fbpx

انتفاضة فتيات ثانوية طرابلس في وجه حارقي محل آية صبرا

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

وسط بؤسنا الطويل هذا… تحايا وقبلات على جبين طالبات طرابلس الشجاعات… أنتنّ الرادع الحقيقي!

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

أتى الرد صاعقاً من فتيات طرابلس الصغيرات. ففيما أحرق “عناصر غير منضبطين” محل تجميل في الضاحية الجنوبية لبيروت دفاعاً عن سلامة “بيئة المقاومة”، كانت عشرات الطالبات مع زملائهن الشبان يعتصمون أمام ثانوية جورج صرّاف للبنات في طرابلس، للمطالبة بمحاسبة وإقالة سامر المولوي، أستاذ التربية الوطنية، بعدما تقدمت طالبات بشكوى تحرش ضده.

إنه مشهد فيه من الذهول ما يكفي، ليبتسم الواحد قليلاً ويشعر بانتصار صغير للنسوية وأفكارها، وإن كان الدخان المتصاعد من محل آية صبرا، وكمية التحريض ضدها، يحرقان القلب ويزيداننا غضباً. لكن غضبنا الطويل من المجتمع الذي يمارس وصاياته وبطريركيته علينا، يبدو أنه بدأ يثمر في أكثر البيئات محافظة وضيقاً وفقراً. يبدو أننا صراحةً أمام جيل من الشجاعات اللواتي لا يخفن من “الفضيحة” ولا من عيني المتحرّش والمنتهك. إنهن يضعن أعينهن في عيني كل مغتصب وكل عديم أخلاق يسمح لنفسه بأن يلمس أجساد النساء، لا سيما الصغيرات، مستغلاً سلطته وسنواتهن القليلة. وخوفنا من البوح نحن النساء الأكبر سناً، وصمتنا عن أحداث التحرش والانتهاك اليومية، في طفولتنا ومراهقتنا وشبابنا، باتا مرفوضين بالنسبة إلى فتيات الجيل الجديد، مرفوضين وممنوعين وممقوتين.

ففيما كانت القيامة قرب محل الصبية آية صبرا، الذي تعرّض للإحراق والقنص، “عقاباً” للفتاة التي تجرأت واستقبلت شباناً وشابات رقصوا وفرحوا في حفلة افتتاح محلها، كانت فتيات طرابلس يصرخن في وجه الذكورية الطافحة والأبوية وأجهزتها للوصاية على حرية النساء والصراط المستقيم.

إنها طرابلس والدروس التي لا تكف عن تلقيننا إياها، من أيام انتفاضة 17 تشرين الأول/ أكتوبر، إلى انتفاضة فتيات الثانوية اليوم ضد الأستاذ المتحرّش والإدارة المتواطئة. تُركت الصغيرات وحيدات في مواجهة ضباع السلطة والإدارة، لكنّهن كنّ أقوى من ذلك كله، وقفن بمؤازرة زملائهنّ الشبان في وجه الصمت الذي جوبه به التحرّش على مدى قرون وعقود. لم يعد الصمت متاحاً ليختبئ المتحرشون والمغتصبون خلفه. الأصوات أصبحت أعلى، وما زرعته مناضلات كثيرات في عوالمنا المغلقة، بدأ يتفجّر زهوراً في الحدائق التي أيبستها سطوة الذكورية والأنظمة التي تقتل النساء معنوياً وقانونياً وجسدياً وجنسياً.

مولوي الذي يعرّف عن نفسه ناشطاً حقوقياً ورئيس تحرير مجلّة “سامريات” الإلكترونية، تبيّن، وفقاً لشهادات ناجيات، أنه متحرّش استغلّ منصبه التعليمي ليدعو الطالبات إلى اللقاءات الخاصّة ويقحمهنّ في عقده وشهواته.

بدأت القصّة حين قرّرت الطالبة غنى ضنّاوي فضح المولوي عبر “فايسبوك”، فكتبت منشوراً وصفت فيه بعض أعمال الأستاذ القذرة. ثمّ كرت السبحة وأصبحت حكايات الأستاذ على مختلف الصفحات، وامتلكت طالباته جرأة كافية لفضحه وتعريته، حتى قيل إن مولوي غادر طرابلس هرباً من الملاحقة. 

إقرأوا أيضاً:

ويأتي مشهد فتيات طرابلس البطلات الشجاعات بعد قصة الدفاع المستميت عن الأب منصور لبكي الذي صدرت أحكام في حقه في فرنسا تدينه في جرائم تحرش واغتصاب. ففيما رافق التلطي خلف الحقيقة قضية منصور لبكي مع ما شابها من نظريات مؤامرة حيكت بحق الناجيات، تآزر طلاب ثانوية جورج الصراف وقررن أخذ حقهم من فم الإدارة الساكتة والدولة الغائبة.

إصرار الطالبات، جلب وزارة التربية والتعليم العالي إلى طرابلس المنسية، المتهمة بتصدير الإرهاب و”داعش”، إلى طرابلس، أعلى نسب فقر وبطالة وبؤس، إلى طرابلس حي التنك ومخيمات الأرامل وشارع الغرباء. كن يمكن أن تُنسى القصة، كما نُسيت طرابلس، ويواصل الأستاذ اذلال طالباته وإجبارهنّ على تلبية رغباته، حتى لا يعاقبهنّ في دفتر العلامات، وهي قصص ربما تتكرر في مدارس كثيرة، لا تصل إليها الرقابة ولا تسأل الدولة عما يحدث داخل جدرانها، مقابل تواطؤ الإدارات، لأن التواطؤ هذا يقيها الفضيحة والبلبلة، على حساب الأجساد الرقيقة المنتهكة.

وسط بؤسنا الطويل هذا… تحايا وقبلات على جبين طالبات طرابلس الشجاعات… أنتنّ الرادع الحقيقي!

إقرأوا أيضاً:

حازم الأمين - صحافي وكاتب لبناني | 28.03.2024

العرقوب اللبناني بين “فتح لاند” و”حماس لاند”

الوقائع التي تشهدها المناطق الحدودية اللبنانية عززت التشابه بين "فتح لاند" و"حماس لاند"، فبينما كانت الهبارية تتعرض لغارات الطائرات الإسرائيلية التي قتلت على نحو متعمد تسعة مسعفين، كان أهالي بلدة رميش المسيحية يقرعون أجراس كنائسهم احتجاجاً على تمركز حزب الله على إحدى التلال في بلدتهم!