fbpx

سوريا: بتول صقر تكذِّب
مستشارة النظام وتموت من… البرد

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

لم تشاهد مستشارة النظام الخيام تسقط على رؤوس اللاجئين بسبب الريح والثلج، لونا الآتية من عالم آخر يدعى نظام الأسد، لا تعلم أن الأطفال في المخيمات يرتجفون حرفياً من البرد والمسنون يحرقون أيديهم في محاولة لإشعال ما يمكن إشعاله، وأن بتول توقف قلبها من كثرة البرد.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

بتول صقر صبية من قرية الجبيرية في مدينة القرداحة، توفيت إثر سكتة قلبية بسبب البرد الشديد بحسب تقرير الطبيب الشرعي الأولي، الطالبة في كلية التربية توفيت خلال موجة برد تشهدها البلاد، يعاني على إثرها سوريو المخيمات والداخل بشكل لا يحتمل بسبب النقص الحاد في وقود التدفئة والكهرباء.

هل يموت السوريون من الجوع والبرد؟

معاناة السوريين ليست بجديدة مع البرد، إلا أن هذا العام حمل عواصف ثلجية ترافقت مع برد قارسٍ، عجزت حتى المنازل عن صدها، في ظل غياب شبه كامل لوسائل التدفئة. وبتول واحدة من سكان المخيمات ومن ضحايا هذا النظام، الذي لم يكتفِ بقتلها عبر سياساته الفاشلة، إنما أصرّ على نفي أن يكون موتها بسبب البرد، لتخرج أذرعه مؤكدة أن كلّ مؤشرات جسمها لم تكن تدل على تدني درجات الحرارة. وصرح المدير العام للهيئة العامة للطب الشرعي زاهر حجو لصحيفة “الوطن” الرسمية أن الطبيب الشرعي الذي فحص الجثة كان مكلفاً وليس مختصاً، في إشارة إلى أن الطبيب الأول ارتكب خطأ، كما أفرد حجو شرحاً مطولاً عن حالة الفتاة حين الوفاة، مؤكداً أنها عانت من ترفُـع حـراري قبـل وفاتهـا (وليس انخفـاضاً) كما قيل، ولم يشاهد أي علامات من علامات الموت برداً كتوسع الحدقات أو انتصاب الأشعار. يلاحظ أن مبالغة حكومة النظام في تبرير موت بتول ونفي أن يكون بسبب البرد هو تأكيد بشكل ما على أن الرواية الأولى صحيحة، بخاصة بعدما تناقل نشطاء وجود ضغوط على عائلة الشابة، لنفي خبر وفاتها برداً، فلماذا يفرد النظام هذه المساحة في تبرير موت بتول؟ 

حاز الخبر تفاعلاً واسعاً بين السوريين بخاصة بعد تصريح المستشارة الرئاسية لونا الشبل قبل أسبوع. 

قالت مستشارة النظام السوري لونا الشبل، “لا أحد سيموت من الجوع أو البرد في سوريا”، متجاهلة الأوضاع المزرية التي يعاني منها السوريون، وكأنها وصلت لتوها من عالم آخر، ولا علم لها بأن أكثر من 90 في المئة من السوريين يعيشون تحت خط الفقر بالفعل. 

لم تشاهد مستشارة النظام الخيام تسقط على رؤوس اللاجئين بسبب الريح والثلج، لونا الآتية من عالم آخر يدعى نظام الأسد، لا تعلم أن الأطفال في المخيمات يرتجفون حرفياً من البرد والمسنون يحرقون أيديهم في محاولة لإشعال ما يمكن إشعاله، وأن بتول توقف قلبها من كثرة البرد.

إقرأوا أيضاً:

طفلة إعزاز المرتجفة برداً

ليس بعيداً من بتول ظهر فيديو لطفلة في مخيم إعزاز في الشمال ترتجف من البرد، الطفلة لم ترتدِ ثياباً شتوية تحميها من برودة الجو، وكانت شبه حافية، فيما وقفت وجسدها يتراقص من الصقيع، ويداها مستسلمتان تماماً، هل شاهدت لونا الشبل هذا الفيديو والمئات من الفيديوات التي تظهر معاناة سكان الخيام؟ هل تعلم المستشارة الرئاسية أن هنالك عائلات تنتظر الكهرباء لتسخين المياه وملئها بعبوات بلاستيكية فارغة ووضعها تحت البطانيات بحثاً عن بعض الدفء، هل تعلم لونا أن أعداداً كبيرة من السوريين يستدفئون اليوم على بقايا روث الأبقار وبقايا تفل الزيتون على رغم مضار الغازات المنبعثة منها على الجهاز التنفسي؟ حتماً تعرف مستشارة الأسد كل هذا، لكن بعقلية نظام الأسد لا أحد يموت جوعاً أو برداً تحت حكم بشار، ولو مات برداً سيسخّرون كل منصاتهم الإعلامية وأبواقهم ليؤكدوا أن جسد الصبية كان دافئاً حين موتها! 

عقلية النظام هذه ليست بغريبة أو مستهجنة، فحين خرج السوريون في التظاهرات وصفهم النظام بالإرهابيين ودُفِعَت لهم الأموال، وحين ارتكب النظام السوري مجازر الكيماوي ادعى انها تمثيلية الخوذ البيض، وحين قصف المنازل الآمنة اختلق أكاذيبه حولها، إن طبيعة النظام لهي ساذجة وديكتاتورية في الوقت عينه، أي أنه مستعدٌ إلى الادعاء بأن الأرض كروية لو استلزم بقاؤه ذلك.

لا أحد يقف قرب السوريين

يتفرج النظام السوري على مآسي شعبه، ولا ينوي التدخل، إذ يمنح العائلات ضمن أراضيه 100 لتر من المازوت المدعوم خلال الشتاء بطوله، سعر الليتر 500 ليرة سورية، أي نحو 14 سنتاً وهي كمية قليلة أمام البرد القارس هذا العام، ليضيف 100 لتر إضافية لكن غير مدعومة، بسعر 1700 ليرة سورية، أي نحو نصف دولار، والحصول عليها اختياري بالنسبة إلى العائلات، علماً أن سعرها مرتفع بالنسبة إلى معظم السوريين، لكن السؤال هنا، إن كان مازوت التدفئة متوفراً بالسعر الحرّ فلماذا يحدد النظام كمية المازوت المدعوم بمئة ليتر فقط؟ ولماذا لا يجعلها 200 ليتر على الأقل بالسعر المدعوم؟ وهكذا سيخفف من وطأة معاناة العائلات. 

بين الداخل والخارج تلاحقنا قصص السوريين ككوابيس لا تنتهي، ويعجز السوريون عن مواجهة مآسيهم إلا من خلال مبادرات فردية أو تطوعية وبينما يترك النظام السوريين ليموتوا برداً، يقوم فريق تطوعي بإنقاذ 500 عائلة من مخيمات الشمال وينقلهم إلى شقق سكنية محترمة، ولن يتوقف الفريق بحسب ما ذكر على حساباته على وسائل التواصل الاجتماعي حتى يؤمن بيوتاً لائقة  لجميع اللاجئين. فريق “ملهم” التطوعي الذي اعتمد في مبادرته بشكل كامل على التبرعات، فعل ما لا يمكن للنظام السوري حتى التفكير به، إذ يقوم الفريق وغيره من المبادرات التطوعية والأهلية بعمل شاق وسط العواصف الثلجية الأخيرة، لتأمين مواد التدفئة من فحم ومازوت وغير ذلك، وإيصالها إلى العائلات، تفادياً لحدوث كارثة إنسانية كبيرة.

يحتاج سوريو المخيمات والداخل اليوم إلى مساعدات عاجلة تتعلق بوسائل التدفئة بالدرجة الأولى والحصول على مساكن لائقة، فعبارة “الموت برداً” في لغة السوريين لم تعد مجازية بالكامل… هناك حقاً من يموت من شدة البرد!

إقرأوا أيضاً:

حازم الأمين - صحافي وكاتب لبناني | 28.03.2024

العرقوب اللبناني بين “فتح لاند” و”حماس لاند”

الوقائع التي تشهدها المناطق الحدودية اللبنانية عززت التشابه بين "فتح لاند" و"حماس لاند"، فبينما كانت الهبارية تتعرض لغارات الطائرات الإسرائيلية التي قتلت على نحو متعمد تسعة مسعفين، كان أهالي بلدة رميش المسيحية يقرعون أجراس كنائسهم احتجاجاً على تمركز حزب الله على إحدى التلال في بلدتهم!