fbpx

صمتنا المريب… عن منصور لبكي
المجرم مغتصب الأطفال!

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

صمتت الكنيسة في لبنان ولم يصدر أي بيان رسمي واضح عنها يدين المغتصب والمتحرش ويرفع الغطاء عنه.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

مر أكثر من شهر على صدور الحكم بالسجن 15 عاماً على المجرم، مغتصب الأطفال، الأب منصور لبكي. ولغاية كتابة هذا النص، لم يصدر أي موقف علني واضح من الكنيسة في لبنان، عدا ما أقر به رئيس “المركز الكاثوليكي للإعلام” الأب عبدو أبو كسم في المقابلة الشهيرة على التلفزيون عن التزام الكنيسة في لبنان بحكم القضاء الفرنسي، من دون أن يقر وبشكل مباشر بجرم منصور لبكي. تهرب أبو كسم وتحايل في الردود متجنباً المس المباشر بلبكي، وأصر على مناداته بـ”الأب”. لكن أبو كسم، سمح لنفسه بنعت المناضلة مارلين غانم، التي عرفناها على شاشات التلفزيون، مطالبة بحقها كناجية من اعتداءات لبكي وكمتابعة دقيقة للمراسلات مع الكنيسة الكاثوليكية في روما، بالمجرمة. والسيدة غانم ما زالت حتى اليوم، وعلى رغم صدور الحكم المدني بحق لبكي بعد صدور الحرم الكنسي بحقه، مرغمة على التعامل مع رأي عام لبناني ما برح ينتصر ولو بالمواربة لمغتصب أطفال. 

منذ إعلان تاريخ المحاكمة، مروراً بصدور الحكم الغيابي بحق المجرم مغتصب الأطفال، وصولاً إلى يومنا هذا، يستمر مريدو لبكي بحملتهم المركزة لتشويه سمعة الناجيات. كما تتضافر الجهود لوضع شهادات الناجيات والمحاكمة في مصاف مؤامرة شيطانية ضد ملاك لطالما عرف بتراتيله وعمله الميداني لا سيما خلال حرب الدامور الشهيرة مع بدايات الحرب اللبنانية. 

ربما يشفع لهؤلاء قلة اطلاعهم على التفاصيل أو عدم متابعتهم لما يحصل في روما من أحكام حرم طاولت لبكي بالتحديد ومن قبله وليومنا هذا مئات مغتصبي أطفال كانوا في عهدة الكنيسة وكنفها. أقول ربما، لأنني في قرارة نفسي، لا أجد أي تبرير للاصطفاف خلف مجرم مقيت بحجة عمله الخيري أو انتصاراً للطائفة التي يمثلها.

هي ليست المرة الأولى التي يتم فيها إخضاع الضحايا عبر إيلاء مصلحة الطائفة وإعلاء صوتها على صرخات ضحايا نظام خيري ريعي يستبيح الأطفال ويحولهم مجرد أرقام مستلبة. ولكي أتجنب السب الطائفي الذي ما برح يترصد بي في كل مرة أتناول موضوع لبكي، أجد نفسي مجبرة على التذكير باصطفاف وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس خلف الطائفة السنية دفاعاً عن دار الأيتام الإسلامية بصفتها صرحاً للعمل الخيري. حدث ذلك رداً على شهادات طارق الملاح على تعرضه لاعتداءات وسوء معاملة مدة خمس سنوات متتالية داخل دار الأيتام إلى حين هروبه. علماً أننا قمنا بتوثيق شهادات على سوء المعاملة بعد تجرؤ الملاح على الكلام العلني عما تعرض له. لكننا وللأسف، فشلنا في تقليب الرأي العام ضد الطائفة واستسلمنا تدريجياً لمعاناة الضحايا الذين/ اللواتي لم تتح لهم/ ن فرص النجاة.

