fbpx

صرخات ضحايا الابتزاز الإلكتروني في اليمن…
من يحمينا؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

عدم شعور الفتاة بالأمان، وخوفها من رد فعل أسرتها، يحولانها إلى جانية، مع أنها ليست مخطئة، وبذلك تضطر إلى إخفاء ما تتعرض له من ابتزاز وضغط، وهو ما قد يدفعها إلى تنفيذ رغبات المبتز.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

في مجتمع قبلي ومحافظ كالمجتمع اليمني يفرض قيوداً صارمة على المرأة، يعد نشر صورة أو فيديو لفتاة بدون حجاب أو عباية عاراً قد تصل عقوبته إلى القتل، وهو ما استغله المبتزون للحصول على ما يريدون.

ليس الابتزاز ظاهرة جديدة، وليس خاصاً باليمن بل هو ظاهرة عالمية وقديمة، لكن في عالمنا العربي قد تدفع الفتاة حياتها الثمن.

 في السابق وقبل التطور التكنولوجي، كانت قصة حب بين شاب وفتاة قد تنتهي بابتزاز الشاب للفتاة بصورها ورسائل بخط يدها إن هي تركته، وغالباً ما يكون التهديد رد فعل انتقامياً لإجبار الضحية على العودة إليه وكان انتشار قصة الفتاة الضحية محدوداً في نطاق الأسرة أو الحارة أو قرية، ولكن في عالم أصبح قرية صغيرة، بات من السهل تدمير حياة الفتاة وأسرتها، فالملايين حول العالم يشاهدون ويسمعون.

تميل شرائح واسعة من المجتمع في اليمن الى عدم التعاطف مع الضحية، فحتى أفراد أسرتها قد يتخلون عنها ببساطة. تدان الفتاة ولا تحصل على الدعم الذي تحتاجه، على أساس أنها مذنبة لأنها أحبت شخصاً وأرسلت له صورها، وبالتالي هي تستحق ما يحصل لها!

وتبقى مدانة حتى وإن اخترق هاتفها أو جهاز الحاسوب أو حساباتها؛ فالتقاطها صوراً واحتفاظها بها إدانة أيضاً، لماذا تحتفظ بصورها الخاصة في جهازها وحساباتها؟ أما المجرم الحقيقي فيحصل على تبرئة اجتماعية على طبق من فضة.

فتاة تنسج أحلامها وشاب ينسج شباكه

في رحلة البحث عن الخلاص، تبدأ الفتاة بنسج أحلامها مع فتى تعتقد أنه فارسها الذي سينتشلها من بلدها المدمر الغارق بالدم والفقر والمجاعة، يوهمها بالحب وبأن يوم الخلاص بات وشيكاً. ثم يطلب منها صوراً، تدخل معه في محادثات فيديو وأحياناً يطلب منها كشف أجزاء من جسدها، لتستيقظ على كابوس الابتزاز.

تترتب على جريمة الابتزاز آثار نفسية وصحية  كثيرة على الضحية وأسرتها وعلى المجتمع، منها آثار خطيرة كما تقول الدكتورة أنجيلا المعمري وهي أستاذة مساعدة في الصحة النفسية في جامعة تعز ومديرة مركز الدراسات الإستراتيجية لدعم المرأة والطفل، “الضحية تتعرض بسبب الخوف والتفكير المستمر، لضغط نفسي كبير يؤدي إلى تدهور صحتها الجسدية والنفسية، واضطرابات في الشهية وفقدان ثقتها بنفسها وبالآخرين والانطواء على الذات، والأخطر تفكيرها بالانتحار أو الاستجابة والإذعان لطلبات المبتز بتوفير المال بأي طريقة كانت. كما يمكن تجنيدها للتجسس وتوفير معلومات عن ضحايا أخريات أو عن أشخاص مستهدفين من طرف المبتز”. وتضيف: “كما أن تأثير الابتزاز على الأسرة كبير مثل وصمة العار التي تظل تلاحقها”.

 كيف أصبح شاب الملاذ الوحيد للضحايا؟

يبذل مختار عبد المعز وهو متخصص في أمن المعلومات ومكافحة الجريمة السيبرانية مع بعض أصدقائه جهداً كبيراً في حماية الضحايا وتقديم المساعدة لهن؛ وغالباً من دون علم ذويهن حتى لا يتعرضن للأذى.

