fbpx

ما سرّ صمود رياض سلامة؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!
"درج"

التحقيقات الجدية في موضوع إفلاس لبنان تجرى خارج الحدود والتدخلات السياسية في القضاء اللبناني، مثلت خط الدفاع الأول عن الطبقة السياسية الفاسدة التي يبدو أن سلامة هو صمّام أمانها.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

ما سرّ صمود رياض سلامة في منصبه حاكماً للمصرف المركزي في دولة تشهد أكبر انهيار مالي ومصرفي في التاريخ؟ الرجل أقوى من أمين عام “حزب الله” حسن نصرالله، فالأخير لا يملك خصوماً لبنانيين لهم من القوة ما لدى “خصوم” سلامة من القوة! وهو صامد لوحده، بينما لدى نصرالله من الحمايات المحلية والإقليمية والدولية ما يوفر له صموداً إلى ما شاء الله. اذاً ما سر صمود رياض سلامة، على رغم هذه الفضائح كلها؟

ونحن في “درج” لنا قصتنا مع رياض سلامة، ذاك أننا في مطلع عام 2020 زارتنا في مكتبنا الزميلة ديما صادق وأحضرت معها ملفاً حصلت عليه يتضمن وثائق عن تحويلات مالية أجراها الحاكم وشقيقه ومساعدته، تبلغ قيمتها أكثر من مليار دولار. يومها تحفظنا عن النشر وقررنا التحقيق في مصدر هذه الوثائق قبل مكاشفة الرأي العام فيها. سافر زملاء لنا إلى باريس للبحث، والتقينا هنا في بيروت مسؤولين أمنيين وديبلوماسيين، والجميع رجح أن تكون الوثائق التي بين أيدينا صحيحة لكنها تحتاج إلى توثيق مصدرها. إلى أن كشف عنها سلامة في مقابلة مع محطة “أم تي في”، وحينها قررنا نشرها، وأشرنا إلى أننا لم نتمكن من تحديد هوية صاحب الوثائق، وأن نشرنا إياها سبقه إعلان سلامة عنها، وأن من حق الجمهور أن يطلع على ما ذكره سلامة في حينها!

وقتذاك أقدم مصرف ورد اسمه في الوثائق على الادعاء على ديما صادق، واستدعتنا القاضية غادة عون كشهود في تحقيق باشرته عن حقيقة ما تضمنته الوثائق. وبعدها أجرينا تحقيقات استقصائية موثقة عن ثروات سلامة في بريطانيا وفرنسا وعن شركاته هو وشقيقه ونجله ومساعدته في الجنات الضريبية، وأثبتنا أن الرجل بأفعاله صاحب جنايات يحاسب عليها القانون. كل هذا والرجل محصن بحمايات قضائية وسياسية، ومن يجاهر بخصومته يضمر حماية وحرصاً عليه. 

رياض سلامة هو رأس النظام، كما أن “حزب الله” هو رأسه أيضاً، وميشال عون رأسه الثالث.

لكن الأهم من هذا كله، أن الوثائق الأولى التي نشرناها، والتي لم نتمكن من تحديد الجهة التي أعدتها، عادت أكثر من مرة لتطل برأسها بوصفها المادة الأولى لموبقات الرجل الكثيرة.

ففي آب/ أغسطس 2021، حصل “درج” على تسريب للنص الرسمي لمراسلة النيابة العامة الاتحادية السويسرية إلى القضاء اللبناني، طلباً للتعاون في “الميدان الجنائي” بحق المشتبه بهما رياض سلامة وشقيقه رجا، والتي أرسلت في تشرين الثاني/ نوفمبر من العام الفائت، علماً أن ما من تأكيد سويسري رسمي حول هذه الوثائق، على رغم أننا قاطعنا صحة المعلومات من أكثر من مصدر. وجاء في الطلب ما حرفيته: “تشتبه النيابة العامة في أن هذين الشخصين قاما بغسل أموال مصدرها عمليات اختلاس محتملة على نحو يضر بمصرف لبنان، اعتباراً من عام 2002 كأقل تقدير… وبأن الشخصين المشتبه بهما قد استخدما النظام المصرفي السويسري لغسل الأموال المعنية”.

وجاء في الفقرة الرابعة من المراسلة: “منذ نيسان/ أبريل 2002 على الأقل، يبدو أن حاكم مصرف لبنان، رياض سلامة، قام بمساعدة أخيه رجا سلامة بتنظيم عمليات اختلاس لأموال قدرت بأكثر من 300 مليون دولار أميركي على نحو يضرّ بمصرف لبنان، وذلك من خلال توقيعهما على عقد مؤرخ في 6 نيسان 2002، بين مصرف لبنان وشركة Forry Associates LTD، في جزر العذراء البريطانية وصاحب الحق الاقتصادي الوحيد لها هو رجا سلامة. ويبدو أن عمليات الاختلاس قد عادت بالفائدة على رياض ورجا سلامة، وكذلك أفراد من أسرتهما أو محيطهما ومنهم ماريان حويك (المولودة في 14 أيار/ مايو 1980، مواطنة لبنانية يبدو أنها مقيمة في بيروت). ويبدو أن المبالغ المختلسة منذ نيسان 2002 وحتى اليوم قد حُوّلت كلياً أو جزئياً إلى حسابات في سويسرا قبل غسلها بسبل شتى، منها تحويلات من حساب إلى آخر مع تغيير صاحب الحق الاقتصادي أو الاستثمارات في العقارات في سويسرا والخارج، لا سيما في المملكة المتحدة أو الاستثمارات في السندات المالية في سويسرا أو الخارج. ويرجح أن أفعال الغسل هذه قد شملت مبالغ كبيرة، وأنها حققت عائدات كبيرة وأشركت أشخاصاً كثيرين ويرجح أن هذه الأفعال قد ارتكبت في معظمها في الخارج”.

هذه الوثائق تؤكد أن التحقيقات الجدية في موضوع إفلاس لبنان تجرى خارج الحدود وأن التدخلات السياسية في القضاء اللبناني، مثلت خط الدفاع الأول عن الطبقة السياسية الفاسدة التي يبدو أن سلامة هو صمّام أمانها.

اليوم قرر القضاء اللبناني منع سلامة من السفر بناء على هذه الوثائق. لكن الرجل ما زال في برج الحماية الذي شيدته له الطبقة السياسية، فقد بادر رئيس الحكومة نجيب ميقاتي إلى إعلان تجديد هذه الحماية، وهو إعلان، وإن ترافق مع انتقال قوى سياسية أخرى إلى الاعتراض على هذه الحماية، إلا أن الاعتراض يقتصر على بعده الشعبوي، فرياض سلامة هو رأس النظام، كما أن “حزب الله” هو رأسه أيضاً، وميشال عون رأسه الثالث.

إقرأوا أيضاً: