fbpx

الدبابات الروسية تسحق الرغيف المصري في طريقها لاحتلال أوكرانيا!

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

أزمة رغيف تتفاقم في مصر التي تعتبر إحدى أبرز الدول التي تأثرت بالحرب باعتبارها المستورد الأكبر للقمح في الشرق الأوسط.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

قبل أن تدوي إنذارات الحرب في كييف عاصمة أوكرانيا، وقبل أن يعطي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أوامره للجيش الروسي بالتحرك نحو الحدود الأوكرانية، كانت الكثير من دول العالم تراجع حاجاتها ومواردها من الخبز والنفط، وكانت بلاد عربية مثل مصر والجزائر ولبنان تتفحّص ملفات أمنها الغذائي، وتنظر بقلق إلى المخزون الاحتياطي من القمح، وتستعد لمواجهة الجوع المرتقب، محاولة إيجاد مخرج للهرب من الخطر الذي يتهدد شعوبها، لسد حاجاتهم الغذائية، التي تعتمد وتتغذى بشكل أساسي على الخبز والحبوب.

مصر إحدى أبرز الدول التي تأثرت بالحرب باعتبارها المستورد الأكبر للقمح في الشرق الأوسط، حيث تستورد من روسيا وأوكرانيا 13 مليون طن، أي ما يعادل 90% من احتياجاتها، كما أنها الأولى عالميا في استيراد الذرة من أوكرانيا خلال الموسم الزراعي 2020-2021. ومع فشل التحالفات الاقتصادية والتهديد بتطبيق سياسات الحظر التجاري على روسيا في تشكيل درع ضد قيام الحرب، كان هناك قلق اقتصادي عارم في مصر على رغيف الخبز، صاحبه قفزة هائلة لأسعار طن القمح عالمياً.

يعتمد النمط الغذائي المصري بشكل أساسي على رغيف الخبز لإطعام غالبية الشعب الذي يقبع ثلثه تحت خط الفقر. ويتراوح استهلاك المواطنين للخبز وفقاً لمقال نشره موقع مدى مصر ما بين 180 -210 كيلوجرام للفرد سنوياً، هذا المعدل يعد ثلاثة أضعاف متوسط الاستهلاك العالمي للفرد، ما يجعل من مصر أكبر مستورد للقمح في العالم.

اعتادت مصر على ترتيب قائمة طعامها وفقاً للأزمات الاقتصادية المتتالية والمستمرة منذ عقود، مستعيضة في الأغلب عن اللحوم والفاكهة والخضروات باستهلاك الخبز والزيوت والحبوب. وليس أفضل من استعارة طبق “الكشري المصري” الذي تشتهر به مصر، على ما يتضمنه من محتويات (أرز- معكرونة-شعيرية-عدس) للاستدلال رمزياً على هذا الاستهلاك.

 تنتج مصر 221 مليار رغيف خبز مدعم سنوياً. استوردت في السنة الماضية 5.5 مليون طن من القمح من روسيا، بتكلفة إجمالية بلغت 2.2 مليار دولار، في حين كان سعر الطن 332 دولاراً وفقاً للتصريحات الرسمية، بحسب مقال نشر على موقع رصيف 22.

وكانت الدولة تقدر احتياجها لشراء 5.3 مليون طن من القمح الروسي هذا العام بمتوسط سعر 225 دولارًا للطن. الآن بعد تطبيق سياسة الحظر التجاري على روسيا، وبلوغ سعر القمح عالمياً 926 دولاراً يجد السيسي وقيادته أنفسهم في مأزق اقتصادي ربما لم يشهده التاريخ السياسي للخبز المدعم في مصر، خصوصاً بعد القرار الأخير برفع سعر الخبز المدعم في أيلول الماضي بلا مسوغات اقتصادية غير فاتورة التضحية التي يجب على المواطن المصري تحمل نفقاتها من أجل التنمية.

بالتوازي مع ذلك، يأتي تهاوي مؤشرات نسبة الانخفاض في الإشغالات الفندقية بشرم الشيخ والغردقة التي أعلنت عنها غرفة السياحة قبل أيام، كمؤشر لحالة الانخفاض الهائل المتوقع في الأرباح التي تجنيها وزارة السياحة من النشاط السياحي الروسي والأوكراني في مصر، وهما الدولتان اللتان تشغلان معاً الجانب الأكبر من قطاع السياحة، والذي تعتمد عليه الدولة بشكل رئيسي لجني الأرباح من هذا القطاع.

ربما كانت مصر لتجد مخرجاً من هذه الأزمة المفاجئة فقط لو لم تكن بسبب الحرب، ذلك عن طريق اللجوء، كما العادة، إلى التقدم بطلب الحصول على قروض مالية من مصادرها المعتمدة مؤخراً، مثل سوق الديون، وودائع الحلفاء من دول الخليج وغيرها، لكن تلك المصادر تشترك في المعاناة الاقتصادية التي تفرضها الأزمة الحالية بسبب الحرب الروسية على أوكرانيا، ما قد يدفع مصر إلى اللجوء للاقتراض من صندوق النقد الدولي في حال توفرت الإمكانية. إذا حدث ذلك، سيكون بمثابة العلاج السريع والقاسي للخروج من الأزمة والذي ستتذوق مرارته الموازنة العامة للدولة بسبب ارتفاع تكلفة فوائد الدين الخارجي وبالتالي ارتفاع تكلفة فاتورة التضحية التي يتكبّدها المواطن المصري. 

تجدر الإشارة إلى أن الدين الخارجي لمصر بلغ إجمالي 173 مليار و850 مليون دولار في العام الماضي، في مقابل 40 مليار دولار من الإحتياطي الأجنبي للعام نفسه.

تأتي الحرب الروسية على أوكرانيا بمثابة الإحباط لحالة الفرحة التي شهدها الاقتصاد المصري في العام الماضي بسبب انضمام مصر لمؤشر بنك “جي بي مورجان” وتواجدها على الخريطة المستدامة.

ولكن مع زيادة الأسعار في السلع الغذائية والمنتجات الأولية، يتوقع خبراء ومحللون في بنك “جي بي مورجان” توجه الحكومة المصرية لخفض قيمة الجنيه بسبب ارتفاع معدلات التضخم والعجز في الميزان التجاري المصري بالإضافة إلى تداول العملة المصرية بأعلى من سعرها الحقيقي، مما يهدد الجنيه المصري بخطر التعويم مجدداً، وهو ما قد تجد الحكومة نفسها مضطرة لفعله حتى تعيد نشاط المستثمرين الأجانب في أدوات الدين الحكومي وانخراطهم في السوق المصري من جديد، بعد خروجهم منه وتراجع صافي الأصول الأجنبية لدى البنوك.

كما رجّح “جي بي مورجان” أن يلجأ البنك المركزي المصري إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي بسبب زيادة الضغط في الأسواق المالية.

إقرأوا أيضاً:

وفي ظل ارتفاع أسعار النفط والقمح عالمياً والمحاولات المختلفة بين دول العالم لإيجاد حلول عالمية، يترقب العالم مدى فعالية التحالفات التجارية، وسياسات الاقتصاد العالمية في منع حالة الحرب واستمرار السلم العالمي، عبر النظر في النتائج التي ستنجم عن الأيام المقبلة لحرب روسيا على أوكرانيا، وما إذا كانت قدرة روسيا على التحمل أقوى من جدوى ونجاعة سلسلة الإمدادات وشبكة التجارة الدولية في وقف الحروب. 

عدا عن بشاعتها، كشفت الحرب الروسية قناعات أيديولوجية واقتصادية متناقضة وهشة، فقد عرّت وجه الغرب الرأسمالي الوديع الذي تم تصويره بأنه قائم على سياسات مسالمة وقوية، في حين يظهر الآن بوضوح هشاشة اقتصاد العالم النامي ولا سيما مصر، الذين يعاني على الدوام من ازدياد الفارق بين النمو الاقتصادي الحقيقي والنمو في التعاملات المالية الخطيرة وغير المساهمة في الاقتصاد الحقيقي، والذي يضعه الاقتصاد الأمريكي ويعرّفه بالهندسة المالية.

كما كشفت الحرب الكثير من الممارسات والسياسات الدولية في عالم اليوم، أن الإيمان بسير الأسواق الحرة والديموقراطية، يداً بيد، هو ضرب من الخيال، ووهماً نيوليبرالياً يصب فقط، في مصلحة أثرياء العالم من مالكي الشركات الكبرى ومصلحة الحكومات المتزعمة قيادة العالم فيما يدفع المواطنون في العالم ومنهم المصريون الضريبة القاسية للحرب وحدهم.

إقرأوا أيضاً:

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.