fbpx

عن الرعاية الروسية لقصف مرفأ اللاذقية

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

لا تخافوا… إسرائيل لا تقصف المدنيين” عبارة كتبها أحد الموالين لنظام الأسد لطمأنة أهالي اللاذقية خلال القصف الإسرائيلي، تظهر هذه العبارة التي تم تداولها، الاعتراف الضمني بأن ثمة طيرانا آخر يستهدف المدنيين في سوريا.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

بخبر عاجل يفيد مراسل “سانا”: “عدوان إسرائيلي يستهدف محيط مرفأ اللاذقية”، وثلاثة أخبار مقتضبة أخرى تبين معلومات عامة غير تفصيلية تؤكد أن قصف ميناء اللاذقية استهدف “حاويات تجارية”، وخبر إدانة لبنان بشدة العدوان الإسرائيلي على الميناء. ينتهي الحدث على وكالة الأنباء الرسمية سانا، باستئناف العمل في محطة حاويات اللاذقية بعد إزالة أضرار “العدوان” الإسرائيلي.

هكذا يبدأ الحدث وينتهي في أقل من 48 ساعة في بلاد الصمود والتصدي، دون رد عسكري أو ديبلوماسي أو إعلامي حتى، فلا أحد يريد حرباً في سوريا كما قال المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى سوريا، ألكسندر لافرينتييف، خلال مشاركته في منتدى بدمشق منتصف نوفمبر الفائت، وكأن هذه الحرب ليس قائمة بالفعل، لكن لا أحداً يريد حربا مع إسرائيل في سوريا! 

قد تكون هذه العبارة أكثر دقة.

تجاهل محور المقاومة للحدث مؤشر على أهميته، والضربة هذه المرة كانت في مكان غير متوقع وغير محسوب. إنها المرة الأولى التي تقدم فيها إسرائيل على قصف ميناء اللاذقية الذي تديره شركات إيرانية عبر عقد وقعته إيران مع النظام بعد زيارة قام بها بشار الأسد الى طهران في عام 2019 الأمر الذي أزعج روسيا التي كانت تخطط للسيطرة على كامل الساحل السوري.

“لا تخافوا… إسرائيل لا تقصف المدنيين” عبارة كتبها أحد الموالين لنظام الأسد لطمأنة أهالي اللاذقية خلال القصف الإسرائيلي، تظهر هذه العبارة التي تم تداولها، الاعتراف الضمني بأن ثمة طيرانا آخر يستهدف المدنيين في سوريا، كما يبين إدراك السوريين لقواعد اللعبة الإيرانية الروسية الإسرائيلية في سوريا، لأن الجميع يعلم أن إسرائيل تقصف المدنيين، ولكن ليس في سوريا وليس الآن على الأقل.

كشف القصف الإسرائيلي الأخير عن حجم الاحتقان الشعبي في مناطق سيطرة نظام الأسد من التواجد الروسي والإيراني والصراع الخفي بينهما، إذ بات السوريون يشعرون بثقل هذا الوجود على الصعد الاقتصادية والاجتماعية وحتى الأمنية. وتحدثت أوساط موالية لنظام الأسد بشكل صريح عن التنسيق الروسي الإسرائيلي الذي أدى إلى تعطيل الدفاعات الجوية وصواريخ s400 المتواجدة في مطار حميميم القريب من موقع الاعتداء، والجدوى من الصواريخ الإيرانية التي يتم تهريبها باستمرار وقصف الأراضي السورية بسببها، إذ لم تشكل أي رادع لاسرائيل، أو أي حماية لهم.

وفيما صهر القصف الحاويات المستهدفة في الميناء، حافظت أكياس النسكافيه الفارغة وأكياس الأرز في الصور التي نشرتها وسائل الإعلام التابعة لنظام الأسد على بريقها ولم تتأثر بحرارة الانفجار، ليستعيد السوريون الصور التي بثها نظام الأسد للتفجيرات التي قال إنها استهدفت مواقع عدة من دمشق. وإذا كان نظام الأسد في الصور القديمة يريد فبركة تفجيرات لبث الرعب والخوف في نفوس السوريين، ولتثبيت ادعائه بأنه يحارب تنظيمات إرهابية تروع المدنيين، فإنه اليوم يسعى لإخفاء ما تم استهدافه بالفعل، فهل كان المستهدف مستلزمات لصناعة الطائرات المسيرة “الدرون”، أم إنها شحنة أسلحة وصواريخ للميليشيات الإيرانية، أم هي شحنة مخدرات جديدة كان يتم التحضير لها في ميناء اللاذقية أحد أهم مراكز تهريب المخدرات التي تشكل أبرز مصادر دخل الميليشيات الإيرانية في المنطقة.

يريد نظام الأسد من تلك الصور التأكيد على أن ما تم قصفه هو مواد غذائية، ليقول إن القصف استهدف لقمة السوريين، وقد يكون هذا مبررا جديدا يسوقه لارتفاع الأسعار الجنوني في سوريا، لكنه يتجاهل التواطؤ الروسي بالقصف الإسرائيلي، اذ أنه لا يمكن لإسرائيل أن تقصف نقطة قريبة إلى هذا الحد من أكبر قاعدة روسيا في سوريا دون إخبار الروس عبر “الخط الأحمر” الذي أعيد تفعيله عقب لقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين و نفتالي بينت رئيس الوزراء الإسرائيلي في 30 أكتوبر الفائت، وبهذا ستكون روسيا أحد الأطراف المتآمرة على لقمة السوريين، وهو ما يتم تداوله على الصفحات الموالية للنظام في مواقع التواصل الاجتماعي.

وعلى خلاف العادة، اختفت كل مظاهر الاحتفال بالانتصار على العدو الإسرائيلي التي كانت تظهر بعد كل قصف، وللمرة الأولى تشابهت تعليقات بعض الموالين لنظام الأسد مع السوريين المعارضين له، لجهة انتقاد صمت النظام والتواطؤ الروسي مع إسرائيل ضد الشعب السوري، وانتقاد الوجود الإيراني الذي يستدرج القصف والدمار الى سوريا.

قد لا تكون هذه الأصوات مرتفعة بما فيه الكفاية الآن، وقد يحافظ بعضها على مسافات الأمان، وقد يحكم البعض الآخر الخوف من اعتقال أو القتل، إلا أن وجودها يشكل عاملا مشتركا يجب البناء عليه، فهناك في سوريا في كل بلدة ومدينة تحت سيطرة النظام أو أي من سلطات الأمر الواقع، يتصاعد الشعور بالرفض للحرب ومخلفاتها، وللتواجد العسكري الأجنبي وسيطرته على القوى المحلية، وتنمو رغبة عارمة بإيجاد حل يضمن الحد الأدنى من الاستقرار.

إقرأوا أيضاً:

حازم الأمين - صحافي وكاتب لبناني | 28.03.2024

العرقوب اللبناني بين “فتح لاند” و”حماس لاند”

الوقائع التي تشهدها المناطق الحدودية اللبنانية عززت التشابه بين "فتح لاند" و"حماس لاند"، فبينما كانت الهبارية تتعرض لغارات الطائرات الإسرائيلية التي قتلت على نحو متعمد تسعة مسعفين، كان أهالي بلدة رميش المسيحية يقرعون أجراس كنائسهم احتجاجاً على تمركز حزب الله على إحدى التلال في بلدتهم!