fbpx

العقوبات الرياضية ضد روسيا: ما مصير شاختار دونيتسك؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

يُقال دائماً إن كرة القدم والرياضة عموماً، تهدفان، إلى إلغاء الحدود والفروقات بين الدول والشعوب، لكن العكس هو كان ما يحصل في معظم الأحيان، فالتغيّرات السياسية هي التي كانت تنعكس على الكرة، فتتبدّل الفرق والمسابقات واللاعبون والانتماءات بسبب التغيرات الجيوسياسية.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

تابع محبو كرة القدم في صيف 1974 لقاء تاريخياً على “ستاد فارز بارك” في مدينة هامبورغ الألمانية، الذي احتضن مباراة جمعت بين منتخبي ألمانيا الشرقية وألمانيا الغربية ضمن مباريات الدور الأول لمونديال 74، بحضور أكثر من 60 ألف متفرج، من بينهم حوالى 1500 مشجع من ألمانيا الشرقية، حصلوا على الإذن لعبور جدار برلين وتشجيع فريقهم. 

المباراة أجريت في ذروة انقسام ألمانيا ما بين المعسكرين الشرقي والغربي وقبل انهيار جدار برلين. الشرقيون فازوا بالمباراة يومها بهدف نظيف، بينما توج الغربيون لاحقاً بالكأس العالمية وعلّقوا النجمة الثانية على قمصانهم، فيما  ألمانيا بشطريها اللذين يتوسطهما جدار فصل عملاق، كانت تعيش عصراً ذهبياً كروياً غير مسبوق، فإضافة إلى الفوز بالمونديال، توّج في العام نفسه “بايرن ميونيخ” من ألمانيا الغربية بدوري أبطال أوروبا على حساب “أتلتيكو مدريد”، بينما أحرز “مادنبرغ” من ألمانيا الشرقية لقب كأس الكؤوس الأوروبية، على حساب “فينورد روتردام” الهولندي.

انعكاس السياسة على الكرة

يُقال دائماً إن كرة القدم والرياضة عموماً، تهدفان، إلى إلغاء الحدود والفروقات بين الدول والشعوب، لكن العكس هو كان ما يحصل في معظم الأحيان، فالتغيّرات السياسية هي التي كانت تنعكس على الكرة، فتتبدّل الفرق والمسابقات واللاعبون والانتماءات بسبب التغيرات الجيوسياسية. الألمان انتظروا أكثر من 40 سنة ليكون لهم منتخب موحّد مرة أخرى، يجتمع فيه شبّان من ميونيخ، شتوتغارت، دريسدن ولايبزغ وغيرها لتمثيل المنتخب. الأمر لم يحصل إلا بعد تفكك الاتحاد السوفياتي وهدم جدار برلين. ألمانيا الغربية حققت مونديال 1990، بعدها بأشهر انضمّ اللاعب ماتياس سامر المولود في دريسدن الشرقية إلى المنتخب ليكون أول لاعب من ألمانيا الشرقية يتعاقد مع المنتخب المتوّج بالمونديال والذي يدرّبه فرانتس بنكباور. تباعاً انضم لاعبون شرقيون آخرون إلى المنتخب، وشاركت ألمانيا عام 1992 في مسابقة “اليورو”، تحت مسمى “ألمانيا  الموحدة”  للمرة الأولى منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية، وحلت في المركز الثاني بعد الدنمارك. 

ما مصير شاختار دونيتسك؟

الأحداث السياسية المتسارعة في شبه القارة الروسية ودول البلقان في تسعينات القرن الماضي، كانت تؤدي إلى ظهور دول جديدة واختفاء أخرى، وذوبان دول في بعضها بعضاً، على إثر التفكك الكبير للاتحاد السوفياتي، وظهور جمهوريات حصلت على استقلالها، منها أوكرانيا. انعكست هذه التغيرات باستمرار على الخارطة الكروية، فظهرت معها منتخبات ودوريات ومسابقات جديدة. يشارك اليوم في تصفيات المونديال 15 منتخباً أوروبياً، كانت لتكون جميعها منتخباً واحداً لو أن الاتحاد السوفياتي لم يسقط مثلاً.

الحديث عن التأثير الجيوسياسي على شكل كرة القدم عاد اليوم مع إعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اعترافه باستقلال منطقتين انفصاليتين في أوكرانيا هما لوغانسك ودونيتسك، الثانية هي معقل نادي شاختار دونيتسك المعروف، والذي اعتاد المشاركة في دوري أبطال أوروبا في السنوات الأخيرة. وبالتالي فإن السؤال الأول الذي تبادر إلى أذهان متابعي الكرة، كان حول مصير النادي، إذ لن يشارك مرة أخرى في الدوري الأوكراني في حالة الانفصال، كما لن يستطيع المشاركة في دوري الأبطال، لأنه لن يكون ضمن دوري إحدى الدول التي تملك بطاقات المشاركة في المسابقة.

من بين الحلول التي تحدثت عنها الصحافة، برزت الإشارة إلى إمكانية ضم فريق شاختار دونيتسك إلى الدوري الروسي، فيستطيع المنافسة هناك والعودة إلى دوري الأبطال، لكن مشكلات الفريق لا تقتصر على هويته الجديدة، فشاختار يضم الكثير من اللاعبين المحترفين، معظمهم من البرازيل، وهؤلاء قد لا يشعرون بالأمان في ذلك الإقليم وسيطلبون من وكلائهم البحث لهم عن أندية جديدة، إضافة إلى أن عدداً من لاعبي الفريق الأوكرانيين ليسوا من دونيتسك، بل من مناطق لن يشملها الانفصال في حال حصل، وقد يفضلون العودة إلى الديار.

إقرأوا أيضاً:

الدوري الأوكراني سيعود بعد أيام، مع نهاية فترة التوقف الشتوي الذي استمر شهرين، ويحتل فيه شاختار المركز الثاني خلف فريق العاصمة دينامو كييف المتصدر. السفارة الإيطالية في أوكرانيا أرسلت بريداً إلكترونياً إلى مدرب الفريق الإيطالي دي زيربي، تضمنت نصائح له ولجهازه الفني وللاعبين، من بينها تجنب السفر وتخزين الطعام والماء في حال العودة إلى دونيتسك، إذ لا يزال الفريق يقيم معسكراً تدريبياً في تركيا حتى اليوم.

مصير فريق شاختار دونيتسك يذكرنا بالصخب الذي يحصل كلما أثير الحديث حول مطالبة سكان مقاطعة كتالونيا بالانفصال عن إسبانيا، وعمّا سيكون مصير فريق برشلونة والدوري الإسباني عموماً، واحتمال استبعاد برشلونة من دوري الأبطال، إذ لن تحصل مقاطعة كتالونيا في حال أعلنت استقلالها، على بطاقة للمشاركة في المسابقة، في السنوات الأولى للانفصال على الأقل، والأمر ينطبق على أقاليم أخرى إسبانية تطالب هي الأخرى بالانفصال كالباسك.

عام 1993، انقسمت تشيكوسلوفاكيا إلى دولتين بشكل سلمي هادئ، هما تشيكيا وسلوفاكيا، واختفى مع التقسيم منتخب تشيكوسلوفاكيا العظيم، بطل أمم أوروبا عام 1976. بعد ثلاث سنوات فقط من الانفصال، وصل منتخب تشيكيا بقيادة بافيل نيدفيد وكارين بوبورسكي إلى نهائي كأس الأمم الأوروبية، وخسر أمام ألمانيا بصعوبة بعد تمديد الوقت 2-1.

منتخب كرواتيا وَصِيف بطل العام الحالي، وثالث مونديال 1998 في فرنسا، لم يبصر النور إلا بعد استقلال كرواتيا عن يوغسلافيا عام 1991، فيما ظهرت دول عدة ومعها منتخبات بعد الأزمة في يوغسلافيا، فتحول المنتخب اليوغسلافي الذي شارك في مونديال 1998، إلى منتخب صربيا والجبل الأسود بين عامي 2003 و2006، وشارك في مونديال 2006 في ألمانيا، وابتداء من عام 2007، أصبح هناك منتخب لصربيا وآخر للجبل الأسود. اللاعب ديجان ستانكوفيتش المتوج في دوري الأبطال مع “إنتر ميلانو” عام 2010، هو الوحيد في تاريخ الكرة الذي مثّل ثلاثة منتخبات مختلفة، هي يوغسلافيا، صربيا، الجبل الأسود. 

إقرأوا أيضاً:

حازم الأمين - صحافي وكاتب لبناني | 28.03.2024

العرقوب اللبناني بين “فتح لاند” و”حماس لاند”

الوقائع التي تشهدها المناطق الحدودية اللبنانية عززت التشابه بين "فتح لاند" و"حماس لاند"، فبينما كانت الهبارية تتعرض لغارات الطائرات الإسرائيلية التي قتلت على نحو متعمد تسعة مسعفين، كان أهالي بلدة رميش المسيحية يقرعون أجراس كنائسهم احتجاجاً على تمركز حزب الله على إحدى التلال في بلدتهم!