fbpx

جلسة البرلمان العراقي:
منطق العنف و”ديموقراطية” الأكفان

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

أعضاء الكتلة الصدرية بدأوا بالهتافات وإطلاق الشعارات، لتنتج عن الهرج والمرج مشاحنات، وصلت إلى حد التدافع والتضارب، وقد أصيب المشهداني بضربة على الرأس، ليختم الجلسة ويفقد بعدها الوعي وينقل إلى المستشفى. 

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

مشاهد استعراضية حملت دلالات رمزية شهدتها الجلسة الأولى لمجلس النواب العراقي بدورته الخامسة، أبرزها كان حضور نوّاب التيار الصدري بالأكفان إلى الجلسة. والخطوة، في رمزيتها الواضحة بأنهم جاهزون للموت، وهي ليست بالمطلق “وظيفة” النواب، تعيدنا إلى “طقس” دأب عليه المرجع محمد الصدر والد زعيمهم مقتدى عبر لبس الكفن في صلاة الجمعة وأثناء خطبته الأسبوعية في حقبة صدام حسين.

ولم تكتف كتلة الصدر بلبس الأكفان، بل دخل نوابها إلى المجلس مردّدين هتافات تمجد زعيمهم مقتدى الصدر، في مشهد يبتعد كل البعد من العمل البرلماني وأصوله. 

الكتل المستقلة المنبثقة من تظاهرات تشرين، ومن بينها حركة “امتداد” التشرينية وحركة “الجيل الجديد” الكردية المتحالفة معها، تجمّع نوابها في ساحة التحرير وسط العاصمة بغداد، التي كانت مركزاً للتظاهرات، واستقل أعضاؤها “التكتك” إلى الجلسة، وهي دراجة نارية صغيرة تستخدم في نقل الأشخاص بين الأحياء السكنية، وقد كانت الوسيلة الأبرز لنقل متظاهري تشرين من الساحات وإليها، لتصبح رمزاً من رموز الانتفاضة. 

نائبات من المكون الكردي وصلن إلى قاعة الاجتماع وهن يرتدين الملابس الكردية التقليدية بصبغتها الشعبية فيما ارتدى نائب من محافظة المثنى جنوب العراق ثوباً ممزقاً تم ترقيعه، في إشارة إلى أنه من “الطبقة الكادحة”.

لم تكتف كتلة الصدر بلبس الأكفان، بل دخل نوابها إلى المجلس مردّدين هتافات تمجد زعيمهم مقتدى الصدر، في مشهد يبتعد كل البعد من العمل البرلماني وأصوله. 

الجلسة الأولى ترأسها، العضو الأكبر سناً، وفقاً للدستور العراقي، وهو محمود المشهداني الرئيس الأسبق للمجلس. وقد شهدت فوضى كبيرة بعدما سمح لأحد أعضاء المجلس من المستقلين بانتقاد محمد الحلبوسي المرشح الأبرز للرئاسة النيابية واستلامه تواقيع من كتلة الإطار التنسيقي على انها الكتلة الأكبر بـ88 نائباً، إلا أن أعضاء الكتلة الصدرية بدأوا بالهتافات وإطلاق الشعارات، لتنتج عن الهرج والمرج مشاحنات، وصلت إلى حد التدافع والتضارب، وقد أصيب المشهداني بضربة على الرأس، ليختم الجلسة ويفقد بعدها الوعي وينقل إلى المستشفى. 

في المستشفى، حضر قادة الإطار التنسيقي نوري المالكي وقيس الخزعلي وفالح الفياض، للاطمئنان إلى المشهداني، ثم استكملت الجلسة بعدما أدارها رئيس السن البديل خالد الدراجي، وفتح باب التصويت للرئاسة، ووقع الاختيار على محمد الحلبوسي للرئاسة من جديد، وحاكم الزاملي عن الكتلة الصدرية كنائب أول وشاخوان عبد الله من المكون الكردي كنائب ثانٍ.

عضو مجلس النواب العراقي عن “تحالف العزم” مشعان الجبوري يجد أن حالة الفوضى التي حصلت كانت مدبرة وتم الإعداد لها سلفاً، وأن رئيس السن محمود المشهداني لم يكن مهنياً في إدارة الجلسة أثناء محاولته تأجيل الجلسة قبيل انتخاب رئيس جديد للمجلس لإعطاء مهلة اكبر للتفاوض بين الكتل، علماً أن “تحالف العزم” ماض باتفاق مع الكتلة الصدرية.

رئيس مركز المورد للدراسات نجم القصاب يبين أن رئيس السن في الجلسة الأولى وظيفته وفق المادة 50 من الدستور، أن يفتتح الجلسة ويؤدي القسم الدستوري ويفتح باب الترشيح لهيئة الرئاسة فقط، وليست وظيفته تحديد الكتلة الأكبر، بل هي من مسؤولية الرئيس المنتخب، وتكون على عاتقها تسمية رئيس الحكومة بعد تكليف من رئيس الجمهورية الجديد. لذا فإن ما حصل، بحسب القصاب، هدفه إحداث فوضى لعدم تمرير انتخاب الحلبوسي ومحاولة خلط الأوراق وإعادة المفاوضات من جديد. 

إقرأوا أيضاً:

ومنطق القوة حضر بشكل لافت في الجلسة الأولى، بحسب الكاتب أحمد الحداد، الذي رأى في الكباش الذي حصل محاولات أطراف لإخضاع أطراف أخرى منذ البداية، وهو نقل لمنطق الشارع إلى داخل المؤسسات الدستورية، فيما المطلوب أن يكون الشارع للشارع، وأن تلعب المؤسسات دورها.

مع ذلك، يلحظ أستاذ العلوم السياسية اياد العنبر، بعض الجوانب الإيجابية في هذه الجلسة الأولى، كونها انتهت إلى اختيار رئيس للمجلس الجديد ونائبين له، وهو ما كانت تعجز عنه الجلسات الأولى في الدورات السابقة، مشيراً إلى أن محاولة كتلة الإطار التنسيقي تقديم نفسها بعدد أعضاء يصل إلى 88 نائباً، قد تفتح باب التنافس السياسي داخل المجلس ما يولّد لعبة معارضة وموالاة، لكن يبدو أن التفاهمات تحدث خارج أسوار المجلس، وتترجم في الداخل، من خلال الاتفاق على اختيار رئيس المجلس ونائبيه. 

أما الاستعراضات بالأكفان تارة و”التكتك” طوراً، فلا يرى فيها العنبر جدوى، ما لم تقترن بعمل تشريعي حقيقي يعود بالفائدة على الناخبين، عبر التشريعات ذات المنفعة العامة. 

الباحث زياد العرار يتوقع أن تشهد الدورة الخامسة لمجلس النواب متغيرات جوهرية على صعيد الاتفاقات والتحالفات، تعكس التغيرات في مزاج الناخب العراقي، وسيكون تشكيل الحكومة في المرحلة المقبلة هو التحدي الأساس بعد انتخاب رئيس جديد للجمهورية.

إقرأوا أيضاً:

سامر المحمود- صحفي سوري | 30.03.2024

فصائل مسلّحة في سوريا “توظّف” الأطفال كـ”مقاتلين مياومين”

مئات الأطفال شمال غربي سوريا يعملون كمقاتلين لدى الفصائل المسلحة، بأجور يوميّة يُتَّفق عليها مع زعيم المجموعة، يبلغ "أجر" الطفل المقاتل/ المرابط في اليوم بين 3 و6 دولارات، أما الفصائل المتشددة فتدفع 100 دولار في الشهر.