fbpx

جسد الأوكرانية المحاصر في مصر : تهمة “خدش الحياء” تلاحق سائحة داخل شرفتها

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

لم تفهم السائحة الأوكرانية ما يحصل معها في التحقيقات بعد القبض عليها، فهي رددت على مسامع المحقق أنها لا تفهم هذه التهم التي تسمى “خدش الحياء والفجور” وأنها معتادة على الوقوف في شرفة منزلها في أوكرانيا بالبيكيني ولا تعلم أن هذا الوقوف “مجرّم” في مصر.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

انتشر فيديو لفتاة أوكرانية ترتدي البيكيني في شرفة شقتها في منطقة التجمع الخامس في مصر، على نطاق واسع على السوشيل ميديا، وذلك من دون موافقة الفتاة التي كانت تنشر ملابسها متخففة من ردائها جزئياً، لتجد  نفسها حديث الساعة في مصر، وتُستدعى للتحقيق بتهمة “الفجور وخدش الحياء”.

 بدأت القصة وفق شهادة الجارة (صاحبة البلاغ)، بأنها “هلعت” حين رأت امرأة  من بعيد تنشر ملابسها في شرفة شقتها مرتدية “البيكيني”، وأضافت في محضر التحقيقات أن “صفير” الجيران في الشرفات بدأ يعلو  في المنطقة، ما دفعها للاتصال بالشرطة، والتبليغ عن الجارة الأوكرانية التي كانت تظنها مصرية في البداية.

لم تفهم السائحة الأوكرانية ما يحصل معها في التحقيقات بعد القبض عليها، وبحسب ما نُشر، فهي رددت على مسامع المحقق أنها لا تفهم هذه التهم التي تسمى “خدش الحياء والفجور” وأنها معتادة على الوقوف في شرفة منزلها في أوكرانيا بالبيكيني ولا تعلم أن هذا الوقوف “مجرّم” في مصر. 

تطور الأمر قبل أن تجمع الأوكرانية ملابسها من الشرفة، وأصبحت السفارة الأوكرانية أيضاً طرفاً في القصة، حين تم استدعاء مندوب عنها لحضور التحقيق، وانتهى الأمر بــ”الصلح” بين الأوكرانية وجارتها وكأن شيئاً لم يكن! 

امرأة مثيرة داخل جدران المدينة

من المعروف أن منطقة التجمع الخامس التي أقامت فيها السائحة الأوكرانية خلال زيارتها مصر، منطقة غير عشوائية، أي تُراعى فيها المسافات بين البنايات لضمان الخصوصية، وهو ما يظهر في الفيديو المنشور على منصات التواصل، حيث ظهرت الأوكرانية في شرفتها كهدف بعيد غير واضح التفاصيل، قبل أن يقوم مصور الفيديو  بـ”زوم إن” لتقريب الصورة وإظهار جسد المرأة بالكامل وهي ترتدي البيكيني. 

ظنت السائحة الأوكرانية أنها باختيارها الاستئجار في منطقة راقية تراعي الخصوصية في البناء، ستنجو من المتاعب والمخاطر، لم يخطر لها أن الأفكار المحافظة التي تتربص بأي جسد غير خاضع أو غير محجوب، يمارس حريته بشكل طبيعي، ستلاحقها حتى إلى شرفتها الخاصة.

“الصفير” العالي الذي لم تفهمه الأوكرانية من جيرانها هو هذا النداء الموحد، إنذار الخطر الذي يصدره الصوت الجمعي في هياجه جراء  الصدمة،  وانعكاس للمخاوف عميقة الجذور من أخطار العري. 

كانت الأوكرانية محظوظة رغم كل هذا الإيذاء الذي لحق بها، لأن عصا شرف الجماعة الذكورية، اختارت الاتصال بالشرطة وكان هذا سبيلاً لنجاتها من سيناريوات أسوأ، وكونها أجنبية فقد حصلت على بعض الرحمة، وعلى رغم انتهاك خصوصيتها، إلا أنها نجت من سيناريوات كابوسية أخرى كانت ستبدو  وشيكة الحدوث.

