fbpx

لماذا ترفض حركة حماس اجراء انتخابات بلدية في قطاع غزة؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

اكتفت الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة بالإدلاء بتصريحات صحفية تطالب حماس بالتراجع عن قرارها وخطوتها التعسفية والتي تهدف إلى تكريس الانقسام وتعطيل مسار النهوض بالقضية الفلسطينية، ولم يسجل أي خطوة جريئة للفصائل بوضع حد لأفعال حماس التي تفرض قوتها عبر التنكيل والقمع.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

شكّل اغتيال إسرائيل لمؤسس حركة حماس الشيخ أحمد ياسين عام 2004 نقطة تغيير جوهري في مسار الحركة وايديولوجيتها، فبعد أن كانت حركة تتركز سياستها داخليا في سياق الصراع مع اسرائيل، سلكت الحركة مساراً مختلفاً حتى باتت اليوم جزء من مشروع سياسي إخواني يطمح إلى لعب دور إقليمي، بعد انخراطها ضمن الحلف القطري التركي الإيراني.

 وبالنظر إلى طبيعة حكم حماس داخل قطاع غزة بعد ان استولت عليه خلال انقلاب عسكري عقب فوزها بالانتخابات التشريعية عام 2006، نجد أنها استطاعت في ظل وضع غزة المحاصر إسرائيليا عزله عن باقي أرجاء الوطن المحتل. تغلغل الانقسام الفلسطيني في مفاصل القضية، ليسود المشهد داخل غزة التي باتت تقبع تحت الحكم الإسلامي الإخواني، بحيث ان لا كلمة تعلو على كلمة الحركة، ما دفعها إلى رفض إجراء انتخابات البلديات والتي كانت تحصل في كافة محافظات فلسطين، مبررة ذلك بأنها تطالب بإقامة انتخابات شاملة.

عند تأمّل المشهد الفلسطيني القائم نجد أن سكان الضفة الغربية أدلوا بأصواتهم داخل صناديق الاقتراع لانتخابات مجالس البلديات المحلية في مرحلتها الأولى لعام 2021 وذلك في 154 هيئة محلية في الضفة الغربية لتبقى حماس متعنتة في رفض إجراؤها في غزة.

 والغريب بالأمر أن الشارع الفلسطيني في القطاع لم يحرك ساكناً ولم يخرج أو يطالب بحقه في انتخاب مجالس البلديات كما في الضفة، تخوفا من العنف المفرط الذي سيتعرض له كما كان المشهد في آذار/مارس 2019 عندما خرج الشارع للمطالبة بحق العيش في إطار حملة شعبية تحت شعار “حراك بدنا نعيش” ليواجه بقبضة قاسية من حركة حماس.

شكّل اغتيال إسرائيل لمؤسس حركة حماس الشيخ أحمد ياسين عام 2004 نقطة تغيير جوهري في مسار الحركة وايديولوجيتها

حكم غزة بالقوة

تَمنعّ حماس الحالي عن الانتخابات ليس الأول بل منذ توليها حكم غزة عقب انقلابها الذي أجرته ضد السلطة الفلسطينية في عام 2007، لم تجر أي انتخابات مشتركة بين المحافظات الفلسطينية، لتصبح هذه المرة الرابعة التي تمنع فيها حماس إجراء الانتخابات ما يحرم مليوني مواطن من حقهم، في وقت تعين فيه مجالس البلديات في غزة بشكل مباشر من قبل اللجنة الإدارية للقطاع من دون إشراك المواطنين في تحديد مجالس بلدياتهم.

مدير مكتب الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان في غزة جميل سرحان، يعتبر أن مبررات حماس لمنع إجراء الانتخابات المحلية في غزة ليست مقنعة، ولا يحق لها حرمان الشعب من المشاركة الانتخابية، كما أن محاولات الهيئة في الضغط على حماس لإجراء الإنتخابات باءت بالفشل، في ظل تردّي الخدمات في المدينة. 

رفض فصائلي

اكتفت الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة بالإدلاء بتصريحات صحفية تطالب حماس بالتراجع عن قرارها وخطوتها التعسفية والتي تهدف إلى تكريس الانقسام وتعطيل مسار النهوض بالقضية الفلسطينية، ولم يسجل أي خطوة جريئة للفصائل بوضع حد لأفعال حماس التي تفرض قوتها عبر التنكيل والقمع.

