fbpx

حقبة الرصاص: جردة بالاغتيالات
في العراق بين 2003 و2021

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

من خلال ملف يفتحه “درج” على حلقات عدة، نستطيع فهم صناعة الاغتيالات في “حقبة الرصاص” التي بدأت بعد عام 2003 ولا تزال مستمرة حتى كتابة هذه السطور، ونسرد في هذه الحلقات كيف تم تسهيل الإفلات من العقاب عبر تأسيس قوى أمن داخلي طائفية تعمل على زراعة الكراهية وروح الثأر بين المكونات العراقية منذ لحظة انطلاقتها بعد 2003.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

المقالة هي جزء من ورقة بحثية تقدم بها الباحث ضمن حلقة نقاش نظمتها مؤسسة “أمم” و”منتدى الشؤون السجنية في الشرق الاوسط”

إقرأوا أيضاً:

افتُتح عهد الاغتيالات السياسية في “العراق الجديد” في 10 نيسان/ أبريل 2003، عندما قُتل عبد المجيد الخوئي، نجل المرجع الشيعي الراحل أبو القاسم الخوئي، في النجف وعلى مرأى من الناس بهجوم بدأ داخل مرقد الإمام الأول لدى الشيعة علي بن أبي طالب، في إطار الخصومة والتنافس الديني- السياسي داخل هذا المذهب.

ذلك الحادث، الذي فتح فيه تحقيق واستُمع لإفادات متهمين وشهود، وصدر فيه قرار من قاضٍ عراقي بإلقاء القبض على المتهم مقتدى الصدر، ولكن لم ينفذ، كان فاتحة عهد الاغتيالات السياسية بعد الإطاحة بنظام صدّام حسين، وعُدَّ سياقاً للاغتيالات التي حصلت بعده ولا تزال، فالآمر بالقتل زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، والمنفذون أتباعه، محددون رسمياً، وتم توجيه الاتهامات لهم بناءً على التحقيق الذي أجري في حينه، لكن من دون أدنى مساءلة أو محاسبة وذلك للقوّة التي يتمتع بها هؤلاء. 

هذا السياق فرض نفسه على أجهزة الأمن والقضاء في التعامل مع الاغتيالات السياسية التي حصلت بعد حادثة الخوئي، وغالبيتها العظمى استهدفت أشخاصاً بينهم مشتركات، أهمّها التوجه المناوئ أو غير المتوافق والمعارض لأيديولوجية وسلوكيات الأحزاب والجماعات الإسلامية النافذة أو الحاكمة تحديداً، فضلاً عن دول إقليمية تُعرف بتدخلها في الشأن العراقي. 

في محاولة لفهم منهجية الاغتيال في العراق، لا بد من التعريج على النواة الأولى التي تم تبنيها داخل الفضاء السياسي والمؤسساتي في عصر الديموقراطية الذي تلى الاستبداد: سجن ملجأ الجادرية. 

عند الاستماع إلى شهادات اللواء جواد رومي الدايني، أحد ضباط الجيش العراقي الذي كشفَ عما  عُرف وقتها بـ”ملجأ الجادرية”، وهو أول مسلخ بشري عراقي انطلقت منه أدوات التصفية والاغتيالات بعد 2003، بحيث أننا سنجد أن ما حدث كان منظماً بطريقةٍ تدخلت الدولة العراقية الجديدة في صناعته وعلى مستويات عدة.

 شهادة الدايني عرضت على “قناة الرافدين” الفضائية وتحدث فيها عن جميع الجرائم السياسية التي مرت عليه خلال مسيرته المهنية الممتدة من 24 تشرين الأول/ أكتوبر 2004 ولغاية 1 حزيران/ يونيو 2006.

في تلك الفترة الحساسة، ظهرت تشكيلات فرق الموت التي تخصصت بالاغتيالات الممنهجة، مستهدفةً أساتذة الجامعات وضباط الأجهزة الأمنية والعسكرية، والعلماء والأطباء من مختلف القوميات والمذاهب.

تحدث الدايني في اللقاء بوضوح عن جرائم التعذيب والقتل الطائفي التي كانت ترتكبها حكومة ابراهيم الجعفري والجماعات المسلحة المرتبطة بالأحزاب المشاركة في الحكومة، مثل “فيلق بدر” و”حزب الدعوة” وجيش المهدي، الجناح العسكري للتيار الصدري. 

كما أفشى تفاصيل مجازر قال إن وزارة الداخلية -التي كانت تدير “ميليشيا بدر” معظم أجهزتها الأمنية بقيادة الوزير باقر جبر صولاغ- ترتكبها بحق آلاف العراقيين. 

ثم تحدث عن طائفية تلك الحكومة وولائها لإيران، واتهمها صراحة مع الميليشيات بأنها كانت وراء محاولة اغتيال الفريق دحام راضي العسل مستشار وزير الدفاع الذي أراد فضح علاقة إيران والميليشيات الموالية لها، بجرائم القتل والإبادة وسراديب التعذيب في عهد الاحتلال.

وبسبب موقفه من شكل العراق الحديث ومؤسساته، ورفضه سلوكيات الأحزاب، عاقبت الحكومة العراقية وقتها برئاسة إبراهيم الجعفري، اللواء الدايني بالطرد من الخدمة ليهرب إلى مصر بعد اغتيال ابنه وزوج ابنته.

من هذا المنطلق، ومن خلال ملف يفتحه “درج” على حلقات عدة، نستطيع فهم صناعة الاغتيالات في “حقبة الرصاص” التي بدأت بعد عام 2003 ولا تزال مستمرة حتى كتابة هذه السطور، ولم توفّر لا أمنيين ولا سياسيين ولا نشطاء ولا رجال دين ولا فنانين ولا صحافيين ولا تجاراً ولا حتى رياضيين ولاعبي كرة قدم، بوصفها أداة تابعة للمؤسسة الأمنية في العراق، ونسرد في هذه الحلقات كيف تم تسهيل الإفلات من العقاب عبر تأسيس قوى أمن داخلي طائفية تعمل على زراعة الكراهية وروح الثأر بين المكونات العراقية منذ لحظة انطلاقتها بعد 2003. 

إقرأوا أيضاً: