fbpx

أفلام “الأنمي” الإباحية : سلاح المجموعات المتناحرة إلكترونيا

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

تلجأ تلك “الجيوش الإلكترونية” في قتالها الافتراضي عبر السوشيال ميديا إلى استعمال سلاح غريب للإجهاز على بعضها البعض.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

كانت مجموعة “جنود الخلافة الراشدة” على فيسبوك عبارة عن مِرْجل تغلي فيه تيارات متدفقة من الدعم المتطرف والمؤذي الذي أجّجته الجماعات المتناحرة بداية من تنظيم الدولة الإسلامية وحتى حركة طالبان. كانت المجموعة مليئة بصور قطع الرؤوس، والتدريبات العسكرية، وصور بلا وجه مرسومة باليد لزعيم “داعش” أبو بكر البغدادي، وبطريقة ما، كانت المجموعة مليئة أيضاً بالكثير من أفلام الأنمي الإباحية.

مثلت مجموعة الفيسبوك هذه -التي تجاوز عدد أعضائها الـ 24 ألف بقليل- حالة جديرة بالدراسة، إذ إنها نموذج مثالي على المزيج الخبيث من الدعم المتطرف على المنصة، الذي لطالما استعصى على التتبع، ويكتسب زخماً يوماً بعد يوم. والسؤال هو لماذا كانت المجموعة مليئة بالمواد الإباحية؟

أُجريت الكثير من التحليلات حول الجماعات المتطرفة وكيف يفلت محتواها من الكشف، ولكن العديد من هذه التقارير لم تركز على السلوكيات الغريبة للأشخاص الذين يحاولون محاربة هؤلاء المتطرفين عبر الإنترنت. بعض هؤلاء المحاربين هم أفراد مستقلون، والبعض الآخر جزء من “جيوش إلكترونية” متحالفة مع مجموعات متطرفة أخرى تقاتل مؤيدين إرهابيين منافسين عبر الإنترنت.

كانت مجموعة “جنود الخلافة الراشدة” نموذجاً مصغراً لنشاط هؤلاء المعارضين الرقميين المتطوعين. فقد كانت بمثابة المكافئ الرقمي لمباراة مصارعة بين الجيوش الإلكترونية لمؤيدي الجماعات المتطرفة التي تستهدف تنظيم الدولة الإسلامية، وهيئة تحرير الشام وطالبان.

تُمثل ساحات معارك هذه الجيوش الإلكترونية والصراع الذي أشعلت فتيله في منشورات المجموعة التي حلت محل الأسلحة الحربية وأقسام التعليقات، أحدَ تحديات مراقبة المحتوى الأقل شهرة التي يواجهها فيسبوك.

ما هو واضح في الوقت الراهن هو أنه في الجوانب المظلمة للفيسبوك، نجد أن المواد الإباحية التي قد يستمتع بها شخص هي وسيلة شخص آخر لصد الإرهاب، ولا يبدو أن ثمة نهاية لهذه الظاهرة الغريبة تلوح في الأفق.

تضم قائمة أسلحتهم المفضلة: أفلام الأنمي الإباحية، والأوضاع الجنسية التي يسردها كاما سوترا مرقمة. ببساطة، يمكننا القول إنه عندما يمارس مؤيدو الإرهاب العنف على فيسبوك، يميل أعداؤهم إلى استخدام المواد الإباحية.

على سبيل المثال، أدرجت مؤخراً قائمة تتضمن 15 وضعا جنسيا مستوحى من كاما سوترا في منشور يقول: “يسير جيش الخلافة على المسار الذي حددته هند بنت أبي سفيان”. في حين تُعبر بعض الملصقات الجنسية في المجموعة عن رسائل مباشرة أكثر؛ فمثلاً، سخر أحد المنتقدين من مصطلح “كلاب النار” -وهو لقب شرق أوسطي معروف لمؤيدي الدولة الإسلامية- باستخدام مجموعة الشرطيات من شخصيات الأنمي العارية، اللواتي تزداد أثداؤهن في الحجم تدريجياً.

في حين استخدم المحاربون المستقلون الآخرون الذين استهدفوا أنصار طالبان في المجموعة، إيحاءات جنسية عن طالبان، فنشروا مقاطع فيديو رقص لمقاتلي طالبان الشباب مع رموز تعبيرية تمثل إصبع السبابة داخل إيماءة الحلقة (👌)في إشارة إلى أن طالبان مثليون جنسياً “يحبون الثقوب المظلمة”. وعندما نشرت حسابات هيئة تحرير الشام صوراً تجسد فيها عشقها لأبي محمد الجولاني، نشر زعيم المجموعة -وحسابه لا تظهر عليه أمارات التطرف- صورة مزيفة له وهو يمارس الجنس مع نفسه، في إشارة إلى ما يعتقده البعض عن طبيعته النرجسية.

ومع ذلك، فإن السؤال هو إلى أي مدى تترابط هذه الملصقات؟ وهل يشير ذلك إلى وجود جيوش إلكترونية بالفعل، أم أنهم مجرد أشخاص عاديين لديهم رغبة في صنع منشورات سخرية من مؤيدي الإرهاب؟

الجواب: كلاهما.

غالباً ما تستخدم معظم أنشطة كشف الجماعات الإرهابية وكذلك شبكات الجماعات المتطرفة المعارضة على فيسبوك، كلَ هذه الجهود الوقائية الصريحة. إلا أن الإجابة عن سبب استخدام هذه الأساليب مدفونة في جزء كبيرة من وثائق فيسبوك الداخلية التي صدرت في أواخر أكتوبر/تشرين الأول إلى 12 مؤسسة إعلامية، والتي استعرضتها صحيفة “ذا دايلي بيست”. تُقدم المسائل التي أشار إليها موظفو فيسبوك -التي جمعت وأعدت في ديسمبر/كانون الأول 2020- فهماً أفضل للباحثين حول كيفية عمل شبكات الحسابات المناهضة للتطرف التي تضطلع بتتبع وتصيد المحتوى الإرهابي عندما تعجز المنصة نفسها عن ذلك، وفي نفس الوقت تقدم تصوراً أفضل عن الجيوش الإلكترونية الداعمة لمجموعة من الجماعات المتطرفة.

أفاد فريق النزاهة في فيسبوك لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في تلك الوثائق أن “العراق هو مثال على الجيوش الإلكترونية التي تعمل على الإبلاغ عن المحتوى من أجل حجب صفحات أو محتوى معين”. واستطردت الوثائق لتذكر أن “المراسلين في العراق يدركون رفض فيسبوك التام للمحتوى الذي يتضمن تعري الأطفال، ولذا تستخدم الجيوش الإلكترونية مثل هذا المحتوى لإغلاق صفحات معينة”.

في حين لم يستخدم أي من الأفراد المستقلون أو الجيوش الإلكترونية المتطرفة التي تُقاتل بعضها البعض في مجموعة “جنود الخلافة الراشدة” عري الأطفال أو الأطفال كوسيلة لصد المتطرفين، فقد استخدم عدد منهم المواد الإباحية للتنكيل بالمتطرفين ومحاولة حظر حساباتهم.

بمعدّل 259 منشوراً في اليوم، تشبه مجموعة “جنود الخلافة الراشدة” بصفة أساسية المائدة المفتوحة في مطعم “غولدن كورال” لطائفة متنوعة من الجماعات الجهادية المتناحرة عبر المنصة، فضلاً عن شبكة المتطوعين من فاعلي الخير. عند تناول المجموعة باعتبارها دراسة حالة، من الواضح أن بعض هذه الحسابات هم مجرد أصدقاء سئموا من المحتوى المتطرف على المنصة وتجمعوا معاً، بينما البعض الآخر، وهم أعضاء في الجيوش الإلكترونية التابعة إلى الجماعات المتطرفة، يهدفون إلى السيطرة على المنصة، والقضاء على منافسيهم. ويزعم العديد منهم أنهم يقيمون في العراق وسوريا وأماكن أخرى في جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

إقرأوا أيضاً:

تمكنت صحيفة “ذا ديلي بيست”، من خلال متابعتها للحسابات، والبحث بشكل منهجي على أصدقائهم ومتابعيهم وإعجاباتهم، من تقييم من هم مرتبطون بالجيوش الإلكترونية ومن هم أعضاء متطوعون من مستخدمي فيسبوك المحاربين. الأمر الواضح هو أن العديد من المشاركين في نشر المواد ذات المحتوى الجنسي، هم أعضاء في صفحات جماعة “الحشد الشعبي” السياسي التي تدعمها إيران في العراق. والأمر الأكثر وضوحاً هو وجود شبكات من مؤيدين طالبان، وهيئة تحرير الشام، وتنظيم الدولة الإسلامية على المنصة والتي تشكل جزءاً من تلك الجيوش الإلكترونية.

على الرغم من أنهم يكرهون بعضهم البعض، فقد كان مؤيدو طالبان -عبر مجموعات كبيرة خاصة بهم- ومؤيدو هيئة تحرير الشام، وهم أيضاً مرتبطون بمجموعات خاصة بهم، على نفس القدر من الكراهية لتنظيم الدولة الإسلامية، وشكلوا جيوشاً إلكترونية للتنكيل بتنظيم الدولة الإسلامية وحظره من المنصة.

في الوقت نفسه، فإن الأفراد الذين يتقدون غضباً من فكر المتطرفين يتشاركون مساحة المحتوى على أكبر شبكة من شبكات التواصل الاجتماعي في العالم يطيحون بهم جميعاً من خلال نشر سيل من الصور ذات المحتوى الفاضح في المساحات المشتركة.

ثمة في الواقع سابقة لهذا السلوك الغريب. ففي عام 2016، قام أعضاء من “أنونيموس”، وهي مجموعة قرصنة إلكترونية عالمية غامضة، بنشر سيل من المواد الإباحية في حسابات مؤيدي تنظيم الدولة الإسلامية على تويتر. وفي سبتمبر/أيلول 2020، قام المتسللون بإرسال الكثير من الرسائل ذات المحتوى الإباحي إلى قنوات على تطبيق “تيليغرام” يشرف عليها أنصار تنظيم الدولة الإسلامية، الذين غضبوا بسبب عجزهم عن التخلص من المحتوى.

وهذا بالطبع، يُفهم ويبدو وكأنه تصرف طفولي إلى حد كبير للشخص العادي، وليس بالضرورة سلوكاً فعالاً، إلا أنه يضيف عنصرا دراميا فوضويا للتحدي المتمثل في إضعاف دعم الإرهاب على المنصة.

أغلق فيسبوك تلك المجموعات عندما أبلغت عنها صحيفة “ذا ديلي بيست”. وقال متحدث باسم شركة “ميتا”، الشركة الأم للفيسبوك، إنها “لا تسمح للإرهابيين بالتواجد على منصتنا”، وإنها تزيل “المحتوى الذي يثني على الإرهابيين أو يمثلهم أو يدعمهم كلما وجدناه”.

في نهاية المطاف، قد لا يكشف استعراض المنشورات الموجودة في حساب المجموعة على فيسبوك عن الثغرات في الرقابة على المحتوى على الصعيد الإقليمي فحسب، بل ويكشف أيضاً عن الثغرات في الرقابة على المحتوى الإرهابي المحظور صراحةً بحسب معايير مجتمع فيسبوك.

ما هو واضح في الوقت الراهن هو أنه في الجوانب المظلمة للفيسبوك، نجد أن المواد الإباحية التي قد يستمتع بها شخص هي وسيلة شخص آخر لصد الإرهاب، ولا يبدو أن ثمة نهاية لهذه الظاهرة الغريبة تلوح في الأفق.

مصطفى عياد

هذا المقال مترجم عن thedailybeast.com ولقراءة الموضوع الاصلي زوروا  الرابط التالي.

إقرأوا أيضاً: