fbpx

لماذا صمت حزب الله عن التنازل البحري لإسرائيل؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

من الخط الأزرق الذي رسم الحدود بين لبنان وإسرائيل في العام 2000، كتتويج للتفاوض الغير مباشر الذي أعقب هزيمة اسرائيل حينها إلى تنازل ميشال عون عن الخط البحري 29 راهناً، وتهافت المُدين والمُدان والصامت، سيتسع المشهد التالي للكثير من الكلام عن “وطنيات” مبتذلة.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

واحدة من أكثر مفارقات الجغرافيا والتباساتها هي خطوطها التي يعتبر لبنان من أكثر الدول التي خضعت لمشقتها ،أقله في تاريخه الحديث.

   من خط الهدنة في العام 1949، إلى الخط الأزرق في العام 2000،  فالخط 29 بحري راهناً.

  يتنازل رئيس الجمهورية ميشال عون عن 1430 كلم مربع من المساحة البحرية اللبنانية. والتنازل المذكور أفضى بالنتيجة إلى استدراج استنكار سياسي شبه عام، وأفضى أيضاً إلى صمتٍ يتيم، لكنه مريب.

  سبب رئيسي أدرجه كل الذين أدانوا انقلاب ميشال عون على موقفه السابق بتعديل المرسوم رقم 6433 الموقع في تشرين الأول من العام 2011، والمتعلق بخط التفاوض على الحدود البحرية بين لبنان و”إسرائيل” جنوباً. رُبِط ذلك الإنقلاب بثمن رفع العقوبات التي سبق للجانب الأمريكي أن أدرجها بحق النائب جبران باسيل. وعلى أرجحية الربط المذكور، فإن أرجحية أخرى يسهل تقصيها في تلك الإدانات، وهي مرتبطة بالسياسة ونقائصها أكثر من ارتباطها بالبعد الوطني لقضية بهذا الحجم.

   هنا تحضر مزارع شبعا كنظير جغرافي يفضي القياس عليه في فهم مدى تهافت مستنكري الخطوة الرئاسية، وأيضاً الصامتين عنها.

   بعد الإنسحاب الإسرائيلي من لبنان في أيار من العام 2000، وجدت منظومة الممانعة في مزارع شبعا وتلال كفرشوبا مبرراً جديداً لربط النزاع العسكري بين “حزب الله” تحديداً، وبين إسرائيل، ومتن الربط بلا شك عدم المس بسلاح الحزب الذي بدا في تلك اللحظة باحثاً عن تجديد مشروعيته.

   بين الإنسحاب الإسرائيلي آنذاك، وبين الراهن،شكلت مزارع شبعا عصباً أساسياً في الإشتباك السياسي بين “حزب الله” وخصومه فيما خصَّ مسألة سلاحه، والأخيرين كانوا في الكثير من مواقفهم أقرب إلى فكرة تشي باطنيتها بنزع هذه الذريعة من يد الحزب، تارةً بمطالبة النظام السوري بالإعلان عن لبنانية هذه المزارع لحشر “حزب الله” بمطلب يعرفون مآله العسير، وتارةً أخرى بالمجاهرة بعدم لبنانيتها لاعتقادهم أن ذلك يوفر عليهم مشقة فك الإستعصاء السوري في ادعاء ملكيتها.

   هنا تماماً تتسع الرؤية عن التكاذب الذي يُغلف بالقضايا الوطنية. فمدينو الإنقلاب العوني في البحر هم ذاتهم المتواطئون في اليابسة. وفائض الوطنية المستجد مقابل الناقورة، هو بالضرورة نقيض الشح الوطني في شبعا ومزارعها. وهؤلاء في الحالتين أسرى خصومتهم للحالة العونية من جهة، ولحزب الله من جهة ثانية، أكثر بكثير من تكثيفهم لقضايا وطنية كتلك المزارع التي أتاحت لحزب الله (استثماراً وطنياً) سهَّل غالباً تهفيت صحوتهم الراهنة، والتي تأتي متزامنة، وهنا المفارقة، مع غفوة الأخير على مياه بحرنا.

    صمت “حزب الله” عن خطوة ميشال عون، هو بالضرورة النصف الآخر من المشهد المتهافت عن تقويض السياسة ومصالحها للقضايا الوطنية.

   لنتخيل مثلاً أن من أقدم على التنازل البحري هو غير ميشال عون، ميشال آخر مثلاً، كميشال سليمان. للمرء هنا أن يُقدِّر رد فعل “حزب الله”، والذي بالمناسبة استحضر هجائياته في  رئيس الجمهورية السابق حين وصف  معادلة “الجيش والشعب والمقاومة” بالمعادلة “الخشبية” كرد على تسميتها بالمعادلة” الذهبية”.

  موقف ميشال سليمان حينها لم يكن أكثر من تعبير لفظي كان “حزب الله” يعرف أن مفاعيله في السياسة، كما في الوقائع، محدودة بمحدودية دور وتأثير رئاسة سليمان نفسها. وبافتراض أنَّ رد”حزب الله” حينها يجد متكئاً له في السياسة، فإن صمته الراهن أمام الإنقلاب العوني يفضي إلى تهفيت خطاب مديد عن المناعة الوطنية أمام “إسرائيل”، والتي تنكَّب الحزب مسؤوليتها دون الآخر.

   وفي صمته أيضاً، إذا ما افترضنا أن خطوة عون لم تحظَ برضى خفِر منه، فنحن والحال أمام حزب يستطيع أن يبتلع ” البحر” مع الحلفاء، لكنه يغُصُّ بغيرها مع أخصام وضعه موقف عون “البحري” الأخير معهم على سوية التهافت.

    عودٌ على بدء عن الجغرافيا وخطوطها وأقدار لبنان وسياسييه وعسكره  معها.  

    من الخط  الأزرق الذي رسم الحدود بين لبنان وإسرائيل في العام 2000، كتتويج للتفاوض الغير مباشر الذي أعقب  هزيمة اسرائيل حينها إلى تنازل ميشال عون عن الخط البحري 29 راهناً، وتهافت المُدين والمُدان والصامت، سيتسع المشهد التالي للكثير من الكلام عن “وطنيات” مبتذلة.

إقرأوا أيضاً:

سامر المحمود- صحفي سوري | 30.03.2024

فصائل مسلّحة في سوريا “توظّف” الأطفال كـ”مقاتلين مياومين”

مئات الأطفال شمال غربي سوريا يعملون كمقاتلين لدى الفصائل المسلحة، بأجور يوميّة يُتَّفق عليها مع زعيم المجموعة، يبلغ "أجر" الطفل المقاتل/ المرابط في اليوم بين 3 و6 دولارات، أما الفصائل المتشددة فتدفع 100 دولار في الشهر.