fbpx

مجزرة بابل: ضابط يوظّف نفوذه لـ”إعدام” عشرين شخصاً بينهم أطفال لأسباب شخصية!

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

أبى العام 2021 ان يترك العراق من دون مجزرة.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

ففي ناحية جبلة، الواقعة شمال محافظة بابل، استيقظ العراقيون قبل نهاية العام المنصرم على مجزرة ذهبت بحيوات عائلة مكونة من عشرين شخصا، بينهم 12 طفلا، اصغرهم يبلغ من العمر 15 يوماً فقط! 

الخبر الرسمي الذي اصدرته الجهات الامنية الرسمية كان مفاده ان قوة من الاستخبارات العراقية، قادمة من العاصمة بغداد، الى ناحية جبلة، تمكنت من مداهمة منزل شخص مطلوب ومتهم بتجارة المخدرات، وكان يتستر على ارهابيين اثنين داخل بيته، ما ادى الى وقوع اشتباك نتج عنه، بحسب البيان الرسمي، جرح احد الجنود التابعين للقوة الاستخباراتية، فلم يكن أمام القوة اي سبيل سوى النداء العسكري لجلب مزيد من القوات الاضافية الداعمة لمقاومة هذا الشخص، وعند تمكن القوة الامنية بعد ساعات من الدخول الى مهجعه، فوجئت الجهة الامنية، بانتحار تاجر المخدرات، وقتله لجميع افراد عائلته البالغ عددهم عشرين شخصا. 

كانت هذه الرواية المعتمدة من قبل الاجهزة الامنية. لكن، لم يمر يوم واحد، حتى بدأ الضباب بالإنقشاع عن الجريمة، مع خروج تصريحات لشقيقة تاجر المخدرات المدعو رحيم الغريري منحتها للصحافي المقيم في بابل عيسى العطواني، تنفي الرواية الرسمية، وتعيد خلط الأوراق. 

مدينة بابل العراقية

العطواني أكد لـ”درج” انه لم يكن واثقا بالرواية المنتشرة حول انتحار تاجر المخدرات، الامر الذي اضطره وبعد ساعات قليلة من الحادثة للبحث عن ذوي العائلة من اجل معرفة الحقيقة، من دون نتيجة او تجاوب، وبعد محاولات عدة تمكن من الوصول الى شقيقة المغدور لمحاولة معرفة الحقيقة عن طريقها، لتمنحه معلومات تقلب “الحقيقة” رأساً على عقب.

الاخت أكدت للعطواني ان شقيقها رحيم الغريري، لم يكن تاجرا للمخدرات، بل يسكن بيتا طينيا متهالكا، مع افراد عائلته، لكنه كان على خلاف مع صهره وهو ضابط برتبة نقيب، يُدعى شهاب، تمكن من استغلال نفوذه وسلطته العسكرية لتدبير مكيدة تمكنه من مداهمة منزل رحيم وقتل جميع افراد عائلته بواسطة سلاح متوسط وقذائف. 

بعد انتشار هذا الخبر، اتجه وزير الداخلية، عثمان الغانمي، الى مسرح الجريمة، وقام باقالة مدير استخبارات بابل، وقائد شرطتها، وتابع مع لجنة تحقيقي مختصة الاشراف على عملية التحقيق. وبشكل مبدئي، وتحليل اولي، اوضحت هذه اللجنة، ان رحيم ليس تاجر مخدرات، وأن خلافه مع النقيب شهاب، بدأ بعدما منعه رحيم من رؤيته شقيقته.

واستناداً إلى تهم ملفّقة، قامت قوة “سوات” أُرسلت من مكتب معاون وكيل وزارة الداخلية لشؤون الاستخبارات بإمرة العقيد غالب صدر الدين هادي مُكلّفة بإلقاء القبض على المدعو رحيم كاظم عيادة، بتهمة متاجرته بالمخدرات، استناداً إلى معلومات من ضابط برتبة نقيب يُدعى شهاب عليوي طالب. وهو ضابط في مديرية مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية / قسم الإرشاد في ديوان الوزارة.. والذي رافق الفوج المكلف بإلقاء القبض على المتهم. 

يرسم اقارب المغدور رحيم خيوط الحكاية، فيخبرون كيف تمكن شهاب من اخذ قوة مداهمة من بغداد الى محافظة اخرى، دون سؤاله او ايقافه في اي مفرزة موجودة بين المدينتين، والتوجه الى مختار المنطقة ليساعدهم في القاء القبض على صهره. 

