fbpx

كنان وقاف يدفع ثمن إزعاج
النظام السوري… فما مصيره؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

انتقادات كنان للحكومة السورية ليست بجديدةٍ، إلا أنه كان كمن يصعد درج الانتقادات خطوة خطوة، ويحاول قياس سقف الحرية الذي يستطيع الوصول إليه، وكلما نجا من اعتقالٍ عاد لانتقاد جهة أعلى حتى وصل إلى الأسد.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

كلُّ ما يريده النظام السوري من الصحافي كنان وقاف هو الصمت، لكن يبدو أن الأخير مشاكسٌ ولا يريد أن يكون من شبيحة النظام حتى لو حُسِب على إعلامه، لذلك لم يكفَّ خلال السنوات الماضية عن انتقاد الحكومة والسلطات كما عمد إلى كشف ملفات فساد، ألقي على إثرها القبض عليه، لكن هذه المرة الموضوع أكثر حساسية إذ إنه انتقد رأس النظام السوري، فأين هو كنان اليوم؟

لماذا كنان هو صحافي مشاكس؟

نشر وقاف في 6 شباط/ فبراير فيديو مصوراً على صفحته على “فيسبوك”، يخبر فيه الناس بأن الأمن السوري اقتحم منزله، مردداً وصيته الأخيرة وهي الاهتمام بأطفاله، كنان يعلم أن هذه المرة مختلفة عن سابقاتها وأنه قد لا ينجو بالفعل. 

انتقادات كنان للحكومة السورية ليست بجديدةٍ، إلا أنه كان كمن يصعد درج الانتقادات خطوة خطوة، ويحاول قياس سقف الحرية الذي يستطيع الوصول إليه، وكلما نجا من اعتقالٍ عاد لانتقاد جهة أعلى حتى وصل إلى الأسد.

طُرِد كنان سابقاً من صحيفة “الوحدة” التابعة للسلطة، وبقي من دون عمل، بعد كشفه عن فساد حاصل في شركة كهرباء طرطوس، ليعتقله قسم مكافحة الجريمة الإلكترونية بعد يوم فقط من نشر التحقيق. اللافت أن الصحيفة لم تدافع عن كنان بعد توقيفه ولم تطالب وزارة الإعلام بإطلاق سراح أحد العاملين فيها، إنما نشرت خبراً بررت فيه اعتقاله بسبب قيادته سيارة مهربة وتهربه من الخدمة العسكرية، ليخرج وزير الإعلام بعد إطلاق سراح كنان ويقول: “اعتباراً من اليوم لن يتم توقيف أي صحافي قبل إبلاغ وزارة الإعلام بالتوقيف ومسبباته”! ليُعتقل كنان مجدداً في آذار/ مارس 2021 بسبب منشور على “فيسبوك”، اتهم فيه ابن محافظ الحسكة بخطف شخص مقابل فدية مالية.

لا يعلم أحد اليوم أين هو كنان، هل هو معتقل؟ هل هو حيّ؟ نتمنى أن يكون نجح في الهرب من النظام، إلّا أننا نعلم أنه حتى يوم 8 شباط/ فبراير كان ما زال حياً وحراً، إذ كتب صديقه الصحافي إبراهيم محمود منشوراً على “فيسبوك” قال فيه إن رجال الأمن بحثوا عن كنان وفتشوا المنزل بأكمله حوالى الساعة الثالثة صباحاً.

لماذا كنان خطير؟

كنان مشاكس، يستفز النظام ويُظهِر مدى سوئه وفساده وهذا غير مستحب في منظومته السياسية، كنان يقول ما يفكر به عددٌ كبير من السوريين ولذلك هو خطير من وجهة نظر النظام، تأييد كثر له على صفحته على “فيسبوك”، يعكس العداء الذي بات يكبر ضد النظام في أوساط مؤيديه. وقاف زعزع بشكل علني مصطلح النظام الشائع “القيادة الحكيمة”، فقال بعد نشره صورة للأسد مع الفنانين سلاف فواخرجي ووائل رمضان “غير مهم أبداً… حكيمة كتير… أي والله”، تعقيباً على عدم اكتراث الأسد بالأزمات التي يعاني منها السوريون. 

