fbpx

من أخفى عنّا لذتنا الجنسية؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

قد يكون هذا هو العالم المثالي. عالم تصل فيه النساء إلى النشوة من دون ذنب وخوف وأفكار سود.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

أخافتني أمي في صغري من “الشطافة”، وغالباً ما كانت تصرخ بي من الغرفة الأخرى إن شعرت بأنّني أطلت الوقت باستخدامها. لا تعلم أمّي أن الشطافة مخيفة ليس لأنّها قد تمزق غشاء البكارة، لكن لأنّها قد تفتح لي لذة جديدة قد يكون من الصعب أن أكتشفها في غرفتي وحدي، لأنّ هناك أمراً مخيفاً في أسفلي. ​

اللذة الجنسية التي أتكلم عنها هنا بعيدة من القضيب والغشاء و”الشرف”. إنّها ببساطة تلك التي يمكن أن نغوص فيها وحدنا، في غرفتنا، في مراهقتنا أو بعد مراهقتنا، تلك التي يمكن أن نتحدث عنها مع صديقاتنا ونكتشف أبعاداً أخرى منها. أتت لي صديقة في الثانوية وسألتني “كيف الليزبيانز بيعملو سكس”. سؤالها وجيه، إذ إنّنا تعلمنا أن الجنس هو فعل ميكانيكي بحاجة إلى قضيب. خفت أن أشرح لها لأنّني منذ صغري انجذبت للفتيات وابتعدت من مشاهدة “البورنو” الذي لا يشمل فتاتين. كنت أعلم “كيف الليزبيانز بيعملو سكس”، وحاولت أن أشرح لها ببساطة أنّ الجنس جميل من دون فكرة الإنجاب أو حتى الإيلاج. هناك خوف مرتبط ​ باللذة الجنسية وكأنّها تقع في خانة الشرف والغشاء. تسألني فتاة منذ فترة عبر “إنستاغرام” كيف أنّ “فايبريتر ديم” الذي أنتجه فريق “موج” هو للعازبات. لم تفهم الفتاة أنّ هناك لذة جنسية غير تلك التي تشمل “الإيلاج” ولم أتمكن سوى أن أشرح لها حقيقة هذا “الفايبريتر”، علماً أنّها قد تكون شاباً غريباً الأطوار يريد أن يجرني إلى حديث أغرب منه. لقد أعطتنا قوى ما أبعاداً خارقة من اللذة الجنسية، لا تقتصر على شريك رجل، لا تقتصر على شيء. لكن في المقابل، لقد أخافتنا قوى أخرى من هذه اللذة ووضعتنا في خانة خاصة لتسيطر علينا. الخوف من فقدان العذرية ومن الاستقلال ومن أي شيء نسائي قوي، حتى أصبحت هذه اللذة تحت سيطرة الرجل (تقليدياً).

غالباً ما تلقى النساء اللواتي يحببن الجنس في الكتب والقصص نهايات سيئة، من الموت إلى الانتحار، وكأنّ اختيار الجنس كأولوية يعني الدمار الشامل للشخصية. فحتى إن أراد الكاتب ان يتعاطف معها، يصفها على أنّها فتاة حزينة كئيبة ستلجأ أخيراً للانتحار. لا تعرف كيف تتصرف، وحبّها للجنس يأتي بسبب عدم نضجها. 

أنّا كارنينا، بوفاري، وحتى أوفيليا في هامليت لقين نهاية سيئة بسبب حبّهن للجنس. وإن تعمقنا أكثر في الأدب والقصص التقليدية التي يمكن أن نبني منها صورة عن تطور نظرة العالم لجنسانية المرأة، يمكن اعتبار شخصية “لوليتا” في القصة الشهيرة لفلاديمير نابوكوف، التي يفترض أن تناقش شخصية “بيدوفيل”، مهمة في هذا السياق. فقد وضعت الفتاة تحت خانة “مهووسة الجنس” التي ستلقى نهاية سيئة بسبب تصالحها مع جنسانيتها، وبات البيدوفيل الذي أغرم بها هو مخلصها. فحتى في نهاية القصة، حين تتخلص لوليتا من هذا الهوس الجنسي، تصبح شخصية حزينة بائسة مع حبيبها العاطل من العمل. وكأنّه لا يمكن أن نقدم شخصية لامرأة تسيطر على لذتها الجنسية من دون أن ننمطها بهذا الشكل. 

