fbpx

سعد وبهاء وتراجيديا العائلة الحريرية

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

أغلب الظن أن الحريرية السياسية كمشروع انكفأت اغتيالاً مع رفيق الحريري، وأن “صراع الأبناء”، وإن تأخر لسبعة عشر عاماً، يكثِّف أرجحية هذا الظن، فيما الوقوف على الأضرحة يُفضي بأصحابه غالباً إلى الزهد أكثر بكثير من السياسة.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

في سيرة آل الحريري من الأب إلى الأبناء شيء كثير من تاريخ العرب الغابرين وسيرهم. هناك كما هنا، ضريح وبكاء وطلب ثأر وانتصارات وهزائم، والأهم هناك السياسة.

من غابر العرب سيحضر “المهلهل ابن ربيعة” شقيق كليب ملك العرب في جاهليتهم، وسيحضر “التوابون” المطالبون بثأر الحسين بن علي ابن ابي طالب، وسيحضر أيضاً التصدع الأسري في العصرين الأموي والعباسي.

عند ضريح رفيق الحريري يتكرر منذ 17 عاماً، طقس، هو مقاربة لطقوس غابرة عند ضريحي “كُليب” و”الحسين “. البكاء، طلب ثأر، ثم السياسة في الحالة الحريرية كبديل عن الحرب في الزمن الغابر.

 ضريح رفيق الحريري مثَّلَ غالباً أهم موارد استلاب الوجدان السني في المسيرة السياسية لوريثه سعد، وتحديداً في استحقاقاتها المفصلية كالانتخابات أو رئاسة الحكومة، والتي صار مشهد مباشرتها من الحريري الابن، ومن فوق الضريح، مشهداً مألوفاً عند اللبنانيين.

راهناً، ومن فوق ضريح والده، يُكرس سعد الحريري انكفاءه السياسي. لكن انكفاءً كهذا لم يُفض إلى انتهاء السياسة التي تفتح أبوابها هذه المرة للابن البكر لرفيق الحريري لكي يباشر مسيرة حريرية أخرى سيكون ضريح الأب موردها الأول على ما وشى به كلام بهاء في حديثه عن الثأر، وعن إرث رفيق الحريري.

  لكن “الحريرية الأحدث”، تأتي إلى السياسة في حالة صدامية مع مثيلتها المنكفئة، هذا قبل صدامها المفترض مع خصومها. وشيء من هذا التصدع والصدام العائلي حفل بهما غابر العرب، وتحديداً في العصرين الأموي والعباسي، والذي انتهت مصائره إلى زوالهما، قصر عمر هذا الزوال أو طال.

 يقف “مشروع” بهاء الحريري إذاً أمام مانع أساسي أول هو تفكيك الاجتماع السني الذي لا يزال يرى المشروعية الحريرية في شقيقه سعد، حتى بعد انكفائه. وهو أمر يبدو شائكاً في الوقت الراهن على ما يشي به الكلام المُعلن من الإرث السياسي والديني المحيط بسعد الحريري. ولعل الحديث المتواتر عن أن “الحريرية” التي ينشد بهاء مشروعيتها راهناً، هي ثأر من رفيق الحريري نفسه، تُكثِّف هذه الموانع في طائفة وضعتها أثقال هزائمها بفعل الاغتيال أولاً، ثم السياسة، في حالة من الضياع الذي يسهل معه تسييل بهاء الحريري كخصم آخر من خصوم “الحريرية السياسية”.

   أمر آخر يضاعف الامتناع السني عن بهاء الحريري يقيم في استحضار البعد الإقليمي لانكفاء أخيه. فاشاعة انكفاء الأخير بطلب سعودي- إماراتي، يفضي إلى فكرة رديفة تشي بأن بهاء الحريري، وبرغم خفر المؤشرات، هو غالباً بدل عن مُنكفِئ، وبرضا سعودي تحديداً، وهي فكرة لا يبدو أنها تُسعِفه حين تتزامن مع كلام علني في البيئة السنية الحريرية عن المساهمة السعودية في “مظلومية” سعد الحريري.

إقرأوا أيضاً:

    في رسالة مطولة فيها من السياسية أكثر من اللحظة الوجدانية التي تفترضها مناسبة الاغتيال، قارب أحد أكثر الشخصيات التصاقاً برفيق الحريري صراع “الأخوة”. باسم السبع المُنكفئ عن لبنان وعن السياسة، وقسراً عن الفريق المُحيط بسعد الحريري، بدا في رسالته التي نشرها موقع “لبنان الكبير”، كمن يضفي، ومن موقع الإرث الأبوي، مانعاً آخر أمام مشروعية بهاء الحريري، بقدر ما في الرسالة من دفع لمظلومية سعد إلى الواجهة. الرسالة في متنها يصعب أن تخاطب وجداناً لبنانياً عاماً صار سعد الحريري خارجه، لكنها على الأرجح خاطبت الوجدان السني، وبمفاضلة بين ابني رفيق الحريري، وذلك في لحظة تنافسية بين إدبار أحدهما وإقبال الآخر. ومفاضلة السبع كانت حاسمة في مآل تكريس مشروعية سعد الحريري المُنكفِئ من خلال مراودة ذلك الوجدان باستحضار انكفاء رفيق الحريري سابقاً، وإسقاطه على الراهن كمطلب أبوي من الابن، وبرغم بنوية الطلب (المفترض) الهشة، فقد ساقه السبع غالباً كصنيعة اللحظة الوجدانية التي يرهن إمكانية تسييل مغزى الرسالة من خلالها.  

أغلب الظن أن الحريرية السياسية كمشروع انكفأت اغتيالاً مع رفيق الحريري، وأن “صراع الأبناء”، وإن تأخر لسبعة عشر عاماً، يكثِّف أرجحية هذا الظن، فيما الوقوف على الأضرحة يُفضي بأصحابه غالباً إلى الزهد أكثر بكثير من السياسة، وسعد الحريري فعلها. أما اقتباس تجارب الغابرين ثأراً، فدونها الحرب التي قامت مشروعية رفيق الحريري على أنقاضها.

إقرأوا أيضاً:

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.