fbpx

اغتيال نشطاء عراقيين “حوادث جنائية”: تعزيز ثقافة الإفلات من العقاب

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

ما زالت الأجهزة الأمنية العراقية تلصق بحوادث قتل المتظاهرين والنشطاء العراقيين، صبغة جنائية تعيدها إلى أسباب شخصية أو أسرية أو لدواع مالية، متغافلة عن التهديدات الكثيرة التي تلقاها النشطاء من ميليشيات معروفة. آخر هذه الحوادث مقتل المتظاهر حيدر صبري في البصرة.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

حيدر صبري أحد ابرز متظاهري تشرين من قضاء القرنة التابعة لمحافظة البصرة جنوب العراق اختفى عن الأنظار في الرابع والعشرين من كانون الثاني/ يناير 2022 وبعد مرور 48 ساعة تم العثور عليه جثة هامدة، عليها آثار طلق ناري. شرطة البصرة سارعت إلى إصدار بيان تؤكد فيه أن “حادثة القتل جنائية نتيجة خلاف مع أخيه”. فيما اتهم نشطاء في الحراك الاحتجاجي ميليشيات مسلحة بالوقوف وراء حادثة اغتيال صبري وعملت على تصفيته في ظل فراغ أمني كبير وأزمة سياسية مستفحلة.

مدينة البصرة واحدة من اهم المدن العراقية الاقتصادية، إذ تضم حقولاً نفطية، بلغ مستوى التصدير النفطي منها قرابة 3 ملايين برميل يومياً فضلاً عن الموانئ البحرية والمطار الدولي والمنافذ الحدودية البرية وكانت الأحزاب والميليشيات المسلحة قد بسطت سيطرتها على المدينة بأشكال قانونية عبر شركات أو دعم شخصيات نافذة لتكون مصدراً أساسياً لتمويلها. 

وكانت تظاهرات تشرين واحدة من أكبر العقبات في وجه الميليشيات المسلحة، لذا زاد مستوى قمع المحتجين منذ انطلاقها عام 2019 ومحاولة حصرها في عدد محدود من مناطق المدينة والحرص على عدم وصولها إلى المواقع الاقتصادية.

الناشط في ساحة تظاهرات البصرة عمار الحلفي يجد في اغتيال حيدر صبري حلقة ضمن مسلسل اغتيال النشطاء في المحافظة منذ انطلاق تظاهراتهم عام 2015. ويجد الحلفي أن لغة السلاح هي السائدة في البصرة عاصمة الأحزاب الاقتصادية.

ويذكر الحلفي عن المتظاهر حيدر صبري أنه لم يكن لديه أعداء يتربصون به فهو معروف بنشاطه ومشاركته بفعاليات خيرية وكان دائم التواصل مع الجميع. وكان أحد همومه العائلية معالجة ابنه الصغير الذي يعاني من خلل في قلبه وكان الأمل يحدوه بإيجاد المال الكافي لعلاجه.

منذ انطلاق الحراك الاحتجاجي في تشرين الأول/ أكتوبر 2019، تعرض عدد كبير من النشطاء لعمليات اغتيال ومحاولة اغتيال، وكانت القوى الأمنية العراقية تجهّل الفاعلين وتربط العمليات بأسباب شخصية وعشائرية. عبد العظيم الربيعي أحد نشطاء مدينة الديوانية كان واحداً من هؤلاء. قتل في حادثة طعن بسكين وأعلنت الشرطة العراقية لاحقاً أن الجريمة وقعت نتيجة خلاف مع أحد المواطنين. تلى هذه الجريمة، مقتل الناشط جاسب حطاب من مدينة العمارة، الذي توصل الى الأشخاص الذين قاموا بخطف وتغييب ابنه المحامي علي جاسب ومن ثم أعلنت الشرطة أيضاً أن قاتله هو ابن عمه. كذلك الأمر مع الفتى حيدر الزاملي الذي لم يتجاوز السادسة عشرة، اختفى قبيل العملية الانتخابية بأربعة أيام بعدما وجه نقداً لاذعاً لأتباع الزعيم الشيعي مقتدى الصدر، عبر صورة كاريكاتورية تتضمن قطيعاً من الأغنام يخرج من حظيرته بتوجيه الراعي نحو صندوق الاقتراع وتعلوها عبارة “قادمون نحو الإصلاح”. وجد حيدر ميتاً في أحد أنهار مدينة الديوانية. الشرطة قالت إنه مات غرقاً أثناء السباحة! 

الناشط المدني محمد الخياط يرى أن حوادث الاغتيال التي يتعرض لها متظاهرون دائماً ما تصنف بأنها حوادث جنائية، فبعد مرور ساعات على مقتل الناشط أو العثور على جثته، تعلن الأجهزة الأمنية أن الحادث جنائي، ومعروف أن الحوادث الجنائية تحتاج إلى كشف مسرح الجريمة وضبط الأدوات التي استخدمت لتنفيذ الجريمة والكثير من الأمور الأخرى قبل الوصول إلى نتيجة حاسمة. وهذا يفترض ان يستغرق أياماً، لكن تسرّع الأجهزة الأمنية في وضع الجرائم السياسية في قوالب جنائية، يدل على ضعفها وعدم قدرتها على حماية النشطاء.  

بعثة الأمم المتحدة في العراق، وثقت في تقريرها الذي أعدته في نهاية ايار/ مايو 2021، 48 حادثة اغتيال ومحاولة اغتيال بحق محتجين ونشطاء، معظمهم تعرضوا لإطلاق النار من قبل عناصر مسلحة “مجهولة الهوية”، ونتج عن ذلك مقتل ما لا يقل عن 32 شخصاً وإصابة آخرين وهناك ما لا يقل عن 20 متظاهراً وناشطاً لا يزالون في عداد المخفيين قسرا من قبل جماعات مسلحة. كما أن المحاكم العراقية سجلت، خلال الفترة التي أعدّ فيها التقرير الأممي، اكثر من 8 آلاف دعوى قضائية تتعلق بحالات عنف وتجاوزات وشكاوى متعلقة بالتظاهرات.

وترى بعثة الأمم المتحدة أن تظاهرات تشرين هي حراك احتجاجي ذات تأثير سياسي كبير إذ استقال بسببها رئيس الوزراء السابق عادل عبد المهدي ليخلفه في الوقت الحاضر مصطفى الكاظمي.

المتظاهر من ساحة الحبوبي في الناصرية سمير السومري يؤكد أن الجهات الرسمية تحاول دائماً إبعاد التهمة من الميليشيات المسلحة في حالات قتل المتظاهرين عبر إعطاء الجرائم طابعاً شخصياً وجنائياً، وهذا يدل، بحسب السومري، على أن الأجهزة الأمنية مخترقة من قبل بعض تلك المجموعات وبعض المراتب العليا فيها يتبعون بشكل واضح لتلك الأحزاب النافذة في السلطة، وبالتالي يصعب الوصول إلى نتيجة في التحقيقات التي تجريها السلطات الرسمية العراقية، ما يعزز ثقافة الإفلات من العقاب. 

إقرأوا أيضاً:

حازم الأمين - صحافي وكاتب لبناني | 28.03.2024

العرقوب اللبناني بين “فتح لاند” و”حماس لاند”

الوقائع التي تشهدها المناطق الحدودية اللبنانية عززت التشابه بين "فتح لاند" و"حماس لاند"، فبينما كانت الهبارية تتعرض لغارات الطائرات الإسرائيلية التي قتلت على نحو متعمد تسعة مسعفين، كان أهالي بلدة رميش المسيحية يقرعون أجراس كنائسهم احتجاجاً على تمركز حزب الله على إحدى التلال في بلدتهم!