تذكّر قضية وقاف بعشرات الحالات المشابهة، يُنْظر اليوم إلى صحافيي الداخل على أنهم مرتبطون بشكل حتميّ بالنظام، جاءت هذه القولبة بعد 11 سنة من النزاع والحرب. هناك عشرات الصحافيين والإعلاميين الذين يعملون مع إعلام النظام، إذ لا يملكون خياراً، وهم مجبرون على تأمين قوتهم وسط الأزمة المعيشية الحادة، ولا فرص للنجاة، ولو فكروا بالخروج لن تفارقهم وصمة النظام، وبخاصةٍ سؤال: ماذا كنت تفعل خلال كل هذه السنوات مع النظام؟

للصحافيين في الداخل عائلات وأطفال ولم يتوانَ النظام عن إخفاء أقارب معارضيه، لذلك طلب كنان أن نهتم بأطفاله. دفع الإرهاب الذي نشره النظام عشرات الصحافيين إلى الصمت ولم يمتلك الجميع الجرأة على الهرب، إذ شعروا بأنهم عالقون ما بين وصمة المؤيدين للنظام والخوف من عدم إيجاد فرصهم في الخارج أو حتى ما قد يواجهونه من عنصرية باعتبارهم مؤيدين.

إقرأوا أيضاً:

ما علاقة إسرائيل بكل هذا؟

بعد حادثة وقاف والاحتجاجات الحاصلة في السويداء، قالت بثينة شعبان المستشارة الإعلامية للأسد في لقاء مع جريدة “الوطن” الرسمية، إن الاحتجاجات تصب في مصلحة إسرائيل، ووصفت المحتجين “بالطابور الخامس” مدعية أنهم مرتبطون بشبكات تجسس إسرائيلية!

كما انتقدت كل من يرفع صوته، في إشارة واضحة إلى ما كتبه وقاف، وقالت: “هذه المرحلة تتطلب منا جميعاً التحلّي بأعلى درجات الوعي والتفكير والتأمل والإدراك، قبل أن ننطق ببنت شفة تعليقاً أو تصريحاً على كل ما يحصل في البلاد من أزمات فُرضت علينا كي توهن عزيمتنا”.

تجاهلت شعبان ما يعانيه السوريون، وكأن لا مجاعة اقتحمت المنازل ولا أطفال يتمنون الحصول على أبسط حقوقهم ولا آباء يقفون عاجزين أمام الوجبة المقبلة لعائلاتهم، نسفت كل هذا ورمت كل أخطاء النظام على إسرائيل وهو ما يبرع فيه النظام. على الطرف الآخر انتقد السوريون نمط معيشة ابن شعبان الذي يدرس في إحدى الجامعات في الخارج، مستغربين أن تطلب من الناس التحلي بالوعي بينما تعيش وعائلتها في النعيم.

لا علاقة للمحتجين في السويداء بإسرائيل يا بثينة شعبان، ليس بإمكان إنسان فقير ومعدم وجائع أن يكون جاسوساً، ولا يستطيع من يرتجف برداً في العتمة بلا كهرباء، أن يجد قنوات تواصل مع “العدو”! 

بدل هذه الترهات فليعترف النظام لمرة واحد بأنه فشل في حل ولو أزمة واحدة من أزمات شعبه وأنه يعلم أن الناس اختنقوا وجاعوا، أو فليصمت على الأقل ولا يخترع سيناريوات ساذجة.

حرية الصحافة في سوريا معدومة، فهي أكثر ما قد يزعج النظام وبشكل خاص تزعج النظام، فهي موجودة في الداخل وتنقل ما لا يستطيع الإعلام الأجنبي الوصول إليه، وعلى عكس الخطاب الذي ينشره الإعلام الرسمي تأتي الصحافة اليوم وبخاصة المستقلة لتنقل صورة مضادة لرواية النظام، ولا يستطيع النظام بطبيعة الحال السيطرة على كل الصحافيين المستقلين في سوريا، بخاصة أولئك الذين يكتبون بأسماء مستعارة، ولا وسيلة لديه سوى إرهابهم من طريق تدمير حياة صحافيين آخرين.

إقرأوا أيضاً: