fbpx

شتاء غزة… الناس تحت رحمة السيول والبنى التحتية المتهالكة 

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

بالكثير من القلق والخوف يستقبل سكان قطاع غزة المنخفضات الجوية التي تضرب المنطقة، فالبنية التحتية متهالكة، ما يجعل الأمطار والسيول خطراً حقيقياً يتهدد حياتهم وحياة أطفالهم.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

كسر حمزة شرير (27 سنة) قدمه، بعد سقوطها في منفذ لتصريف مياه الأمطار في مدينة غزة، بسبب صعوبة الرؤية وانسداد المنافذ: “فجأة وجدت نصفي الأعلى على الطريق ونصفي السفلي تحت الأرض، وبدأت أصرخ طالباً المساعدة”.

بالكثير من القلق والخوف يستقبل سكان قطاع غزة المنخفضات الجوية التي تضرب المنطقة، فالبنية التحتية متهالكة، ما يجعل الأمطار والسيول خطراً حقيقياً يتهدد حياتهم وحياة أطفالهم، إذ تتدفق المياه إلى داخل المنال وتهبط الطرق المتردية أيضاً. وليكتمل مشهد المأساة، أصدرت مجالس البلديات التابعة لحكومة “حماس” في غزة، تعليمات بفتح منافذ الصرف الصحي في الشوارع كحل وحيد، وهو ما يشكل مخاطر حقيقية على الأطفال والمارة.

نفور شعبي 

العواصف انسحبت أيضاً إلى مواقع التواصل الاجتماعي، حيث حمّل مواطنون ونشطاء مجالس البلديات مسؤولية ما يحدث، لكونها لم تجرِ الاستعدادات اللازمة قبل وصول السيول. واعتبر آخرون أن الأزمة الحقيقية تعود إلى قصف الجانب الإسرائيلي البنية التحتية للقطاع منذ الحرب الأولى على غزة عامي 2008-2009، والتي شكلت محطة جديدة في منهجية ضرب قطاع غزة، من خلال استهداف المرافق العامة والطرق التي تعد بنك أهداف عسكرية.

زينب عطوة مشرفة تربوية في المدارس الحكومية في غزة، انتقدت السياسات الرسمية في غزة، واصفةً إياها بعديمة المسؤولية جراء إخراج الطلاب من الفصول الدراسية فيما الطرق مغمورة بالمياه بما يزيد عن 40 سنتم، ما يعرض الأطفال في المراحل الأساسية لمخاطر الإصابة بالأذى أو الإنفلونزا والنزلات المعوية لبرودة المياه والجو. وهذه مسؤولية إنسانية يجب أن يتحلى بها وزارة التربية والتعليم والجهات الحكومية، “استقبلت أبنائي الثلاث وثيابهم مبللة، واليوم ترقد ابنتي الصغرى (9 سنوات) في الفراش جراء إصابتها بالزكام وارتفاع حرارتها… فمن المسؤول عن سلامة أطفالنا في هذه الظروف؟”.

كتاب ومحللون اتفقوا على أنه يجب إمساك العصا من المنتصف وتفسير الأمور بشكل منطقي، إذ يرون أن المسؤولية موزعة في قضية  مخاطر تردي البنية التحتية، في ظل كميات الأمطار التي تعد معقولة مقارنة بالكميات السنوية الهاطلة، ولكن المشهد خلال الأعوام العشرة الأخيرة يزداد سوءاً جراء تفاقم مخاطر تجمع المياه وتدفقها إلى المنازل، ولا يغفل أحد أن القوات الإسرائيلية استهدفت مرراً وتكرراً البنية التحتية ما كبد غزة خسائر فادحة، وفي الجانب الآخر لم تعتبر حكومة “حماس” أن ترميم البنية التحتية والمنشآت الخاصة بالحكومة والمنازل، من أولوياتها.

الحروب بداية الحكاية

شكلت الحرب الإسرائيلية في كانون الأول/ ديسمبر 2008 حقبة جديدة في واقع غزة، جراء شن إسرائيل حرباً دموية، خلّفت دماراً كبيراً، إذ لم تستثنَ البنية التحتية من الاستهداف. تزايدت حدة توتر الأوضاع الأمنية والعسكرية القائمة في القطاع ليشهد عام 2014 حرباً استمرت 51 يوماً لتعد الأكثر دموية وقسوة، إذ تم تدمير 25 في المئة من إجمالي مساحة القطاع، ما وضع غزة أمام واقع مرير يعاني من تهالك البنية التحتية. تكرر المشهد خلال حرب أيار/ مايو 2021 بطريقة أكثر وحشية، خلال تفعيل المنظومة العسكرية “الحزام الناري” والتي ألحقت أضراراً كبيرة في مسح مربعات سكنية كاملة، وطرق عامة بشكل كبير، ما ألحق أضراراً جسيمة في شبكات تصريف مياه الصرف الصحي و مياه الأمطار والطرق العامة وخطوط المياه للاستخدام المنزلي وشبكات الكهرباء.

ليكتمل مشهد المأساة، أصدرت مجالس البلديات التابعة لحكومة “حماس” في غزة، تعليمات بفتح منافذ الصرف الصحي في الشوارع كحل وحيد، وهو ما يشكل مخاطر حقيقية على الأطفال والمارة.

خلف حجم الدمار خسائر في قطاع البنية التحتية بلغت 292 مليون دولار، منها 62 مليون دولار شبكات طرق و18 مليون دولار شبكات مياه وآبار و13 مليون دولار مرافق وشبكات صرف صحي و15 مليوناً لشبكات الكهرباء. حسني مهنا مسؤول الإعلام في بلدية غزة، يرى أن المنخفض الأخير أظهر حجم الأضرار بالبنية التحتية نتيجة العدوان، إذ توزعت الخسائر بين تعطل 50 ألف متر طولي من شبكات المياه، و150 ألف متر مربع طرقات، وقرابة 500 ألف متر من شبكات تصريف مياه الأمطار. كما هبط أحد الطرق المهمة في مدينة شارع جمال عبد الناصر، قرب تجمع الجامعات، ليتجاوز قطر الحفر التي تشكلت نتيجة حالات الهبوط ما يزيد عن 5 أمتار، بواقع أكثر من 4 حفر في الطريق، ما أدى إلى وقوع مركبات، وهذا الطريق ذاته كان استهدفه سابقاً الطيران الإسرائيلي خلال العدوان الأخير.

قصور حكومي غير مغفور 

محمود الزق أمين سر “هيئة العمل الوطني الفلسطيني”، يعتبر مخطط حكومة “حماس”، غير منصف ولا يخدم المجتمع بشكل مركزي جراء وضع الأولويات للمشاريع السكنية الخاصة للأفراد والحكومة والمرافق الحكومية، وفيما تبقى البنية التحتية تحت بند المعالجة الإصلاحية المبدئية وذلك ما رأيناه في عملية إصلاح شارع الوحدة في مدينة غزة الذي شهد ترميماً جزئياً في المقابل، وضعت أولويات لمنشآت سكنية كالمشاريع المصرية والدعم القطري، على رغم توفر المعدات والأدوات التي تلزم لإتمام عمليات الترميم والإصلاحات اللازمة، ويساهم ذلك في تفادي المخاطر التي تصيب المجتمع بأسره خلال المنخفضات الجوية. “لمَ لا تضع حماس البنية التحتية في أولويات ملف الإعمار، فيما الجميع يعلم بأن الاحتلال يهدف لتدمير بالبنية التحتية لشلل مقدرات المجتمع”.

مهنا يقول إن عمل الجهات الحكومية يقتصر عند تفاقم الازمة مع فقدان الترتيبات الإجرائية السابقة لدخول المنخفض عمقه مما يجعل عملية التعامل مع الأمور أكثر صعوبة ويساهم في ارتفاع معدل المخاطر، لذلك على الجهات المختصة التأكد من سلامة مصارف مياه الأمطار في الطرقات وجهوزيتها لاستقبال تلك الكميات، إضافة إلى العمل على تنظيف تلك المصارف من الشوائب التي تساعد في إغلاقها وصعوبة تدفق المياه ما يزيد من تفاقم الأزمة. ومن جانب آخر أيضاً، من الضروري العمل على اتخاذ إجراءات السلامة في المناطق التي تشكل مخاطر على المواطنين وبخاصة تلك التي تعرضت لقصف إسرائيلي، ولم يتم ترميمها أو إصلاح الأعطال فيها.

المقدم رائد الدهشان الناطق الرسمي باسم الدفاع المدني في قطاع غزة، يعتبر أن عمل الدفاع المدني خلال العواصف، خدماتي ويكون ضمن خطة الطوارئ، التي تنحصر في تلبية النداءات من المواطنين عبر التبليغ عن حدوث مشكلة في منطقة ما ضمن غرفة طوارئ تضم عدداً من الجهات الحكومية المختصة، ما يضعنا أمام حالات حرجة يجب التعامل معها بشكل فوري.

وبلغ عدد أيام هطول الأمطار 21 يوماً منذ بداية الموسم، وبلغ متوسط معدل الهطول على محافظات القطاع منذ بداية الموسم 44.32 ملم، وهي كميات تعد طبيعية مقارنة بالمعدلات السنوية، لكن في غياب الخطط والإصلاح، أصبحت الأمطار خطراً حقيقياً على حياة الناس.

إقرأوا أيضاً:

سامر المحمود- صحفي سوري | 30.03.2024

فصائل مسلّحة في سوريا “توظّف” الأطفال كـ”مقاتلين مياومين”

مئات الأطفال شمال غربي سوريا يعملون كمقاتلين لدى الفصائل المسلحة، بأجور يوميّة يُتَّفق عليها مع زعيم المجموعة، يبلغ "أجر" الطفل المقاتل/ المرابط في اليوم بين 3 و6 دولارات، أما الفصائل المتشددة فتدفع 100 دولار في الشهر.