fbpx

العراق “بيئة حاضنة” للمخدرات: ابحث عن الميليشيات!

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

يُرجّح دخول المخدرات من طريق إيران لإغراق العراق بها، فيما أصبحت سوق العراق ذات جدوى اقتصادية وأمنية لتجار المخدرات، إذ توفر العراق الحدود غير المنضبطة واستشراء الفساد وسيطرة بعض الأطراف السياسية على الموانئ ما يمكّن من استخدام الحاويات من أجل التهريب.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

50 في المئة هي نسبة انتشار المخدرات بين الشباب العراقي. هذه النسبة المئوية الصادمة أعلن عنها وزير الداخلية عثمان الغانمي في تصريح صحافي لإحدى وسائل الاعلام العراقية، وشكلت هذه النسبة مفاجأة كبيرة لمراقبين ومختصين في هذا المجال، إذ يرون أن الظروف الاقتصادية والسياسية كان لها تأثير كبير في تفشي هذه الظاهرة التي جعلت من العراق سوقاً استهلاكية للمخدرات، بعدما كان ممراً لعبورها.

وزارة الداخلية وعلى لسان متحدثها الرسمي اللواء خالد المحنا أشارت الى حملة أمنية لمكافحة تجار المخدرات والناقلين والمروجين وضبط كميات كبيرة على حد وصفه. وسيترافق ذلك مع الاستعانة بالشرطة المجتمعية، وهي إحدى التشكيلات التي تعمل على التثقيف والتوعية في المجالات الاجتماعية ونبذ الظواهر الطارئة في المجتمع، فضلاً عن عمل مديرية شؤون العشائر التي تعمل بالتواصل مع شيوخ القبائل ليكون لهم تأثيرهم المباشر على أبناء قبيلتهم في التحذير والتوعية والمراقبة.

50 في المئة هي نسبة انتشار المخدرات بين الشباب العراقي.

يبلغ عدد سكان العراق أكثر من 40 مليون نسمة حتى عام 2020 بحسب تقديرات وزارة التخطيط، 56.5 في المئة منهم يصنفون على أنهم من الفئات القادرة على العمل ممن تتراوح أعمارهم بين 15 إلى 65 سنة، إلا أن معدلات الفقر والبطالة ما زالت مرتفعة. وتشكل معدلات الفقر في العراق 27 في المئة، أي أكثر من عشرة ملايين فقير ونسب البطالة متفاوتة بين مناطق الوسط والجنوب وهي الأكثر تضرراً والأكثر تصديراً للنفط الذي يعد العصب الأساسي لميزانية العراق إذ تبلغ نسب البطالة في المناطق الجنوبية 14 في المئة، أما الوسطى فـ9.7 في المئة.

الطبيب النفسي إبراهيم الصائغ يرى أن وراء هذا الانتشار الكبير للمخدرات بين الشباب العراقي، أسباب موجبة منها اقتصادية تتعلق بنسب البطالة إذ لا يجد الشاب العراقي فرص عمل متاحة له أو مكاناً لتفريغ طاقاته سواء كانت السلبية منها والايجابية، فلا مراكز علمية ولا ثقافية ولا ترفيهية لاستيعابهم، وليست هناك خطط حكومية لمعالجة الأزمات التي تعصف بالجيل الجديد الذي يجد نفسه عاطلاً من العمل، متسكعاً في الشوارع والمقاهي باحثاً عما ينسيه حاله عبر التعاطي، أو عن ربح سريع يدخله في عالم تجارة المخدرات.

المشكلات السياسية ألقت بظلالها أيضاً على انتشار المخدرات بحسب الصائغ فالكثير من الشباب يطمح لأن يكون بلده مستقراً كبقية البلدان من دون حوادث أمنية أو تجاذبات طائفية ولكنهم اصطدموا بخيبة الأمل. فيعمد كثيرون للهروب من واقعهم باللجوء إلى المخدرات. 

الحدود العراقية

المتخصص في جغرافية الجريمة علي العتابي يرى أن العراق بعد عام 2003 لم يعد ممراً “ترانزيت” ما بين دول جواره الشرقية الى دول جواره الغربية بل مستهلكاً للمخدرات مع ضعف القبضة الأمنية، والمواد المخدرة التي يتم تعاطيها ويتاجر بها في العراق تنوعت ما بين الحبوب ” الكبتاغون” ومادة “الكريستال” اذ تعد اشد خطورة فهي مواد كيميائية مصنعة مختبرياً ويدمن عليها الشخص بشكل سريع ويتراوح سعر الغرام الواحد لمادة “الكريستال” ما بين 45 الفاً إلى 75 ألف دينار عراقي أي ما يعادل 65 دولاراً أميركياً الى 110 دولارات. ويجد أن الجزء الأكبر من هذه المخدرات تكون آتية من أفغانستان وإيران نحو العراق وان المحافظات الحدودية هي الأكثر تضرراً كالبصرة وميسان وديالى وواسط والسليمانية.

مدير اعلام مكافحة المخدرات العميد زياد القيسي يكشف عن القبض على 17 ألف متهم بملف المخدرات في العراق خلال الأشهر العشرة الاولى من عام 2021 وضبط أكثر من 900 كيلوغرام من المواد المخدرة التي تضم الكريستال والهيروين والكوكايين وغيرها وأكثر من 19 مليون قرص مخدر ويذكر أن القوى الأمنية تتعاون في ما بينها من أجل مكافحة المخدرات من أجهزة الأمن الوطني والاستخبارات وقوات الرد السريع وغيرها.

وسط هذا العدد الكبير من المدمنين المخدرات، بحسب النسب الرسمية المعلن عنها، لا يمتلك العراق مراكز متخصصة “رصينة” على حد تعبير الطبيب إبراهيم الصائغ لمعالجة المدمنين وما هو موجود في الوقت الحاضر هي محاولات من مراكز صغيرة غير مجهزة، لأجل استيعاب بعض الحالات وهي غير كافية وفقاً لهذه الأرقام.

أستاذ العلوم السياسية نجم عبد طارش يرى أن ضعف الدولة سهّل دخول المخدرات إلى البلاد بشكل سهل. كما أن ضعف القانون جعل من انتشارها ممكناً، متهماً اطرافاً ميلشياوية بمنافسة الدولة في قوتها وسيادتها، وهو ما أضعف القوى الأمنية وجعل الناس يفقدون ثقتهم بها. 

ويرجّح طارش أن يكون دخول المخدرات من طريق إيران من خلال مهربين وليس بشكل رسمي لإغراق العراق بها فيما أصبحت سوق العراق ذات جدوى اقتصادية وأمنية لتجار المخدرات، بدل الذهاب الى أسواق بعيدة تعرض التجار للمخاطر والتكلفة الزائدة، بينما توفر في العراق الحدود غير المنضبطة واستشراء الفساد وسيطرة بعض الأطراف السياسية على الموانئ ما يمكّن من استخدام الحاويات من أجل التهريب.

إقرأوا أيضاً: