fbpx

زارا محمدي المعلّمة التي تعتقلها إيران بسبب لغتها الكردية!

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

إيران، رغم توقيعها اتفاقية الأمم المتحدة الدولية لحقوق الطفل عام 1989، مستمرة في ممارسة قمع لا يشمل المعارضين السياسيين والنشطاء الحقوقيين الكُرد فحسب، بل يشمل تعليم اللغة والأدب الكرديين.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

يحتل اسم معلمة وناشطة كُردية إيرانية تدعى زارا محمدي، مساحة كبيرة في النقاش والتفاعل السياسيين حول ما يمارسه النظام السياسي الأمني في إيران من قمع بحق اللغات والثقافات غير الفارسية. 

لم تقم زارا سوى بتعليم الأطفال اللغة الكُردية في إطار نشاط منظمة اجتماعية كانت تديرها، اسمها “مركز نوزين الثقافي الاجتماعي”، وهو  ما اعتبرته الأجهزة الأمنية الإيرانية تهديداً لأمنها القومي، وأصدرت محكمة محلية إيرانية حكماً بسجنها خمس سنوات. 

بداية حكم عليها بالسجن عشر سنوات، وبعد فترة في السجن، تم تخفيف الحكم إلى نصف الفترة المحددة، وتم اتخاذ القرار النهائي بسجنها في معتقل سِنة بتاريخ  8-1-2022. علماً أن الحكم عليها لا يشمله أي قرار عفو أو إطلاق سراح مشروط، برغم أنها أمضت شهوراً في السجن وتعرضت لتحقيقات واستجوابات كثيرة ومطولة من منظمة المخابرات الايرانية التابعة للحرس الثوري، كما تعرضت للتعذيب بهدف إجبارها على الإدلاء باعترافات كاذبة. وأرادت صحف إيرانية إجراء حوارات صحافية معها، لكنها اشترطت التكلم باللغة الكُردية، فتراجعت تلك الصحف عن الفكرة. 

واعتقلت الأجهزة الأمنية المعلمة المتطوعة زارا محمدي (28 سنة) في مدينة سِنة الكُردية للمرة الأولى في ربيع 2019، بتهمة ممارسة النشاط السياسي، بينما اقتصر نشاط زارا على تعليم الأطفال لغتهم الكردية فقط في المركز الثقافي الذي كانت تديره. قامت الأجهزة الأمنية بتفتيش المركز الثقافي ومنزلها ومصادرة حاسوبها الشخصي، إضافة إلى اعتقال اثنين من النشطاء في المركز ذاته، وهما ريبوار منبري وادريس منبري، ولكن أفرج عنهما بكفالة بعد ثلاثة أيام من اعتقالهما. ويكشف هذا الأمر مدى فاشية النظام السياسي ومحاولاته محو التنوع الثقافي واللغوي والقومي في إيران، حيث يقارب عدد الكُرد 10 ملايين نسمة، ولكنهم لم يملكوا يوماً حقوقهم الدستورية، في ما خص حماية حقوق الأقليات ولغاتها. تنظر الحكومة الايرانية إلى الكُرد بعين الريبة والشك لأنهم لا يوالون النظام، وقد شهدت المدن الكُردية الايرانية تظاهرات في السنين الخمس الاخيرة بسبب السياسات الأمنية القمعية التي تمارسها الأجهزة الأمنية والباسيج.

ولدت زارا محمدي في قرية سرواله التابعة لمنطقة ليلاخ، أمضت حياتها كلها في مدينة سِنة، درست في قسم إدارة الأعمال في جامعة “بَيامي نوري” في المدينة ذاتها وحصلت على شهادة الماجستير في جامعة “بيرجندي خوراسان” في الجغرافية السياسية. تعلمت زارا اللغة الكردية من عائلتها، وعملت ناشطة في مجال اللغة والثقافة منذ أيام الجامعة وكانت ممثلة أيضاً عن مركز “نوزين”. يذكر أن اللغة المشتركة والكتابة الرسمية للشعب الإيراني هي الفارسية كما يقرّها الدستور الإيراني (المادة 15). ويجب أن تكون الوثائق والمراسلات والنصوص الرسمية والكتب المدرسية بهذه اللغة، ولكن إلى جانب اللغة الفارسية، يمنح الدستور استخدام اللغات المحلية والعرقية في الصحافة ووسائل الإعلام وتدريس الآداب المختلفة في المدارس.

