fbpx

 إيران تقصف مقتدى الصدر في إربيل!

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

القصف استهدف إربيل الكردية وأصاب بغداد الشيعية. العراق بلد تحكمه غالبية شيعية، واستهدافه بصواريخ إيرانية يملي علينا تعقب عقدة مستجدة في العلاقات الشيعية- الشيعية.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

لا أدري لماذا لاح فلاديمير بوتين لي فور سماعي خبر القصف البالستي الإيراني، لعاصمة إقليم كردستان العراقي إربيل! ربما شعرت بأنها قواعد اللعب البوتيني، فالمشهد الذي رسمه القصف بدا لي خارجاً عن مألوف أي نوع من العلاقات، حتى تلك التي دأبنا على وصفها “استتباعاً” إيرانياً للجار العراقي. لا بل إن الواقعة بدت لي قصفاً للاستتباع نفسه وانتقاماً منه، وربما كانت استهدافاً لأشياء كثيرة من بينها النفوذ الإيراني نفسه. البوتينية تكمن في أن إيران لم تكن تقصف نفسها في العراق، انما بفعلتها قالت إنها غير مقيدة بأي اعتبار، وإن على حلفائها في بغداد أن يذعنوا لفعلتها. أليس هذا دأب بوتين في سوريا عندما يقول لحلفائه هناك إن عليهم أن يذعنوا للقصف الإسرائيلي الذي ترعاه موسكو؟

فجأة ومن دون مقدمات قررت طهران إطلاق صواريخ باليستية نحو العراق! دعك من أنها إربيل وليست بغداد، فإربيل لم تكن يوماً عراقية بقدر ما هي اليوم، والرسالة التي حملتها الصواريخ موجهة إلى بغداد، ذاك أن حكومة كردستان التي لا تربطها علاقة مودة مع طهران، لا تربطها خصومة خاصة. إربيل تعرف أنها لا يمكن أن تكون قاعدة خصومة لإيران، والأكراد يجيدون الموازنة، ويعلمون أن خطأ الاستفتاء جر عليهم ويلات ما زالوا يحاولون رأبها. وهنا علينا أن نلاحظ أن القصف أصاب أيضاً الشركاء الأكراد لإيران في السليمانية، ومرة أخرى لم تكترث الحليفة الكبرى لحال مستتبعيها من الأكراد.

فجأة ومن دون مقدمات قررت طهران إطلاق صواريخ باليستية نحو العراق!

قد نذهب بتفسيراتنا لهذا القصف نحو احتمالات كثيرة. القول بأنه استهدف تذكير العراقيين بضرورة عدم الابتعاد بأوهامهم من الجار الايراني خلال مفاوضات تشكيل الحكومة لا يبدو مستبعداً، وبهذا المعنى القصف استهدف مقتدى الصدر، صاحب نظرية حكومة الغالبية النيابية، وقد نبتعد بالتفسير أكثر ونذهب به إلى فيينا، حيث المفاوضات على الملف النووي الإيراني، وتقنية التفاوض على حافة الهاوية التي لطالما دأبت عليها طهران. 

أما التفسير الأبعد من العقل ومن المنطق فهو طبعاً ما دفعت به طهران في بياناتها، وهو أن القصف استهدف موقع تجسس إسرائيلياً! والجواب البدهي على هذا الادعاء هو أن إسرائيل تتجسس على إيران في طهران وفي دمشق وليس في إربيل، وأي رغبة إيرانية في الرد، يفترض أن تكون من سوريا، البلد الذي شهد مقتل ضابطي الحرس الثوري اللذين قالت طهران إن القصف وقع انتقاماً لهما. أما أن يقصف الحرس الثوري الإيراني إربيل رداً على مقتل ضابطين منه في دمشق، فهذا هراء لطالما شهدناه في بيانات وخطب الإطناب الممانعاتي على امتداد هلال النفوذ الإيراني.

القصف استهدف إربيل الكردية وأصاب بغداد الشيعية. العراق بلد تحكمه غالبية شيعية، واستهدافه بصواريخ إيرانية يملي علينا تعقب عقدة مستجدة في العلاقات الشيعية- الشيعية، ومن يزور بغداد يدرك الفجوة في هذه العلاقات، ويلمس حجم الخيبة الإيرانية من أهل المذهب. قصف مقتدى الصدر مباشرة غير ممكن، فهو منتشر في مدن العتبات المقدسة والمكهربة مذهبياً، ناهيك بأن استهدافه شخصياً سيخلف فراغاً مملوءً بغضب قد تكون نتائجه وخيمة. 

إقرأوا أيضاً:

كما أنه سبق أن حصلت محاولة لقصف نتائج الانتخابات العراقية عبر التظاهرات الحشدية، فجاء القرار القضائي بالتصديق على هذه النتائج. وفي هذا الوقت تسير مفاوضات فيينا على وقع آخر لا تبدو معه الورقة العراقية صالحة للتوظيف، لا سيما في ظل غلبة صدرية التقطها المفاوض الأميركي. ومرة أخرى يخلص المرء إلى أن قصف إربيل استهدف مقتدى الصدر، على رغم المسافة الطويلة التي تفصل الرجل عن عاصمة الإقليم الكردي.

لكن يبقى أن قصف إربيل فعل غرائبي، فطهران استهدفت دولة الغالبية الشيعية التي تملك فيها نفوذاً واسعاً، وفي غمرة جولة تفاوض أخيرة مع الأميركيين، ورفعت بفعل هذا القصف من الحساسية الكردية نحوها، ناهيك بأن قصف بلد مجاور، مترافق مع بيان يتبنى هذا القصف، ينطوي على رغبة في الخروج عن قواعد بدهية في العلاقات بين الجيران. 

لا شك في أن هذه السابقة جرت في لحظة يشهد فيها العالم ابنعاث “البوتينية” بوصفها موديلاً في العلاقات البينية. “اقصف إربيل واصدر بياناً أنك استهدفت تل أبيب”! فمن سيحاسبك طالما أن العالم سبق أن هضم بوتين في سوريا وقبلها في الشيشان وفي جورجيا، وإربيل ليست أوروبا لكي ينتفض هذا العالم بوجهك. إنها قواعد القتل البوتيني.   

إقرأوا أيضاً:

حازم الأمين - صحافي وكاتب لبناني | 28.03.2024

العرقوب اللبناني بين “فتح لاند” و”حماس لاند”

الوقائع التي تشهدها المناطق الحدودية اللبنانية عززت التشابه بين "فتح لاند" و"حماس لاند"، فبينما كانت الهبارية تتعرض لغارات الطائرات الإسرائيلية التي قتلت على نحو متعمد تسعة مسعفين، كان أهالي بلدة رميش المسيحية يقرعون أجراس كنائسهم احتجاجاً على تمركز حزب الله على إحدى التلال في بلدتهم!