المفارقة الغريبة، والسؤال، هو كيف تمكنت قوة امنية قادمة من بغداد، الى محافظة اخرى والدخول من جميع المفارز والنقاط الامنية من دون تدقيق أو حساب؟ 

حاولت القوة في بادئ الامر، القاء القبض على رحيم وحده، واعتقاله، لكنه رفض، اذ لا توجد مذكرة قضائية لاعتقاله، ولا تهمة، ورفض تدخل المختار والاجهزة الامنية مؤكدا انها مشاكل شخصية ولا يسمح باعتقاله من قبل صهره لانه تمكن من معرفة ان هذه الجهة لم تك جهة امنية رسمية ولا تحمل أي امر قضائي، لكن النقيب شهاب، امر جنوده بمداهمة المنزل، فاخرج رحيم سلاحه وقام بجرح احد الجنود، ليأمر الضباط المتواجدين بجلب قوة اسناد اخرى، فحدثت مواجهات مسلحة بين رحيم والقوات الأمنية، إلا ان القوات استعملت القوة المفرطة بإمرة العقيد واستعملت أسلحة متفجرة اخترقت جدران المنزل وأدت إلى مقتل جميع منه فيه وعددهم عشرين شخصاً، إما مباشرة بالرصاص، أو عبر الشظايا، او اختناقاً بالدخان.

وبحسب روايات اقارب الضحايا، فان عناصر القوة الامنية ومن اجل التغطية على جريمتهم، قاموا باطلاق الرصاص على جميع المقتولين وتحديدا في رؤوسهم، ثم ضرب رحيم بطلقة اسفل فكه، ليتبين وكأنه اقدم على الانتحار. 

المفارقة الغريبة، والسؤال، هو كيف تمكنت قوة امنية قادمة من بغداد، الى محافظة اخرى والدخول من جميع المفارز والنقاط الامنية من دون تدقيق أو حساب؟ 

يؤكد الخبير القانوني محمد جمعة، ان القوة قدمت من بغداد الى جبلة ومرت بنقاط أمنية عدة، من دون ان تُسأل سؤالاً واحداً، وهو أمر إما يدلّ على إتقان الضابط شهاب تزوير التخويل وضبطه خطته بعناية، او يدلّ على اهمال كبير من الضباط المسؤولين على النقاط الأمنية التي سمحت بدخول مفرزة قادمة من محافظة اخرى الى مدينة ثانية، هذا الامر الذي غالبا لا يحصل، فلو كان رحيم تاجرا للمخدرات، وعليه مذكرة قبض صادرة من مجلس القضاء، كانت ستكلف قطاعات أمنية في بابل بتنفيذ المذكرة. أو على الأقل يتم التنسيق بين قيادة العمليات وقيادة شرطة بابل لإعلامها. حتى ان محافظ بابل، أعلى سلطة في المحافظة، لم يعرف بالقضية إلا عن طريق مواقع التواصل! 

جمعة يشدد على ضرورة محاسبة قادة بابل الأمنيين، الذين سمحوا بهذا الخرق، موضحاً أنه لا يجوز قانونيا استخدام القوة مع اي متهم، نت دون معرفة الجريمة المنسوبة اليه، او السماح بالمداهمة بوجود افراد مدنيين وابرياء داخل المنزل، ذلك يثبت ان نية النقيب شهاب كانت القتل الجماعي وليس القاء القبض على “المتهم” المفترض، وقام باستغلال رتبته العسكرية، وهو يعتبر محرضاً وشريكاً في الجريمة، ويجب ان يحاكم بتهمة القتل العمد. 

بعد الحادثة وملابساتها التي شكّلت صدمة للشارع العراقي، مع انتهاء العام 2021، مُنعت جميع الاجهزة الامنية وقياداتها من الادلاء باي تصريح لاي جهة اعلامية حول ما حدث. وجرى تكليف جهاز الامن الوطني العراقي للتحقيق في القضية، ووصل رئيس جهاز الأمن الوطني حميد الشطري إلى مكان الجريمة، وصرّح بأن الامن الوطني القي القبض على عدد من الاشخاص وأودعهم في السجن وتم تصديق اقوالهم قضائيا، كما اكد ان الموضوع مُتابع شخصيا من قبل رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، وان التقرير النهائي سيظهر قريبا، ويسلم اليه، كما وان هنالك بعض الاجراءات الخاصة بالقضاء سيعلن عنها حال اكمالها، وستطال يد العدالة قريبا كل من شارك بهذه الجريمة. فيما لا يزال الضابط شهاب، أبرز المشتبه بهم، متواراً عن الأنظار، والقوى الأمنية تبحث عنه لإلقاء القبض عليه بأوامر من مكتب وكيل الوزارة. 

إقرأوا أيضاً: