنقاذاً. لهذه الأسباب كان سهلاً على المسخ أن يبتلع أيزديي الجبل وأن يسبي نساءهم وأطفالهم.

لكن الأفظع من ذلك، هو أن أهل الجبل، أو ما تبقى منهم في سنجار، يعيشون هذه الحقيقة إلى اليوم. يدركون أن أحداً لن ينجدهم إذا ما تكرر انقضاض المسخ على بلادهم، وهو بحسبهم سيتكرر، وتجاربهم مع أعراب المنطقة ومع أكرادها قبل الإبادة وبعدها تؤكد ذلك. “القاعدة” قبل “داعش” كانت لهم بالمرصاد، وكان اصطيادهم فعل يومي ينفذه التنظيم. فالعيش في ظل قناعة كاملة بأن ما حصل سيتكرر حول الحياة في سنجار إلى كابوس، والمحاسبة إذ اقتصرت على نصر عسكري ملتبس على “داعش” كرست قناعة أهل الجبل بأن أسباب الإبادة ما زالت تغذي عقول الجوار وأكثرياته ووجدناتهم، والحياة اليوم هناك أشبه بانتظارات يمارسها الأيزديون، بعضهم ينتظر فرصة الهجرة وبعضهم ينتظر عودة ابنته من السبي، وبعضهم ينتظر الالتحاق بـ”حزب العمال الكردستاني” في تركيا، ذاك أن الأخير هو وحده من تولى الدفاع عنهم أثناء محنتهم في العام 2014.

إنما ثمة وجه للإبادة ما زال يشتغل إلى اليوم، فمصير أكثر من ألف أيزدية تم سبيهم ما زال مجهولاً، بعدما عادت نحو ثلاثة آلاف ممن تعرضن إلى السبي إلى عائلاتهن، ومعظمهن غادرن الجبل وهاجرن إلى بلاد بعيدة. 

الأيزديات مجهولات المصير، يقمن في مخيمات النزوح في سوريا، خصوصاً في مخيم الهول. كثيرات بقين هناك بسبب خوفهن من أن يطالب أهل عناصر “داعش” ممن اغتصبوهن بالأطفال، وهو ما يتيحه لهم قانون الإفتاء العراقي، وبعضهن لا يردن العودة بعد “غسل عقولهن” وصرن “أخوات مسلمات”… وللإبادة وجوه كثيرة ما زالت ترفد الوجدان الأيزدي المستباح.  

إقرأوا أيضاً:

    

سامر المحمود- صحفي سوري | 30.03.2024

فصائل مسلّحة في سوريا “توظّف” الأطفال كـ”مقاتلين مياومين”

مئات الأطفال شمال غربي سوريا يعملون كمقاتلين لدى الفصائل المسلحة، بأجور يوميّة يُتَّفق عليها مع زعيم المجموعة، يبلغ "أجر" الطفل المقاتل/ المرابط في اليوم بين 3 و6 دولارات، أما الفصائل المتشددة فتدفع 100 دولار في الشهر.