fbpx

مصر لم تعد “منورة بأهلها”:
تركي آل الشيخ “يطفئ” كل من ينتقده!

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

صار الفن الذي من المفترض أن يكون أحد أسلحة الحرية، سلاحًا لتأديب الفنانين وعقابهم. وهو بالضبط ما تعرّض له باسم سمرة، وباقي فريق عمل مسلسل “منورة بأهلها” على يد تركي آل الشيخ بسبب ما يعتقد أنه تعدٍ عليه حين دافع فنان مصري عن أحد المخضرمين في الفن المسرحي في مصر.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

من أمن العقاب، أساء الأدب..

وفق هذه المقولة منعت منصة “شاهد” بالأمر المباشر من السعودي تركي آل الشيخ إعلانات مسلسل “منورة بأهلها” عقابًا للممثل المصري باسم سمرة المشارك في العمل بعد  تضامنه مع الفنان المصري  محمد صبحي.. 

تطور الأمر كثيرًا وتضخّمت كرة النار التي بدأت بتلاسن بين المسرحي المصري الكبير ورئيس هيئة الترفيه السعودية لتطال تداعياتها آخرين في سياق “العقاب الجماعي” الذي تطبقه السعودية طوال الوقت ولذلك عاد باسم سمرا ليعتذر عن التضامن مع صبحي ويعترف بـ”عدم اللباقة” ربما لإنقاذ مسلسله الذي بدا أنه لن يعرض أبدا وسيكون فريق العمل بالكامل ضحية للجنون السعودي.

دبّ الخلاف بين آل الشيخ ومحمد صبحي بعد رفض الثاني عرضاً سعودياً مقابل 4 ملايين دولار لتقديم عرض مسرحي على هامش موسم الرياض الترفيهي، معبّرا عن رفضه السفر إلى السعودية لتقديم عمل فني تحت شعار “الترفيه”، قائلًا إنه “ليس مرفهاتيًا”. 

سارع سعوديون لمهاجمة النجم المسرحي المصري محمد صبحي، وفي مقدمتهم الإعلامي السعودي توفيق الخليفة، الذي وصفه بـ”الزائدة الدودية في الفن” لأن “المنتجين لا يريدونه”، ليردّ تركي آل الشيخ: “والله أريد أن أعرف من عرض عليه الملايين لنكشف على قواه العقلية”، ثم وصفه بـ”المشخصاتي”. 

كان الأمر سينتهي على صفحات “تويتر”، فالفنانون المصريون يفضّلون ألا يتدخلوا في سجال أحد طرفيه تركي آل الشيخ، إلا إذا كانوا سيقفون في صفه كي لا يضعهم في القائمة السوداء.

 وبالفعل، صمت الفنانون المصريون تمامًا حتى كتب الفنان المصري باسم سمرة تدوينة قال فيها: “بكل الحب دعم للفنان المصري المشخصاتي محمد صبحي، ولكل أصدقائي المحبين، اللي يشوف الواد ده اللي غلط في الأستاذ الكبير محمد صبحي يديله على قفاه. ولكل أصدقائي المَعلمين انتوا عارفين هتعملوا ايه”.

يقصد سمرة بـ”الواد اللي غلط في الأستاذ الكبير” تركي آل الشيخ، ليصبحَ المصري الأول الذي يجرؤ على توجيه إهانة إلى “المُدلل السعودي” حتى وإن كانت مُبطّنة من دون ذكر اسمه، لكنها شفت غليل المصريين المُنزعجين من الإذلال السعودي للفنانين المصريين على يد تركي آل الشيخ، الذي صارت سيرته تضغط على أعصاب المصريين، منذ إهاناته المتكررة للنادي الأهلي، مرورًا بتعديه على الفنانة المصرية آمال ماهر، وليس انتهاءاً باستخدام أمواله للتحكم بالوسط الفني المصري. 

منع مسلسل “منورة بأهلها” وإهدار الأموال والجهود عقابًا لباسم سمرة!

ولأن آل الشيخ يتعامل مع الفنانين المصريين بمنطق التأديب والعقاب، عاقب باسم سمرة سريعًا بمنع إذاعة مسلسله الجديد “منورة بأهلها” على منصة “شاهد” (التابعة لهيئة الترفيه السعودية) المنتج للمسلسل، الذي أخرجه المصري يسري نصر الله، وكتب قصته محمد أمين راضي، ويشارك في بطولته مجموعة فنانين مصريين، تأتي في مقدمتهم ليلى علوي وغادة عادل، وربما لا يجد سمرة عملًا في المستقبل، جزاءً لذلك، فبتتبع المخطئين بحق رجال السعودية، نجد أنه يتم تجويعهم بمنع المنتجين من التعامل معهم.

ظهر المؤلف أمين راضي باكيًا على صفحته في موقع “فيسبوك” بعدما أعلن حذف المسلسل ودعايته من منصة “شاهد” قبل ساعات من بدء عرضه، وذلك عقابًا لأحد أبطاله بعد تصريحاته المتضامنة مع محمد صبحي، والمهاجمة لتركي آل الشيخ، ورغم الحيرة حول ما إذا كان ذلك خطأ تقنياً أم قراراً انتقامياً، لم تصدر المنصة بيانًا للتوضيح، واكتفت بالصمت حيال ما يقال حول “الحذف العقابي” للمسلسل. 

صمتت نقابة المهن التمثيلية المصرية طويلًا.. لم تتقدم بأي رد فعل تجاه حذف المسلسل، ثم أصدرت بيانًا وُصف كثيرًا على مواقع التواصل الاجتماعي بـ”المخزي والضعيف”، وذلك لتصديره بإبداء الإعجاب بالتطور الهائل في الحياة الفنية والثقافية بالمملكة العربية السعودية، ثم التأكيد على قيمة محمد صبحي الفنية، ثم تأكيد حق كل هيئة ثقافية وإبداعية عربية في وضع سياستها ومسمياتها وإدانة التدخل في هذا الشأن، وأخيرًا.. الثناء على التقدير الذي يلقاه ويلمسه الفن والفنانون المصريون في “بلدهم الثاني المملكة العربية السعودية”، ودعت النقابة الجميع للتوقف عن التصريحات التي “تعكر الحالة الفنية الرائعة التي يشهدها مجتمعنا العربي”، وبدلًا من أن تسجل موقفًا صريحًا بحق أحد الفنانين المصريين المتضررين، تمادت في مسح الجوخ والانبطاح لتركي آل الشيخ، والثناء على “الإبداع” السعودي رغم أن أغلبه يتم بأيدي فنانين مصريين. 

في البيان، وصفت نقابة المهن التمثيلية التحكم السعودي بالفنانين المصريين مقابل الأموال بأنه “تقدير للفنانين المصريين” لتعلن النقابة المهنية الفنية الأولى انحيازها الواضح للجانب السعودي، ممثّلًا في تركي آل الشيخ، دون التطرق إلى حذف مسلسل مصري ومنع عرضه عقابًا لممثل مصري أبدى تضامنه مع صبحي. 

إقرأوا أيضاً:

لماذا تنحاز نقابة الممثلين إلى آل الشيخ؟

بشكل شخصي، دخل نقيب الممثلين المصريين، أشرف زكي، على خط الأزمة، ولام الفنان المصري باسم سمرة على تدخله، وقال: “غلط.. واتصلت به وقلت له تضامن مع محمد صبحي ولكن لا تخطئ في حق أحد”. 

لم يخطئ باسم سمرة بحق أحد، بل أنه لم يذكر أحدًا من الأساس، أبدى رأيه ومضى دون ذكر اسم الطرف الآخر، وكان تعليقه مُجهّلًا، ورغم ذلك اعتذر عن صيغة التضامن مع “صبحي” ولا أحد يعرف إن كان ذلك الاعتذار كافيًا للسماح بعرض المسلسل. 

لكن المؤسسات المهنية الفنية المصرية – كما توحي تصريحاتها ومواقفها وبياناتها – ترى أن المجال العام يضيق بالفنانين، والشركات الفنية المصرية لم تعد تستوعبهم بالكامل والدخل بات قليلًا تحديدًا بعد فرض ضريبة على ظهورهم بالقنوات التليفزيونية كضيوف، وهو ما يجعل الإنتاج السعودي في مصر ضروريًا لإنقاذ الفنانين من الفقر أو قلة الدخل، ولذلك لا يريدون إزعاج خاطر تركي آل الشيخ، أو إغضابه، أو دفعه بتلك المشكلات إلى الانسحاب من القاهرة وتجاهل الفنانين المصريين، كما فعل في مجال كرة القدم حينما بدأت المشاكل، فباع نادي “بيراميدز”، ولم يعد يضخّ أموالًا في الأوساط الرياضية والأندية. 

كانت قيادات “الأهلي” تراعي حساباتها الخاصة معه، وهو الرجل القادم بملايين الدولارات لإنعاش الخزائن الرياضية المصرية ويتدخّل في كل التفاصيل ويتحكم في قرارات الأندية مقابل هِبات مالية، ولم تجدِ كل المحاولات لإبعاده، سوى هتافات جمهور الأهلي التي طالته: “طال عمره.. أمه“.

لم يصدر أي رد فعل سعودي، رسمي أو غير رسمي، على منع عرض مسلسل “منورة بأهلها”، لكن السلوك السعودي تجاه الفن والفنانين، الذين لا يرضون الهوى الملكي وأتباع القصر يوحي بأن تلك هي الطريقة السعودية في العقاب، مهما ادّعت المملكة الانفتاح فنيًا وبدء عهد جديد في التصالح مع الفن والإبداع، لتثبت – دون أن تدري – أن الانفتاح الفني وموجة الحريات ليست سوى ادعاء كاذب بهدف الخداع وتسويق تجربة ولي العهد محمد بن سلمان ليتحول الانفتاح الفني إلى المزيد من السلطة والفساد وإهدار المال وقمع الحرية تحت غطاء الفن، ورغم ذلك يظل أكثر من يثق به ولي العهد لتنفيذ تلك المهمة هو “حارسه الشخصي” السابق، تركي آل الشيخ.

“موت أميرة” و”قتل مطربة”.. التاريخ السعودي في عقاب الأعمال الفنية

أبرز التجارب السعودية في منع، ومحاولة منع الأعمال الفنية التي لا ترضيها، هي “موت أميرة“. 

قدم الفيلم الوثائقي “موت أميرة”، الذي أُنتج عام 1980، قصة إعدام الأميرة السعودية مشاعل بنت فهد آل سعود، التي كانت تدرس في بيروت منتصف السبعينيات، ووقعت في حب أحد أقارب السفير السعودي في لبنان، ويُدعى خالد المهلهل. ومع عودتها إلى السعودية، انكشف أمر العلاقة، واتُهمت بالزنا. حاولت الهرب بجواز سفر مزيف، إلا أنه تم التعرف عليها في مطار جدة، وأعدِمت في النهاية “رميًا بالرصاص” داخل إحدى ساحات المملكة العربية السعودية، بينما قُتل حبيبها بعد ذلك بفترة وجيزة.

لدى العرض الأول للفيلم، انقلبت السعودية رأسًا على عقب، وكانت جهة الإنتاج بريطانية، فسحبت الرياض سفيرها من لندن، وطردت السفير البريطاني في المملكة، وبعد العرض الأول للفيلم، تلقت بطلته الممثلة المصرية سوزان أبو طالب تهديدًا بالقتل، في مساومات وضغوط مستمرة لوقف عرض الفيلم، وكذلك لجأت إلى إعداد “قوائم ممنوعين” شملت جميع الفنانين المشاركين في الفيلم، فمنعت أفلامهم من دخول السعودية نهائيًا، وهو ما دفع المنتجين إلى استبعادهم منعًا للخسارة المالية، حتى أن بطلة الفيلم فكّرت في الهجرة إلى لندن بعد غضب السعودية والدول العربية – التي تخطب ود السعودية – عليها، لكن احتواء الأمر انتهى بتغيير الفنانة اسمها من سوزان أبو طالب إلى سوسن بدر، والاكتفاء بمنع فريق العمل من دخول السعودية، وعدم التطرق له أو التعليق عليه بأي صحف عربية حتى يصبحَ طي النسيان. 

الوجه الثاني من بين الممنوعين آمال ماهر، التي ظل زواجها من تركي آل الشيخ سرًا، ولم يكن رسميًا كما لم يكن الانفصال رسميًا أيضًا، ولم ينكشف شيء عن القصة سوى حين اعتدى عليها بالضرب في أحد شوارع القاهرة.

لم تجرؤ صحف القاهرة على نشر القصة، فقد كانت ترتبط مع آل الشيخ بمصالح، وتزامنت أخبار الاعتداء مع منعها من الظهور والغناء وحذف أغنياتها، إذ إن الشركة التي كانت تحتكر صوتها، هي شركة مملوكة للرجل السعودي الذي كان غامضًا في ذلك الوقت، ومرّت علاقتهما بموجات من التصالح ثم المنع، فحين تحيي حفلًا كبيرًا من الأهرامات يتم الاستعداد له والإعلان عنه كثيرًا بدعاية إعلامية عملاقة يصبح ذلك دليلًا على أنهما قد عادا وتلك العودة تمثل نقلة فنية ومالية كبيرة في حياتها بدا أنها أغرتها فاستسلمت له ثم فوجئت بالواقع المرير، وحين يتم حذف جميع أغنياتها من موقع “يوتيوب” يُشار إلى أن العلاقة تمرّ بقطيعة وأزمة. 

هكذا مرّت العلاقة بصعود وهبوط حتى اختفت آمال ماهر ومنعت من تقديم أي أعمال نهائيًا  بأمر من تركي آل الشيخ، ليس فقط لأنه يحتكر صوتها عبر شركته، إنما لأنه أيضًا حين ينتهي الاحتكار، لن يجرؤ أحد – في الغالب – على التعاون معها أو بث أغنياتها أو استضافتها في حفل حتى لا يغضبه ويخسر الأموال التي يضخُها في الكثير من الشركات والجهات والخزائن الفنية المصرية. 

لا تنفصل تلك الطريقة في تأديب المعارضين وإسكاتهم عن الطريقة المصرية، التي دفنت مسلسل “أهل إسكندرية” من بطولة عمرو واكد وبسمة وهشام سليم وهشام عبد الله. التأديب الرسمي لصناع المسلسل حصل لكون مؤلفه هو الكاتب المصري المعارض بلال فضل، وكان منتج العمل هو قطاع الإنتاج في التليفزيون المصري، ورغم تصوير الفيلم وإنفاق الملايين – كما جرى مع “منورة بأهلها” وتجربة آمال ماهر الفنية – للانتهاء من جميع حلقاته، لم يرَ النور وكأنه لم يُنتج من الأساس، وذلك عقابًا لمؤلفه الذي تمرّد على الأوضاع وصار معارضًا للنظام المصري، فصار الفن الذي من المفترض أن يكون أحد أسلحة الحرية، سلاحًا لتأديب الفنانين وعقابهم. وهو بالضبط ما تعرّض له باسم سمرة، وباقي فريق عمل مسلسل “منورة بأهلها” على يد تركي آل الشيخ بسبب ما يعتقد أنه تعدٍ عليه حين دافع فنان مصري عن أحد المخضرمين في الفن المسرحي في مصر.

إقرأوا أيضاً:

من منح آل الشيخ كل تلك السلطة والجبروت؟ 

تشير “نيويورك تايمز” إلى القوة الكبيرة التي يتمتع بها تركي آل الشيخ من خلال بقصة قصيرة للغاية، فعندما أقام وليّ العهد السعودي محمّد بن سلمان مأدبة عشاء هذا الربيع دُعِي إليها عددٌ من الزعماء العرب، كان من بين الحضور، إلى جانب هذا الحشد من الملوك والأمراء والرؤساء، شخصان لا يملكان من المؤهلات أكثر من كونهما صديقين مقرّبين للأمير الشاب؛ أحدهما شاعر معروف بإدارة حملات شعواء على مواقع التواصل الاجتماعي – المقصود تركي – والآخر حارس أمني سابق ورئيس هيئة الرياضة السعودية – وهو سعود القحطاني.

تاريخ من “الخدمة” وفبركة الملفات في البلاط السعودي الراهن وراء “الوجه المرعب” لتركي آل الشيخ، الذي تتجاوز خطورته الأوساط الفنية والكروية إلى السياسية، فقد كان سكرتيرًا مباشرًا لولي العهد محمد بن سلمان، الذي يتجهّز الآن ليصير “ملك المستقبل” في السعودية.

قبل حضوره تحت الأضواء، بنى آل الشيخ الثقة مع ابن سلمان، بعمله الطويل معه ثم مشاركته له في مسيرته القصيرة للإطاحة بجميع المنافسين حتى خلا له منصب ولي العهد، ولم تخلُ تلك المشاركة من التعذيب والاعتقالات وخرق القوانين، وصولاً إلى قتل الصحافي جمال خاشقجي.

لم يكن آل الشيخ يعترض على شيء من رغبات الأمير، مهما كان مخالفًا وفاضحًا، فعُرف عنه ولاؤه الشديد وحسّه الفكاهي الذي أعجب ابن سلمان. هاتان الصفتان كان الأمير القادم يحتاجهما أكثر من أي شيء كشاب طامح ومتهوّر، فحافظا لآل الشيخ على البقاء ولم يعد فقط سكرتيرًا أو حارسًا إنما صديقًا وحارسًا للمُلك، فظهر، للمرة الأولى، في مشهد تنحية محمد بن نايف، ولي عهد السعودية السابق، الذي أطيح به بمؤامرة كان بطلها الأول – بعد ابن سلمان – تركي آل الشيخ. 

تنقل “وول ستريت جورنال” أن ابن سلمان أرسل آل الشيخ إلى واشنطن في النصف الأول من عام 2017 لإخبار مسؤولين أمريكيين باستعداده للإطاحة بابن نايف من ولاية العهد، ليصبح خليفة والده في الحكم، واستطلاع الآراء والحصول على ضمانات أمريكية، وهو ما يشير إلى مقدار الثقة الكبير بين الرجلين، الأمير وحارسه السابق، وكذلك الولاء الشديد لآل الشيخ الذي كان مهدّدًا بعقوبات كبرى إذا فشلت مؤامرة ابن سلمان، ففي تلك الظروف، قد يتم تحديد إقامة نجل الملك فقط، بينما يلقى معاونوه عقوبات قاسية للغاية، حسب التجارب السابقة في الانقلابات. 

بعد عودة آل الشيخ من واشنطن – وفق “نيويورك تايمز” – شارك في عملية اعتقال “بن نايف”، وكان ينقل تهديدات ابن سلمان له، ويتفاوض باسمه للتخلي عن السلطة بشكل سلمي، وكان الأكثر قربًا منه في مقطع الفيديو الذي تم بثّه له بعد إطلاق سراحه للقاء بن سلمان، فلف آل الشيخ عباءة حول بن نايف، وقاد فريق الاعتقال الذي رافقه إلى قصره في جدة لتقليم أظافره وعزله عن العالم المحيط كي لا يفشل انقلاب الأمير الشاب.

رجل التعذيب والاعتقالات.. قصة “الظهور السياسي الأول” لتركي آل الشيخ

لم يلتفت أحد إلى الرجل الذي يقتاد “بن نايف” ويظهر في المشهد، الذي غير مجرى التاريخ في السعودية، اعتبره الجميع شخصًا من العائلة أو خادمًا أو حارسًا أو حتى مساعدًا لـ”بن نايف” الذي تُكتب نهايته، إلا أنّ من أعادوا المشهد بعد ذلك بعام أو أكثر، اكتشفوا أنه تركي آل الشيخ، الذي صار “وجهًا لامعًا” من وجوه النظام السعودي الجديد واحد مرافقي ابن سلمان البارزين والأقوياء. 

كان 2017 عام سطوعه الذي صاغ مستقبله السياسي والفني والكروي أيضًا. 

لم يشارك فقط في الإطاحة بـبن نايف، إنما ايضاً شارك في اعتقالات فندق “ريتز كارلتون” حين احتجز محمد بن سلمان كبار الأمراء ورجال الأعمال السعوديين.

بشّر باعتقالات الكارلتون الشهيرة بتغريدته التي نالت شهرة فيما بعد “ليلة الأحد لن ينجو أحد”، وبالفعل، وقعت الاعتقالات ليلة الأحد، وتؤكد صحيفة “نيويورك تايمز” أنه لعب دورًا بارزًا – بخبرته الأمنية السابقة – في استجواب الأمراء وإجبارهم على الاعتراف بتهم الفساد والتربح ثم التنازل عن أموالهم، وذلك ضمن إشرافه على الاستجواب بالبرنامج السعودي لخطف المعارضين واحتجازهم الذي نفذته ما يعرف بـ”فرقة النمر”، طبقًا لصحيفة “واشنطن بوست”، ولم يكن ذلك خلف أستار أو أقنعة، بل قال المعتقلون لأقاربهم إنهم شاهدوه وتعرفوا إلى صوته. 

وفرقة “النمر”، بحسب الصحيفة الأمريكية الشهيرة، هي المسؤولة عن قتل الصحفي السعودي المعارض جمال خاشقجي داخل السفارة السعودية في تركيا، ويقال إن خاشقجي كان قد هاجم آل الشيخ وسعود القحطاني، مستشار الديوان الملكي السعودي السابق، وقال – لـ”نيوزويك” قبل وفاته – إن “من يتحداهما ربما ينتهي به الأمر في السجن”، فنال العقاب الكبير، لأنه ذكر الرجل وصديقه بالاسم، وليس كما فعل الفنان المصري باسم سمرة، وقصده بالتلميح فقط. وترى نيو يورك تايمز، إنه ” الآن، وبعد مقتل المعارض السعودي جمال خاشقجي على أيدي عملاء سعوديين، ظهر القحطاني وآل الشيخ في دائرة الضوء بوصفهما الأذرع التنفيذية لانتهاكات ولي العهد، حيث يرى مراقبون سعوديون أن مصير الرجلين هو ما يحرّك الديوان الملكي في التعامل مع السخط الدولي إزاء الواقعة”. 

إقرأوا أيضاً: