fbpx

عائلة صالحية في حي الشيخ جراح: مثال على وحشية لا أفق لها

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

ما هي الخطوات القادمة التي سيتخذها سكان حي الشيخ جراح الفلسطينيين؟ هل يمكن لأسطورة المقاومة المترسخة في الوعي المحلي والإقليمي والدولي أن تسهم في قلب الطاولة من أجل مستقبل يتماشى مع تطلعات التحرير الفلسطيني؟

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

في سياق المشهد السياسي الإسرائيلي-الفلسطيني، كان حي الشيخ جراح هو القضية التي شغلت الرأي العام خلال العام الماضي، وأعادت النضال الفلسطيني من أجل تحقيق التحرير الوطني إلى الوعي الدولي بصورة واسعة النطاق وجديرة بالملاحظة. مؤخراً دفعنا الإخلاء القسري لعائلة صالحية لأن نشهد مجدداً وفي سياق قضية محددة ذات منعطف شخصي، الواقعَ الوحشي دائماً وأبداً لعمليات هدم المنازل. 

هكذا، أحيت قصتان مختلفتان عن عمليات الإخلاء القسري للفلسطينيين المقاومةَ المحلية الساعية إلى التغلب على “الواقع” الذي لا يزال مفروضاً على حياة الفلسطينيين مع استمرار الاحتلال.

تسبب “الشيخ جراح”، وهو حي في القدس الشرقية ومعظم سكانه من الفلسطينيين، في اندلاع موجة من الغضب الدولي في عام 2021، حين واجهت إسرائيل إدانة دولية وتلقت العائلات في الحي دعماً واسعاً عقب قرار تهجيرهم المتعمد والقسري من منازلهم. كانت مستوطنة “شمعون هتسديك” غير القانونية في “الشيخ جراح” هي السبب وراء “تفجر التوترات العنيفة بين الإسرائيليين والفلسطينيين”، مثلما أوضح المحامي والخبير الإسرائيلي المقيم في القدس دانيال سيدمان في مقطع فيديو أنتجته منظمة “جيه ستريت” J Street.

ساهمت هذه الأحداث أيضاً في إحياء الدعم الشعبي النشط للقضية الفلسطينية في الغرب، وهو ما دفع عدداً كبيراً من الشخصيات الدولية البارزة والمؤثرين في قطاعات مختلفة إلى “الخروج عن صمتهم” والتضامن مع الفلسطينيين المهجرين من بيوتهم. وعلى صعيد أكثر تحديداً، مثلت هذه الانتعاشة النضالية الجديدة فرصة كبيرة للناشطَين الفلسطينيَّين المقيمَين في حي الشيخ جراح، منى الكرد ومحمد الكرد، اللذَين ظهر اسماهما ضمن قائمة مجلة “تايم” الأمريكية لأكثر مائة شخصية مؤثرة لعام 2021.

ولكي نبني ونُراكِم على المعلومات التي جُمعت في محاولة لِفهم عمليات الإخلاء الأخيرة، من المهم للغاية الانتباه إلى أن ما نشهده حالياً ليس خلافاً قانونياً على الممتلكات المتنازع عليها، وإنما معضلة وطنية مترسخة في الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني الأوسع نطاقاً. فبعد التهجير القسري للسكان الفلسطينيين وتجريدهم من أملاكهم خلال حرب 1948، منحت الأونروا 28 قطعة أرض في حي الشيخ جراح لعائلات فلسطينية بضمانٍ من السلطات الأردنية التي كانت تفرض سيطرتها على القدس الشرقية في ذلك الوقت. في المقابل، أُعيد توطين اليهود أصحاب هذه الأراضي في القدس الغربية. وتماشياً مع النمط الإسرائيلي التمييزي، يُحرم اللاجئون الفلسطينيون من استعادة منازلهم التي كانوا يسكنونها قبل عام 1948. لكن، خلافاً للفلسطينيين، سعى هؤلاء المستوطنون تحديداً إلى استعادة ملكية الأراضي التي كان يملكها اليهود في القدس الشرقية (قبل عام 1948).

على الرغم مما أرسته احتجاجات 2021 من دعم محلي ودولي لتلك العائلات الفلسطينية، ومن إبراز أهمية مكافحة الهيمنة، فشلت الإجراءات المؤسساتيّة في تحقيق نتائج مقبولة عندما أصرّت المحكمة، في 2 أغسطس/آب من العام نفسه، على الملكية الإسرائيلية للمستوطنات، مع منح العائلات “حماية” رمزية بوصفهم مستأجرين. ولكن لا يمكن للفلسطينيين التخلي عن تطلعاتهم الوطنية سعياً لحل وسط، وهو ما يؤكد على ضرورة التدقيق في الوضع وتداعياته المختلفة على النسيج الاجتماعي في المنطقة من منظور أوسع نطاقاً.

في ظل هذه التطورات، تجدر الإشارة هنا إلى أن حالة عائلة صالحية مختلفة تمام الاختلاف: لأن هذه الملكية لا تندرج ضمن أراضي القدس الشرقية الثماني والعشرين التي تحدثنا عنها سابقاً، وبالتالي فإن هذا البُعد غير المعهود لعملية الهدم المروعة تلك يعرض سرداً تاريخياً مختلفاً، وهو ما ينبغي الإسهاب فيه باحتراس.

الآن، يسير أفراد عائلة صالحية على أنقاض ما كان يشكل بيتهم سابقاً، إذ تخطط إسرائيل لبناء مدرسة مكانه، يفترض أنها ستعود “بالنفع” على كافة سكان حي الشيخ جراح. يقع المنزل ضمن أراضي “كرم المفتي” بالحي، وقد بيعت هذه المنطقة لشركة فلسطينية كانت تعمل في مجال الفنادق في القدس الشرقية من قبل عام 1967 (تُدعى “شركة الفنادق العربية”).

خلال فترة التسعينيات، حاولت الشركة نفسها إخلاء أولئك الفلسطينيين من منزل عائلتهم، ولكنهم ربحوا كافة المعارك القانونية التي كانت بلا معنى. يقول نير حسون، وهو أحد الكتاب المنتظمين في صحيفة هآرتس، إنه في ذلك الوقت ساهم المستوطنون في “وقف” عمليات الإخلاء، على اعتبار أن الاستيلاء على الأراضي سيكون أسهل بكثير إذا كانت الأرض في حوزة السكان وليس الشركة.

يشير التباين في هذه القضية إلى مدى سوء الممارسات الإسرائيلية في القدس الشرقية، فوفقاً لِأفيف تتارسكي الباحث في منظمة “عير عميم” الحقوقية، يوجد حكم قضائي بملكية الأرض لشركة الفنادق العربية المحدودة. لكن المحكمة رفضت حقوق تسجيل الأرض باسم الشركة الفلسطينية. وكان من السهل أيضاً تخصيص قطعة أرض أخرى -من الأراضي الموقوفة لهذه المشاريع- لِتلك المدرسة التي يعتزم الإسرائيليون تشيدها. وبالتالي، فهذا يشير إلى أننا سنشهد من الآن فصاعداً مأساة أخرى غير ضرورية تنوي السلطات الاسرائيلية متابعة خططها من خلالها.

هل نهج هدم المنازل غير الضروري هذا هو نتاج لقسوة الدولة ونذير شؤم على مزيدٍ من التدهور في عملية السلام “الموعودة”؟ 

ما هي الخطوات القادمة التي سيتخذها سكان حي الشيخ جراح الفلسطينيين؟ هل يمكن لأسطورة المقاومة المترسخة في الوعي المحلي والإقليمي والدولي أن تسهم في قلب الطاولة من أجل مستقبل يتماشى مع تطلعات التحرير الفلسطيني؟ لا توجد لدينا إجابات كافية عن هذه التساؤلات، لكن لا يزال الرهان معقوداً على استمرارية النضال بما يتوافق مع جيل الشباب الذي ثار قبل نصف عام.

إقرأوا أيضاً:

سامر المحمود- صحفي سوري | 30.03.2024

فصائل مسلّحة في سوريا “توظّف” الأطفال كـ”مقاتلين مياومين”

مئات الأطفال شمال غربي سوريا يعملون كمقاتلين لدى الفصائل المسلحة، بأجور يوميّة يُتَّفق عليها مع زعيم المجموعة، يبلغ "أجر" الطفل المقاتل/ المرابط في اليوم بين 3 و6 دولارات، أما الفصائل المتشددة فتدفع 100 دولار في الشهر.