fbpx

العمالة بحسب قاموس “حزب الله”: استنهاض البيئة الحاضنة بأيّ ثمن

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

هنا معركة “حزب الله” الراهنة التي يريد أن يشهرها في وجه منتقديه على أبواب الانتخابات النيابية المقبلة ليثير فزع حاضنته القلقة والمتململة من الفشل والفساد اللذين يسودان دولته، وقد أفضيا إلى الانهيار الذي نعيشه.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

من هو “العميل” محمد شعيب؟

حتى الأيام الأخيرة قلة من بيننا نحن العاملون في الصحافة، كانت تعرف من هو هذا الصحافي. لا تصريحات رسمية عنه ولن تسعفنا محركات البحث كثيراً للاجابة عن هذا السؤال، لكن لا بأس، فـ”غوغل” الممانعة تولى كشف الأسرار المزعومة عبر “المنار” وعبر حساباتٍ بعضُها صريحُ الاسم والكثير منها مغفل الهوية على السوشيال ميديا، توّلت جميعها توليف مضبطة اتهام بالعمالة والجاسوسية بحق هذا الشاب. المضبطة لم تنقل لنا تماماً ما هي “الأسرار” والمعلومات الأمنية أو العسكرية التي نقلها شعيب إلى مشغليه المفترضين، ولا كيفية تغلغله وكشفه معلومات على ما يفترض بالعملاء أن يفعلوا، لكن المضبطة نقلت لنا صراحة أن شعيب عميل لأنه نشر مقالات فيها ما حرفيته:

“لغة معادية لإيران وحزب الله”. 

“مواضيع تسلط الضوء على وزارة الصحة أثناء تولي حمد حسن لهذه الوزارة وإظهار مدى ارتباطها بحزب الله”.

“الاضاءة على القرض الحسن”.

 “اتّهام حزب الله بانفجار مرفأ بيروت”.

“اتهام حزب الله بمقتل لقمان سليم”.

“اتهام حزب الله بالتهريب الى سوريا عبر المعابر غير الشرعية”.

“اتهام حزب الله بتهريب الكبتاغون إلى الخليج”…

هذا بعض ما ورد في مضبطة اتهام لشاب هو اليوم قيد الاعتقال لدى الأجهزة الأمنية ويتم تعميم التهم إعلامياً له والحثّ على إلحاق العقوبات به وبكل من هم مثله.

وهنا أيضاً السؤال، من هم أمثاله الذين تلهج ألسنة الممانعين بالحث على ضربهم بيد من حديد وبثّ أسمائهم ووسمهم بالعمالة لأنهم ينتقدون “حزب الله” وسياساته؟ سبق أن نالت تلك التهم من صحافيين ونشطاء كثر، وبعضهم واجه السجن والتوقيف.

لا أعرف محمد شعيب ولا أملك إجابات حاسمة حيال ما إذا كان فعلاً قد تم استدراجه إلى أفخاخ أمنية، لكن الواضح أن مقصلة “العمالة” أشهرت في وجهه تحت شعار أنه كان يبثّ مواد “معادية لحزب الله”.

فور انتشار خبر اعتقاله، عمدت ثلاثة مواقع إلكترونية للتبرؤ من محمد شعيب الذي ليس في سجله الصحافي سوى بضعة مقالات من ضمنها مواد فنية ومقابلات مع شخصيات معروفة بنقدها لـ”حزب الله”، وبدا لافتاً أن الوكالة الوطنية للإعلام، وزعت بياناً باسم رئيس بلدية ومختار وأهالي بلدة الشرقية في منطقة النبطية في جنوب لبنان، يدين الصحافي لأنه ينتمي لأسرة في البلدة. 

نحن هنا أمام وكالة ناطقة باسم الإعلام الرسمي تنشر بياناً يشهّر بمواطن لم تجر محاكمته ولم يعلن رسمياً سبب إيقافه، لكن من فعل ذلك هو الأمين العام لـ”حزب الله” حسن نصرالله وإعلامه.

نصرالله في تصريحاته الأخيرة أشار الى توقيف صحافي ووصفه بأن كان يتلقى المال مقابل شتم الحزب ساخراً بأن على خصوم الحزب أن يشكروه، “لأننا أصبحنا مصدر رزق لهم!”.

هل نقد “حزب الله” وشتمه وكشف ارتكاباته جريمة؟

ما يحصل في هذه القضية هو جزء من حملة مبتذلة نشطة منذ أسابيع تحمل لواء “العمالة”. والعمالة فعلة وضيعة كائناً من كانت الجهة المشغلة وكائناً من كان قد تورط بها. لكن العمالة الفعلية شيء، والابتزاز بالعمالة شيء آخر تماماً، فما تفعله الممانعة بشقيها السياسي الأيديولوجي والإعلامي، هو ابتزاز يتم الترويج له بكم هائل من التفاهة.

تهم التخوين تلقى يمنة ويسرة على عواهنها، فالمقصود بالنفخ في قضية محمد شعيب هو التصويب المباشر على “أعداء”، اجتهدت صحافة الممانعة وكتبتها على اختراعهم في الأسابيع الأخيرة، أعني الصحافة والمؤسسات المدنية التي تتم شيطنتها لأنها ممولة من مؤسسات دولية تقدم محتوى حقوقياً وصحافياً، يُسائل وينتقد الطغمة الحاكمة في لبنان وفي مقدمها “حزب الله”. 

يقلق الحزب أن تكشف وسائل إعلام ونشطاء أدواره في تهديد القضاء والتعمية على التحقيقات في جريمة مرفأ بيروت، وعلى أدواره في دعم أحزاب رجعية وأنظمة مستبدة في سوريا وإيران.

ينتفض الأمين العام لـ”حزب الله” غاضباً ومتهماً مؤسسات وحقوقيين بأنهم عملاء أميركيون، فيما هو وحلفاؤه الأقربون تابعون وممولون من دول تهيمن على لبنان من خلالهم. 

تلهج الممانعة بمقالات وحملات ضد مؤسسات صحافية وحقوقية متهماً إياها بأنها ممولة من جهات غربية، علماً أن جزءاً واسعاً من تلك المؤسسات تكاشف قبل غيرها بهوية مموليها وبعملها. والتمويل قضية مهمة وتحتاج مكاشفة بلا شك، لكن الجهات التي تقود هذه الحملات، تنعدم لديها الحساسية والشفافية في التمويل. لا بل إن “حزب الله” يوظف ماله في حروب وساحات قتل واغتيال وفساد.

ليس خافياً أن النفخ في قضية محمد شعيب نابع من مزاج تخويني تعمل الممانعة على بثه كيفما اتفق لاستهداف مؤسسات تشق طريقها منذ سنوات قليلة للاحتجاج على الفساد والاستتباع والسلاح.

هنا معركة “حزب الله” الراهنة التي يريد أن يشهرها في وجه منتقديه على أبواب الانتخابات النيابية المقبلة ليثير فزع حاضنته القلقة والمتململة من الفشل والفساد اللذين يسودان دولته، وقد أفضيا إلى الانهيار الذي نعيشه.

إقرأوا أيضاً:

كريم شفيق - صحفي مصري | 29.03.2024

محمد جواد ظريف… حبال السلطة الصوتية في إيران بين المنع والتسريب!

ظريف، وبحسب التسريب الأخير، قام بعدّة أدوار وظيفية، ربما جعلته يتفادى هجوم الأصوليين، وجاهزيتهم للعنف والاتهامات سواء كانت بـ"الخيانة" أو "العمالة" أو "الجهل".