fbpx

هل يتوجه الفارون من سجن الصناعة إلى سنجار مجدداً؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

فر مئات من السجناء، وقتل عشرات، فيما لا يبدو أن السيطرة على من تبقى في داخله قد أنجزت!لطالما كانت السجون بطون ولادة لظواهر ما يسميه أمراء التنظيم بـ”التمكين”. هذا الدرس لم يتعلمه أحد من “المنتصرين” على “داعش”.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

 أن يصلك خبر عملية فرار عناصر “داعش” من سجن “الصناعة” في مدينة الحسكة السورية، وأنت في الموصل، العاصمة السابقة لـ”دولة الخلافة”، فسيكون للخبر وقع مختلف، ذاك أن “داعش سندروم” ما زالت تشتغل في المدينة وفي كل محافظة نينوى، وهي تصل إلى ذروتها في قضاء سنجار، الذي ارتكب فيه التنظيم إبادة بحق الأقلية الأيزدية. فمنذ اللحظة الأولى لوصول الأخبار عن عملية الفرار، بدأت تصلنا إلى الموصل وإلى أربيل رسائل استغاثات الأيزديين الخائفين من توجه الهاربين من السجن إلى جبل سنجار، لا سيما أن المسافة بين الحسكة وشنغال (الاسم الكردي لسنجار)، هي عشرات قليلة من الكليومترات، وهي مسافة مزروعة باحتمالات انضمام مقاتلين من أهل هذه المناطق إلى مقاتلي التنظيم، فهذا ما حصل خلال مقتلة الأيزديين عام 2004.

الوقائع التي وصلتنا إلى الموصل عن عملية الفرار رهيبة، ليس لجهة ما خلفته من وذهول وحسب، بل أيضاً لجهة ما حملته من تفاصيل، هي تكرار ممل لكنه مرعب لظاهرة تناسل “داعش” من “داعش”، ومن دلالات أن التنظيم مقيم في الوقائع اليومية لأهل هلال البؤس الممتد من الموصل إلى الحسكة. لقد هاجم أكثر من مئة مقاتل من التنظيم السجن الذي يضم بين 3500 و5500 سجين معظمهم عناصر من التنظيم. الفوضى تبدأ من الفارق بين الرقمين، وقوات سوريا الديموقراطية، المسؤولة عن السجن لا تعطي أرقاماً نهائية لعدد السجناء، ذاك أن الرقم استثمار بالمساعدات وبالمساومات، ويستعمل في أكثر من استثمار وأكثر من وجهة. 

فر مئات من السجناء، وقتل عشرات، فيما لا يبدو أن السيطرة على من تبقى في داخله قد أنجزت!

لطالما كانت السجون بطون ولادة لظواهر ما يسميه أمراء التنظيم بـ”التمكين”. هذا الدرس لم يتعلمه أحد من “المنتصرين” على “داعش”. عمليات الفرار من سجن أبو غريب ومن سجون ديالا ومن سجن بوكا في البصرة، وعمليات الإفراج عن الأمراء التي أقدم عليها النظام السوري، ومثلها التي أقدمت عليها حكومة نوري المالكي في العراق، جميعها شكلت رافداً رئيساً لاستتباب “الخلافة” بعد ولادتها. 

خمسة آلاف عنصر لـ”داعش” في سجن غير رسمي تشرف عليه سلطات ضعيفة، تدعمها الإدارة الأميركية، ويضم سجناء من كل الجنسيات ترفض دولهم تسلمهم، وتقدم في مقابل ذلك دعماً لسجانٍ غير شرعي، هذا يمثل قنبلة لطالما قلنا إنها ستنفجر في وجوهنا كلنا، وها هي تنفجر، وبدأت شظاياها تشطب وجوه الضحايا أنفسهم ممن شطبت وجوههم جولة الجنون الأولى عام 2014. 

في الموصل تشعر بأن الخطر قريب جداً، واحتمالات الولادة الثانية للتنظيم قائمة على رغم التجربة البشعة لسلطته بين العامين 2014 و2017. وليست السجون وحدها ما يمكن أن يتدفق منه “داعش” على الناس هنا. مخيمات النازحين التي تزنر المدن السنية المدمرة في نينوى والأنبار وفي محافظات شمال سوريا وشرقها. هذه بؤر تم حشر مئات الآلاف من الناس فيها من دون توفير أدنى شروط العيش. فالانتصار على “داعش” كان عسكرياً، وكان أيضاً مذهبياً، والعالم كله تواطأ على الناس هنا. الموصل انتقلت من كونها مدينة مستباحة من التنظيم المسخي إلى مدينة محتلة من الحشد الشعبي. الناس في المدينة مهزومون، وهم كانوا في زمن التنظيم مسحوقين. يحصل هذا تحت أنظار العالم الذي غبط نفسه حين انتصر على التنظيم. تحت أنظار أميركا التي أشاحت أنظارها عن موبقاتها في العراق، وتحت أنظار فرنسا التي ترفض تسلم رعاياها من عناصر “داعش” من قوات سوريا الديموقراطية، والأهم أنه يجري تحت أنظار السلطات المحلية التي تنعم نخبها بغنائم الانتصار، ولا تعطي لأهل المدن المسحوقة فتاتاً من عائدات الثروات الهائلة التي تنعم بها.

عملية الهروب من سجن الصناعة في الحسكة، ليست مؤشراً يعول عليه لاستدراك ما يمكن استدراكه، فالخراب كبير ولا يبدو أن ثمة من استوعب الدرس. “داعش” ليس تنظيماً، نما مسخ أنجبته حال خراب هائلة. وإذا كانت عملية الهروب مؤشراً على أن المسخ على قيد الحياة، فإنها أيضاً إشارة لاستئناف زمن، وهي تملك فرصة كبيرة لأن تتحول إلى قوة جذب لمن يرغب بالالتحاق من كل أصقاع الأرض. 

لأهل سنجار الحق في أن يخافوا. أن يتكرر ما أصابهم أمر ليس مستبعداً. المسخ ليس بعيداً، والضغائن تشتغل، وشريعة القتل والسبي لم تشهد مراجعة.  

إقرأوا أيضاً:

   

حازم الأمين - صحافي وكاتب لبناني | 28.03.2024

العرقوب اللبناني بين “فتح لاند” و”حماس لاند”

الوقائع التي تشهدها المناطق الحدودية اللبنانية عززت التشابه بين "فتح لاند" و"حماس لاند"، فبينما كانت الهبارية تتعرض لغارات الطائرات الإسرائيلية التي قتلت على نحو متعمد تسعة مسعفين، كان أهالي بلدة رميش المسيحية يقرعون أجراس كنائسهم احتجاجاً على تمركز حزب الله على إحدى التلال في بلدتهم!