fbpx

كنان وقّاف: سوريا وأسطورة الصمت دفاعاً عن الأمة

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

خطاب التحكّم بالأعصاب والتفكير الواعي الذي يغلّف حالة التعامي وتجاهل المصائب التي تنهال على رؤوسنا من كل الجهات لم يعد محتملاً. هناك فرق بين التوعية والتورية.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

كنان وقّاف صحافي سوري حاول أن يكون صوت من لا صوت له كما ينبغي لمهنة الصحافة أن تكون. نجهل مصيره اليوم. قد يكون هارباً أو موقوفاً للتحقيق. نتمنى أن يكون بخير. 

تقول الأسطورة: إنّنا أمة تمتلك عزيمة تحرسها حكومة رشيدة وطالما أن الكل صامت ومتقيّد بالتعليمات والتوجيهات فلا شيء يمكن أن يوهن عزيمتنا. 

لا الفقر ولا العتمة. 

لا البرد ولا الجوع. 

لا انعدام الخدمات الصحية ولا رعب الضربات الجوية. 

لا فرض الضرائب العشوائي ولا جباية الخوات الإلزامي. 

لا فساد أثرياء الحرب ولا مظاهر ترف الطبقة الحاكمة. 

لا شيء يهزّنا. “نحن قطط من خشب نصطاد ولا نأكل”، كما يقول المثل الشعبي.

تقول الأسطورة إن الحفاظ على نفسية الأمّة يكون بمراقبة سوء الأحوال والصمت. وتضيف إحدى الاستشاريات أنه علينا التحلي بأعلى درجات الوعي والتفكير قبل أن نعلّق على ما يحصل في البلاد، لأن أعداء الأمة في الخارج يحيكون المؤامرات لينغصّوا علينا حياتنا في هذه الجنة على الأرض المسمّاة: سوريا. لذا وكي نقاومهم علينا السكوت. ومن يتكلّم يكون عميلاً ومتواطئاً مع أعداء الأمة.

هذا النوع من الإجراءات تفرضه ظروف الحرب ويخدم مصلحة الفاسدين فهناك ضمير جمعي يجب استيعابه والسيطرة عليه. لذلك اقتُرح مشروع لقانون الجريمة المعلوماتية في سوريا، توسع في العقوبات المتعلقة بالنشر مركزاً على الجرائم التي ستطاول كل من ينشر عبر الشبكة مواد متعلقة بالنيل من هيبة الدولة أو من هيبة الموظف العام.

 أي أن الشكوى توهن عزيمتنا وكلام الصحافيين صار يكلفهم دعاوى في المحاكم وعقوبات قد تصل إلى الحبس والغرامات المالية. 

لذلك التزمنا الصمت وطبّقنا قاعدة تحكيم العقل قبل أن ننطق أي كلمة توهن عزيمة الأمة وتقضي على مستقبلنا ومستقبلها، خائفين من الوحش الذي يحرس المناخ العام المتسّم بهدوء قاتل. وقفنا عاجزين، وقد فقدنا ثقتنا بأنفسنا وفقدنا الثقة بالآخرين، وهذا الفراغ دفعنا إلى الهتاف للوعود الكاذبة وتأييد الوضع القائم أملاً باستقرار ما خلال انزلاقنا الطويل نحو الهاوية. 

إقرأوا أيضاً:

حتى أدهشنا الفيديو الذي وجهّه الصحافي وهو يوصي بأولاده من بعده. صحوتنا الغريبة تجلّت في حملة التضامن الواسعة معه على صفحة الشبكة الاجتماعية ذاتها التي أدين بسبب كتاباته عليها.

وعاد الضمير الجمعي يلملم شتاته. وبدأنا نشعر أننا متحدون من جديد. وعلا صوت صحافيين في الداخل كانوا قد التزموا طويلاً بالالتفاف للتعبير عن آرائهم بشكل لطيف لا يؤذي مشاعر الأمة.

وأحسسنا أن للسوريين روحاً تجمعهم، لم تقضِ عليها سنوات القمع والتضليل الطويلة.

خطاب التحكّم بالأعصاب والتفكير الواعي الذي يغلّف حالة التعامي وتجاهل المصائب التي تنهال على رؤوسنا من كل الجهات لم يعد محتملاً. هناك فرق بين التوعية والتورية. هناك شعرة بين الموت الكريم والحياة الذليلة، قد تنقطع وتضع نهاية غير سعيدة للأسطورة القديمة.

إقرأوا أيضاً:

سامر المحمود- صحفي سوري | 30.03.2024

فصائل مسلّحة في سوريا “توظّف” الأطفال كـ”مقاتلين مياومين”

مئات الأطفال شمال غربي سوريا يعملون كمقاتلين لدى الفصائل المسلحة، بأجور يوميّة يُتَّفق عليها مع زعيم المجموعة، يبلغ "أجر" الطفل المقاتل/ المرابط في اليوم بين 3 و6 دولارات، أما الفصائل المتشددة فتدفع 100 دولار في الشهر.