fbpx

انفجارات غامضة في مناطق نفوذ “حزب الله”:
التعتيم حرصاً على “توازن الرعب”

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

كحدث عابر تمر الانفجارات التي تحصل في مناطق مختلفة من لبنان خاضعة لسيطرة “حزب الله”. هكذا وببساطة يسمع دويّ في منطقة الجنوب أو البقاع، يفرض الحزب طوقه الأمني ويمنع الجميع من الاقتراب، جيشاً وشعباً وإعلاماً وحتى إسعافاً.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

ولسوء حظ الحزب، تعاكس الهواتف الذكية والكاميرات المنتشرة في أيدي الناس رغبته بالكتمان، يوثق سكان من المناطق تصاعد الدخان وحجم الدمار أحياناً، فلا يستطيع أن يخفي أن شيئاً ما قد انفجر. يجبر على إلحاق الحدث بروايات هزيلة تقلل من خسائره المعنوية والأمنية. يلملم ضحاياه بتكتم، وقد يقذف الإعلام برواية لا تقابلها أي رواية رسمية، وتصبح أحياناً محط سخرية وتشكيك خصوصاً لدى العارفين بشعاب المنطقة. وكأن التكتم وتبرئة إسرائيل من أي حدث أمني، او حتى استبعادها كاحتمال، بات أحد تكتيكات الحزب للحفاظ على دعايته عن “توازن الرعب” ولتجنب ردّ قد يفتح مواجهة لا قدرة له على تحمل تبعاتها. وتترافق هذه الانفجارات مع تجاهل وسائل الإعلام التابعة للحزب لها وتسخيفها بمقابل تعظيم أحداث أخرى، كفرار دجاجة مثلاً من قن باتجاه مناطق تحتلها إسرائيل وتصويره على أنه انتصار.

آخر تلك الانفجارات وقع مطلع العام الجديد في منطقة حرجية بين بلدتي حومين الفوقا ورومين، في قضاء النبطية جنوب لبنان، نحو الساعة الثانية فجر 13 كانون الثاني يناير. مصادر رفضت كشف هويتها رجحت أن تكون ناجمة عن ضربة إسرائيلية استهدفت أحد مواقع “حزب الله”، ويبدو أنها أصابت موقعاً عسكرياً مهماً. ووفق تلك المصادر ينصبّ اهتمام الحزب على تحديد هوية مسرب المعلومات عن الموقع قبل استهدافه. 

سكان من المنطقة تحدثوا عن سماع دوي انفجارات، ووثقت كاميرات مشاهد النيران التي اندلعت في موقع الانفجار. وتحدث شهود لوسائل إعلام عن مسارعة عناصر من “حزب الله” إلى مكان الانفجار وفرض طوق أمني، وحتى منعهم سيارة إسعاف تابعة لجمعية الرسالة من التوجه إلى المكان. وتتبع هذه الجمعية لـ”حركة أمل”، وهو الحزب الحليف لـ”حزب الله”. وعادة ما يعتمد “حزب الله” على “الهيئة الصحية الإسلامية” التابعة له لنقل جرحاه وقتلاه إلى مستشفياته بهدف التكتم على خسائره وعلى المعلومات الأمنية. 

وكما جرت العادة، لم يسمح للمراسلين الصحافيين الوصول إلى مكان الانفجار للبحث عن حقيقة ما حصل. وانقضى الحدث بالقول إن انفجاراً وقع في أحد المولدات الكهربائية في استراحة على جانب نهر، وامتدّ ليطاول خزان محروقات ما أدى إلى انفجار قنابل عنقودية وألغام. ويبدو أن من عمم هذه الرواية قد استعان بخبر قديم عن حوادث مشابهة. 

وقع هذا الانفجار بعد نحو أسبوعين من انفجار في جرود بلدة جنتا في البقاع الشمالي، في 28 كانون الأول/ ديسمبر 2021، والذي بدوره أحيط بالتعتيم وظلت أسبابه غامضة. وفي حين تضاربت المعلومات حول ما إن كان غارة إسرائيلية أو انفجار مخزن أسلحة لـ”حزب الله”.  يرجح مصدر بقاعي لـ”درج” أن يكون الانفجار ناجم عن تجربة عسكرية أجراها “حزب الله” في المنطقة، من دون أن يوضح أكثر. أما الحدث الغامض الأجدد، فتمثل بالمعلومات التي تحدثت عن إطلاق صاروخ من لبنان باتجاه اسرائيل مساء الأربعاء 19 كانون الثاني يناير، لكن إسرائيل نفت الخبر. بينما تحدث مراسل جريدة “النهار” اللبنانية في الجنوب عن سماع دوي انفجار في منطقة وادي العزية- زبقين جنوب مدينة صور لم تعرف أسبابه. 

مر الحادث أيضاً مرور الخبر السريع على مواقع التواصل الاجتماعي، تماماً كما حصل في كل الانفجارات الغامضة التي تكرر حدوثها في السنوات الأخيرة.

مخازن أسلحة “حماس” وانكشاف الساحة اللبنانية

سبق انفجار البقاع بحوالي 18 يوماً، انفجار غامض آخر طال مخزن أسلحة لحركة حماس في مخيم البرج الشمالي للاجئين الفلسطينيين في مدينة صور جنوب لبنان، في 10 كانون الأول 2021، أحيط بدوره بالكتمان وقيل إنه ناجم عن ماس كهربائي، وأدى إلى سقوط قتلى وجرحى. و”حماس” نفسها التي نفت استهداف مركز لها وسقوط قتلى عادت وشيعت أحد عناصرها الذين قضوا بالانفجار.

تستوقف هذه الحادثة الباحث في “معهد كارنيغي في بيروت”، مهند الحاج علي، ولا يستبعد أن يكون هذا الانفجار ناجماَ عن ضربة إسرائيلية. بالنسبة إلى الحاج علي، كشفت الحادثة عن وجود عسكري مهم لـ”حماس” على الأراضي اللبنانية. ويرى في ظهورها المسلح جنوباً مؤشراً على ضعف الدولة وغيابها، “فهو أول ظهور لحركة “حماس” بهذا الشكل خارج الأراضي الفلسطينية، ويشكل وجود مخزن الأسلحة دليلاً على ضعف الدولة اللبنانية وتحول لبنان إلى ساحة لأعمال كثيرة، إن لجهة تجارة المخدرات أو العصابات المسلحة. هو وجود طفيلي ينمو على ضعف الدولة من المستحيل أن ينمو بوجود دولة”. 

يتوقع الحاج علي أن يشكل وجود “حماس” الموضوع الأساسي الذي سيطرح في الساحة اللبنانية، “قد يكون عنواناً للضربات المقبلة إذ لم يعد موضوع الصواريخ المحددة لدى حزب الله موضوعاً أٍساسياً. وصارت المسألة الأساسية عدم السماح بالتعاون مع روسيا لمنع تحول الأراضي السورية لمقر لحزب الله وايران.  أما الساحة اللبنانية فمفتوحة أمام كل الاحتمالات”. ويضيف، “لبنان مكشوف أمنياً، ومن السهل تدخل الجانب الاسرائيلي ومحاولة تجنيد قوة تعمل لمصلحته. برأيي هذا الأمر محتمل جداً نظرا للتوتر والجمود الحاصل على مستوى الملف النووي الإيراني، والتحرك من خلال الأمن ورقة متاحة”.

تجنب المواجهة

لا جديد في هذه الانفجارات سوى ازدياد القلق حيالها، خصوصاً في ظل الانهيار المالي الذي يشهده لبنان وعدم قدرته على تحمل نتائج أي تصعيد أمني. ففي السنوات الماضية هزت الكثير من الانفجارات “الغامضة” مراكز تابعة لـ”حزب الله”، بالتوازي مع الضربات الإسرائيلية التي كان يتلقاها وحلفاؤه في سوريا ويتكتم عنها هي الأخرى. وقد حاول الحزب أن يحيطها جميعها بالكتمان.

يلفت الحاج علي، إلى الشبه بين عمليات تخريب إسرائيلية حدثت في إيران وهذا النمط من الأحداث التي تتكرر في لبنان، “وجه الشبه مثير للاهتمام ويجعلنا نستنتج أن هناك شيء يحصل”.

وعما إذا كان الحزب يعتمد التعتيم على الضربات التي تطاوله كسياسة للإيحاء بأنه يحافظ على توازن الرعب مع إسرائيل، يعتقد الحاج علي أن موضوع توازن الرعب غير مطروح حالياً على مستوى هذه الضربات، “إنما المطروح هو كيفية تفادي الصراع مع الجانب الاسرائيلي في الفترة المقبلة، دون الظهور بمظهر الضعيف والتلاعب بتوازن الرعب”. ووفق الباحث يحاول حزب الله تفادي الصدام مع اسرائيل بأقصى طريقة ممكنة نظراً إلى عدم قدرته على التعاطي مع مرحلة ما بعد مواجهة واسعة أو حرب مع إسرائيل، وعدم القدرة على إعادة بناء البنى التحتية في حال دمرت بشكل شامل. “لكن تفادي المواجهة مصحوب بحرص الحزب على عدم إظهار انهيار بمنظومة الرعب ما قد يدفع إلى تمادٍ إسرائيلي”.

ويبدو أن إسرائيل التي يريحها ضرب أهداف محددة من دون إشعال حدودها تتجنب المواجهة هي أيضاً. في هذا المجال، يرى الحاج علي أن تحقيق إسرائيل نمواً اقتصادياً مرتفعاً خلال الفترة الماضية ومحاولات تقديم نفسها في العالم على أنها دولة تكنولوجية ولديها اقتصاد متقدم تقنياً، قادر على استقطاب الشركات العالمية والكفاءات على مستوى العالم يتطلب قدراً من الأمن والأمان وعدم الدخول في مواجهات كبيرة، “وهو ما شاهدناه في السنوات الماضية، فهو عامل يعزز الاعتماد على الأمن مقابل الاعتماد على الجيوش التقليدية سابقاً. هو نمط بتعاطي اسرائيل مع محيطها، منذ عام 2006 تراجعت المواجهات ليس مع حزب الله وحسب، بل أيضاً مع حماس في غزة”.

إقرأوا أيضاً:

وجود رمزي لأجهزة الدولة اللبنانية 

لا تستطيع أجهزة الدولة، من قوى أمن ومخابرات وجيش، التحرك بحرية في مناطق سيطرة “حزب الله”، فنراها لا تقترب من موقع أي انفجار إلا بعد التنسيق مع الحزب. وقد غابت بشكل واضح عن الأحداث الأخيرة. حتى إنها تتجنب التصريح بما يزعج الحزب. وقد حاول “درج” الاستفسار من مصدر في الجيش اللبناني عن بعض هذه الانفجارات من دون جدوى. كما علم “درج” أن الجيش عبر لمؤسسات إعلامية عن انزعاجه من تقارير صحافية تحدثت عن مهماته وعبّر عن خشيته من أن تسبب له مشكلات مع “حزب الله” الذي ذكر في متنها.

بهذه الطريقة تقفل الأحداث الأمنية التي تقع بين منازل السكان من دون أي معلومات واضحة، ومن دون أن تتحمل أي جهة مسؤولية عنها، وكأن أمن المقيمين في هذه المناطق شأن حزبي خاص لا يعني الدولة ولا أجهزتها التي تهاب السلطة الحزبية وتخضع لإمرتها. 

لدى سؤاله عن دور الدولة اللبنانية، يتحدث الحاج علي عن قوى أمنية وعسكرية تشهد تسرباً متواصلاً نتيجة الوضع الاقتصادي إضافة إلى الضعف اللوجستي الكبير، “لدرجة أن القوات الدولية تضطر لتزويد الجيش اللبناني بمادة الفيول لتسيير دوريات وإن بالحد الأدنى. لا أعتقد أن بإمكان الدولة المأزومة أن تلعب أي دوراً في هكذا ظرف، بل يتحول وجودها بشكل تدريجي لوجود رمزي يشبه وجودها في الثمانينات”.

إلا أن الدولة نفسها، وقبل أن تشهد هذا الانهيار وفي فترات الاستقرار النسبي، كانت تنأى بنفسها عن مسؤولية حفظ الأمن في مناطق نفوذ الحزب. في هذا الإطار، يروي عنصر متقاعد من قوى الأمن الداخلي، خدم في منطقة الجنوب بين العامين 2002 و2005، أن حلم أي عنصر أمني في حينها كان أن يخدم في تلك المنطقة. ويروي العنصر المتقاعد الذي يرفض الكشف عن اسمه، كيف استعان بـ”واسطة” ليتمكن من الانتقال للخدمة في الجنوب، “كان الجندي الذي يرغب بالراحة يلجأ للواسطة ليتم نقله للعمل في الجنوب، هناك لا شغلة ولا عملة، نقيم حواجز شكلية ويمنع علينا التعاطي مع أحد. كانت مهمتنا أن نضحك لقوات حفظ الأمن التابعة للأمم المتحدة لترسل الصور إلى كوفي أنان كي يقال إن هناك قوات أمنية رسمية في الجنوب”.

ويحكي العسكري المتقاعد كيف كانت تستخدم ساحة الجنوب لتوجيه رسائل للداخل اللبناني: “عندما كان حزب الله يرغب بتوجيه رسائل سياسية لرئيس مجلس الوزراء السابق رفيق الحريري كان يرسل راعياً أو فلاحاً ليبلغنا عن العثور على صواريخ منصوبة باتجاه إسرائيل خلال مروره مصادفة في المكان”. وعن حركة القوى الأمنية في الجنوب يقول إنها كانت مقيدة بقدر ما يتيحه الحزب، “عند وقوع انفجار كنا نمنع من الاقتراب إلى حين انتهاء الحزب من إجراءاته ومن ثم نسجل محضراً شكلياً بالحادثة. حتى إننا لم نكن نتدخل بالإشكالات العائلية التي كانت تحصل، بل كنا ننتظر مسؤول حزب الله في المنطقة ليحلها”.

مخازن السلاح بين البيوت

لعل من أشهر الانفجارات الغامضة، انفجار عين قانا الذي دوى في أرجاء مختلفة من مناطق الجنوب في أيلول/ سبتمبر 2020، بعد أقل من شهرين على انفجار مرفأ بيروت، وطرح يومها الحديث عن خطورة مخازن الأسلحة المنتشرة بين المدنيين. حينها تحدثت معلومات عن إصابة عدد من الأشخاص، وتحدث سكان من المنطقة عن انفجار مستودع أسلحة يستخدمها “حزب الله”، ما تسبب بأضرار بالمنازل المحيطة وتصاعد أعمدة الدخان الكثيفة. لكن الحزب قال إن ما انفجر هو مركز لتجميع مخلفات حرب تموز، أي الألغام، وهو ما لم يكن مقنعاً. في حين أكد مصدر أمني لـ”رويترز” ما قاله مواطنون بأنّ الانفجار وقع في مستودع أسلحة لحزب الله بسبب خطأ فني. وبرغم نفيه أن يكون مخزناً للسلاح أطلق يومها الحزب عبر جيشه الإلكتروني وسم “#كل_بيوتنا_مخازن”، كما نفى وقوع إصابات في صفوفه ليعود ويشيع بعد نحو أسبوع أحد عناصره، علي مروة، الذي أصيب بالانفجار.

وكالعادة فرض الحزب طوقاً أمنياً مانعاً الصحافيين من الاقتراب من موقع الانفجار وتغطية الحدث ضمن سياسة التعتيم التي اعتادها. وإن كان المراسل في قناة “الجديد” آدم شمس الدين قد تمكن من الوصول إلى موقع الانفجار الذي وقع نهاراً، إلا أنه تم التشويش على رسالته مباشرة على الهواء كما لم يتجرأ بعض السكان على الحديث إليه.

ويروي أحد الزملاء الذين حاولوا تغطية هذا الانفجار من موقع وقوعه لـ”درج” كيف أن فريقهم لم يتمكن من التصوير هناك، كما تعرض مصورون للطرد عند مفرق القرية وأمام أنظار عناصر الجيش اللبناني.

تطرح سياسة التعتيم هذه، وإلى اليوم، السؤال عن سرّ مسارعة “حزب الله” للكشف عن حادثة الطائرتين المسيّرتين اللتين قال إن إحداها أسقطت بحجر فيما انفجرت الثانية قرب أحد مراكزه الإعلامية في حي ماضي في معوض في الضاحية الجنوبية لبيروت، في آب/ أغسطس 2019. يومها فتح الحزب مركزه أمام جميع الإعلاميين ودعاهم إلى زيارته وتصويره، بعكس ما جرت العادة، كما سارع للحديث عن تفاصيل الاعتداء. ويرى محللون في دعوة الإعلام إلى تصوير بعض المراكز، محاولة لدحض الادعاءات عن وجود مراكز ومخازن صواريخ.

وضمن المتاح معرفته، يبدو أن أقسى الضربات التي أصابت الحزب في لبنان، ربما، كانت الضربة التي طالته في 3 تشرين الأول/  أكتوبر 2012 جراء الانفجار الذي وقع في أحد مراكزه بين منطقة النبي شيت والخضر في البقاع الشمالي، وأدى لمقتل 3 من عناصره، أعلن الحزب عنهم وتم تشييعهم، كما تحدثت معلومات عن مقتل خبراء إيرانيين وسوريين كانوا في المركز، بينما أفادت معلومات أمنية أن السوريين الثلاثة كانوا يفلحون في الأرض المجاورة. لكنه جرى التكتم على تفاصيل الحادث وإظهاره على أنه عرضي.

هذا في وقت طرحت فيه أسئلة كبيرة عن علاقة “حزب الله” بالمواد التي انفجرت في مرفأ بيروت في 4 آب 2020، في أعظم انفجار شهدته المنطقة، والتعتيم الذي يسعى الحزب لفرضه أيضاً على جريمة بهذه الفظاعة من خلال السعي لإعاقة التحقيق وترهيب المحقق العدلي. وكانت قد سبقت الجريمة تقارير أميركية عن استخدام حزب الله للمرفأ لتهريب الأسلحة. كما سبقها تحذيرات من ضربة إسرائيلية توقعها الحزب نفسه وعممها على عناصره قبل وقوع الانفجار، ليسارع قادته بعد الانفجار لاستبعاد وقوع أي عمل أمني إسرائيلي في المرفأ وليتوقف الحديث عن توقع ضربة إسرائيلية، في حين بدا التدخل الخارجي الذي تبع الانفجار مريباً وأشبه بالتواطؤ.

ترميم المحور لاستكمال المواجهة

من الناحية الإعلامية، يبدو أن المشهد ليس لصالح إيران التي تتعرض، وحلفائها، لضربات بشكل مستمر بينما تعجز عن الرد بشكل مباشر. لكن الحاج علي يلفت إلى نفوذها في دول محيطة بإسرائيل وحضورها العسكري والأمني المنفصل عن الإرادة السورية، “والذي ما يزال يشكل تهديداً لإسرائيل رغم استهدافه، ولذا تستمر إسرائيل بضربه”. ووفق الباحث ليس من الضروري أن تعني المواجهة أن يكون العمل العسكري لإيران وحزب الله مباشراً أو موازياً لما تقوم به إسرائيل. 

وكجزء من استمرار المواجهة تقوم إيران بإعادة ترميم المحور الذي أسسته والضرر الذي تعرض له لجهة محاولة إعادة ترميم العلاقة بين النظام السوري وإعادة تركيب العلاقة بشكل جيد مع “حماس” والعودة إلى غزة. ويرى الباحث في هذه التطورات نوعاً من الرد، ولا يستبعد عودة “حماس” إلى سوريا بحال تزايد ضعف النظام. 

وفي وقت تستمر فيه المواجهات، يتقدم في المنطقة كارتيل مخدرات عابر للحدود يشمل كل دول المحور بموازاة فصائل مسلحة ترتبط يايران وغالباً ما تأتمر منها، ومستعدة للتحرك بحال تعرضت الأخيرة لتهديد ما. ورغم قتامة المشهد، يبقى الأمل ألا يدفع لبنان ثمناً أكبر من الذي يدفعه اليوم، وأن لا يشهد مزيداً من الانفجارات التي تروّع الآمنين وتحصد الأبرياء وألا يجرّ إلى صراع أو مزيد من المواجهات التي يدفع ثمنها المدنيون والتي سيضاعف الانهيار المالي من أكلافها.

إقرأوا أيضاً:

حازم الأمين - صحافي وكاتب لبناني | 28.03.2024

العرقوب اللبناني بين “فتح لاند” و”حماس لاند”

الوقائع التي تشهدها المناطق الحدودية اللبنانية عززت التشابه بين "فتح لاند" و"حماس لاند"، فبينما كانت الهبارية تتعرض لغارات الطائرات الإسرائيلية التي قتلت على نحو متعمد تسعة مسعفين، كان أهالي بلدة رميش المسيحية يقرعون أجراس كنائسهم احتجاجاً على تمركز حزب الله على إحدى التلال في بلدتهم!