من أخفى هذه اللذة عن النساء؟

نعود للسؤال الأساسي، وهو من أخفى هذه اللذة عن النساء؟ تقول دراسات علمية إنّ اللذة الجنسية عند الرجل ليست أعلى من المرأة، وهنا نعود لنقطة مهمة، وهي تنميط البشر بحسب الجندر/ الجنس، والتي سمحت لنا أن نصنف الدراسات بحسب الجندر/ الجنس لنبرهن للعالم أنّ اللذة الجنسية عند المرأة لا تقل شأناً من تلك التي عند الرجل. انتشرت فكرة سابقة تقول أنّ هورمون التستوستيرون عند الرجل يجعل رغبته الجنسية أعلى. كان لا بدّ أن تكون هناك دراسات تثبت أنّ الرجل والمرأة متساويان بالرغبة الجنسية وأنّ هذا الهورمون لا يغير شيئاً، بل هناك عوامل أخرى تدخل في هذا الموضوع منها نفسية، ومنها إجتماعية ومنها جسدية. ولهذا تنميط مستوى الرغبة أو اللذة لا يمكن ربطه بهورمون واحد. لكن اللذة الجنسية ليست مرتبطة برغبتنا. اللذة هي تلك التي نغوص بها ولا نخاف أن نكتشفها. هي حينما نتمكن من أن نحدد ما نحب وما نكره، ونضع قواعد مبنية على تجاربنا ونظرتنا، وليس على ما وضعه المجتمع من أدوار. هي أن نتمكن من أن نغوص من دون خوف ومن دون ذنب ومن دون أن يوهمنا أحد بأنّ الغوص في لذتنا الجنسية والتعرف إليها ستنتج عنه نهاية سيئة مثل الانتحار وخراب المجتمع. 

أتت هذه الأفكار من سؤال من إحدى المتابعات على “إنستاغرام”، لم تفهم الفرق بين “فايبريتر” و”ديلدو”. عضو المرأة مخيف ليس لأنّه فيزيولوجياً ليس ظاهر اً (كقضيب الرجل)، إنما لأنّه ارتبط بالآخرين، فهو يحدد شرف الوالد والأخ والعائلة، وهو مرتبط بالمستقبل والحب والعائلة والحميمية، فلم نفصله عن أي شيء آخر، بل ربطناه بكل شيء، ليس لأنّ الامر منطقي، بل لأنّ الأمر منتشر وسائد ويحمي الرجل المسؤول عن القبيلة. 

بحسب إحصاء نُشر عام 2022 عن المتعة واللذة عند النساء، 81.6 منهن لا يحصلن على النشوة الجنسية من الجماع وحده (بدون تحفيز البظر الإضافي).

أستغرب أنّ هناك فتيات لم يكتشفن اللذة التي تأتي من البظر. فهي لذة محمية، ليست مرتبطة بالغشاء أو الشرف ولا بالقضيب، هي ظاهرة وموجودة أمامنا… هي تحتاج غرفة خالية، وخيال ملائم، وإصبع، ومع هذا ما زال هناك عدد من الفتيات يخفن من هذه اللذة ولم يختبرن الفرصة لاكتشافها. على رغم كل الطرائق التي تؤمن لهنّ اكتشافها، إنما ما زال هناك خوف من البظر وهذا الخوف سببه الترهيب من الجنس الذي قتل اللذة.

بحسب إحصاء نُشر عام 2022 عن المتعة واللذة عند النساء، 81.6 منهن لا يحصلن على النشوة الجنسية من الجماع وحده (بدون تحفيز البظر الإضافي).وذكرت الدراسة أنّ النساء في المتوسط يستغرقن ​​14 دقيقة أثناء ممارسة الجنس مع الشريك للوصول إلى النشوة الجنسية، بمعدل 8 دقائق أثناء ممارسة العادة السرية. في إحدى الدراسات الرئيسية، كان 91 في المئة من الرجال قد وصلوا إلى النشوة الجنسية خلال آخر لقاء جنسي لهم مقارنة بـ64 في المئة فقط من النساء. مع هذا، 86 في المئة من النساء المثليات عادة أو دائماً يصلن للنشوة الجنسية أثناء النشاط الجنسي. من هذه الأرقام، أدّت الذكورية الهشة عند الرجل إلى أن يفقد قدرته على إمتاع المرأة. فالنساء المثليات، يمكنهن الوصول للنشوة مع بعضهن البعض أكثر من المغايرات، والسبب هو إمّا أنّ الرجل لا يكترث أو أنّ عدم الاكتراث هذا يأتي بسبب المرأة التي خافت أن تحكي لذتها أو تكتشفها حتى، فأصبحت ثانوية، وأصبح الجنس لنشوة الرجل وحسب. 

في كل حال، لا خلاص سوى بقتل هذا الخوف، وجعل اللذة الجنسية قوة على المرأة التحكم بها، سواء من خلال التربية الجنسية أو من خلال مبادرات مثل “فايبريتور ديم”، أو من خلال الحديث مع بعضنا نحن الفتيات من دون ترهيب وبعيداً من أفكار والداتنا عن “الشطافة”، أو حتى من خلال تغيير السردية في القصص والحكايات، وتقديم نساء قويات لا ترتبط شخصياتهن بجنسياتهن. قد يكون هذا هو العالم المثالي. عالم تصل فيه النساء إلى النشوة من دون ذنب وخوف وأفكار سود. 

إقرأوا أيضاً:

هلا نهاد نصرالدين - صحافية لبنانية | 27.03.2024

“بنك عودة” في قبضة الرقابة السويسرية… فما هو مصدر الـ 20 مليون دولار التي وفّرها في سويسرا؟

في الوقت الذي لم ينكشف فيه اسم السياسي الذي قام بتحويل مالي مشبوه إلى حساب مسؤول لبناني رفيع المستوى، والذي امتنع بنك عودة سويسرا عن ابلاغ "مكتب الإبلاغ عن غسيل الأموال" عنه، وهو ما ذكره بيان هيئة الرقابة على سوق المال في سويسرا "فينما" (FINMA)، تساءل خبراء عن مصدر أكثر من 20 مليون دولار التي…