fbpx

الأمير أندرو : الهبوط نحو الهاوية

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

حاول الأمير اندرو تبرئة نفسه من تهم الاعتداء الجنسي لكن محاولاته الكارثية كشفت أنه ليس شخصاً أجوفاً فحسب، بل وأحمقاً أيضاً.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

إذا كان بوريس جونسون، رئيس الوزراء البريطاني، قد مر بأسبوع قاسٍ، فيجب على الأمير أندرو، دوق يورك  والابن الثالث للملكة إليزابيث الثانية والذكر الثاني بين أبنائها، أن يكون ممتناً، بما أن التقارير عن الحفلات التي أقيمت في مقر رئاسة الوزراء البريطانية في “10 داونينغ ستريت” قد طغت ولو بصورة طفيفة على التطورات الأخيرة الخاصة بأدائه المخزي باعتباره عضواً بارزاً في الطبقة الحاكمة البريطانية. يواجه الأمير أندرو، البالغ من العمر 61 عاماً، دعوى مدنية بالاعتداء الجنسي على امرأة أميركية تدعى فيرجينيا جوفري قبل عشرين عاماً عندما كانت مراهقة. تزعم الدعوى المدنية التي رفعتها جوفري أن جيفري إبستاين، صديق الأمير ورجل الأعمال المعروف، قد رتب اللقاء الجنسي بينهما. وقد أدين إبستاين بالتحرش الجنسي بالأطفال والمشاركة في فترة من الفترات بِالاتجار بالجنس مع غيسلين ماكسويل، صديقة الأمير منذ فترة طويلة.  

يُصر الأمير أندرو على براءته من كافة التهم الموجهة إليه، وحاول من خلال عدة وسائل قانونية رد الدعوى المدنية، مع ادعاء محاموه مؤخراً أن شروط التسوية التي أجراها جيفري إبستاين ووافقت عليها جوفري في 2009، تحمي أندرو بالتبعية من أي دعاوى لاحقة. لكن في يوم الأربعاء 12 يناير/كانون الثاني، رفض القاضي لويس كابلان، المسؤول عن النظر في القضية في مدينة نيويورك -حيث رُفعت الدعوى- هذه الحجة، وحرم أندرو بالتالي من الاستراتيجية المشينة المتمثلة في استخدام مجرم متوفى مدان بالإتجار الجنسي كدرع بشري. وقال كابلان، إنه ما لم يتم التوصل إلى تسوية، فمن الممكن عقد المحاكمة في وقت لاحق من هذا العام، وإذا حدث ذلك، ستكون “كافة حيل الأمير قد نفدت”، وهي العبارة البليغة نفسها التي استخدمها زعيم حزب العمال، السير كير ستارمر، لوصف بوريس جونسون خلال جلسة مجلس العموم يوم الأربعاء. 

الصورة التي كشفت كذب الأمير اندرو

وبعد قرار القاضي، تلقى الأمير صفعة أخرى في منزله في المملكة المتحدة مع نهاية يوم الخميس 13 يناير/كانون الثاني، وذلك عندما جرَّدته الملكة من ألقابه وواجباته العسكرية ومن مهامه الملكية، أيّ ما يعادل تقريباً آخر امتيازاته الملكية الرسمية التي كان يتمتع بها. وأعلن قصر باكنغهام في تصريح من جملتين أنه: “بعلمٍ من الملكة وبموافقتها، أُعيدت مسؤوليات دوق يورك العسكرية وامتيازاته الملكية إلى الملكة”.

هذا التجريد مؤلم بلا شك للأمير أندرو، الطيار المروحي السابق في البحرية الملكية والذي قضى أكثر من عشرين عاماً في الخدمة العسكرية الفعلية، والذي كان حتى هذا الأسبوع القائد الشرفي لثمانية أفواجٍ أو ألوية، من بينها الفوج الملكي الاسكتلندي  وحرس غرينادير. ويصعب هنا مقاومة الإغراء المتمثل في إجراء إسقاط درامي على المشهد الذي يبدو وكأنه جزء من حلقة مرتقبة من مسلسل “التاج | The Crown”: حيث يظهر الأمير أندرو متجهماً وعابساً بينما يسلم بامتعاضٍ مجموعة من الأوسمة والميداليات لوالدته الملكة، باعتبارها القائد العام للقوات المسلحة البريطانية وقائد القوات البحرية والجوية الملكية، وتظهر الملكة ضئيلة الحجم للغاية في المشهد، لكن وعلى الرغم من خيبة أملها في ابنها إلا أنها تتمتع بنزاهة لا غبار عليها. 

كان الأمير أندرو قد أُعفي بالفعل عن أداء واجباته العامة باعتباره فرداً في العائلة الملكية، وذلك عقب مقابلة مشؤومة مع شبكة “بي بي سي” في أواخر 2019 أجرتها الصحفية إميلي مايتليس بثقة منقطعة النظير. خلال هذه المحاولة الكارثية لتبرئة نفسه، كشف أندرو لنا أنه ليس شخصاً أجوفاً فحسب، بل وأحمقاً أيضاً. فقد ادعى، أكثر من مرة، أنه لا يتذكر على الإطلاق أنه التقى بِجوفري، وأنه لم يكن ليرقص معها في ملهى ترامب الليلي -المخصص للأثرياء- بينما يتصبب عرقاً كما تدعي، لأنه فقد القدرة على التعرق بسبب حالة طبية أصيب بها خلال حرب الفوكلاند في الثمانينيات، وأن من المستحيل أن يكون قد تواجد معها في ذلك التاريخ الذي استشهدت به، لأنه اصطحب ابنتاه في ظهيرة هذا اليوم إلى مطعم “بيتزا إكسبريس” في بلدة وكينغ. وادعى أندرو أن هذه النزهة الأخيرة مع ابنتيه كانت حدثاً استثنائياً في حياته لا يمكن نسيانه — لكنه على العكس من ذلك لا يتذكر قط لقائه  بِجوفري، التي تظهر في صورة فوتوغرافية التقطت في منزل غيسلين ماكسويل في لندن وبجانبها الأمير الذي يلف ذراعه بألفة حول خصرها، وهي صورة عجز عن تقديم أيّ تفسير بشأنها.

حدثت القطيعة النهائية بين الأمير والقوات المسلحة البريطانية عندما أصدر القاضي كابلان قراره. لكن حتى قبل الأحداث التي وقعت هذا الأسبوع، كانت الاعتراضات على استمرار أندرو في أداء واجباته العسكرية تتزايد في صفوف العسكريين المحنكين، وقد بلغت ذروتها هذا الأسبوع بعد توجيه خطاب مفتوح غير عادي إلى الملكة. 

وقّع أكثر من 150 من المحاربين القدامى على رسالة تتهم أندرو بأنه كان لأكثر من عقد “غير متعاون وغير صادق” بشأن علاقته بجيفري إبستاين. وجاء في الرسالة: “من الصعب ألا نرى أن وصف كبار الضباط إياه بأنه “شخص سام” نابع من أنه أساء سمعة الخدمات والمناصب المرتبطة به”.

إقرأوا أيضاً:

بالإضافة إلى تجريده من ألقابه العسكرية، فقد هبط الأمير إلى منزلة أدنى في السلم الملكي؛ فقد ذكرت مصادر قصر باكنغهام أيضاً أنه من الآن فصاعداً لم يعد لقب “صاحب السمو الملكي” يطلق على أندرو في الأماكن العامة. وبسبب هذا التجريد من الدرجة الملكية، ينضم أندرو إلى صفوف أفراد العائلة المالكة الآخرين الذين -لسبب أو لآخر- فقدوا هذا التشريف المطلق، من بينهم الأميرة ديانا، التي فقدت لقبها الملكي بعد طلاقها من الأمير تشارلز؛ وزوجة أندرو السابقة -سارة فيرجسون، دوقة يورك- التي فقدت لقبها الملكي بعد انهيار زواج يورك؛ كذلك وافق الأمير هاري وميغان -دوقة ساسكس- على التخلي عن استخدام ألقابهما الملكية مع الجمهور بعد رغبتهما في التنازل عن أدوارهما باعتبارها أفراداً من العائلة المالكة. لكن على عكس ديانا وسارة، لا يزال هاري وميغان يحتفظان بألقاب التشريف، وقد يفترض المرء أنهما يخاطبان بعضهما البعض بهذه الطريقة داخل منزلهما في مونتيسيتو، إذا اختارا ذلك. كذلك لا يزال الأمير أندرو  يحتفظ بلقب “صاحب السمو الملكي”، حتى لو لم يعد مظهره -مثل الزي العسكري المصمم لإظهار جسده أنحف مما هو عليه- يعكس هذه المرتبة في الأماكن العامة. وأشار القصر في بيانه الموجز إلى أن الأمير سيدافع عن القضية المرفوعة ضده بصفته مواطناً عادياً.

ينذر العام المقبل بأنه سيكون عاماً صاخباً بالنسبة للملكة؛ حيث يصادف الشهر المقبل الذكرى السبعين لتتويجها: اليوبيل البلاتيني لها. وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، أصدر قصر باكنغهام دعوة للبريطانيين لابتكار وصفة “بودينغ بلاتينيوم” لتباع في جميع أنحاء البلاد خلال احتفالات اليوبيل التي من المقرر عقدها هذا الصيف. ستسبق هذه الخطط الاحتفالية مناسبةٌ أكثر حزناً ألا وهي الذكرى السنوية الأولى لوفاة والد الأمير أندرو -الأمير فيليب، دوق إدنبرة- الذي توفي في أبريل/نيسان الماضي، عن عمر يناهز تسعة وتسعين عاماً. وبحلول نهاية هذا الأسبوع الصاخب في بريطانيا، استعاد الجمهور ذكريات سلوك الملكة في جنازة زوجها، في الربيع الماضي، في كنيسة سانت جورج في وندسور: كانت ترتدي معطفًا أسود وقناعًا أسود، وجلست وحدها الجوقة، مع التقيد الصارم بأنظمة التباعد الاجتماعي السارية في ذلك الوقت. وفي يوم الجمعة، ذكرت صحيفة “التلغراف” أنه في الليلة التي سبقت الجنازة، انخرط الموظفون في مقر رئاسة الوزراء البريطاني في احتفالات صاخبة، حيث أرسل موظف إلى متجر قريب لملء حقيبة بزجاجات النبيذ، وهرع آخرون من غرفة في الطابق السفلي إلى الحديقة خوفاً من تطاير النبيذ على السجاد. وكتبت الصحيفة: “بينما احتفل الموظفون في مقر رئاسة الوزراء البريطاني، كانت الملكة تستعد للحزن بمفردها”.

مع تحول مقر رئاسة الوزراء البريطاني في “10 داونينغ ستريت” لمنافسة قصر جيفري إبستاين الواقع في “شرق شارع 71” في اللهو والاحتفال الصاخب، أصبح رئيس الوزراء في مأزق حرج، رغم غيابه شخصياً عن مقر إقامته في لندن عندما كان موظفوه ينقلون صناديق النبيذ على طول طريق “الوايت هول”. وبعد تسرب أخبار الاحتفالات، أصدر مقر رئاسة الوزراء البريطاني بياناً أعرب فيه عن اعتذاره للقصر، وأنه “من المؤسف للغاية أن يحدث ذلك في وقت حداد وطني”. وفي هذه الأثناء، كان دوق يورك يتلقى درساً قاسياً حول ما يعنيه أن يُجرّد من رتبته الملكية ويهبط من مكانته التي كان عليها في السابق، فقد أزيح عنه سموه الملكي؛ ومع الاستعدادات الجارية الآن لمحاكمته في نيويورك بشكل نهائي، فمن المحتمل جداً أن يهبط إلى مكانة أدنى.

هذا المقال مترجم عن newyorker.com ولقراءة الموضوع الأصلي زوروا الرابط التالي.

إقرأوا أيضاً:

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.