محمود الزق عضو المكتب السياسي لجبهة النضال الشعبي الفلسطيني، يعتبر ان  من واجب حماس  إجراء الانتخابات المحلية في قطاع غزة أسوة بالضفة الغربية، مما يحق العدالة وضمان استمرارية العملية الديمقراطية في فلسطين، ولكن الواقع مؤلم في غزة في ظل استمرار سياسة التعيين من قبل الحركة لمجالس البلديات، واستمرار سياسة القمع والاضطهاد.

إزاء كل ذلك يعيش الشارع الغزي حالة من الصمت، وكأن شيئاً لم يكن. 

ولم يتوقف الحال عند هذا الحد بل تعداه الى عدم تناول الإعلام الفلسطيني والصحفيين العاملين في قطاع غزة لهذا الموضوع، واكتفوا بنقل التصريحات الصادرة عن الفصائل والقوى الوطنية في غزة التي أصدرت عددا من المواقف التي تطالب حركة حماس بالتراجع عن قرارها الذي من شأنه ترسيخ الانقسام الفلسطيني بشكل أكبر. 

إقرأوا أيضاً:

حقيقة معتمة

منذ انطلاق مشروعها السياسي الذي كان يحمل رؤية إخوانية متكاملة الأركان، وكان يحظى بدعم إيراني منذ عام 2006 خلال تعهد دولة إيران بصرف أموال شهرية للحركة، كانت كل العوامل تصب في صالح سيطرة حماس على القطاع، واحكامها قبضتها على أكثر من مليونيّ مواطن.

ومنذ البداية بدأت تظهر نوايا الحركة في تحويل النظام السياسي الفلسطيني إلى نظام إسلامي من خلال فرض نفسها بديلا عن منظمة التحرير الوطني الفلسطيني. وانخرطت الحركة بجملة من التجاذبات السياسية الدولية لتخسر حليفها الأمثل النظام السوري، على وقع الثورة السورية، لتجد ذاتها في أحضان الدولة القطرية التي باتت اليوم الداعم الأكبر للوجود الإخواني في المنطقة العربية.

وترفض حماس تسليم غزة لحكومة وفاق، لأسباب عديدة أهمها بالنسبة إلى الحركة ملف جهاز الأمن والذي يشكل العصب المركزي للحركة وتدير غزة من خلاله، وفي حال إتمام المصالحة سيجري تحجيم عمل كتائب القسام، العمود الفقري العسكري والأمني للحركة.

 والسبب الثاني يتمثل في ملف المعابر والمنافذ الحدودية التي تشكل منبعاً حقيقياً للإيرادات الحكومية جراء فرض رسوم جمركية وضرائب مزدوجة ترمى على عاتق المواطن الذي يدفع فاتورة غلاء الأسعار، بينما يتعلق الملف الثالث في سيطرة الحركة على أراضي حكومية، تقوم بوهبها لموظفيها ومسؤوليها بدل مستحقات وتعمل على نقل ملكيتها إليهم.

أستاذ العلوم السياسية في الجامعات الفلسطينية في غزة عبد المجيد سويلم يرى أن الأموال القطرية الداعمة لحماس تشكّل استمراراً لدعمها لمشروع الإخوان المسلمين في المنطقة، وهو يهدف، بحسب سويلم، إلى “تكريس الانقسام الفلسطيني وإنهاء معالم القضية الفلسطينية خدمة لمصالحها والمصالح الإسرائيلية”.

ويرى المتخصص في شؤون الحركات الإسلامية خالد صافي أن الأمور تسير بشكل بسيط ضمن إطار سياسي تقوده قطر في غزة وتقوم حماس في تنفيذه، في اتجاه تكريس فصل قطاع غزة عن المحافظات الفلسطينية وبقائه تحت إدارة حماس بدعم قطري، ولا يوجد شك بأن الأموال القطرية نجحت في فصل غزة، وجعل حماس قادرة على رفض إجراء أي عملية انتخابية ديمقراطية، يمكن ان تعكس عدم رضا الغزيين عن مشروعها.

إقرأوا أيضاً: