fbpx

الناجيات من مروان حبيب:
القضاء اللبناني متورّط في تغطية المغتصب!

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

“هل جميع الضحايا قادرات على اللجوء إلى عدالة خارج لبنان؟ أم علينا أن ننتظر سفر المتحرش ليحاكم أمام قضاء نزيه؟”.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

نال المغتصب مروان حبيب عقابه أخيراً في الولايات المتحدة الأميركية، وسُجن بعد اعترافه أمام قاضية دائرة ميامي في ولاية فلوريدا حيث يقيم حالياً، بأنه اقتحم غرفة سائحة في فندق بهدف الاعتداء عليها، إضافة إلى تهم وجّهت إليه بالضرب والسرقة. وتلقّت شرطة ميامي شكاوى عدّة بحق حبيب الذي “يلاحق النساء بهدف مواعدتهنّ أو ممارسة الجنس معهنّ حتى ولو أبدين رفضهنّ”. 

عام 2019، فُضح حبيب، وهو مدرب رياضي، للمرّة الأولى خلال مشاركته في تظاهرات تشرين الأول/ أكتوبر. حينها نشرت إحدى الناشطات صورته مرفقةً  بتعليق يفيد بأنه متحرّش و”مغتصب متسلسل”، لتتوالى شهادات عدد هائل من النساء على مواقع التواصل الاجتماعي، كاشفةً عن قيام حبيب بتعقبّهن مراراً والتحرش بهن جسدياً ولفظياً والاعتداء عليهن جنسياً، في أندية رياضية كان يعمل فيها وطرد منها بسبب سلوكه، وأنه كان يترصد الطالبات في محيط عدد من جامعات بيروت والشمال، كما في المقاهي والمطاعم في مناطق عدّة.

برغم الحملة الواسعة التي كشفت ممارسات حبيب على مواقع التواصل الاجتماعي، وتقدّم 8 نساء بالشكوى ضده أمام الجهات الرسمية ورفع دعوى قضائية بحقه أمام القضاء المختص بعد توفر مقاطع فيديو ووثائق تثبت أفعاله الجرمية، وتظاهر عشرات النساء أمام مخفر حبيش حيث أوقف حبيب للمطالبة بمحاسبته، نجحت تدخلات قام بها سياسيون مقرّبون من عائلة حبيب، قيل إنهم من “التيار الوطني الحر”، بالضغط لإخلاء سبيله بأمر من النائب العام رجا حموش، الذي وضع المدعى عليه رهن التحقيق، بعد إطلاق سراحه.

إلّا أن حبيب تخلّف عن حضور جلسات التحقيق وغادر البلاد، ليعود بعد انقضاء مدة بلاغ البحث والتحري بحقه، مستفيداً من الغطاء السياسي الذي توفّر له، ومن شبكة حماية لم تقتصر على الأجهزة الأمنية والقضاء فحسب، بل شملت وسائل إعلام أعطته منبراً ليدافع عن نفسه، ونشطاء شهّروا بالناجيات ودافعوا عنه، معتبرين الاتهامات ضده “مؤامرة مدفوعة”.

تواطؤ قضائي وإعلامي يخيف الناجيات ويحمي المعتدي

يقول المحامي أيمن رعد، وهو أحد المحامين الذين تابعوا قضايا الناجيات، لـ”درج” إن كل ما تم كشفه عن مروان حبيب على مواقع التواصل الاجتماعي وفي وسائل الإعلام كان بمثابة إخبارات للنيابة العامة التي لم تتحرّك بالشكل المطلوب، والأجهزة الأمنية تصرّفت بسطحية مطلقة مع الملفات التي وضعت بين أيديها، برغم أن معظمها يشمل قضايا اغتصاب.

ويشير رعد أيضاً إلى تعاطي الإعلام بخفّة مع القضية، مستذكراً قيام إحدى المحطات التلفزيونية باستقبال حبيب ومنحه فرصة للدفاع عن نفسه، إلى جانب التشكيك بقصص الناجيات إلى حد القول بأن مروان مجرّد شاب “سئيل” لا يجوز الافتراء عليه: “لا يحق للإعلام أن يلعب دور الحكم في هذه القضايا، بل الأجدى به أن ينقل شهادات الناجيات ليدفع القضاء نحو التحرك”.

رداءة التعاطي المجتمعي والقضائي والأمني مع القضايا المشابهة خطيرة، بحسب رعد، لأنها تدفع الناجيات إلى الإحجام عن فضح المعتدين ومشاركة قصصهن، وتسهّل للجاني أن يتصرّف وكأنه محظي وأقوى من أي دولة أو قانون، فيستمر بسلوكياته الجرمية حتى خارج البلاد، كما في حالة حبيب. واعتبر المحامي أيمن رعد أن قضية مروان حبيب تشكّل نموذجاً صارخاً لقوة النفوذ والسلطة والمال والعلاقات المشبوهة بين السياسة والقضاء، وقدرتها على السماح لأصحابها بالتفلت من العقاب.

يؤكّد رعد أن عدداً كبيراً من الناجيات لم يتقدمن بدعاوى ضد حبيب، وأخريات لم يكشفن عن تفاصيل اعتداء حبيب عليهن لأنهن كن متأكدات من تخاذل المجتمع والقضاء اللبناني عن إنصافهن: “بعض المتحرشين الذين تم فضحهم ومنهم مروان حبيب، تقدّموا بشكاوى قدح وذم في حق الضحايا وتم استدعاء بعضهن إلى التحقيق بالفعل من قبل مكتب جرائم المعلوماتية!”.

ويشدّد على أهمية التضامن مع الناجيات وتصديقهن والوقوف إلى جانبهن كي يبقى صوتهن عالياً برغم كل الخذلان: “هذه هي الطريقة الوحيدة للضغط على القضاء حتى يقوم بأبسط أدواره في تحديد المسؤوليات وإجراء تحقيقات جدية وحماية المعتدى عليهن وإحقاق العدالة”.

إقرأوا أيضاً:

حكايا الناجيات

“أشعر بالسعادة لأنه سينال عقابه أخيراً، وأشعر بالأسف أيضاً لأن ذلك يؤكد أن لا عدالة يمكن أن تتحقق لنا في وطننا” تقول لين (26 سنة) لـ”درج”، وهو إسم مستعار لإحدى الناجيات في قضية مروان حبيب، والتي لا تزال تعيش التداعيات النفسية لاعتدائه عليها منذ أكثر من ثلاث سنوات: “كنت ولا أزال أعيش في قلق دائم من تكرار تجربتي تلك، فلا رادع لأي رجل من استباحة قرارنا وجسدنا وخصوصيتنا طالما أنه سيبقى خارج المحاسبة”، وتضيف: “أفكر بمئات الناجيات اللواتي لم تُعرف قصصهن بعد”، وقد لا تُعرف بسبب خوفهن المشروع من مجتمع يحكم عليهن ويحاكمهن، ومن نظام سياسي وأمني يساند المعتدي عليهن: “هل جميع الضحايا قادرات على اللجوء إلى عدالة خارج لبنان؟ أم علينا أن ننتظر سفر المتحرش ليحاكم أمام قضاء نزيه؟”.

ناجية أخرى، وهي نغم أبو زيد، كتبت في تغريدة لها على “تويتر”: “تمكنت من الهرب لدى محاولة حبيب محاصرتي في موقف للسيارات في جبيل عام 2020. لم يتمكن من إيذائي ولكن حجم الضرر الذي ألحقه هذا الرجل بمئات النساء مرعب، فيما تركته السلطات اللبنانية حراً في دليل على أن سلامة النساء لا تعني شيئاً لها ولا لنظامها القضائي”.

وتروي أبو زيد أنها اتصلّت مرّة بالقوى الأمنية لتبلّغ عن حالة اغتصاب، فسخر منها العنصر قائلاً: “بعدك صغيرة وبنّوت”، وأقفل الخط في وجهها: “هكذا يتم التعاطي مع الاغتصاب وضحايا التحرّش في لبنان”، تقول نغم.

ناشطات كثيرات علّقن على توقيف حبيب بالإشارة إلى أن “مئات الشهادات لنساء في حق حبيب في لبنان لم تكن كافية لسوقه إلى المحكمة، فيما كانت دعوى واحدة في الولايات المتحدة كفيلة بإدانته، لا تتوقعوا من النساء في لبنان أن يُبلّغن عن حالات الاعتداء عليهن والتحرش بهن، إذا كنتم غير مستعدين لتصديقهن”.

 نهج سلطوي أبوي مستمرّ

قضية حبيب تذكّر بقضية أخرى تمكّنت الناجيات من انتزاع العدالة فيها خارج الحدود، ففي تشرين الثاني/ نوفمبر من العام الماضي، أصدرت محكمة فرنسية حكماً غيابياً يقضي بسجن الكاهن اللبناني منصور لبكي 15 عاماً بتهم اغتصاب واعتداء جنسي على ثلاث قاصرات في ميتم أداره في بلدة فرنسية.

جاء حكم المحكمة الفرنسية قاطعاً لينصف عشرات النساء والأطفال من ضحايا لبكي الذي أساء إلى الضحايا وتسبب لهن بصدمات نفسية، ربما لا شفاء منها.

منذ عام 2017، يرفض لبنان تسليم لبكي للسلطات الفرنسية بحجة أنه ينفذ الحكم الكنسي الصادر بحقه منعزلاً في دير في برمانا، فيما تؤكد معلومات أنه يتابع حياته بشكل طبيعي ويستقبل الزوار ويمارس سلطته ، “ولا يظهر أي توبة بأي حال من الأحوال” على حد قول قضاة فرنسيين.

ولم يتحرك القضاء اللبناني لإجراء أي تحقيق في الاتهامات ضد لبكي منذ عام 2013، فيما يستمرّ رجال السياسة والكنيسة في حمايته، وينبري محبوه للدفاع عنه على مواقع التواصل الاجتماعي وفي وسائل الإعلام باعتباره أيقونة لا يمسّ بها، على رغم اعترافه  ببعض التهم الموجهة إليه، لتكون قضية لبكي ومعها قضية حبيب امتدادين لنهج أبوي سلطوي يحوّل البلاد إلى ملاذ آمن للقتلة والمتحرشين والمغتصبين، بدءاً بكبار رجال الدين والسياسة، وصولاً إلى أمثال مروان حبيب المستفيدين من فساد منظومة سياسية واجتماعية وقضائية وإعلامية متكاملة.

إقرأوا أيضاً:

سامر المحمود- صحفي سوري | 30.03.2024

فصائل مسلّحة في سوريا “توظّف” الأطفال كـ”مقاتلين مياومين”

مئات الأطفال شمال غربي سوريا يعملون كمقاتلين لدى الفصائل المسلحة، بأجور يوميّة يُتَّفق عليها مع زعيم المجموعة، يبلغ "أجر" الطفل المقاتل/ المرابط في اليوم بين 3 و6 دولارات، أما الفصائل المتشددة فتدفع 100 دولار في الشهر.