fbpx

انتخابات لبنان: حزب الله وأولاد السياسيين

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

بمقدار ما يكون المضمون السياسي لأي انتخابات نيابية فارغاً، بمقدار ما تبدو شعارات تلك الانتخابات ثقيلة الدم. وقرار ما كان يعرف بقوى 14 آذار، فكّ الاشتباك السياسي مع حزب اللّه، والتطبيع مع هيمنته على مقدرات الدولة اللبنانية، فرّغ الانتخابات النيابية المقبلة من معناها سلفاً، وأحالها الى مشهد، هو أقرب الى الكوميديا السوداء منه الى العمل السياسي، الجدير بأن يؤخذ على محمل الجدّ.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

بمقدار ما يكون المضمون السياسي لأي انتخابات نيابية فارغاً، بمقدار ما تبدو شعارات تلك الانتخابات ثقيلة الدم. وقرار ما كان يعرف بقوى 14 آذار، فكّ الاشتباك السياسي مع حزب اللّه، والتطبيع مع هيمنته على مقدرات الدولة اللبنانية، فرّغ الانتخابات النيابية المقبلة من معناها سلفاً، وأحالها الى مشهد، هو أقرب الى الكوميديا السوداء منه الى العمل السياسي، الجدير بأن يؤخذ على محمل الجدّ. ماذا تعني، مثلا، شعارات “محاربة الفساد”، في الواقع الحالي؟ ماذا لو كان الفاسد من حزب اللّه، أو حليفاً له؟ ألا يجعله ذلك حكماً فوق المحاسبة؟ ماذا تعني أيضا برامج “خلق فرص العمل”، التي يلهج المرشّحون بها؟ بات معلوماً أن مؤشرات الحرب مع اسرائيل الى تزايد. أي رأس مال هذا الذي سيأتي ويخلق فرص عمل في بلدٍ يبدو متجّهاً الى أشهر لاهبة جديدة، ومواجهة صار شائعاً أنّها لو حدثت، ستكون أقسى من كلّ ما سبق؟ لا يعني هذا أن مشاكل لبنان كلّها، تختصرها مسألة سلاح الحزب الخميني بطبيعة الحال، ولكنّ الاكيد أن لا حلّ لأيّ منها قبل التصدّي للقضيّة الأساس، أي سلطة أمر الواقع التي يمثّلها. تجاهل هذه المعادلة، يحوّل أي خطاب سياسي الى “علاك”، وهذا بالتحديد ما ينتشر على لوحات الإعلانات التي تحمل صور المرشحين الباسمة على طرقاتنا. والحال فإن المشهد المتهافت أصلاً يصير أشدّ تهافتاً مع صعود الجيل الشاب من الزعامات التقليدية الى الضوء، أي مع بدء حلقة جديدة من مسلسل لبناني قديم، قوامه اجترار “الاستابلشمنت” لنفسه. وبقدرما تجتاح ثرثرة تيمور وليد جنبلاط، وطوني سليمان فرنجية، وسامي أمين الجميّل، وميريام ايلي سكاف، وجو ايلي حبيقة، ومن شاكلهم، مشهدنا العام، بقدر ما تتحوّل الكوميديا اللبنانية السوداء الى فودفيل رديء. لقد تسلّم اللبنانيون من سنوات الحكم الفرنسي جوهرة، هي دولتهم الفتيّة والواعدة آنذاك. هناك من أحال الدولة الى مزرعة – ونحن اليوم مطالبون بتمكين أحفادهم من متابعة المسيرة. وقبل أن يكون حزب اللّه سبباً أساس لتهالك الدولة، كان نتيجة له. الفشل في إدارة الدولة لعقود، قاد الى الحرب الاهلية، أوّلاً، واستطراداً، إلى ظهور الحزب الخميني. نحن اليوم مطالبون بتجديد الثقة بنفس الاستابلشمنت، الذي يحكم بنفس الشعارات، وبنفس الوسائل، ويعدنا مع ذلك “بالتغيير”. هذا الاستابلشمنت، أدار البلد يوم كان فيه عافية فقضى عليها –  ثمّ يزعم اليوم انتشالنا من قعر هو من أوصلنا اليه أصلا، فباسم أي انجاز، تحديداً، يقترح علينا تجديد الثقة به؟ اقتصادنا الزاهر؟ دولتنا القويّة؟ أم تجاربنا الحزبيّة الغرّاء؟ مجرّد أسئلة لا يطرحها الاستابلشمنت على نفسه (طبعا)، وحبّذا، فقط حبّذا، لو يطرحها أنصاره عليه.  الى الساعة، أقلّه، لم تُدخل فورة الوجوه والقوى الجديدة الى المشهد العام أي قيمة مضافة. كان مثيراً للسخرية حقّا أن نقرأ أن حزب “سبعة”، دعا الحزب التقدمي الاشتراكي، الى افتتاح مركز انتخابي له في الشوف. لو كان الاشتراكي جديراً بالدعوة، لما كانت هناك حاجة لأحزاب بديلة أساساً، أليس كذلك؟ من يجرؤ أن يقول لأهل الجبل أن وليد جنبلاط يستعملهم، ويحتقرهم أيضا، وأن نجله تيمور لن يفعل سوى هذا تحديداً. حقّ له أن يطرح نفسه كتغييري. أمّا من يقصّر عن مواجهة التقليد القابع فوق صدر الجبل منذ قرون، عنيت زعامة دار المختارة، فليخيّط بغير مسلّة “التغيير”. ما هو صحيح بالنسبة للزعامة القروسطية في الجبل، صحيح أيضا بالنسبة للانماط عينها في زغرتا والمتن وزحلة وسائر المناطق. من لا يواجه القروسطيين هو معهم، ومن معهم ضدّ لبنان. نقطة انتهى.  في هذه المسألة بالذات لا مجال للتسوية والتذاكي والحربقة اللبنانية وأنصاف الحلول.  ليس مطلوباً من القوى الجديدة أن تهزم حزب اللّه غدا صباحا، ولا أن تطيح بثقافة سياسية عمرها قرون. التغيير، بالنتيجة،  مسار تراكمي، لا حدث أو انقلاب، سيّما أن السياسة قبل كلّ شيء موازين قوى. المطلوب بالمقابل من القوى التي تتدثّر بعباءة التغيير، أو من بعضها على الاقلّ، الوضوح الفكري، أي التشخيص الدقيق لمشاكل المجتمع، ثمّ مقاربة الانتخابات كمحطّة على طريق الحلّ الطويل يبدأ فورا بعدها. من هذه الزاوية، مراقبة أداء القوى الجديدة ليس مضيعة للوقت، والسينيكية بالتعاطي معها، كسل فكري لا بعد نظر وفهلوة.  يمكن تلخيص كلّ ما سبق بلاءين ونعم، يصلحان كخلفية لمن لم ييأس من لبنان حتّى الساعة ،ويأمل أن تظهّر الانتخابات حالة يمكن البناء عليها لما بعد: لا لسلاح حزب اللّه. لا للاستابلشمنت القديم – الجديد. نعم لقوى ترفض الاوّل وتطرح بديلاً عن الثاني.   [video_player link=””][/video_player]