لا بد من التذكير هنا بضرورة إجراء مراجعة نقدية لفشلنا كحقوقيين/ ات ومناصرين/ ات لضحايا النظام الرعائي المؤسساتية في التكاتف لمواجهة الوحش الطائفي المتخفي تحت عباءة العمل الخيري المتواطئ مع المؤسسات الرعائية. هو فساد حكومي أيضاً ساقه نظام عمل اجتماعي ريعي منذ تاريخ أضحت فيه سياسات وزارة الشؤون الاجتماعية معبراً لمحاصصة طائفية سياسية مناطقية على حساب التنمية المستدامة ومكافحة الفقر.  

وفي عودة لموضوع المجرم لبكي، فلقد صمتت الكنيسة في لبنان ولم تعلن موقفاً رسمياً يدين لبكي بشكل مباشر ويعتذر من كل من سُمح لهم بمخالطة لبكي، مغتصب الأطفال. والسؤال يطرح نفسه: هل من ضحية للبكي وهو قابع في صومعته الإلزامية المزيفة؟

من يحاسب هيام القصيفي على مقالها في جريدة “الأخبار”، في 10 تشرين الثاني/ نوفمبر 2021، الذي عبرت فيه عن مناصرة مباشرة للمغتصب لبكي واعتبرت أن المحاكمة لا تعدو عن كونها مساراً طويلاً “من التكهنات والافتراءات والوقائع المتداخلة في قضية تنال من كاهن في زمن فضائح الكنيسة الكاثوليكية في العالم”. وتسترسل الصحافية في كلامها لتناول صحافيين أغراهم تعبير «كاهن متهم بالتحرش» لتحقيق “سبق خارج المألوف وعن كسر المحرّمات، والتباهي بالمسّ بمواقع وشخصيات دينية بغض النظر عن فحوى القضية وأساسها وخلفياتها. في عصر انفتاح قضايا التحرش الجنسي في الكنيسة، والأفلام والكتب التي توثق شهادات واعتداءات وخروقات أخلاقية وإنسانية، يصبح الاتهام بالتحرش صيغة جاهزة معلّبة من دون النظر في الحقائق”.

إقرأوا أيضاً:

يحدث كل ذلك في زمن يتوجه فيه البابا فرنسيس بالشكر للصحافيين على مساعدتهم في الكشف عن فضائح الاعتداء الجنسي التي يتورط بها الكهنة والتي لطالما حاولت الكنيسة التستر عليها في البداية.

ففي 13 تشرين الثاني 2021، أشاد البابا فرنسيس بما سماه “مهمة” الصحافة وقال بحسب وكالة رويترز “أشكركم على ما أخبرتمونا به عن الخطأ الذي حدث في الكنيسة وعلى مساعدتنا في عدم إخفائه تحت السجادة، وعلى الصوت الذي أعطيتموه لضحايا الإساءة”.

فها هو رئيس الكنيسة يدعو إلى إعلاء صوت الضحايا على كل ضوضاء فارغة إلا من تفاهات عصبية. أما في لبنان، فلقد اختارت الكنيسة طمس الحقائق تحت السجادة، عكس ما دعا إليه البابا فرنسيس، ولاذت بالصمت تحايلاً وتمييعاً لحكم مبرم غير قابل للاستئناف. 

أما بعد!

صمتت الكنسية في لبنان ولم يصدر أي بيان رسمي واضح عنها يدين المغتصب والمتحرش ويرفع الغطاء عنه. فكما يبدو، فإن لبكي لا يكترث لكل هذه التفاهات وها هو يعيش حياة عادية ويلبي الدعوات، ويستقبل الزوار، ويظهر في مناسبات رسمية. هو نفسه، مغتصب الأطفال، نراه مبتسماً في الصور معانقاً مريديه وربما متحرشاً.

صمت الكنيسة مريب، ولكن ماذا عن صمت لبنان الرسمي.

صمت الكنيسة مريب، ولكن ماذا عن صمتنا نحن الحقوقيين والحقوقيات.

نطوي صفحات الفضائح الواحدة تلو الأخرى. فبعد فتور الاهتمام الإعلامي بلبكي جاء دور سامر مولوي، الأستاذ المتحرش الفار من وجه طالباته في طرابلس.

وغداً ننسى في انتظار فضيحة نتلهى بها قبل أن نصمت مجدداً.

إقرأوا أيضاً: