fbpx

جامعات لبنان ساحات تعبئة وترهيب:
الخطابات العقائدية تسمو على العلم

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

على رغم قوانين الجامعة ومنع “حزب الله” من القيام بأنشطة داخل حرمها، فإن طلابها يميزون عناصر الحزب من خلال المكان الذي يجلسون فيه في حرمها، ويتخذونه مقراً بالقرب من موقع النشاط، “كل من يجلس هناك ينتمي للحزب”.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

من منزل والديه المنتميين إلى “حزب الله”، انتقل مجد (اسم مستعار) إلى كلية العلوم في الجامعة اللبنانية الفرع الأول. هناك ظنّ أن بإمكانه أن يعيش حياة طالبية طبيعية وأن يؤسس مساحة للتلاقي مع غيره من الشبان والشابات للنقاش في أمور الثقافة والموسيقى. لكن أمل الشاب، الذي يخشى من تداعيات ذكر اسمه الحقيقي، وطموحه سرعان ما خاب وفشلت محاولته بفعل القبضة الحزبية والعقائدية المفروضة على الكلية الواقعة بين منطقة الحدث والليلكي في الضاحية الجنوبية لبيروت. فبعد سنوات من سيطرة “حزب الله” باتت لكلية العلوم، التي يسميها الحزب “كلية الشهداء”، عقيدة تسمو فوق الهدف العلمي من إنشائها. بل تحولت الكلية التي يدخلها الآلاف سنوياً إلى مركز للاستقطاب والتعبئة الحزبية ونشر عقيدة “الولاء لعلي الخامنئي”، وهو القسم الذي يعلو في أروقتها في مناسبات دينية وحزبية عدة.

منذ عام 2008 توقفت انتخابات المجالس الطالبية في الجامعة اللبنانية التي تضم أكثر من 80 ألف طالب وطالبة، وباتت الأحزاب تعين مباشرة أعضاء المجالس من طلاب ينتمون إليها، وتمنحهم صلاحيات وامتيازات وسلطة على بقية الطلاب وأحياناً الأساتذة. وتختلف الجهة الحزبية المسيطرة على كليات الجامعة اللبنانية باختلاف موقعها الجغرافي والطبيعة الطائفية في المنطقة الواقعة فيها. 

يروي مجد لـ”درج” عن رحلته التي بدأت في كلية العلوم عام 2018 قبل أن يغادرها هرباً من المضايقات وبحثاً عن اختصاص آخر. “عند دخولي الكلية وجدت فيها الكثير من النشاطات الثقافية، لكنها كانت محصورة بجماعة وبأيديولوجيا واحدة وهو ما لم يعجبني. حاولوا استقطابي، فعادة ما تحاول التعبئة التربوية في حزب الله استقطاب الطلاب. لقد كانوا مؤثرين إلى درجة أنهم تمكنوا من إقناع الكثير من الطالبات بارتداء الحجاب”، يقول الشاب. ويتابع، “كنت أبحث عن أصدقاء وقررت أن أؤسس نادياً ثقافياً، حاولت استقطاب طلاب وبدأت بالتواصل معهم، من بينهم شبان من “حزب الله”، لقد تحدثت معهم بنية صافية كي ينضموا إلى النادي لكنهم أعطوني أسماء وهمية بدل أسمائهم الحقيقية ودخلوا المجموعة التي أنشأتها على تطبيق “واتساب” بعقلية استخباراتية كي يراقبونا. كبرت مجموعتنا وحرصت التعبئة على مشاركة شخص منها خلال اجتماعاتنا. وفي أحد الأيام تم استدعائي إلى التحقيق في مجلس الطلاب. اتهموني بمحاولة تأسيس نادٍ يدعو إلى الإلحاد، برغم وجود محجبات ومؤمنات ومؤمنين. خلال التحقيق سئلت: “من أنت؟ من أين أتيت؟ ما هي دوافعك؟ تعاملوا معي وكأنني عميل مندس وفق أدبياتهم وأبلغوني بأنه يمنع عليّ تأسيس نادٍ وأنني بحاجة لإذن من مجلس الطلاب للقيام بأي نشاط”. 

بعد الحادثة ابتعد مجد ورفاقه في النادي عن مبنى كلية العلوم وصاروا يلتقون بالقرب من كلية الفنون. لكن ذلك لم يحل المشكلة، “خلال جلوسنا هناك كان شبان من حزب الله يمرون بقربنا على دراجاتهم النارية لإبلاغنا بأنهم حاضرون ويعلمون بكل ما يحصل. من ثم بدأوا بإرسال أشخاص لإفشال كل اجتماع وافتعلوا مشكلات كثيرة”.

منذ عام 2008 توقفت انتخابات المجالس الطالبية في الجامعة اللبنانية التي تضم أكثر من 80 ألف طالب وطالبة، وباتت الأحزاب تعين مباشرة أعضاء المجالس من طلاب ينتمون إليها، وتمنحهم صلاحيات وامتيازات وسلطة على بقية الطلاب وأحياناً الأساتذة.

بعد مدة، فوجئ مجد بأنه بات معروفاً في أوساط شباب الحزب في الجامعة، “في محاولة لترهيبي كانوا ينادونني باسم عائلتي كلما مررت بقرب أحدهم بقصد إظهار معرفتهم بي”. 

ولم تقتصر مراقبة مجد على مطاردته في الجامعة، بل تم تعقّب منشوراته على “فيسبوك” ومراجعة ما نشره منذ سنوات. ووجد عناصر الحزب ضالتهم في منشورات تحدث فيها عن أمين عام “حزب الله” حسن نصرالله من دون استخدام لقب “سيد”، “لقد افتعلوا منها قصة كبيرة”، يقول مجد. 

يحكي الشاب أنه وفي الفترة الأخيرة قبل أن يغادر الكلية وصل الترهيب حد إرسال شبان يهددونه بوالده المنتمي لـ”حزب الله” كي يخاف. كما بلغ بهم الأمر حد التشهير به ونشر دعاية في الكلية تفيد بأنه مثلي الجنس لما قد يسببه له ذلك من ضرر وتهميش. ووفق مجد “اتصلوا بأهالي أعضاء في النادي وحذروهم من أن أبناءهم يرافقون مجموعة ملحدين وحشاشين، وفي النهاية انتهى النادي”.

بعد المضايقات، ترك مجد كلية العلوم وانتقل إلى كلية الفلسفة في بيروت بعيداً من مجمع الحدث. هناك لم يتعرض للمضايقات ذاتها، برغم خضوعها لسلطة الثنائي الشيعي، “حزب الله” و”أمل”، وذلك بسبب تخليه عن نشاطه، وبفعل جائحة “كورونا” وظروف التعليم عن بعد.

تعميم الخطاب الديني وترهيب أساتذة

لا يقتصر الترهيب على الطلاب، بل يطال الأساتذة أيضاً. عام 2017 انتقدت الأستاذة في كلية العلوم، عليا جريج، تعليق لافتات لمسابقة دينية في قلب الكلية واستضافة شيخ معمم لإجراء لقاء ديني في قلب إحدى القاعات، في حين منعت هي من تنظيم ندوة ثقافية للطلاب. وبعد انتقادها هذه الممارسات تعرضت الأستاذة لحملات ترهيب وتهديد شرسة وتطاول من طلاب “حزب الله”.

تقول جريج لـ”درج” إنه يمنع على الطلاب في الجامعة سماع خطاب مختلف عن الخطاب الأيديولوجي للأحزاب المسيطرة، “خصوصاً الخطاب الوطني الذي يظهر امتلاك هذه الأحزاب أيديولوجيا وتوجهات سياسية تتنافى مع تماسك المجتمع وتتعارض مع بناء الدولة وسيادتها ومؤسساتها”.

أما عن الترهيب الذي تعرضت له، فتروي أنه أتى بشكل تهديدات وتجنّ وتطاول لا صحة لمضمونه شنه مجلس طلاب الفرع، “الذي لا يمكن أن يدلي بتصريحات مستقلة عن رغبة المكاتب التربوية الحزبية التابع لها والتي جاءت به”، وفق الأستاذة. كذلك تعرضت جريج لهجوم إلكتروني ممنهج وموجه من طلاب يتبعون لـ”حزب الله”.

وما بدا لافتاً لجريج كان عدم امتعاض إدارة كلية العلوم والقسم الذي تتبع له من نطق مجلس الطلاب باسميهما. بل وأكثر من ذلك، فقد أورد المجلس في تهديده للأستاذة بعض المعلومات الإدارية التي لا يعرفها سوى القسم والإدارة. وهو ما جعلها تشك بأن الإدارة وأساتذة الأحزاب قد سربوا هذه المعلومات وأومأوا للطلاب بتضمينها في تهديداتهم وادعاءاتهم. وهذا يؤكد، وفق الأستاذة، مدى التدخل الحزبي في الهيمنة على عقول الطلاب وإرادتهم إلى حد “توجيه سلوكهم الاجتماعي غير التربوي وغير اللائق مع أساتذتهم الذين يخالفون رأي أحزابهم. أحزاب تدفع إلى اللاتربية لمجرد فضح رجعيتها الفكرية والسياسية أمام الطلاب”.

وتفيد جريج بأنه تم تركيب كاميرات داخل الصفوف في الآونة الاخيرة، من دون استشارة الأساتذة، بحجة وقوع سرقة داخل الكلية المحروسة من الأحزاب عينها. وترى أن الهدف الحقيقي من ذلك ترهيب الطلاب وتلقينهم العيش في نظام مخابراتي.

إقرأوا أيضاً:

عقيدة “حزب الله” عند مدخل الجامعة اللبنانية الأميركية 

هذا الواقع في إحدى أبرز وأكبر كليات الجامعة اللبنانية يحاول “حزب الله” نقله إلى الجامعات الخاصة غير التابعة له، خصوصاً مع تراجع أنشطة الأحزاب التقليدية فيها بعد انتفاضة 17 تشرين والانهيار الاقتصادي وتململ المواطنين من جميع الأحزاب الموجودة في السلطة منذ سنوات، لا سيما “حزب الله”.

ففي السادس عشر من شباط/ فبراير الحالي وأمام مدخل الجامعة اللبنانية الأميركية في بيروت أصرّ “حزب الله” على إحياء “ذكرى الشهداء القادة”. نشر مجسماته وصور قادته الذين قضوا اغتيالاً وبدأ احتفاله، ما استنفر شباناً من تيار المستقبل رأوا في الاحتفال ونشر صور المعاون العسكري السابق لأمين عام “حزب الله”، عماد مغنية، والمتهم باغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري بالقرب من قصره استفزازاً لهم. وهكذا تحول مدخل الجامعة لساحة اشتباك بين الطرفين.

في اتصال مع “درج”، يؤكد نائب رئيس النادي العلماني في الجامعة، هادي شعيتو، أن الحزب قرر إقامة النشاط أمام الجامعة واستخدامه لنقل أيديولوجيته وعرفه وأفكاره ضمن نطاق الجامعة واستقطاب طلاب، فيما تمنع قوانين الجامعة إقامة النشاط داخل حرمها. ويقول إن الإشكال كاد يتجدد بعد يومين بسبب توجه مجموعة المستقبل مجدداً، إلى القرب من مدخل الجامعة لتجديد الإشكال قبل أن يتدخل الجيش.

ينتقد شعيتو استخدام الأحزاب الجامعة قاعدةً للخلافات الطائفية. ويشير إلى أن “حزب الله” بات ينفرد اليوم بمحاولة نشر عقيدته وشعاراته في الجامعة اللبنانية الأميركية في بيروت، في ظل غياب لنشاط حزبي “المستقبل” و”القوات اللبنانية” واللذين كانا يقومان بأنشطة مشابهة. ويتحدث كيف كانت “القوات” تعتمد الزبائنية ورشوة الطلاب بتسريب امتحانات بعض المواد لمن يصوت لها في انتخابات مجالس الطلاب. وتستمر اليوم أنشطة “حزب القوات” في الجامعة اللبنانية الأميركية فرع جبيل.

وعلى رغم قوانين الجامعة ومنع “حزب الله” من القيام بأنشطة داخل حرمها، فإن طلابها يميزون عناصر الحزب من خلال المكان الذي يجلسون فيه في حرمها، ويتخذونه مقراً بالقرب من موقع النشاط، “كل من يجلس هناك ينتمي للحزب”.

وفي حين يحاول قانون الجامعة تحصينها من هيمنة الأحزاب وإلباسها ثوباً طائفياً، ينتقد شعيتو هذا النظام ويرى أنه يقمع روح السياسة فيها، “أي تعبير أو منشور لدعم تحرك سياسي يعتبر مرفوضاً. يحاولون تجريد الطلاب من هوياتهم السياسية وهو ما يولد الاشكال الذي حصل”، يقول عضو النادي العلماني. ويطالب الجامعة بمنصة للتعبير الديموقراطي عن الأفكار والاختلاف كي يتمكن الطلاب من التواصل داخلها.

وإن كان يشكو من غياب مساحة للحوار السياسي بين الطلاب لكن شعيتو يؤكد حرص الجامعة على فتح مساحة للحوار داخل الصفوف ومنع أساتذتها من استغلال سلطتهم لفرض أفكارهم على الطلاب. وهو ما يغيب في كليات الجامعة اللبنانية وفي جامعات خاصة أخرى خاضعة لأحزاب طائفية.

الثنائي الأكثر ترهيباً… السلاح بين الطلاب

وإن كانت الجامعة الرسمية مقسمة بحسب الطوائف والمناطق، غير أن الطلاب المسجلين في الكليات التي يحكمها الثنائي الشيعي يبقون الأقل حظاً والأكثر عرضة للترهيب ولمحاولات الاستقطاب وفرض الأفكار والولاءات الحزبية. وهو ما لاحظه الطالب في كلية الحقوق والعضو المؤسس في النادي العلماني في الجامعة اللبنانية، علي نجدي، بعد انتقاله من فرع الحدث إلى فرع جل الديب حيث يهيمن حزب القوات اللبنانية. 

في مقارنة بين الفرعين، يرى أن مجلس الطلاب في جل الديب غير محكوم بالأيديولوجيا، بعكس الحاصل في مجمع الحدث حيث يدخل أفراد إلى المجلس بهدف خدمة مشروع عقائدي لا بحثاً عن مصلحة فحسب. كما لاحظ “الفرق في القدرة على الحقن الطائفي بين جل الديب حيث يدخل مئات الطلاب الجدد سنوياً وبين الحدث حيث يرتفع العدد إلى الآلاف. “فهناك يتعاطى الثنائي وبخاصة حركة أمل بطريقة ميليشياوية وإجرامية، يوضع السلاح وأدوات مؤذية بيد طلاب شكليين لحماية مصلحة الأحزاب. مثلاً، في كلية العلوم السياسية في الحدث هناك طالب متفرغ في حركة أمل، في العقد الثالث من العمر، لم يتخط السنة الأولى منذ سنوات، يدخل الكلية مظهراً مسدسه على خصره، وظيفته ترهيب الطلاب لمنعهم من التمرد خصوصاً بعد الانتفاضة. تم إفشال تحركات كثيرة في الجامعة بسبب القمع الذي مورس”، يقول نجدي. ويؤكد أن القمع يحصل بالتنسيق والاتفاق بين أمل وحزب الله، “الأشخاص أنفسهم يتدخلون دوماً لتطويق أي إشكال أو تحرك”.

إضافة إلى دور عناصر الحزب، تتدخل إدارة الجامعة من خلال موظفين رسميين لقمع الطلاب. ويروي نجدي أنه خلال الانتفاضة، قام موظفون بالتواصل مع طلاب نشروا صوراً وكتابات تظهر مشاركتهم في الثورة ودعمهم التحركات، وطُلبت منهم إزالتها تحت طائلة الطرد من الجامعة.

“من أنت؟ من أين أتيت؟ ما هي دوافعك؟ تعاملوا معي وكأنني عميل مندس وفق أدبياتهم وأبلغوني بأنه يمنع عليّ تأسيس نادٍ وأنني بحاجة لإذن من مجلس الطلاب للقيام بأي نشاط”. 

وإن اختلفت السطوة، يؤكد الطالب اتباع الكليات النظام ذاته، حيث يسيطر أي حزب شمولي ما يجعل الطلاب الذين لا ينطوون تحت ألويته عرضة للتهميش والمراقبة، “كما أن لدى الإدارة طلاباً ينشرون دعايتها ويروجون أن من يخالف الأحزاب المسيطرة لن ينجح، بمقابل ذلك يحصل الطلاب المتحزبون على امتيازات وتسهيلات تصل حد القدرة على تغيير علاماتهم”. وقد يملك هؤلاء سلطة تفوق سلطة الأساتذة في كثير من الأحيان. بينما لا يملك الطالب العادي أي وسيلة للتواصل مع الإدارة بأي شأن حتى في موضوع بسيط كشراء كتاب. “رغماً عن الطالب إن أراد أي شيء مرتبط بالعملية التعليمية عليه أن يتواصل مع أحد المندوبين الذين تعينهم الأحزاب” يقول نجدي.

يتقاطع كلام نجدي وكلام مجد. إذ يؤكد الشاب استغلال الأحزاب في كلية العلوم لدورات التقوية بالمواد لاستقطاب طلاب. السوريالي أن الأحزاب نفسها التي تمنن الطلاب بدورات التقوية تقفل المحاضرات عند الاحتفال بأي مناسبة تخصها وتحرم الطلاب من ساعات دراسة لا تعوّض. فمثلاً، في كلية العلوم، قد تلغى محاضرة علمية ليجبر الطلاب على سماع محاضرة شيخ يخبرهم عن نظرية التطور، والتي يخشى أساتذة من تناولها بشكل علمي خوفاً من المس بالعقيدة الدينية التي ترفض الاعتراف بها وتخشى من أن يستخدم الطلاب عقولهم بشكل حر. ووفق مجد تستخدم المطبوعات أيضاً، والتي تضم ما يحتاجه الطلاب من كتب ومحاضرات ونماذج امتحانات في شبكة الزبائنية التي تنشئها الأحزاب داخل الجامعات لربط مصالح الطلاب بها. 

شبكات الزبائنية هذه، جعلت الكثير من الطلاب يخضعون لحكم الأحزاب. وعبرها تكرس الأحزاب العقلية الزبائنية ورابط المصلحة بينها وبين الطلاب قبل أن يدخلوا مجالات العمل كي تحافظ على هيمنتها على المجتمع. في المقابل، يحاول النادي العلماني مواجهتها من خلال تشكيل مجموعات طالبية تشبه النقابات، تعمل على مواكبة أعمال الطلاب وتفرض على الإدارة التواصل والتفاوض مع الطلاب.

انعدام مساحات الحوار

اعتادت الأحزاب أن تقيم أنشطتها في الكليات، لكن هذه الأنشطة تراجعت اليوم داخل الجامعة اللبنانية بسبب الانهيار الاقتصادي وقلة المواد اللازمة لفتح القاعات والاعتماد على التعليم من بعد. لكن الأحزاب تتأقلم مع هذا الواقع وقد حولت أنشطتها “أونلاين”، كما تدعو الطلاب إلى جلسات خارج الجامعة. فيما أصبحت مجموعة “واتساب” التي يديرها حزبيون صلة الوصل الوحيدة بين الطالب وجامعتهم. 

وفي الجامعة لا مساحة للنقاش ويمنع الاختلاف. ويؤكد نجدي تعرضهم كأعضاء في ناد علماني لمضايقات، إذ يُرفض الاختلاف ولا مكان للحوار أو النقاش العلمي أو المنطقي. ويتابع، “هذا ما حصل مع طالبة في إحدى الكليات في صيدا، أرسلت عبر واتساب دعوة لندوة اقتصادية مع الصحافي الاقتصادي محمد زبيب، فطردت من مجموعة الصف وتم تعظيم الموضوع وإبلاغ الإدارة بالأمر. لقد كانوا إلغائيين ولم يتمكنوا من استيعاب الأمر. هناك غياب للمساحات الآمنة للتعبير عن مختلف الآراء أكانت سياسية أو دينية أو جنسية… حتى خارج حرم الجامعة في بعض الأحيان”.

بدورها تتحدث جريج عن انعدام مساحات الحوار في الجامعة: “هي ممنوعة وما غياب النادي الرياضي والمطعم الجامعي والانتخابات الطالبية إلا وجه من أوجه الانعزال الحزبي والاحتكار للساحات في كل فرع، منعاً للتفاعل الفكري والإنساني”.

إقرأوا أيضاً:

حازم الأمين - صحافي وكاتب لبناني | 28.03.2024

العرقوب اللبناني بين “فتح لاند” و”حماس لاند”

الوقائع التي تشهدها المناطق الحدودية اللبنانية عززت التشابه بين "فتح لاند" و"حماس لاند"، فبينما كانت الهبارية تتعرض لغارات الطائرات الإسرائيلية التي قتلت على نحو متعمد تسعة مسعفين، كان أهالي بلدة رميش المسيحية يقرعون أجراس كنائسهم احتجاجاً على تمركز حزب الله على إحدى التلال في بلدتهم!