fbpx

سوريات تلجأن إلى تجميد البويضات لإنقاذ الأمومة من آثار الحرب

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!
"درج"

خلفت الحرب في سوريا أزمات كثيرة لا تزال تتفاقم من بينها تراجع الإقبال على الارتباط والزواج. في محاولة لتفادي آثار الأزمة مستقبلا تلجأ سوريات الى تجميد بويضاتهن لضمان أن لا تخسرن حقهن في الأمومة

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

لم تكن أمل (مُدرّسة 41عاماً) تفكر أنها ستلجأ يوماً ما إلى عملية تجميد البويضات، لكن الشاب الذي ترتبط به منذ سنوات، قرر الخروج من سوريا واللجوء إلى أوروبا.

عاشت أمل حالة من القلق والخوف، قبل أن تجري عملية تجميد البويضات بعد استشارة عدد كبير من الأطباء الذين نصحوها بهذا الحل.

تعيش الكثير من الفتيات السوريات حالة خوف من حرمانهن حق الأمومة، مع ارتفاع مؤشرات العزوبية بين كثيرات  في مناطق الحكومة السورية، بعد انخفاض أعداد الشبان في البلاد، بسبب الحرب، وعزوف كثيرين عن الزواج، لأسباب عديدة أبرزها إقتصادية.

وتضيف أمل “لا أعلم متى سألتقي مع خطيبي ووقتها قد أكون اقتربت من سن يصعب فيه الإنجاب، وكان لابد لي من التفكير بحل”.

بدأت تنتشر عملية تجميد البويضات بين الفتيات في مناطق الحكومة السورية بشكل كبير نسبياً.

الأسباب متعددة

قبل 8 أشهر قامت ليلى (39 سنة) بعملية تجميد بويضات، بعد أن سافر خطيبها إلى أوروبا كلاجئ دون أن تعلم إن كان سيعود أو متى تسافر إليه:”اضطر خطيبي إلى السفر هرباً من الخدمة العسكرية، وبالتالي تأجل زواجنا، وكان هذا الحل الوحيد للحفاظ على طموحي بالأمومة”.

أمّا راما (36 عاماً)، فتفكّر بإجراء العملية رغم عدم وجود شاب في حياتها، لكن تخاف من الوقوع بدائرة العنوسة.

شهدت سوريا في السنوات العشر الأخيرة موجة هجرة كبيرة للشباب، هرباً من الخدمة العسكرية والأوضاع الاقتصادية والأمنية المتدهورة، كل ذلك ساهم بتدني نسبة الإقبال على الارتباط.

ومع نهاية عام 2021 أشارت وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل سلوى عبد الله إلى أن حالة العزوف عن الزواج ازدادت بنسب ملحوظة خلال السنوات الماضية، مرجعةً الأمر إلى ظروف الحرب والأسباب الاقتصادية.

“لا أريد أن أحرم من حقي بالأمومة بل أرغب بتربية طفل كغيري من الفتيات” بهذه الكلمات تبرر منى (39 عاماً) قيامها بعملية حفظ البويضات: “بعد أن توفيّ خطيبي في الحرب، استشرت إحدى الطبيبات ونصحتني بهذا الأمر في حال قررت الزواج مستقبلاً، رغم أنه مكلف جداً بالنسبة لي”.

ويؤيد أستاذ طب الإخصاب والعقم وطب الجنين في كلية الطب بجامعة دمشق، الدكتور مروان الحلبي موضوع حفظ البويضات، مبيناً أن هذه العملية ضرورية في المجتمع السوري حالياً بسبب الوضع الذي تمر فيه البلاد بعد هجرة الشباب وتأخر أغلب الفتيات بالزواج.

وعن آلية إجراء عملية تجميد البويضات قال رئيس المركز البريطاني السوري للإخصاب المساعد في مشفى الرشيد الدكتور رامي عبيد الناصر: “العملية التحضيرية لتجميد البويضات تستغرق حوالي أسبوعين، تبدأ بتحفيز المبيض بأدوية الخصوبة لمدة 10 إلى 12 يوماً عن طريق الحقن اليومية لإنتاج بويضات ناضجة متعددة في وقتٍ واحد، علماً أن عدد البويضات المنتجة تختلف بحسب كل حالة”.

ترجع لينا سبب قيامها بالعملية إلى إصابتها بسرطان الثدي والخوف من الجرعات الكيماوية لاحقاً: “قبل عام أصبت بسرطان الثدي ونصحتني طبيبتي بحفظ البويضات وتجميدها قبل الحصول على جرعات كيماوية وقمت بذلك لتحقيق حلمي بالأمومة”.

ويوضح اختصاصي طفل أنبوب وعقم في المركز البريطاني السوري سامر جمالي أن تجميد البويضات لا يقتصر على الفتيات العازبات، بل يجري في حالات طبية مثل المصابات بالأمراض السرطانية وسيخضعن لعلاج كيماوي أو شعاعي لأن هذه المعالجات تضر بمخزون التبويض لديهن، وبالتالي قبل خضوعهن للعلاج الكيماوي من الأفضل ان تجمد البيوض لديهن”.

إقرأوا أيضاً:

الحديث بصوت مرتفع

شهدت سوريا أول عملية تجميد بويضات عام 2009، وبعد 10 سنوات تقريباً ارتفعت وتيرة هذه العمليات مع هجرة الشباب بشكل كبير وارتفاع تكاليف المعيشة خلال سنوات الحرب.

واليوم أصبحت عملية تجميد البويضات أمراً شائعاً لدى الفتيات السوريات، بعد أن كان الأمر غير مألوفاً ويحكى عنه بالهمس.

تقول ليلى: “في البداية كنت خائفة من المجتمع وكلامه، ولكن أريد أن أحقق حلمي بالأمومة فلماذا أخاف؟”.

بينما تؤكد أمل أنها اتخذت قرارها بإجراء العملية بعد تفكير طويل وخوفٍ من محيطها الاجتماعي، لكن “أريد طفلاً في المستقبل وهذا حقي”.

وترجع الأخصائية الاجتماعية سهى عكاوي هذا الإقبال المتزايد على عملية تجميد بويضات، إلى ازدياد ثقافة المجتمع وخاصة الفتيات إثر الانتشار الكبير لوسائل التواصل الاجتماعي التي تتناول هذه المواضيع وتناقشها: “كان الأمر غير مقبول في السابق أما الآن فقد تغير الوضع، مع تأخر سن الزواج مما ساهم بارتفاع أعداد الفتيات اللواتي يقمن بهذه العملية”.

ويوضح رئيس المركز البريطاني السوري للإخصاب المساعد بمشفى الرشيد رامي عبيد الناصر، أن المركز يجري حالياً ما بين 4 إلى 5 عمليات شهرياً.

تكلفة عملية تجميد بويضات وقانونيتها

تصل كلفة العملية إلى ما بين 3 إلى 4 ملايين ليرة سورية (1الدولار = 3660 ليرة سورية)، ويعتمد ذلك على عمر السيدة واستجابتها لأدوية التحفيز الهرمونية، بحسب عبيد الناصر.

يضاف إلى هذه الكلفة رسوم سنوية ما بين 15 و20 ألف ليرة سورية يترتب على المريضة دفعها، مقابل الحفاظ على البيوض إلى حين استخدامها.

وبالنسبة إلى الوضع القانوني لعملية تجميد البويضات لدى وزارة الصحة السورية يقول الدكتور عبيد الناصر: “ضمن قوانين وزارة الصحة يوجد قانون ينظّم طفل الأنبوب، ومن ضمنه تجميد البويضات، لكنه غير خاص بتنظيم تجميد البويضات فقط”.

وفي سوريا تجري عملية تجميد البويضات بعقد معتمد من قبل محامٍ يتضمن موافقة الفتاة على سحب بويضاتها بناء على رغبتها.

إقرأوا أيضاً: