fbpx

مصر: “عنتيل” يتبع سلفه والكارثة تتفاقم

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

وفق ما تسرب من التحقيقات المختلفة، يبدأ العنتيل إلقاء شباكه بـ”الكلام الحلو” والمعاملة اللطيفة، مقابل جفاف يهيمن على معظم علاقات الزواج، اشتد مع ترسيخ الزوجة كـ”وعاء إنجاب” و”إمتاع”.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

عنتيل يتبع سلفه والكارثة تتفاقم، وربما لا نرى منها سوى رأس جبل الجليد.

مفردة “العنتيل” عامية مصرية، وتعني “الفحولة الجسدية” أو “الجنسية”، أو الاثنين معاً؛ وحملها الراحل أحمد زكي في فيلمه “إستاكوزا” باسم “عباس العنتيل”. 

أصل المفردة قد يكون فرعونياً؛ فـ”آنتوري” في الهيروغليفية هو الرجل الناضج القوي، تحورت مع اللغة القبطية إلى “عنتوري” بالدلالة ذاتها.
وفي العربية الفُصحى توحي بالشدة والبأس، منها “الضِّباعُ العَناتِلُ: التي تُقَطِّعُ الأكِيلَةَ قِطَعاً”؛ وتعني أيضا بظر المرأة.

مع توسع دوائر انتشارها، وسياق استحضارها؛ نحن لا نتحدث عن علاقة حرة بين فردين، بل عن اختراق للخلية الأولى لأي مجتمع… الأسرة؛ التي “كانت” تتميز شرقياً عموماً، وخصوصاً في مصر بصلابتها.

من حالة فردية إلى ظاهرة

أول عنتيل رُصد مجتمعياً كان عام 1947، وعُرف براسبوتين الإخوان؛ كان “فئوياً”، اقتصر نشاطه على نساء الرعيل المؤسس للجماعة، ومن هنا جاءت شهرته. بعد 53 عاماً تفجرت حالة “فئوية” مماثلة، تموز/ يوليو 2001، باسم الراهب برسوم المحروقي، وكادت تشعل فتنة طائفية. 

بعد 13 عاماً، فجأة وخلال النصف الأول من عام 2014 تلاحقت خمس حالات “عناتيل”؛ أولها في قرية السنطة، تتبع مركز طنطا في محافظة الغربية؛ لقائد محلي من “حزب النور” السلفي، طاولت عنتلته “محارم” وقُصراً. 

وطوال عام سبق كتابة هذه السطور، ظهرت أربع حالات متتالية؛ تحدثت تحقيقات إحداها، عن عنتيل الجيزة، وتضمن الموضوع 250 امرأة و2500 مقطع فيديو، قال المتهم أن “كلهن بالتراضي”!

بين الفترتين أكثر من 15 حالة. هي، فقط، ما وثقه فاعلوه وسُرب، لا كامل الظاهرة؛ التي توزعت بين 12 محافظة، تضم معظم الكتلة السكانية، بستة من أقاليم مصر السبعة؛ ضمنها جنوب الصعيد، المعروف بقيوده الاجتماعية على المرأة؛ إلى المناطق الشعبية والريفية منها كما “الراقية”.

وضحايا العناتيل من مختلف تنوعات المجتمع المصري؛ بحسب تحقيقات ومئات الفيديوات على مواقع البورنو، التي ستجد فيها جنسيات عناتيل عربية متنوعة، في حين لا وجود خبري إلا للمصري منها. 

معظم الضحايا من محجبات الطبقتين الفقيرة والوسطى بتدرجاتهما، ومن أسر بنخبة الريف ومدن الأقاليم، يشبهن من نقابلهن يومياً في الشارع والعمل والمناسبات الاجتماعية.

كثيرات منهن منقبات، ضحايا عناتيل إسلاميين؛ وقد ردت زوجة أحدهم، من خلف نقابها، على من تجمهروا أمام منزلها غضباً: “جوزي راجل يعمل اللي هو عاوزه، وكل واحد يلم مراته“!

القطاع الأقل منهن متبرجات، بالتبعية لتوصيفهن في المجتمع، ولم تبث فيديواتهن على الإنترنت.

خارج دلالة الزي، يتنوعن بين الفئات، من ربات البيوت إلى الموظفات والأكاديميات، وزوجات مهن النخبة، وبينهن زوجة وابنة شخصية شهيرة، وأخرى زوجة رجل مهم.

إقرأوا أيضاً:

ارتباك قانوني 

عقوبة العناتيل الجنائية تتراوح بين ستة أشهر وثلاث سنوات عن ممارسة الفجور، وتصل إلى سنتين عن ممارسة الزنا… التي تتطلب شكوى من الزوج حصراً؛ ولم يفعلها، وفق تصريحات أمنية، في عشرات الحالات التي رصدناها سوى سائق مقيم في السعودية؛ فرت زوجته عقب تداول مقطع لها مع مدرب نادي بلدية المحلة، أشهر العناتلة، فعاد وتقصى تحركاتها حتى عثر عليها في الإسكندرية، أبلغ عنها وحوكمت وأدينت بالسجن سنتين.

المعالجة القانونية للظاهرة مُربكة. الشرطة قالت إن يديها مكبلتان قانوناً عن ملاحقة عنتيل التجمع، على رغم جمعها معلومات كافية عنه وعن نشاطه؛ لأن أحداً لم يشكِه رسمياً؛ ولم تبث فيديوات له. 

وعنتيل جامعة بنها، محافظة القليوبية، برأته محكمة الاستئناف وأعادته إلى عمله، بعدما أدين وفُصل في درجة أدنى؛ وبررت حكمها بـ”بطلان الإجراءات”، لأن “الفيديوات وصلت إلى جهة التحقيق بغير الطريق القانوني، بعد انتشارها على صفحات التواصل”، فهو لم يُضبط متلبساً؛ والدستور نص على أن “للحياة الخاصة حرمة، وهي مصونة لا تمس، وللمراسلات البريدية، والبرقية، والإلكترونية، والمحادثات الهاتفية، وغيرها من وسائل الاتصال حرمة، وسريتها مكفولة، ولا تجوز مصادرتها، أو الاطلاع عليها، أو رقابتها إلا بأمر قضائي مسبب، ولمدة محددة”. 

لكن محكمة استئناف أخرى اعتمدت الإجراءات، التي اعتبرتها الأولى باطلة، وأدانت بها عنتيل بلدية المحلة، أشهر العناتلة، في قضية زنا، وأدانت ثالثة، درجة أدنى، زوجة السائق بالتهمة نفسها ونُفذ الحكم فعلاً؛ على رغم أن سياق الإجراءات واحد… التسريب عبر الإنترنت؛ ولا تختلف قانونية الإجراءات باختلاف التهمة. وعلى رغم أن د. أحمد كريمة، أستاذ الشريعة الإسلامية في جامعة الأزهر، أفتى بأن الزنا “لا يثبت بالوسائل الإلكترونية الحديثة كالفيديوات”.

وبرأت محكمة جنح الرحمانية، محافظة البحيرة، من عُرف بـ”عنتيل البحيرة الثاني” من ممارسة الفجور، لكنها أدانته بتهمة النصب وازدراء الأديان. وكذا “عنتيل البحيرة الأول” بتهمة تزوير بطاقتي رقم قومي. وبعدهما، أُخلي سبيل “عنتيل البحيرة الثالث” بكفالة 2000 جنيه، على رغم ثبوت تغريره بطالبات قاصرات.

الأرجح، لهذا السبب اختلف التعامل القانوني مع عنتيل الصعيد؛ فتهمه لم تتضمن، أصلاً، لا ممارسة الفجور ولا الزنا، وكانت الاستيلاء على المال العام والاحتيال، وافتتاح منشأة بدون ترخيص وانتحال صفة… و”التعدي على حرمة الحياة الخاصة للمجني عليهن، أثناء ممارسة الرذيلة معهن”؛ وقضت محكمة بني مزار، محافظة المنيا، بسجنه ثلاث سنوات، في 16 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي. 

الموروث الديني ذاته الذي يُستغل لإهدار أبسط حقوق المرأة الإنسانية، فيه ما يحمي الحقوق ويرسخها. لكن الترويج ظل، طوال قرون، يركز على أراء عنصرية عتمت على فقه عملي مارسه “خليفة المسلمين” عمر بن الخطاب.

عودة العنتيل

عاد عنتيل بلدية المحلة، الوحيد الذي سُجن عن فعل العنتلة، لحياته؛ وافتتح “كافيه” باسم “سفنكس”، وحمد في دعايته له “الله الذي بنعمته تتم الصالحات”، وبشر زبائنه بـ”ركن خاص للعائلات”!

هو وأقرانه يعيشون حياتهم… “عادي”؛ لكن مئات الأسر دُمرت، والنساء- ضحاياهم، تعرضن للتنكيل البدني من عائلاتهن، فر بعضهن وطُلقت عشرات منهن.

التقطت السينما الظاهرة… كما فيلم “عنتيل الساحل“، بطولة محمد هنيدي. وتحول “عنتيل الزمالك” إنتاج محمد السبكي، بطولة أحمد عِز، بداية، إلى “أهواك” بطولة تامر حسني. الفيلمان قاربا الظاهرة تجارياً، وكما الإعلام، مرا على سطحها عبر الإثارة وبتحليلات سريعة؛ ولم يناقش أحد أسباب تفشي ظاهرة تكشف عن تفسخ مجتمعي.

 بداهة، الأسباب متعددة؛ منها: التحريض المجتمعي ضد اختلاط الجنسين، وحرمان طرف منهما من مراكمة خبرة التعامل مع الآخر. واختلال سلم القيم منذ منتصف سبعينات القرن الماضي، مقابل التركيز على مظاهر التدين. وانسحاب منظومات الدولة، كالإعلام والتعليم والفنون؛ ومؤسسات الخدمة الاجتماعية، والوزارات ومجالس قومية؛ من دورها المحوري في حماية البُنى المجتمعية. وعي جيلي على مشرف اجتماعي في كل وحدة حكومية وعامة، اختفت جلها.

ومنها محاصرة خطاب يُعلي مكانة ودور المرأة، بما فيه سياق الموروث الديني، وتمكين بديل رسخها كفريسة/عورة يتنازعها ذكور، ضمن الإطار الاجتماعي كالزواج وقبله العائلة، أو خارجهما. وتجاهل كون المرأة/ الزوجة، إنساناً له احتياجاته الغريزية والنفسية التي يجب أن تُلبى، مثل الرجل.

انتقائية موروث الدين

الموروث الديني ذاته الذي يُستغل لإهدار أبسط حقوق المرأة الإنسانية، فيه ما يحمي الحقوق ويرسخها. لكن الترويج ظل، طوال قرون، يركز على أراء عنصرية عتمت على فقه عملي مارسه “خليفة المسلمين” عمر بن الخطاب.

حين سمع في إحدى جولاته الليلية لتفقد أحوال رعيته، امرأة تنشد عن رغبتها الجنسية، لم يثر بصفته “أمير المؤمنين” لأن “مسلمة” تجاهر بشهوتها الجنسية، وتعامل مع “الحالة” بموضوعية. تقصى أمرها، فعرف أن زوجها خرج مع جيوش المسلمين؛ على رغم “قدسية” منحها كثر، عبر التاريخ، لسبب غياب زوجها؛ مقارنة، من وجهة نظرهم، بأسباب غياب معاصرة؛ تفهم حاجتها الجنسية.

سأل بن الخطاب ابنته حفصة: كم تصبر المرأة على غياب زوجها؟ أجابته: ستة أو أربعة أشهر. فأمر قادة جيوشه بألا يغيب الزوج عن بيته أكثر من 6 أشهر. ضبط عمر توقيتات “الفتوحات” على احتياجات المسلمات الجنسية.

وفق ما تسرب من التحقيقات المختلفة، يبدأ العنتيل إلقاء شباكه بـ”الكلام الحلو” والمعاملة اللطيفة، مقابل جفاف يهيمن على معظم علاقات الزواج، اشتد مع ترسيخ الزوجة كـ”وعاء إنجاب” و”إمتاع”.

المعدل العالمي للممارسة الجنسية يتفاوت بين مرة أسبوعياً، ومرتين أو ثلاث؛ و64 في المئة من الذكور المصريين، بين 35-70 سنة، يعانون من عجز جنسي جزئي أو كامل، وهي مشكلة عربية عامة ومتفاقمة؛ و90 في المئة من المصريات لا يبلغن الرجفة/ Orgasm، فيما أزواج كُثر لا يعرفون أصلاً بوجودها لدى الطرف الآخر.

انحصرت تحليلات كافة من تناول الظاهرة في الإدانة الأخلاقية، بينما انشغل بن الخطاب، كرجل دولة، بأصل الداء، لا بأعراضه؛ لكن في الحقيقة، من المناقشة الموضوعية للظاهرة وأسبابها، يأتي الحل.

إقرأوا أيضاً:

سامر المحمود- صحفي سوري | 30.03.2024

فصائل مسلّحة في سوريا “توظّف” الأطفال كـ”مقاتلين مياومين”

مئات الأطفال شمال غربي سوريا يعملون كمقاتلين لدى الفصائل المسلحة، بأجور يوميّة يُتَّفق عليها مع زعيم المجموعة، يبلغ "أجر" الطفل المقاتل/ المرابط في اليوم بين 3 و6 دولارات، أما الفصائل المتشددة فتدفع 100 دولار في الشهر.