ويؤكد أرسلان يار أحمدي وهو ناشط كُردي يعيش خارج البلد ويعمل في مجال حقوق الإنسان، أن محكمة الثورة- فرع مدينة سِنة، أصدرت الحكم الأولي على زارا بالسجن عشرة سنوات، ولكن تم تخفيف الحكم بعد التمييز إلى خمسة سنوات. وقد وجهت “المحكمة الثورية” الإيرانية تهمة تشكيل مجموعات معادية للأمن القومي الإيراني إلى الناشطة، وذلك على رغم أنها لم تقم إلا بتعليم الأطفال اللغة الكردية ضمن نشاط مدني وثقافي في المركز الثقافي المجتمعي (نوزين). ويشير الناشط الحقوقي، إلى أن أكثر من قاض في محكمة سنندج أكدوا  براءة  المعلمة والمركز الثقافي من التهمة الموجهة إليهما، خصوصاً أن المركز مجاز ويعمل على فتح  دورات تعليمية وتدريبية في مجالات ثقافية عدة، منها تعليم اللغة الكردية، على اعتبار أن مدينة سِنة، هي إحدى المدن الكُردية. برغم ذلك، تم اتخاذ قرار بسجنها، ما يشير إلى أن الأوامر جاءت من المحكمة الثورية التابعة لادارة الاطلاعات والجيش الثوري. 

ويؤكد أرسلان أن السجينة وبعد هذه المدة كلها، ربما  كانت تنتظر إطلاق سراح مشروط، ولكن للأسف، نوع الحكم المفروض عليها غير مشمول بهذا الامتياز، مشيراً إلى أن محاولاتهم الكثيرة لدعم زارا محمدي من طريق “منظمة العفو الدولية”، وعدد من منظمات دولية أخرى مهتمة بحقوق الإنسان، لم تؤد الى استجابة الحكومة الإيرانية، “وكلنا نعرف أن هذه الحكومة لا تعير لحقوق الإنسان ومطالب المنظمات الدولية أي اهتمام”، يقول أرسلان. 

ليست زارا الوحيدة ولن تكون الأخيرة، فقد أعدمت إيران في السابق المعلم فرزاد كامنجار من مدينة كاميران شمال غربي إيران، بتهمة كتابة منشورات عن حقوق الإنسان وتدريس الطلاب اللغة الكردية ورواية قصص عن ثقافتهم وتاريخهم. وعلى رغم إدانة منظمة العفو الدولية ومنظمة التعليم الدولي واليونسيف، هذا  الحكم وغيره من الأحكام الجائرة، إلا أن إيران برغم توقيعها اتفاقية الأمم المتحدة الدولية لحقوق الطفل عام 1989، مستمرة في ممارسة قمع لا يشمل المعارضين السياسيين والنشطاء الحقوقيين الكُرد فحسب، بل يشمل تعليم اللغة والأدب الكرديين.

إقرأوا أيضاً:

سامر المحمود- صحفي سوري | 30.03.2024

فصائل مسلّحة في سوريا “توظّف” الأطفال كـ”مقاتلين مياومين”

مئات الأطفال شمال غربي سوريا يعملون كمقاتلين لدى الفصائل المسلحة، بأجور يوميّة يُتَّفق عليها مع زعيم المجموعة، يبلغ "أجر" الطفل المقاتل/ المرابط في اليوم بين 3 و6 دولارات، أما الفصائل المتشددة فتدفع 100 دولار في الشهر.