اشتهر على مواقع التواصل الاجتماعي بنشاطه في مكافحة الجرائم الإلكترونية خصوصاً بالابتزاز، وصار الملجأ والملاذ الآمن للضحايا.

 الفتيات اليمنيات اللواتي تُنشر صورهن على الإنترنت يتعرضن لشتى أنواع العنف بدءاً من الضرب والطلاق والحرمان من التعليم والعمل وحتى القتل.
يتحدث مختار عن فتاتين تعرضتا للقتل بعد انتشار فيديو وصور لهما على الانترنت، إحداهما كان أغلق حساب مبتزها؛ فيما قتلت الأخرى في حزيران/ يونيو 2021 بعد خطفها واغتصابها، وقام المجرمون بتصويرها عارية وظلوا يبتزونها جنسياً وحين لم تستجب لهم نشروا صورها على الإنترنت، وعلى رغم علم الأهل بتعرضها للاغتصاب إلا أن نشر صورها عارية دفعهم إلى قتلها للتخلص من العار. هي الضحية، لكنها صارت في عرف الأهل مجرمة!

عدد حالات  الابتزاز التي وصلت إلى عبد المعز، تجاوزت الـ3000 حالة للجنسين ما بين 2020-2021، وقد تصل في اليوم الواحد إلى 25 حالة، منها 2 في المئة، حالة ابتزاز تعرض لها شباب بسبب دخولهم إلى غرف سرية بحثاً عن علاقات (Sex Phone) فيدخلون بعلاقات مع المبتزين الذين يتحدثون بأسماء فتيات. 30 في المئة من مبتزي الشباب اليمني هم من المغرب العربي، والنسبة الباقية يشغلها مبتزون يمنيون.

إقرأوا أيضاً:

 ويؤكد عبد المعز أن 95 في المئة من هذه الحالات تم حلّها إما بحذف حسابات المبتزين، أو حذف صور وفيديوات من هواتفهم من بعد وبسرية تامة من أجل حماية الفتيات.

أما بخصوص الفئة العمرية التي تتعرض للابتزاز فيقول “تتراوح أعمار الضحايا بين 14 و21 سنة، هؤلاء الفتيات يتم استدراجهن بعد إيهامهن بالحب والزواج وبإغراءات السفر إلى خارج اليمن، حيث حرب وصعوبات اقتصادية. ويشير إلى أن “بعض من يدّعون أنهم في أميركا أو تركيا هم مقيمون في اليمن”.

وأضاف، “الفتيات الأكبر سناً، يتم ابتزازهن غالباً بعد اختراق حساباتهن، منهن صاحبات مشاريع صغيرة، نادراً ما يكون ابتزازهذه الفئة العمرية باسم الحب”.

 أيضاً هناك نساء كبيرات في الستين وما فوق، تعرضن لابتزاز بسبب جهلهن في التعامل مع التكنولوجيا، يتم اختراق حساباتهن ويجد المقرصنون  مثلاً صور بنات السيدة وحفيداتها  فيقوم بابتزازها بها.

ويلفت إلى أن مدينة عدن تتصدر القائمة بعدد حالات الابتزاز التي وصلتهم، تليها تعز ثم محافظة إب؛ والمبتزون هم من فئة المراهقين والعاطلين من العمل. 

خطبت أرملة يمنية لمصري مقيم في السعودية، وحين اكتشفت تحرشه بابنتيها فسخت الخطبة، جنّ جنونه، وفي تسجيل صوتي أرسله إلى شقيقتها هدد بأنها إن لم تتصل به فسوف ينشر كل ما لديه من صور وسيجعلها وعائلتها فرجة لمدينة عدن.

هذه المرأة غير مقيمة في اليمن وقد هددتها أسرتها بالقتل ولم يتبق داعم لها غير شقيقتها.

قدمت شكوى عبر محامٍ في السعودية إلى الأمير بندر بن محمد آل سعود تطالب بحمايتها وطفلتيها من خطيبها السابق.

يؤكد مختار أن معظم حالات الابتزاز هي بسبب الاختراق أو بسبب صديقات لفتيات يعملن ضمن عصابة ابتزاز، يقمن بتصوير الفتيات وإرسال ما صورنه إلى أفراد العصابة.