امرأة ترتعد من جسد امرأة أخرى 

 ما يلفت النظر في قصة السائحة الأوكرانية أن الشاكية امرأة، هذه المصرية بدت وكأنها اكتشفت خرقاً يهدد المركب بالغرق، سواء كان هذا المركب هو زوجها الذي شاهد مصادفة جمالاً أنثوياً يتحرك بحرية في الشرفة المقابلة، أو كان المركب هو المجتمع الذي انحرفت الأوكرانية عن قواعده و سياقه المتصل بـ”الشرف”.

هذه الشاكية ما زالت تربط بين الإثارة الذكورية وعري المرأة وكأنه ارتباط شرطي حتمي، وترى في الحجاب الإجباري خلاصاً والعري “تابو”، حتى ولو كان هذا العري في الصور والتماثيل فما بالك بالعري الفعلي، إذا ارتبط بالحرية.

تقول الكاتبة مينيكه شيبر في كتابها “المكشوف والمحجوب”:  “في الممارسة اليومية يمهد الهوس بالتغطية، الطريق نحو التطرف الجنسي للمجتمع بشكل لا يقل عما يفعله التركيز على العري، ليصبح الخزي في كل مكان، يعاني منه الجميع، لكن في بعض الثقافات وصل الأمر بالخزي إلى أن يحدد ليس فقط سلوك العائلة، بل هيبة المجتمع ككل”.

“تصالح” محفوف بالمخاطر

امتثلت السيدة الأوكرانية للتصالح مع جارتها المصرية وكأنها تتخذ القرار الرصين الوحيد وسط وضع هزلي بالكامل، لم تسأل عن أي حقوق مدنية ضاعت أو ستضيع جراء تلصص الجيران على بعضهم بعضاً في مصر، ولم تسأل عن مصور الفيديو لتُقاضيه بتهمة اختراق الخصوصية، ولم توضح الفرق بين الجسد الفردي وحريته الكاملة في التعبير عن ذاته، والجسد الديني والجسد السياسي.  وافقت على المصالحة لتنجو من فك المصيدة وتجمع ملابسها من شرفتها في مصر وتغادر إلى بلادها.

ظنت السائحة الأوكرانية أنها باختيارها الاستئجار في منطقة راقية تراعي الخصوصية في البناء، ستنجو من المتاعب والمخاطر.

حنان الشيخ في محاضرتها عن الخزي أو العيب في منظمة “كتّاب بلا حدود” في لاهاي عام 2013 قالت “الخزي، العار، العيب كلمات سمعتها في عيون الرجال المسلمين الغاضبين وأشعر أن كلمة العيب وَحش يأكل كل ما أنجزته النساء، إنها تؤثر في الحقوق القانونية والسياسية والثقافة والعلاقة الجنسية والحق في اختيار مصير المرأة”.

في أماكن متحضرة من العالم، يعتبر العري مجرد حرية شخصية، وبلا أي دافع جنسي، القس ألن باركر يرى أن “الناس دون ملابسهم يتخلصون من الإحساس بأنه لا بد للمرء أن يكون أفضل من الآخرين بشكل مادي، و في انجكلترا اتخذ الاقتحام العاري شكلاً أكثر فردية، مثل سالي كوبر التي قررت الجري عارية فوق جسر ريتشموند في لندن عام 1974 واعتبرت أن كشف النساء صدورهن أو مؤخراتهن بلا داع لأسباب تتعلق بإثارة الرجال أو طعن ذواتهم الهشة، ومنذ عام 2006 يسير  المواطن ستيفن جوف عبر انكلترا عارياً ليثبت أن الجسد البشري ليس منفراً وليؤكد أن السير عارياً في الحياة هو من حقوق الإنسان، وأصبح شخصية إعلامية شهيرة بوصفه “المتسكع العاري”.

نجت الفتاة الأوكرانية جزئياً ولم تنجُ المصريات من التورط ذاته يومياً، ومنهن فتيات “تيك توك” اللاتي لوحقن بتهم “هدم قيم الأسرة المصرية وخدش الحياء”…

إقرأوا أيضاً: