fbpx

تعذيب أطفالهم… وجه آخر لوحشية
زعماء الفصائل المسلّحة في سوريا

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

ترتبط السياسة بالسلطة الأبوية بقوة، بخاصة في البلدان العربية، أما في سوريا فيلاحظ ازدياد وحشية النظام الأبوي مع تفاقم وحشية النظام، وكأن سماح نظام الأسد لنفسه بارتكاب المجازر هو سماح ضمني للرجل بممارسة سلطة أكثر وحشية على النساء والأطفال.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

نقلت قناة “أورينت” المعارضة، قيام القيادي عبد المنعم رحمون في فصيل “الحمزة”، بتعذيب ابنته رهف البالغة من العمر 20 سنة، وهي من ذوي الاحتياجات الخاصة، في قرية بيلان في ريف عفرين، التي تسيطر عليها فصائل مسلحة تابعة لتركيا، ليقوم سكان من القرية لاحقاً بنقل رهف إلى أحد المستشفيات وتوثيق صور تثبت آثار التعذيب والحروق على جسدها.

بين وحشية النظام والمعارضة المسلحة

ليست المرة الأولى التي يعتدي فيها أحد متزعمي الفصائل المسلحة المدعومة من تركيا على أبنائه، بأساليب تعكس نهج هذه القيادات، التي انطلقت من فكرة الثورة، إلا أنها ما لبثت أن تحولت إلى عصابات ترهب السكان وتمارس ديكتاتورية أخرى، شبيهة بديكتاتورية الأسد. وكما انقلبت الأفكار الوردية والمبادئ التي حملتها الثورة قبل عشر سنوات، غدت فكرة القيادي تعكس بشكل جلي السلطة الأبوية المطلقة في العائلة، وحتى على الساحة السياسية. وهذه السلطة الأبوية في المنزل والسياسة، تعني الترهيب وإقصاء النساء والاعتداء على الفئات الأكثر ضعفاً كالأطفال وذوي الاحتياجات الخاصة.

إنه مشهد يتكرر بشكل مقلق، ففي شهر تشرين الثاني/ نوفمبر عام 2021، أقدم أحمد مدهش شاكر في حارم على إطلاق النار على أطفاله الثلاثة، إثر خلاف مع زوجته ورفض الأطفال مرافقته حين قرر أخذهم. كما توفيت الطفلة نهلة العثمان بعد تعذيب والدها لها بعدما ربطها بسلاسل حديدية وحبسها في قفص حديدي. وقام مسلح في ميليشيا “السلطان مراد” بتصوير مقطع فيديو خلال ضرب ابنته بوحشية، محاولاً الضغط على زوجته من خلال الطفلة.

إذ كانت الحكومة التركية لا تُعنى بمثل هذه القضايا بل تقوّض الحريات، فليس مستهجناً ما تفعله الفصائل تحت رعايتها.

انتهاكات الفصائل المسلحة في عفرين

هذه الحكايات جزء مما تقوم به هذه الفصائل في عفرين من ترهيب للسكان، وفي تقرير بلجنة الأمم المتّحدة للتحقيق بشأن سوريا، وصفت معتقلات سابقات تعرضهن لعمليات اغتصاب وضرب وتعذيب متعددة على يد عناصر من قوات الجيش الوطني السوري (ينتمي فصيل الحمزة إليها)، كانوا مولجين بحمايتهن. كما وضِعت النساء في الحبس الانفرادي وتعرضن لمضايقات أمام المحتجزين الذكور، وأُجبر الأقارب الذكور على الاستماع إلى صراخهن أثناء تعذيبهن أو الاعتداء عليهن. مع استمرار حرمان المدنيين من أصل كردي من حريتهم بشكل غير قانوني على أيدي أفراد من مختلف ألوية الجيش الوطني السوري. 

هذه الحوادث التي تظهر على السطح فيما يبقى غيرها طي الكتمان والمنازل المغلقة، تهدد بترسيخ قمع الحريات وازدياد التعنيف الأسري من دون رقيب أو قوانين تردع المعتدين. ففي كل مرة تنتشر قصة اعتداء أحد متزعمي الفصائل على أفراد عائلته، يسارع الفصيل لاعتقاله، لكننا لا نعرف إن كان حقاً يحاسَب أو يُسجَن.

ترتبط السياسة بالسلطة الأبوية بقوة، بخاصة في البلدان العربية، أما في سوريا فيلاحظ ازدياد وحشية النظام الأبوي مع تفاقم وحشية النظام، وكأن سماح نظام الأسد لنفسه بارتكاب المجازر هو سماح ضمني للرجل بممارسة سلطة أكثر وحشية على النساء والأطفال، والأمر ذاته ينطبق على المعارضة المسلحة.

القيادي ضرب ابنته التي تعاني من ضمور دماغي، وعذّبها، في بلد لا يحمي ذوي الاحتياجات الخاصة، لتتحول الفئات الأكثر ضعفاً إلى ضحايا لتمركز البطريركية السياسية ونموها. إنه النظام السياسي ذاته الذي عذب الأطفال في بداية الثورة، فكيف يمكن الوثوق بقياداته وهي تمارس النهج الذي مارسه نظام الأسد؟ وإذا كان الحل السياسي في سوريا غير مطروح حتى الآن فكيف تمكن حماية هذه الفئات في غياب أي حماية قانونية وسياسية؟

إقرأوا أيضاً:

هل يكفي الدعم المجتمعي؟

حاول أهالي القرية إنقاذ رهف وتوثيق آثار التعذيب، وهي سابقة، فعادة لا يتدخل المجتمع في شؤون العائلة ويفضل ترك الأب أو المعنّف وشأنه على اعتبار أنها شؤون خاصة، إلا أن انتشار القصة على وسائل التواصل الاجتماعي تبعه استنفار عسكري لما يسمى “لجنة رد الحقوق” في مدينة عفرين، ليرسل الفصيل لاحقاً دورية لاعتقال القيادي من دون تأكيد العثور عليه أو اعتقاله.

بات اليوم تدخل المجتمع والجيران والأقارب نقطة تحول في قضايا العنف كما حصل في جريمة قتل آيات الرفاعي، التي لولا قيام صديقتها بنشر قصتها لما عرف أحد بما حدث، ولما تحولت الجريمة إلى قضية رأي عام، ليتحول الغرباء أو الأصدقاء إلى الطريقة الوحيدة للنجاة أو كشف جريمة ما، وهو دليل آخر لغياب دعم المحيط العائلي الأقرب إلى الضحية.

يبدو الحل في سوريا لمثل هذه الحالات معقداً، في ظل خضوع كل منطقة لفصائل مختلفة تحت رعاية دول عدّة. وإذ كانت الحكومة التركية لا تُعنى بمثل هذه القضايا بل تقوّض الحريات، فليس مستهجناً ما تفعله الفصائل تحت رعايتها وهكذا يغدو ما يحصل في سوريا انعكاساً لصورة أكبر تبدأ من النظام السوري الوحشي، لتنتقل لاحقاً إلى دول أخرى تنقل سياساتها الوحشية إلى المجموعات التي تدعمها. 

إقرأوا أيضاً:

كريم شفيق - صحفي مصري | 29.03.2024

محمد جواد ظريف… حبال السلطة الصوتية في إيران بين المنع والتسريب!

ظريف، وبحسب التسريب الأخير، قام بعدّة أدوار وظيفية، ربما جعلته يتفادى هجوم الأصوليين، وجاهزيتهم للعنف والاتهامات سواء كانت بـ"الخيانة" أو "العمالة" أو "الجهل".