يظهر فيديو فتيات في جلسة  يتناولن القات والشيشة، يرتدين العباءات بعضهن كاشفات شعرهن، كن يضحكن ويرددن كلمات أغنية وبعضهن يتمايلن على أنغامها ويلتقطن الصور، هؤلاء الفتيات لم يكن يعلمن أن إحداهن وهي فتاة جديدة على المجموعة كانت تقوم بتصوير فيديو لتسريبه، ونشره على “تيك توك”. إحدى الفتيات فوجئت بالمقطع وتواصلت مع  مختار عبد المعز لمساعدتها على حذفه.

عدم شعور الفتاة بالأمان، وخوفها من رد فعل أسرتها، يحولانها إلى جانية، مع أنها ليست مخطئة، وبذلك تضطر إلى إخفاء ما تتعرض له من ابتزاز وضغط، وهو ما قد يدفعها إلى تنفيذ رغبات المبتز.

سمر (اسم مستعار) فتاة محجبة سُربت صور لها من هاتفها وهي بكامل حجابها، غير أن انتماءها إلى أسرة متشددة دينياً، جعلها ضحية ابتزاز احدهم؛ لم يطلب مالاً، بل طلب منها صوراً عارية وبأوضاع مخلة وإلا فإنه سيرسل ما بحوزته من صور إلى أهلها!

تقول مريم (اسم مستعار)، “كنا في مجموعة نسائية نناقش قضايانا ومشكلاتنا العادية وأحياناً نتبادل الصور. ذات يوم أضافت إحدى صديقاتنا إلى المجموعة امرأة تعرفت إليها من “فايسبوك”، تدعي أنها طبيبة أمراض جلدية. كنا نستشيرها في مشكلاتنا الصحية وكانت أحياناً تطلب منا صوراً لأجزاء من جسد صاحبة الاستشارة، شككنا بأمرها لكننا لم نفصح عن شكوكنا ولم نرسل لها صوراً سوى بعض الصور العادية ليد أو وجه. اتضح لاحقاً أن صاحب الحساب رجل ولا علاقة له بالطب.

لم يمضِ وقت طويل على اكتشاف أمره حتى بدأ يدخل إلى كل فتاة أرسلت صورتها بمحادثة خاصة ويطلب منها المال مهدداً بنشر صورتها”.

أمل (اسم مستعار) صاحبة مشروع صغير في عدن ولديها مجموعة نسائية على “فايسبوك”، تقول “تم انتحال اسمي وفتحت مجموعة باسم التي أملكها، لم أتعرض شخصياً للاختراق أو الابتزاز لكن بعض زبوناتي اخترقت حساباتهن وسحبت منهن الفيديوات والصور. خلال عام اخترق عدد كبير من حسابات شخصيات منهن تاجرات وناشطات ومصففات شعر ومصورات، إضافة إلى حسابات معارضين للمجلس الانتقالي”.

“لا خيار أمامنا ولا أعلم أين نذهب أنا وغيري من ضحايا الابتزاز، ولمن نشكو؟ إدارة البحث في عدن  تتجاهل قضيتنا”.

كيف بدأت القصة ومن هو رضوان؟

تشرح أمل: “الموضوع  بدأ بالتجسس الأمني على حسابات معارضين ونشطاء سياسيين  ثم لاحقاً تشكلت من هؤلاء عصابة كبيرة جندت رجالاً ونساء لممارسة النصب والابتزاز. وكانت هذه العصابة تملك معلومات عن الضحايا بحكم عملها في التجسس الأمني، أحد أفرادها في البدء تواصل مع بعض الضحايا، على أساس أنه سوف يقوم بواجبه كرجل أمن لمساعدتهن، بيد أن لجوء إحداهن إليه كشف حقيقته، كانت الفتاة على علاقة بشاب أخذ منها أموالاً وخاتماً من ذكرى جدتها، لكن الشاب لم يبتزها بالفعل حين أرادت استعادة أشيائها”.

قال لها رجل الأمن، “هذا الشاب مندس وبلطجي ويتبع جماعة هاني بن بريك (نائب رئيس المجلس الانتقالي)”. ثم أوهمها بأنه يحبها ويريد الزواج بها وسألها إن كانت قد أرسلت صوراً لحبيبها السابق وطلب منها إرسال تلك الصور إليه ليساعدها، ثم فجأة بدأ بابتزازها من أرقام وحسابات مختلفة.

طلب من الفتاة إضافة حساب على “فايسبوك” ادعى أنه لفتاة اسمها “لينا إقبال”، على أساس أنها صديقته وستساعدها “لم أكن مرتاحة لهذا الحساب، قمت بحظره من المجموعة”، أضافت أمل.

وتابعت “بعد أيام أخبرتني صديقتي عن حساب باسمي، الحساب كان باسم صفاء النهاري ثم تحول إلى الدكتورة لينا إقبال، والآن أصبح باسمي حينها أيقنت انه رجل الأمن ذاته صاحب الحسابات وهو من يبتز الفتيات “قام بالتواصل مع فتيات منهن مصففات شعر ومصورات، بعد تأكدهن أنه هو المبتز، تبين أن الجميع تعرضن لابتزاز من شخص اسمه رضوان يهددهن ويستلم منهن حوالات مالية”.

بعد اكتشاف حقيقته، وكيف تحول الأمر من مراقبة النشطاء السياسيين إلى الحياة الشخصية للفتيات، بدأ بالتهرب، وأغلق حساباته وفتح حساباً جديداً على “فايسبوك”.

 ما ذكرته أمل أكدته  فتاة قالت إنها لا تخشى من ذكر اسمها غير أنه حرصاً منا على سلامتها و تقديراً للوضع في عدن، فضلنا استبداله باسم مستعار (زهرة) وهي واحدة من ضحايا رضوان، لديها مشروع صغير مخصص للنساء في عدن، واجهت مشكلة في تطبيق “واتساب” وكانت تبحث عن شخص يساعدها، فقام أحدهم بمراسلتها باسم فتاة لديها خبرة في المجال التقني.

تقول زهرة، “أرسل لي الهاكر رابطاً، وحين فتحته وصلني كود طلبه الهاكر وأرسلته، واستيقظت في اليوم التالي وقد تهكر حسابي”، تردف: “لا صور في حسابي لكن هناك فيديو في المحادثات سحبه وكذلك دخل في محادثات مع صديقاتي وعميلاتي”.

حين علمت أن حسابها تهكر فوراً تواصلت مع صديقات ناشطات على مواقع التواصل الاجتماعي في عدن، لينشرن على حساباتهن أن حسابها مخترق، لهذا لم يستطع طلب المال من “العميلات”، لكنه حاول استغلال الفيديو لابتزازها.

بين حينٍ وآخر يدخل بأرقام مختلفة للابتزاز، منها أرقام غير يمنية، هي لم تخضع لابتزازه ولم تدفع له فلساً واحداً غير أن أخريات حتى اليوم يدفعن أموالاً للمبتزين.

“لا خيار أمامنا ولا أعلم أين نذهب أنا وغيري من ضحايا الابتزاز، ولمن نشكو؟ إدارة البحث في عدن  تتجاهل قضيتنا”، تقول زهرة.

يعتقد مختار أن رضوان اسم انتحله أحد رجال الأمن وربما هوية رضوان تخص أحد المرحلين من عدن من أصحاب المحلات والبسطات من أبناء محافظات الشمال، خصوصاً أنه وبتتبع تفاصيل الاسم والهوية وأرقام الهواتف اتضح أنها باسم شخص متوفٍ من صنعاء، ولديه فعلاً ابنٌ بهذا الاسم، إضافة إلى استخدامه أرقاماً بهويات مختلقة مسروقة، ومنها حسابات باسم شقيق رضوان (يُتوقع أنه وشقيقه ضحايا)؛ ولكن عدم تجاوب الأمن مع الشكاوى والاتهامات الموجهة إلى الجاني، أبقته حراً، علماً أن هناك شكوكاً في تواطؤ بين محلات الصرافة في عدن والمبتزين بغطاء أمني.

الشرطة في دائرة الاتهام!

يشكو المهندس مختار من عدم  قيام الشرطة في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة (الشرعية) بواجبها في ضبط المبتزين، على رغم أن كل الإثباتات بحوزتهم. ويقول، “لدى الجهات الأمنية قضايا عالقة منذ 8 أشهر ومثل هذه القضايا تحتاج إلى إجراءات عاجلة، خصوصاً أننا في مجتمع ستدفع الفتاة فيه حياتها ثمن هذا التباطؤ وعدم التجاوب”، ويستنكر قيام بعض أقسام الشرطة بابتزاز الضحية التي أصبحت كما قال عالقة ما بين المبتز المبلّغ عنه وبين ابتزاز بعض من أفراد الشرطة الذين يطلبون المال مقابل متابعة الإجراءات.

وأشاد ببعض الضباط في تعز وصنعاء وإب الذين تعاملوا بجدية مع بعض الشكاوى (30-40  قضية فقط)، وبعضها حلّت بشكل شخصي وودي لأن المبتز الذي كشفت هويته يخشى التشهير به و”نضع في اعتبارنا أيضاً  أسرته حتى لا تصبح وصمة على الأسرة كلها، ونكتفي بأخذ تعهد منه بعدم التعرض للفتاة، ولا نلجأ إلى التشهير بالمبتز إلا للضرورة  إن أصر على تعنته والإضرار بالضحية”.

وعن المبتزين خارج اليمن يقول إن رفض أبناء الجالية في مصر والسعودية متابعة القضايا تجنباً للمشكلات، يضطره مع رفاقه إلى اللجوء إلى محامين على حسابهم الشخصي، أما في تركيا فيذهب بنفسه للمتابعة.

إقرأوا أيضاً:

أمن تعز ينفي!

مصدر في إدارة الأمن في مدينة تعز فضل عدم ذكر اسمه أكد حصول مثل هذه الجرائم، غير أنه نفى الاتهامات بعدم التعامل بجدية مع الشكاوى وقال “كل الشكاوى التي وصلت إلى البحث الجنائي تم التعامل معها بجدية، وتم ضبط الجناة في القضايا التي وصلتنا، ولم يحدث أن تم رفض بلاغ، إنما قد يصل بلاغ إلى أقسام الشرطة وبسبب جهل القائمين عليها بهذه القضايا وكيفية التعامل معها، يتم تجاهلها”، يردف: “لكن في حقيقة الأمر لم أسمع أن هذا قد حدث”.

وأشار إلى قضية فتاة تعرضت للابتزاز مرات عدة، من أفراد عصابة بينهم فتيات ما اضطرها لإخبار والدها الذي بدوره أبلغ الأمن، وقام قسم التحريات بالتنسيق مع المجني عليها بنصب كمين لأفراد العصابة. تمت مراقبتهم وحولّت الفتاة مبلغاً مالياً لهم، وضبط هؤلاء لدى مكاتب الصرافة وأحيلوا إلى النيابة.

 ولفت إلى أن المشكلة تكمن أيضاً في عدم إبلاغ الفتيات اللائي يتعرضن للابتزاز بدون علم ذويهن وبسبب خوفهن يفضلن الصمت أو التجاوب مع المبتز، ما يفاقم المشكلة.

وعمّا إذا كانت محلات الصرافة متواطئة مع هذه العصابات، قال المصدر الأمني، “ليس تواطؤاً بل تقصير من قبل محلات الصرافة في التدقيق بهوية مستلم الحوالة المالية وما إذا كان هو صاحب الحوالة أم لا، أحياناً يتم الاستلام ببطاقات أشخاص لا علاقة لهم بالعصابة وهو ما حدث مع الشخص الذي القي القبض عليه وعبره تم التعرف إلى أفراد العصابة”.

وقال المتحدث باسم شرطة تعز المقدم أسامة الشرعبي، “الأمن في تعز بصدد إصدار توجيهاته اللازمة إلى محلات الصرافة”. وحول ما ذكره نشطاء عن عدم جدية الأمن في التعاطي مع جرائم الابتزاز أو تورط أي جندي بهذه العصابات في تعز، أكد أنه “كلام عارٍ من الصحة وأي بلاغ يصلنا  نتعاطى معه وفق الإجراءات القانونية سواء كانت الجرائم إلكترونية أو عادية، وفي حال وصلنا بلاغ عن أي تقصير من الأقسام تتم إحالة المقصرين للجهات المختصة”.

وتحدث الشرعبي عن قضيتين فقط كان الإعلام الأمني لشرطة تعز أواخر الشهر الماضي قد أعلن عن ضبط العصابة فيهما. 

في غياب القوانين من يكافح الجرائم الإلكترونية؟

أرجعت دراسة أعدتها الدكتورة سبأ الخراساني عام 2013 لنيل درجة الماجستير بقسم علم الاجتماع في جامعة صنعاء، صعوبة مكافحة الجريمة الإلكترونية إلى أسباب عدة، منها “عدم وجود تشريعات تجرمها وضعف الخبرات التقنية المتعلقة بالحاسوب وعدم الإلمام بعناصر الجريمة الإلكترونية والتعامل معها لدى المشتغلين في سلك التشريع والقضاء والتحقيق والضبط”.

يتفق المحامي مازن سلام رئيس “منظمة طوق للحقوق والعدالة” مع ما جاء في الدراسة حول عدم وجود تشريع لـ”مكافحة الجرائم الإلكترونية”وهو الأمر الذي اضطر القضاء إلى إخضاع تلك الأفعال وتجريمها وفق القواعد العامة للقانون الجنائي، وهي قواعد قاصرة من أن تشمل مختلف أوجه النشاط الإجرامي الإلكتروني بتعقيداته وتطوره ومساراته الجرمية.

 ناهيكم بقلة الخبرة والدراية بالتقنيات الحديثة لدى المنظومة العدلية في اليمن؛ بدءاً بجهات الضبط القضائي وجمع الاستدلال مروراً بجهة الادعاء العام (النيابة العامة) كجهة تحقيق وليس اخراً بالقاضي الجزائي ذاته الذي قلما تجده ملّماً بتلك بالتقنيات الالكترونية ومفاهيمها.

ويفسر سلام قلة اهتمام جهة التبليغ بمثل هذه القضايا بعدم إدراكها خطورة مثل هذه الجرائم، إلى قلة وعي المجتمع ونظرته تجاه المرأة فحتى إن كانت الضحية، تتحول إلى مذنبة وتلام، ويبرأ المجرمون من العقاب والمحاسبة.  

إجراءات ونصائح للحد من جرائم الابتزاز

 ينصح خبير الأمن السيبراني مختار عبد المعز الفتيات بتفعيل المصادقة الثنائية لكل البرامج والتطبيقات، ووضع كلمة مرور صعبة وبصمة، ويفضل استخدام الهواتف التي ليست بذاكرة خارجية بحيث إذا فقد الهاتف النقال لا يستطيع المقرصنون الوصول إلى البيانات. وإذا استخدمن ذاكرة خارجية من الأفضل تشفيرها، وعدم حفظ الصور “كلاود”، وعدم تفعيل المزامنة ما بين الإيميل والتطبيقات والصور، إضافة إلى عدم فتح الروابط المشبوهة ومجهولة المصدر.

وحذرهن من الانجرار إلى الغرف المغلقة ومحادثات الفيديو وإرسال الصور مهما كانت الثقة بالشخص كبيرة.

أستاذة الصحة النفسية أنجيلا المعمري دعت إلى توعية المجتمع والأسر من أجل احتواء الفتيات وتقديم الدعم والمساندة لهن، واللجوء إلى الجهات الأمنية للإبلاغ عن حالات الابتزاز، وعدم الخوف من وصمة العار المجتمعية لأنها تؤدي إلى ارتفاع نسبة الضحايا، مشددة على أهمية جلسات الدعم النفسي للضحايا.

تجدر الإشارة إلى أن مختار أعد مشروع تطبيق لمساعدة الضحايا بدون معرفة هويتهم لحمايتهم، وحين تصل الشكوى إلى الآدمن، يحولها إلى الشخص المختص من الفريق والمكون من رجال شرطة ومحامين ومختصين نفسيين ومختصين بالأمن السيبراني.

غير أن هذا المشروع لم ير النور حتى الآن بسبب عوائق مادية ورفض عبد المعز تحويله إلى مشروع تجاري، وتفضيله أن تكون الخدمة مجانية ومتاحة للجميع.

إقرأوا أيضاً:

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.