fbpx

أوراق باندورا: شركات ممول للنظام السوري
تعمل بحرية في بريطانيا عبر لبنان

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

تكشف “وثائق باندورا” عن استمرار شركات رجل الأعمال سمير حسن في جزر العذراء البريطانية، على رغم العقوبات التي طاولته منذ بداية الثورة السورية، بل إنه أسس شركة جديدة عام 2015، متخصصة في العقارات، أحد مجالات عمله في سوريا.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

في 23 كانون الثاني/ يناير 2017، بينما تحتشد الجهود للوصول إلى تسوية بين أطراف النزاع السوري أثناء مفاوضات “أستانة”، كان مسؤول الإبلاغ عن غسيل الأموال في مكتب المحاماة ALEMAN, CORDERO, GALINDO & LEE، يرفع إلى وكالة التحقيقات المالية في جزر العذراء تقريراً كتب في 11 من الشهر نفسه، عن النشاط المالي المشبوه بشأن ثلاث شركات مسجلة في الجزر.

الشركات الثلاث التي ضمها التقرير، libra Investments Trading وSamya Investment Limited وSunset Real Estate Properties Limited، مملوكة لرجل الأعمال السوري سمير حسن، المدرج على قائمة العقوبات الأوروبية منذ عام 2011 لدعمه نظام الأسد اقتصادياً.

يستند هذا التحقيق إلى وثائق مسربة حصل عليها “الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين” ( ICIJ)، وشاركها مع “أريج” وعدد كبير من الناشرين حول العالم، ضمن مشروع “أوراق باندورا”. 

هذه التسريبات، يحقق فيها أكبر مشروع تعاون صحافي عابر للحدود في التاريخ، تضمّ ملايين الوثائق من مكاتب محاماة، حول الملاذات الضريبيّة، وتكشف عن الأصول والصفقات السريّة والثروات الخفيّة لأثرياء- من بينهم أكثر من 130 مليارديراً- وأكثر من 30 من قادة العالم وعدد من الهاربين أو المدانين ومشاهير الرياضة وغيرهم، إضافة إلى قضاة ومسؤولي ضرائب وأجهزة مكافحة التجسس.

مستمر… رغم العقوبات

تكشف المعلومات التي كشفتها “وثائق باندورا” عن استمرار شركات رجل الأعمال سمير حسن في جزر العذراء البريطانية، على رغم العقوبات التي طاولته منذ بداية الثورة السورية، بل إنه أسس شركة جديدة عام 2015، متخصصة في العقارات، أحد مجالات عمله في سوريا.

وعلى رغم علم السلطات المالية بجزر العذراء بهوية صاحب الشركات، تم حلها في أيلول/ سبتمبر 2017، بالمخالفة لقرار العقوبات الأوروبية رقم 36 لسنة 2012.

من هو سمير حسن؟

في أعقاب الثورة السورية، اشتملت قائمة العقوبات الأوروبية عدداً من رجال الأعمال المقربين من النظام السوري، ومن بينهم سمير حسن “لعلاقة العمل الوطيدة التي تجمعه بماهر الأسد، ولأنه معروف بدعمه النظام السوري اقتصادياً”.

وتجددت العقوبات الأوروبية على سمير في أيلول 2014، وأضيف إلى أسباب إدراجه على القائمة، أنه يتمتع بنفوذ في شركتي “إعمار جروب” و”الشام القابضة” السوريتين. وتجمعه علاقات بابن خال الرئيس السوري بشار الأسد، رامي مخلوف.

انطلقت شركة “الشام القابضة” عام 2006 بعدما أعلن رامي مخلوف عن تخطيطه لإطلاق شركة تجمع 70 مستثمراً من كبار رجال الأعمال السوريين. وشغل مخلوف منصب نائب رئيس الشركة. واندمجت شركتا “إعمار” و”الشام القابضة”، في شركة واحدة حملت اسم “إعمار الشام” بهدف تطوير عدد من المشاريع متعددة الأغراض في أهم المناطق السورية.

خصت وزارة الخزانة الأميركية “الشام القابضة” بالذكر عند إصدارها قائمة بالشركات التي “تدعم الجهود الفاسدة لإعادة الإعمار التي يقوم بها نظام الأسد”.

وأضافت الوزارة في بيان لها صدر عام 2020 أن الشركة تشرف على إنشاء مدينة ماروتا سيتي التي أنشئت في المناطق التي تمت مصادرتها وصدر في حقها القرار التشريعي رقم 19 لسنة 2015 الخاص بتنميتها.

إقرأوا أيضاً:

بحسب تقرير صادر عن مؤسسة “مع العدالة” عام 2020 بعنوان “شبكة رجال الأعمال لتمويل النظام السوري والتحايل على العقوبات الدولية”، فإن سمير حسن يدير أموال آل مخلوف وغيرهم من المقربين من النظام السوري في أنشطة استيراد المواد الغذائية.

فيما أشار تقرير آخر صادر عن المركز البحثي “مجلس الشؤون الروسية الدولية” إلى أن استثمارات حسن في “صناعة المواد الغذائية حيوية أيضاً خلال إعادة إعمار سوريا، حيث سيكون قادراً على توفير المواد والمنتجات اللازمة لإحياء القطاع الزراعي، وهو أحد أكبر المساهمين في الناتج المحلي الإجمالي لسوريا”.

وإن كانت صناعات الأغذية غير مشمولة بالعقوبات الدولية، فقد أكد قرار العقوبات الأوروبية أن سمير حسن يساهم في جهود الحرب بالتبرعات النقدية لمصلحة النظام.

جاء من أسباب تجديد العقوبات على سمير حسن، أنه يشغل منصب رئيس مجلس الأعمال السوري- الروسي. ويشير تقرير مؤسسة “مع العدالة” إلى أن سمير حسن “يعمل على تسهيل عمليات التحويل المالي للنظام عبر شركات كوبيت الروسية التي تضم 158 شركة كبرى”.

قبل تجديد  العقوبات الأوروبية بنحو ثلاثة شهور، كان سمير عبر محامٍ له يجهد لرفع العقوبات الأوروبية، بينما ترفض المحكمة الأوروبية العامة الدعوى، ويعقب ذلك إقرار لجنة الخدمات المالية في جزر العذراء البريطانية في نيسان/ أبريل 2015، العقوبات الاقتصادية المفروضة من الاتحاد الأوروبي على ذوي الصلة بالنظام السوري.

ولكن تسريبات أوراق باندورا تكشف عكس هذا، إذ لم يقتصر الأمر على استمرار شركات حسن في جزر العذراء، بل توسعت بإنشاء شركة جديدة.

ضد العقوبات 

يكشف مستند مسرب أن رجل الأعمال السوري سمير حسن قام بتأسيس شركة Sunset في جزر العذراء البريطانية في تشرين الثاني/ نوفمبر 2015، لتمارس أنشطة تجارية تتعلق بالعقارات والممتلكات. 

في الشهر نفسه، كان حسن يقدم استقالته من منصب مدير شركة Libra Investments Trading Limited، الكائنة في جزر العذراء، ولكنّ مستنداً آخر من التسريبات يكشف أنه كان يملك 10 آلاف سهم في الشركة نفسها في تموز/ يوليو 2016. 

ويشير المستند ذاته إلى أن عناوين حاملي معظم أسهم شركة Libra المؤسسة في 2002، مسجلة على عنوان سمير حسن ذاته، في دمشق.

وفي الشركتين، حصل المحامي اللبناني طارق مكاوي على توكيل بالتعامل باسم الشركة في التعاملات المصرفية وإبرام التعاقدات، وهو ما يفرض مزيداً من السرية على أعمال الشركتين.

وبالبحث عن معطيات بشأن المحامي مكاوي، تبين أنه مؤسس وشريك في 7 شركات في لبنان، كما أنه عضو مجلس إدارة شركة تعمل في “التفاوض وتوقيع العقود والاتفاقات بشأن عمليات وصفقات يجرى تنفيذها خارج الأراضي اللبنانية”.

وتشمل خدمات هذه الشركة المقدمة لشركات الأوف شور: “إجراء التفاوض وتوقيع العقود وشحن البضائع وإعادة إصدار الفواتير الخاصة بالعمليات خارج لبنان، أو الخاصة بالمناطق الجمركية الحرة في لبنان والمتوجهة إلى لبنان، ويشمل ذلك استعمال التسهيلات المتوفرة في المنطقة الجمركية الحرة في لبنان لتخزين البضائع المستوردة بغاية إعادة تصديرها”.

“في سياق زيادة العقوبات الأميركية والأوروبية على سوريا على مدى السنوات العشر الماضية، استغل رجال أعمال سوريون قوانين السرية المالية والهياكل الخارجية في لبنان التي وفرت الشفافية اللازمة لتشغيل الشركات الواجهة”،  لارسيا نورمانتون رئيسة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مؤسسة ألبيرو انتلجنس المتخصصة في تقييمات الشفافية في المعاملات الاقتصادية. 

حاولنا التواصل مع طارق مكاوي لاستبيان حقيقة دوره المحتمل في تسهيل التفاف حسن على العقوبات الأوروبية، إلا أنه لم يجب على أسئلتنا.

إقرأوا أيضاً:

من هو طارق مكاوي؟

طارق مكاوي، هو الابن الأكبر للسياسي اللبناني جميل مكاوي، من مؤسسي “حزب النجادة اللبناني”. وشغل جميل مكاوي منصب وزير الأشغال العامة والنقل بين عامي 1955 و1956. ووزارة المالية لمدة عام من 1957 إلى 1958. 

ووفقًاً لسجل الشركات اللبنانية، تربط طارق مكاوي شراكة مع عدد من رجال الأعمال في شركات تعمل في لبنان في أنشطة متنوعة.

يحمل المستند المسرب في نيسان 2017، إشارة واضحة إلى أن المستفيد النهائي من شركة Sunset، هو سمير حسن. وجاء في المستند إقرار من مسؤول الإبلاغ عن غسيل الأموال في مكتب المحاماة، بأن ليس لديه أي شكوك في أن شخص عميل المكتب، والمقصود به حسن، أو نزاهته أو سمعته، لا تتماشى مع معايير مكتب المحاماة، وحال ظهور خلاف هذا، سيبلغ به الإدارة على الفور.

وسبق أن قدم المسؤول نفسه تقريراً في كانون الثاني/ يناير 2017 إلى وكالة التحقيقات المالية في جزر العذراء عن ورود أنشطة مالية مشبوهة، لثلاث شركات، من ضمنها Sunset.

ويرجع سبب رفع التقرير إلى أن المستفيد النهائي من الشركات الثلاث التي ضمها التقرير، وهي: libra Investments Trading وSamya Investment Limited وSunset Real Estate Properties Limited، سمير حسن المدرج على قائمة العقوبات الأوروبية التي تم تمديدها حتى حزيران/ يونيو 2017، وهي المدة التي قبل شهرين من انتهائها تعهد الموظف في مكتب المحاماة بأنه ليس مرتاباً في أمر مالك شركة Sunset.

هكذا نما إلى علم السلطات أن سمير حسن المدرج على قائمة العقوبات، يمتلك شركات في المناطق الخاضعة لسلطتها. وبعد أكثر من عام، وتحديداً في آذار/ مارس 2018، أرسلت وكالة التحقيقات المالية خطاباً إلى مكتب المحاماة بأنها أنهت تحرياتها في ما ورد في خطاب النشاط المالي المشبوه، الذي سبق أن رفعه مكتب المحاماة، وأحالت تقرير المكتب إلى لجنة الخدمات المالية في جزر العذراء. 

إلا أن مستنداً صادراً عن لجنة الخدمات المالية في نيسان 2018، يكشف أنه تم حل شركات سمير حسن في أيلول 2017.

يأتي هذا بما يخالف المادة 14 من قرار الاتحاد الأوروبي رقم 36 لسنة 2012 المتعلق بالإجراءات التقييدية على النظام السوري التي تنص على أنه “يجب تجميد جميع الأموال والموارد الاقتصادية العائدة إلى، أو المملوكة أو التي يحتفظ بها أو يتحكم فيها الأشخاص والكيانات الطبيعية أو الاعتبارية المدرجة في الملحق الثاني والثاني أ”. 

وأدرج اسم سمير حسن، رقم 50 في القائمة المذكورة في الملحق الثاني.

وكما ورد في الفقرة (ح) من المادة 1 من قرار العقوبات الأوروبية: “تجميد الأموال يعني منع أي نقل أو تحويل أو تعديل أو استخدام أو الوصول إلى أو التعامل مع الأموال بأي طريقة يمكن أن تؤدي إلى إدخال تغييرات في حجمها أو كميتها أو موقعها أو ملكيتها أو حيازتها أو طابعها أو وجهتها أو أي تغيير أو تعديل آخر من شأنه أن يمكن من استخدام الأموال، بما في ذلك إدارة حافظة الاستثمارات”.

نجت شركات سمير حسن من مقصلة العقوبات الأوروبية والبريطانية طيلة ست سنوات، وظلت تعمل في جزر العذراء البريطانية في سلام، على رغم  تقرير الأنشطة المالية المشبوهة الذي رفعه إلى السلطات وكيل تسجيل هذه الشركات. وجاء رد السلطات البريطانية، ولكن بعدما “حلت من سجلات الشركات”.

إقرأوا أيضاً:

سامر المحمود- صحفي سوري | 30.03.2024

فصائل مسلّحة في سوريا “توظّف” الأطفال كـ”مقاتلين مياومين”

مئات الأطفال شمال غربي سوريا يعملون كمقاتلين لدى الفصائل المسلحة، بأجور يوميّة يُتَّفق عليها مع زعيم المجموعة، يبلغ "أجر" الطفل المقاتل/ المرابط في اليوم بين 3 و6 دولارات، أما الفصائل المتشددة فتدفع 100 دولار في الشهر.