fbpx

عن سليم بركات الذي جارتْ لغتهُ على خيالهِ

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

اللغة يمكن أن تكون وطناً، شريطة ألاَّ تتحوّل إلى سجن. ويبدو أن سليم بركات استعذب الإقامة الاختياريّة في تلك اللغة التراثيّة. أصدقاؤهُ الشعراء والنقّاد لم يساعدوه على التحرر من لغةٍ اختارها لنفسه، كتحدٍّ بوصفه كرديّاً، غريباً. وحجم الترحيب والافتتان بلغته، جعله ينحاز إلى خيار أبدي بأن يجعل من تلك اللغة التراثيّة قفصاً ذهبيّاً.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

اللغة بوصفها وطناً، كما قال الشاعر والأديب الكردي السوري؛ سليم بركات، أثناء حديثه عن علاقته بها، على غَرفْهِ من المجاز، هو توصيفٌ جميل ولافت. فبالنسبة إلى كاتبٍ كردي، كان ولمّا يزل، يعيش طبقات من الاغتراب المتلاحقة، الانتماءُ الأصيلُ، الوحيد، العميق المنتج والمجدي، والتحدّي الوجودي الذي وجده أمام نفسهِ، ويكاد يكون الحبل السرّي الذي يربطه بالحياة، هو الانتماء إلى اللغة العربيّة، شعراً ونثراً، وطناً وهويّةً. كأنّه يودُّ القول: “لستُ عربيّاً، واللغة العربيّة وطني وهويّتي، ولي فيها ما لكم، وربّما أكثر، أيّها العرب”. ولأن العقدين الأوّلين من عمرهِ؛ أسّسا وخصّبا خيالهُ، والعقود الخمسة اللاحقة كانت عطفاً وتأسيساً على ما سبق، وتعضيداً وتخصيباً له، فالأصل والجذر لخيال بركات، هي تلك السنوات الأولى. ذلك التطعيم أو التلاقح بين الخيال الكردي الشرس الجسور والرهيب، واللغة العربيّة العميقة المزلزلة المجلجلة الفاتنة، أنتج كائناً أدبيّاً؛ شعريّاً وروائيّاً مهماً اسمه سليم بركات. كائنٌ أدبي، لفت أنظارَ أعمدةَ الشعر العربي ومشاهيره في مطلع السبعينات، إليه. على سبيل الذكر، لا الحصر: محمود درويش، أدونيس، علي الجندي، محمد الماغوط…   

أيّ لغةٍ كانت، هي كائنٌ حيّ؛ يتطوّر، يتغيّر، بحكم تطوّر الحياة والزمن واحتياجاتهما. شأنها في ذلك شأن الأوطان. فالذي يتخذ من اللغة وطناً، عليه تطوير تلك اللغة- الوطن، تغييرها، من حيث السياقات، والاستخدامات. إذ من غير المعقول أن يبقى المرء يتخذ من مكانٍ وطناً له، ولا يسعى إلى تحديثه وتطويره، فيتماشى مع رحابة الحياة ودينامياتها، لا أن يكون المرء في مكانٍ آخر، بينما الحياة تمضي دون هوادة إلى الأمام. ما أودُّ قوله وطرحه هو، المفاجأة اللغويّة البلاغيّة التي أحدثها بركات مطلع السبعينات، وجعلت أدونيس يلتفت إلى موهبة هذا الكردي الآتي من الشمال السوري، هل ما زالت تلك المفاجأة هي نفسها؛ تمتلك جذوة توهّجها، ودسم ألقها، وعسل دهشتها؟ قطعاً لا. 

بالعذر من بركات، إذا افترضنا جدلاً أن درويش وأدونيس هما أحد أستاذته الكبار، (ولهما أفضال عليه)، علماً أن لغتي الشاعرين الكبيرين، كانتا من القلق والتوتّر والتطوّر بمكان، فإن الخطّين البيانيين لهما، من الستينات، السبعينات، الثمانينات، التسعينات، ومطالع الألفيّة الثالثّة، لم يكونا مستقيمين، ساكنين، لا يشوبهما الصعود والهبوط. بالعكس من ذلك. تمثيلاً وليس حصراً تمكن مقارنة لغة قصائد “أغاني مهيار الدمشقي” بلغة قصائد “أوّل الجسد آخر البحر”. كذلك تمكن مقارنة لغة “حبيبتي تنهض من نومها” بلغة “الجداريّة”. ذلك أن الفروق على صعيد فنيّة اللغة بين “سجّل أنا عربي” و”تنسى كأنّك لم تكن” أو “لا شيء يعجبني”، أو “لاعب النرد”، واضحة، لا تخطئها عين الذائقة، وعين النقد.  

الإفراط في الغلو

ومع ذلك، كقارئ مقبول ومتواضع لأدب سليم بركات، يصعب عليّ، وربّما يستحيل، إيجاد الفوارق والنقلات النوعيّة في لغتهِ الشعريّة والروائيّة. ربّما المشكلة فيَّ، لا في لغته. وتمكن إحالة الأمر والكشف إلى النقّاد المتخصصين في أدب بركات. مع الاعتراف والإقرار بأن لغة بركات ومعجمه الشعري والسردي، في بدايته، على تفاصحها وبلاغاتها، كانت أخفّ وأكثر هضماً وفهماً. وأخشى مما أخشاه، أن المدائح والثناء والإعجابات المنهالة على بركات وقتذاك، جعلته يزيد من عبء التلغيز اللغوي، وضخّ المزيد من الشحن التراثي في معجمه الشعري والسردي، إلى درجة الإدمان والأسر، وعدم القدرة على الفكاك والتحرر، من تلك التقنيّة والأسلوبيّة القائمة على الغلو في الفصاحة والبلاغة والتراثيّة في الكلام. 

وبذلك، الخيال الوحشي الشرس الرهيب الذي يمتلكهُ، صنع له بركات تابوتاًً حجريّاً بالغ الحصانة من لغة كتب التراث، التي بقي أسيرها، وما عاد يقوى على مغادرتها. شأن بركات في ذلك، شأن الخيّاط الذي استمرّ في خياطة طقم واحد، من القماش ذاته، واللون ذاته، و”التصميم ذاته، طيلة نصف قرن، ولا يريد خلعهُ إلاّ للغسل، ثم معاودة ارتدائه. ويشعرُ بالعري، إذا غيّرهُ أو حاول تطويره. وعليه، ربّما صارت ضرباً من الاستحالة والتعجيز مطالبة بركات بالتحرر من الصعوبة اللغويّة إلى السهولة. 

لكن السهولةُ اللغويّة أيضاً، فيها ما فيها من التحالف بين تعقيد البساطة، أو بساطة التعقيد، ما ليس يقوى على احترافها أدباء مشهود لهم بالقدرات البلاغيّة والتراثيّة، كسليم بركات. هل لأنه هجرَ الواقع وتحوّلاته وتحديثاته، والتجأ إلى لغة، هي من التراثيّة والقاموسيّة بمكان، ما بات يصعب على أصحابها العرب فهمها وهضمها؟ ربّما. ذلك أن اللغة التي يكتب بها الأدباء الإنكليز حاليّاً، ليست اللغة التي كتب بها وليم شكسبير شعرهُ ومسرحه. ولو ظهر الآن، أو قبل خمسة عقود، في بريطانيا أو أميركا، شاعرٌ يكتب بلغة صاحب “روميو وجوليت”، لما أولوه اهتماماً. ينسحب الأمر على اللغة الفرنسيّة أيضاً. لو ظهر الآن مَن يكتب/ تكتب بلغة موليير، هل سيتقبّله قرّاء 2022 من الفرنسيين والفرنسيّات؟! لا اعتقد ذلك. إذاً، والحال تلك؛ إذا كانت الأوطان والهويّات، بالمعنى الحقيقي والمجازي، تتطوّر وتتغيّر، فلماذا لغة سليم بركات، التي اعتبرَها وطناً وهويّة، باقية حيث كانت، منذ عقود؟ وإذا كان الشاعر العراقي محمد مهدي الجواهري، يوصف بأنه “شاعر من العصر العبّاسي” على خلفيّة لغته الجزلة والجِذلة، فبماذا يمكن وصف سليم بركات، بشفاعة لغتهِ الجزلة- الجِذلة أيضاً؟

وعليه، تنقّلات أدونيس بين الأمكنة: سوريا، لبنان، فرنسا، وكذلك تنقّلات درويش بين فلسطين، الأردن، لبنان، سوريا، فرنسا، والاحتكار بالأوطان الأخرى، وسّعت من مساحة الوطن- اللغة لدى الشاعرين العربيين الكبيرين، وغيّرت من خصال نصوصهما وسماتها. وتلك من طبائع الأمور لدى التجارب الشعريّة المرنة، المتفاعلة مع المحيط والفاعلة والمؤثّرة. وإذا كانت من الصعوبة بمكان الإجابة على سؤال: ماذا أثّر شعر أدونيس في الشعر الفرنسي؟ فلن يكون الإجابة مستحيلة على سؤال: كيف أثّرت فرنسا وشِعرها ولغتها وأدبها في شعر أدونيس؟ والسؤال الآخر هنا: تعالوا نشطب على فترة إقامة بركات في لبنان وقبرص، باعتبارها فترات إقامة مؤقّتة وقلقة، ونكتفي بفترة وجوده في السويد؛ كيف أثّرتِ الأخيرةُ على لغة بركات، وخياله أيضاً؟ 

اللغة يمكن أن تكون وطناً، شريطة ألاَّ تتحوّل إلى سجن. ويبدو أن سليم بركات استعذب الإقامة الاختياريّة في تلك اللغة التراثيّة. أصدقاؤهُ الشعراء والنقّاد لم يساعدوه على التحرر من لغةٍ اختارها لنفسه، كتحدٍّ بوصفه كرديّاً، غريباً. وحجم الترحيب والافتتان بلغته، جعله ينحاز إلى خيار أبدي بأن يجعل من تلك اللغة التراثيّة قفصاً ذهبيّاً.

لغة “الأنتيك”

إذا كان أدونيس ودرويش وأيّ شاعر من وزنيهما، كرروا أنفسهم في السنوات الأخيرة، على حساب تراجع مساحة الإبداع والدهشة ، وهذا أيضاً من طبائع الأمور، فمنذ متى وبركات يكرر نفسه، ضمن تلك اللغة المبهرة في تلألؤ بلاغتها المنتمية إلى الماضي والتراث، التي أقامت الحَجْرَ الأبدي على خياله الضروس الساحر، المعاصر والمرعب؟ ولو أن ذلك الخيال، وتلك الأفكار المتميّزة أتت إلينا، في لغة تنتمي إلى عصرنا، وقطعت حبل سرّتها مع كتب التراث العتيقة، أما كان ذلك أفضل لنا ولبركات ولأدبه وقرّائه؟! أوليس حراماً على بركات الحكم بالسجن المؤبّد على خياله الشموس المعاصر، داخل لغة هي أقرب إلى الماضويّة منها إلى المعاصرة؟ ما مدى صواب الحديث عن الإبداع مع حضور التكرار والمراوحة اللغويّة، أو عدم التزحزح اللغوي عن تلك التقنيّات والسياقات والمعاجم التراثيّة، في تجربة سليم بركات؟ هل نصحه نقّادهُ وأصدقاؤه المقرّبون وحاولوا لفت انتباهه إلى ذلك؟ فاللغة يمكن أن تكون وطناً، شريطة ألاَّ تتحوّل إلى سجن. ويبدو أن بركات استعذب الإقامة الاختياريّة في تلك اللغة التراثيّة (السجن). وربّما كان في مصلحة مجايليه ومنافسيه بقاؤه حيث هو، لأن انتقاله من لغة عتيقة (آنتيك)، إلى لغة معاصرة، سلسة، أكثر رحابة، ستكون بمثابة الانفجار الشعري الثاني لبركات، واحتمال طغيان دوي ذلك الانفجار على أصوات وقامات شعريّة وازنة، ولجرَّ ذلك الانفجار تجربة بركات إلى لغات أكثر، وصار معروفاً في أوروبا والعالم أكثر. 

هكذا ارتضى بركات لنفسهِ وشعرهِ وأدبهِ ذلك، وارتضى لهُ أصدقاؤهُ الشعراء والنقّاد ذلك، ولم يساعدوه على التحرر من لغةٍ اختارها لنفسه، كتحدٍّ بوصفه كرديّاً، غريباً. وحجم الترحيب والافتتان بلغته، جعله ينحاز إلى خيار أبدي بأن يجعل من تلك اللغة التراثيّة قفصاً ذهبيّاً، يسرحُ خيالهُ بين ألفاظه وتراكيبهِ، التي هجرها أهلها.

ثمّة صورة نمطيّة مصدّرة لسليم بركات، مكرّرة ومتداولة على مدى عقود، على أنه يفضّل العزلة، ولديه طقوسه الخاصّة و”مناسكه”، ويتجنّب الأضواء والإعلام والجوائز. وذلك التصدير، زد على كونه غير دقيق، فهو مبالغ فيه، بحيث يجرّده من صفة الإنسان- الكاتب العادي، ويضفي عليه الصفة النوارنيّة- الملائكيّة، التفلسف والتصوّف واعتزال بهرج الحياة، وهجر زخارف الدنيا! والأدلّة والشروح على تفنيد ذلك، باتت من صنف لزوم ما لا يلزم. لكن، يبدو لي، وآمل أن أكون مخطئاً؛ أن بركات نفسه، صار يستعذب ذلك التصدير المكرّر وغير الدقيق عنه. أبعد من ذلك، أضحت تلك الصورة النمطيّة المصدّرة له وعنه، تبريراً متداولاً لنقاط كثيرة مسجّلة عليه. 

قبل فترة، طرحت سؤالاً على صفحتي في “فيسبوك” حول كاتبنا، يتعلّق بمدى تقديمه العون للكتّاب والكاتبات الشباب الجدد، والتعريف بهم، سواء أثناء عمله في الصحافة الثقافيّة (مجلّة الكرمل) أو عقب استقرارهِ في السويد. ذلك أنه نفسه، في مطلع تجربته، قدّمَهُ شاعران كبيران هما محمود درويش وأدونيس، والأخير؛ طبع له ديوانه الأوّل. ذلك السؤال، فتح الباب للنقاش، من خلاله، عرفتُ أنه نشر قصائد للشاعر السوري إبراهيم حسو في “الكرمل”، وقدّم لديوان للشاعر الكردي كاميران حرسان، بطلب من الشاعر الكردي محمد عفيف الحسيني. عدا ذلك، لم أحصل على إجابات أخرى. لماذا؟ لماذا لم يواصل بركات تقديم مواهب جديدة للناس، متكئاً على تجربته وسمعته وصيته ومراسه، وفعلَ ما فعلَهُ شعراءٌ آخرون معه، حين كان في مطلع تجربته الشعريّة؟!

سليم بركات غير المترجم بما فيه الكفاية إلى الفرنسيّة، الإنكليزيّة، الألمانيّة، الإيطاليّة، وبل السويديّة أيضاً، حيث يقيم منذ عقدين ونيّف. مَن يتحمّل مسؤوليّة ذلك؟ الشلليّة؟ العلاقات العامّة؟ عزلة بركات؟ اعتزاله الشهرة والأضواء… إلى آخر هذه المتوالية من الإجابات- التبريرات المكرّرة والممجوجة والنمطيّة. ربّما يكون كلّ ذلك صحيحاً. ولكن، تجب الإضافة إلى ما سبق، دور ومسوؤليّة بركات نفسه في ذلك. وأقصد هنا، مسؤوليّة لغته التي بقيت ملتبسة ووعرة، وبحاجة إلى قرّاء ضالعين في اللغة العربيّة، وبل في النقد أيضاً، حتّى يفكّوا عويص طلاسمها واشتباكاتها وسيماءاتها. عليهم أن يكونوا فقهاء في التأويل واحتراج التفاسير، حتّى يمكنهم فهم بركات ولغته وهضمهما. ذلك أن ما يصعبُ على القراءة والفهم، لن تكون ترجمته سهلة.

سليم بركات غير الحاصل على جائزة أدبيّة عربيّة، برغم الكمّ المحترم والمعتبر والمميّز من الدواوين والروايات التي قدّمها إلى المكتبة العربيّة. من يتحمّل مسؤوليّة ذلك؟ سنرى الأسطوانة إيّاها عن الشلليّة وشبكة العلاقات والفساد، وكرديّة بركات، وأشياء كثيرة أخرى. وربّما جزء من تلك المبررات أو كلها؛ صحيحة. لكن، ليس منها عزوفهُ عن التقدّم للجوائز. ذلك أن لجان التحكيم في الجوائز الأدبيّة لا تنتمي إلى العصر العبّاسي أو الفاطمي أو الأيوبي أو المملوكي أو العثماني… حتّى تستعذب لغة بركات، وتهضمها، بل هم أبناء عصرهم، ومدارسه الحديثة في النقد. 

إقرأوا أيضاً:

كقارئ، وككاتب أيضاً، ما عاد يثير فضولي جديد سليم بركات. وإذا كان التعامل مع الأدب كلغة، فسألوذ بكتب التراث؛ وهي الأصل، وليس بأدب بركات الذي يمكن اعتباره، فرعاً من كتب التراث العربي، إن جاز التعبير. ذلك أن قراءة القرآن، أو “نهج البلاغة”، أو “المواقف والمخاطبات”، أو “الإمتاع والمؤانسة” + “المقابسات”، أو “الحيوان” + “البخلاء”، أو “المنقذ من الضلال”، أو “تهافت التهافت”… أجدى وأنفع من قراءة “سماء شاغرة فوق أورشليم” لسليم بركات.

إذاً والحال تلك، يكاد يكون من طينة المتّفق عليه، أو في حكم الإجماع؛ أن قوّة وعورة اللغة، والزخارف والمهارات البلاغيّة والتراثيّة التي يمتاز بها أدب سليم بركات؛ شعراً وروايةً، هي السمة الأكثر بروزاً وتمايزاً له، بين مجايليه، والذين أتوا من بعدهِ. إذ لا تخلو مقالة أو قراءة أو دراسة نقديّة من تلك العبارات والإشادات والمدائح التي تقول في هذه الخاصيّة، وتزيدُ فيها عزفاً ونغماً. لكن، في اعتقادي، أن أحد أبرز قيود تجربة بركات التي حالت دون شيوعها ورواجها دوليّاً، هي نفسها لغته، وبراعته، وغلوّهُ في الاشتغال على تصعيب لغته وتعصيبها. وعليه، هل من المجازفة أو المبالغة الاستنتاج؛ أن لغة بركات جارت على خياله، ومنعت ذلك الخيال من التسرّب إلى لغات أخرى والرواج فيها؟! لغتهُ، جميلة ومدهشة، لأنها تراثيّة ومن صنف “الآنتيك”، ومقاماتها ومراقدها بطون كتب التراث، والمخطوطات والمتاحف، ولن تنتج أدباً معاصراً، مؤثّراً، وفاعلاً. بدليل، تراجع نسبة المتأثّرين بأدب بركات حاليّاً؛ أولئك الذين كنت منهم، يوماً ما. 

عليَّ الاعتراف والإقرار بعجزي عن إقناع بعض الذين سيفهمون المقال على أنه “تطاولٌ” على القامات الأدبيّة والثقافيّة المعروفة والمكرّسة، أو “التحرّش” بها، في مسعى للحصول على قبس أو قسط من شهرتها، وإثارة الشك والشبهة حولها، على أن فهمهم مقالي هذا؛ مغلوط، وليس في محلّه، وغير دقيق. ذلك أن تلك الأوهام- “الأحكام” الجاهزة، عادة ما يطلقها بعض المتطرّفين المفتونين بأدب هذا الكاتب أو ذاك، حين يرون نقداً موجّهاً لكاتبهم المفضّل “المعصوم” من الأعطال والعلل والزلل! وبالتالي؛ أقرُّ باستحالة قدرتي على إقناعهم بتهافت تلك الأوهام – الأحكام وركاكتها. وعليه أوّقع، وأبصم أيضاً.

إقرأوا أيضاً:

سامر المحمود- صحفي سوري | 30.03.2024

فصائل مسلّحة في سوريا “توظّف” الأطفال كـ”مقاتلين مياومين”

مئات الأطفال شمال غربي سوريا يعملون كمقاتلين لدى الفصائل المسلحة، بأجور يوميّة يُتَّفق عليها مع زعيم المجموعة، يبلغ "أجر" الطفل المقاتل/ المرابط في اليوم بين 3 و6 دولارات، أما الفصائل المتشددة فتدفع 100 دولار في الشهر.