fbpx

أحداث سجن الحسكة:
مخاوف من قرار إقليمي بعودة “داعش”

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

الهجوم لم يكن مفاجئاً إلا أن “قسد” لم تأخذ مخاطره بالحسبان ولم تعد له العدة الكافية، وربما كانت تستهون الموقف، وتستخف بقدرات “داعش” في إنتاج نفسه وتنظيم صفوفه.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

تبدو الحيرة واضحة على وجوه أهالي الحسكة وجميع المدن والمناطق الكردية في الأيام الأخيرة، فبعد الإعلان عن نهاية حقبة “داعش” عسكرياً، والبحث عن آليات مواجهة فكرته عام 2017، انقلب المشهد رأساً على عقب، ونشر “داعش” شريط فيديو يُظهر اقتحامه أسوار “سجن الصناعة” المخصص لمقاتليه، والذي يتجاوز عدد المحتجزين فيه الـ3500 مقاتل. تلته مقاطع أخرى، يظهر فيها عناصره يقفون خلف (وأحياناً أمام) مجموعة من معتقلي عناصر “قسد” وموظفي السجن، بعد محاصرتهم وأخذهم رهائن. كل ذلك حصل وسط حالة ذهول وقلق فتحت الباب على أسئلة كثيرة حول ما إذا كان ذلك خرقاً أمنياً أو نوعاً من التواطؤ. 

تخطيط مسبق واتهامات للخارج

لا تزال خيوط التطورات الأخيرة غامضة، ولم تطرح أيّ جهة توضيحاً أو بياناً رسمياً حول الملابسات الدقيقة للحادثة، ومع إعلان “قسد” اعتقال عدد من عناصر “داعش”، تمكن “درج” من التواصل مع سيامند علي مدير المكتب الإعلامي لوحدات حماية الشعب والذي أوضح أن ثمة جهات ودولة إقليمية ملمحاً الى مسؤولية تركية ما، تولت “التخطيط لهذه العملية الذي بدأ منذ نحو 6 إلى 12، كما ثمة أيدٍ خارجية تقف وراء ذلك، مضيفاً “أن التحقيقات لم تنته بعد، وسيكون هناك المزيد من الوثائق والحقائق التي تكشف كل شيء في الفترة المقبلة”.

في حين وصف الباحث الكردي الدكتور فريد سعدون حادثة الاقتحام بالأمر المتوقع، فقد سبقتها محاولات داعشية عدة للتمرد واقتحام المكان، “لكن هذه المحاولة كانت الأكبر والأكثر تخطيطاً وتعقيداً، وتمكنت من زعزعة الاستقرار، وكشفت حجم الثغرات في الجهاز الأمني لقسد، وعرت جوانب حساسة في منظومة الحماية والحراسة”.

الهجوم لم يكن مفاجئاً إلا أن “قسد” لم تأخذ مخاطره بالحسبان ولم تعد له العدة الكافية، وربما كانت تستهون الموقف، وتستخف بقدرات “داعش” في إنتاج نفسه وتنظيم صفوفه. وقد أثبت هذا الهجوم أن الحاضنة الشعبية لـ”داعش” ما زالت متعاونة وموالية إلى حد كبير”. في حين أن صحافياً كُردياً اشترط عدم ذكر اسمه يقول “الخرق واضح، وكل المبررات لا تنفع، ما يهم الإدارة الذاتية هو كسب ود المكون العربي، ولو على حساب الحقوق الكردية، لولا التواطؤ لما كانت مجموعة ضخمة من الدواعش دخلت السجن وسيطرت عليه. غداً يدور الحديث عن أيادٍ خارجية وراء الموضوع، لتبرئة المتورطين الحقيقيين”.

“وجود سجن لداعش في منطقة تجمع سكاني خطأ نعترف به، لكن الأوضاع المادية هي التي تتحكم بنا”.

ماذا عن حاضنة “داعش”؟

يعيد سيامند أحد أسباب التوترات الأمنية إلى عدم جدّية المجتمع الدولي في معالجة ملف أسرى “داعش”، “فمنذ ثلاث سنوات، قسد والإدارة الذاتية تدعوان إلى إيجاد حل جذري لمعتقلي التنظيم لديهما، إذ لا تستطيعان مواجهة هذه المشكلة بلا مساعدة، ودعت الجهتان إلى إيجاد حل جذري كإنشاء محكمة دولية، أو بناء مخيمات أو أماكن خاصة لهم بعيداً من التجمعات البشرية”. ويوضح أن “وجود سجن لداعش في منطقة تجمع سكاني خطأ نعترف به، لكن الأوضاع المادية هي التي تتحكم بنا”. كما يستبعد سيامند انعكاس ما حصل على الترابط الاجتماعي، “قسد تتألف من كل المكونات، وأيّ انتصار أو فشل، الجميع مشتركون فيه”. لكن من يعيش في محافظة الحسكة يدرك حجم الغبن والظروف المعيشية الصعبة التي تمر بها المنطقة، ومدى التذمر الشعبي على مستويات عدة، وهو واقع يرى الدكتور فريد أنه من الأسباب التي زادت النقمة على الإدارة الذاتية وساهمت في تضخم حواضن “داعش”، “على الأرجح هذه الحاضنة تتحين الفرص لعودة التنظيم، وهنا لا بد من الإشارة إلى أن الإدارة الذاتية فشلت إلى حد كبير في استمالة هذه الحاضنة أو تغيير مواقفها، إذ لم تستطع أن تؤمن البديل الأنجع والأفضل من حيث تقديم الخدمات الحياتية وتوفير ظروف عيش مناسبة، وتحقيق العدالة الاجتماعية، والتعددية السياسية، وهذا أثر بشكل كبير في تردد تلك الحاضنة في الانتقال من ضفة داعش إلى الضفة الأخرى”.

من جهة أخرى، يعيد سعدون أسباب عدم تطور الأمور عسكرياً لأكثر من ذلك إلى كون “داعش غير مهيأ لخوض حرب مفتوحة مع قسد، ولكنه سيجهد في خلق بؤر توتر في مناطق مختلفة ومتعددة وذلك لتشتيت قوات قسد ومنع تركيز جهودها على نقطة بعينها”، لكنه يُرجح أن تبقى الحسكة بؤرة توتر مفتوحة كونها “تحتوي السجن المخصص للدواعش، فضلاً عن مخيم الهول الذي يشكل البيئة المناسبة لتفريخ داعش”.

هل ثمة مخاوف على شنكال؟

في صيف 2014، شن تنظيم الدولة “داعش” هجوماً على جبل شنكال ومزاراته ومراقده الدينية، واختطف آلاف النساء والقاصرات، وما أن بدأت عملية سجن الحسكة، وفرار عناصر منه، حتّى بدأت المخيلة الكردية في سرد أحاديث وتفاصيل ذلك الاجتياح، والمخاوف من تكرارها.

يرى د. فريد أن “شنكال ستكون الهدف الرئيسي والمسكوت عنه لداعش، الذي سيشدد انتباهه على الحسكة، وعينه على شنكال كونها منطقة جبلية وعرة صالحة لحرب العصابات، ومنطقة نزاع بين ميليشيات مختلفة، ومنطقة متنازع عليها بين كردستان وبغداد، ويتقن عناصر داعش مداخلها ومخارجها جيداً”… وبحسب سعدون “من يسيطر على شنكال يستطيع أن يهدد إقليم كردستان وروج آفا معاً”.

تقول وجهة نظر أخرى إن كردستان العراق اليوم يختلف عن عام 2014، وله علاقات قوية وجيدة مع رئاسة وزراء العراق، وثمة اتفاقيات جديدة بين البيشمركة والجيش العراقي، وتنتشر نقاط البيشمركة على طول الحدود مع المنطقة الكردية في سوريا، عدا أن دخول داعش إلى شنكال سيعني تأخيراً لتشكيل الحكومة العراقية وهو ما لن ترضاه واشنطن ولا العراقيون أنفسهم. 

الخوف يمتد عراقياً

ونشر المكتب الإعلامي للنائب العراقي عن كتلة “الحزب الديمقراطي الكردستاني” فيان دخيل حول ما يحصل في الحسكة بياناً جاء فيه ” نتابع بقلق بالغ عملية هروب العشرات من عناصر تنظيم داعش الإرهابي من سجن الصناعة في حي غويران بمدينة الحسكة السورية، ضمنهم نحو 20 قيادياً من التنظيم الإرهابي من الجنسيتين السورية والعراقية”. ووصف عملية هروب السجناء بإعادة “سيناريوات قديمة مشؤومة في العراق إبان هروب مجموعة كبيرة من الإرهابيين من سجن أبو غريب والمآسي التي حصلت في سنجار وسبايكر ونزوح ملايين العراقيين”.

 وتسيطر “قوات سوريا الديموقراطية” على كامل المنطقة الممتدة من منقار البطة على الحدود السورية- العراقية- التركية إلى تخوم رأس العين/ سري كانيه، ومن ضمنها المنطقة البرية الواصلة بين الحسكة- الهول- الحدود العراقية. وينفي سيامند أيّ إمكانية لتمدد “داعش” إلى شنكال، إذ تم تشكيل حزام أمني حول منطقة السجن وجميع أحياء الحسكة، وبالتالي، لا يستطيع الفارون أو المتوارون عن الأنظار الخروج من هذا الحزام، وشنكال بعيدة جداً منهم ولدينا حواجز في كل مكان”.

حصيلة الأيام الماضية من الاشتباكات قاربت الـ150 قتيلاً، بينهم مدنيون وفق إحصاءات غير رسمية، لكن الرقم مرشح لزيادة مخيفة نظراً لوجود مفقودين مجهولي المصير حتّى الآن، عدا المصابين بجروح خطيرة تهدد حياتهم، والأسرى لدى “داعش” الذين ما زال مصيرهم معلقاً.

إقرأوا أيضاً:

كريم شفيق - صحفي مصري | 29.03.2024

محمد جواد ظريف… حبال السلطة الصوتية في إيران بين المنع والتسريب!

ظريف، وبحسب التسريب الأخير، قام بعدّة أدوار وظيفية، ربما جعلته يتفادى هجوم الأصوليين، وجاهزيتهم للعنف والاتهامات سواء كانت بـ"الخيانة" أو "العمالة" أو "الجهل".