fbpx

المحكمة الاتحادية “تُعدم” لجنة أبو رغيف:
“تعليق” مكافحة الفساد في العراق؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

تصطدم عملية مكافحة الفساد في العراق بقدم التشريعات القانونية والبيروقراطية التي لم تعد تتناسب مع حجم الضرر الذي يصيب المال العام.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

تطلع العراقيون إلى عهد جديد في تاريخهم لمحاربة الفاسدين الذي هرّبوا مليارات الدولارات إلى الخارج، وإيداعهم في السجون. واستبشروا خيراً بتعيين لجنة لمكافحة الفساد في آب/ أغسطس 2020، برئاسة الفريق الركن أحمد أبو رغيف المعروف بملاحقته شبكات الإرهاب في الفترة الممتدة من 2008 وحتى 2013. وكان للجنة التي أمر رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي بإنشائها أثر كبير وإيجابي داخل منظومة الدولة العراقية لمتابعة ملفات الفساد التي أصبحت جزءاً من الحديث اليومي لمعظم العراقيين.

وكان المغدور الباحث هشام الهاشمي، الذي اغتيل لاحقاً برصاصات غادرة، قد اقترح عبر حسابه في “تويتر” في أيار/ مايو 2020 على الكاظمي تشكيل لجنة برئاسة أبو رغيف و عضوية مكاتب خلية الصقور الاستخباراتية و استخبارات الشرطة الاتحادية وفرق الرد السريع، لتنفيذ أوامر القبض بحق قتلة متظاهري ثورة تشرين وملاحقة مسؤولين كبار وسياسيين معروفين بتهم تتعلق بالفساد.

لكن المحكمة الاتحادية العليا قررت راهناً عدم صحة الأمر الديواني المرقم 29 لسنة 2020 المتضمن تشكيل لجنة دائمة للتحقيق بملفات الفساد والجرائم، إذ تقول المحكمة في بيان رسمي إن”لجنة أبو رغيف خالفت أحكام الدستور العراقي التي تتضمن حماية حرية الإنسان و كرامته و لمبدأ الفصل بين السلطات واستقلال القضاء”، وقام القرار الصادر عن المحكمة بإنهاء عمل اللجنة بشكل كامل.

جهود مكافحة الفساد تتطلب عملاً جماعياً بمشاركة كاملة من السلطات العامة والقطاع الخاص والمجتمع المدني ووسائل الإعلام والمواطنين.

دور بارز

يشيد المختص في شؤون مكافحة الفساد غالب الدعمي بعمل لجنة أبو رغيف في مكافحة الفساد وإعادة الأموال لخزينة الدولة منها 4.5 مليار دولار سرقت من صندوق التقاعد وإلقاء القبض على عدد من كبار الفاسدين في السجن، منهم رئيس “حزب الحل” وصاحب “قناة دجلة الفضائية” جمال الكربولي، ورئيس شركة “كي كارد” بهاء عبد الحسين، اللذان صدرت بحقهما أحكام قضائية تتراوح بين 4 و6 أعوام، فضلاً عن مديري مصارف حكومية ورجال أعمال عراقيين.

ويقول الدعمي لـ”درج” إن اللجنة قامت بتحديد مكامن الفساد المالي في عقود وزارات الكهرباء والتجارة والزراعة، إضافة إلى ملفات كثيرة ومهمة لم يستطع مسؤول سابق الوصول إليها. ويرى الدعمي أن “لجنة أبو رغيف التي تمت محاربتها سياسياً تستحق كل الشكر لكن قرار المحكمة الاتحادية مفاجئ و ما علينا إلا الالتزام بهِ”.

قرار البطلان

يفسر الخبير القانوني علي التميمي أن تشكيل هذه اللجنة يخالف المواد 37 أول-47-88-89 من الدستور العراقي ويخالف قانون هيئة النزاهة 30 لسنة 2011 وقانون الأصول الجزائية المدني والعسكري.

ويتحدث التميمي لـ”درج” عن الآثار التي ستترتب على قرار المحكمة الاتحادية بعد إلغاء لجنة أبو رغيف، إذ ستتم إحالة الملفات غير المكتملة من اللجنة إلى الجهات المختصة كلجنة “النزاهة” ومحكمة التحقيق والادعاء العام والجهات العسكرية، كلّ بحسب اختصاصه.

وقال إن الجهات الرقابية على هذا الموضوع والتي ستحقق في خروقات لجنة أبو رغيف هي الادعاء العام والبرلمان العراقي ومحاكم التحقيق.

ويشير إلى أن “المتضررين من لجنة أبو رغيف يحق لهم اللجوء إلى القضاء والمطالبة بالتعويض المادي والمعنوي عما نشأ من مخالفات وفق مبدأ ما بُني على باطل هو باطل في محاكم التحقيق العراقية”.

ويحق لذوي المتوفين أو المدعين بالحق الشخصي إقامة الدعوى استناداً إلى قرار المحكمة الاتحادية العليا على بطلان الإجراءات المتخذة من اللجنة بحسب التميمي.

إقرأوا أيضاً:

لماذا التأخير؟

يسأل الأكاديمي العراقي مثنى إبراهيم الطالقاني، لماذا تأخّرت المحكمة الاتحادية حتى الآن لإبطال لجنة أبو رغيف دستورياً بعد مرور أكثر من عام على تشكيلها؟

ويحاول الطالقاني الإجابة مشيراً إلى أن لجنة أبو رغيف حظيت بصلاحيات تامة كونها حلت محل مؤسسات تعنى بملفات الفساد التي حولت المئات منها إلى المحكمة الاتحادية واستحصلت على أوامر إلقاء قبض بحق متهمين بالفساد.

ويرى الطالقاني ضرورة تحمل الجهاز القضائي مسؤولياته القانونية، وألا تكون قراراته انتقائية باعتبارها السلطة التي فوضها الشعب لتسيير القانون والعدالة.

الضعف البرلماني

يشخص الباحث الاقتصادي رامي محسن جواد ضعفاً كبيراً في معظم مجالس الدورات البرلمانية ما بعد عام 2003 لقلة خبراتهم وعدم النظر إلى آراء و تقارير الأجهزة الرقابية المختصة في مكافحة الفساد.

ويقول جواد لـ”درج” إن”هناك آلاف التقارير التي يصدرها سنوياً ديوان الرقابة المالية الاتحادي عن أنشطة وحسابات كل مؤسسات الدولة لكن اللجان البرلمانية المختصة لا تكمل طريقها بل تستخدمها للتسقيط السياسي.

كما تهاونت الدورات السابقة في إنجاز الحسابات الختامية للدولة العراقية منذ عام 2013 لغاية الآن التي تعبر عن واقع إيرادات ومصروفات الدولة العراقية وتسمح بمحاسبة الحكومات عن الأموال التي تم هدرها. 

كما تصطدم عملية مكافحة الفساد في العراق بقدم التشريعات القانونية والبيروقراطية التي لم تعد تتناسب مع حجم الضرر الذي يصيب المال العام وكل ذلك يحتاج إلى عمل جدي ومكثف من البرلمان الحالي لتمرير حزمة قوانين تتناسب مع حجم الفساد الموجود، الذي يصنف من خلاله العراق كأحد الدول الأكثر فساداً عالمياً، بحسب آخر تقارير منظمة الشفافية الدولية في مؤشر الفساد لعام 2020.

وترى منظمة الأمم المتحدة أن جهود مكافحة الفساد تتطلب عملاً جماعياً بمشاركة كاملة من السلطات العامة والقطاع الخاص والمجتمع المدني ووسائل الإعلام والمواطنين، فمن الضروري التنسيق بين جميع الجهات الفاعلة والعمل على تكاتف جهودها لتعزيز الفاعلية وتحقيق نتائج مهمة للبلد.

إقرأوا أيضاً:

سامر المحمود- صحفي سوري | 30.03.2024

فصائل مسلّحة في سوريا “توظّف” الأطفال كـ”مقاتلين مياومين”

مئات الأطفال شمال غربي سوريا يعملون كمقاتلين لدى الفصائل المسلحة، بأجور يوميّة يُتَّفق عليها مع زعيم المجموعة، يبلغ "أجر" الطفل المقاتل/ المرابط في اليوم بين 3 و6 دولارات، أما الفصائل المتشددة فتدفع 100 دولار في الشهر.