fbpx

11 عاماً على الثورة السورية:
حين اعتقدنا أن الحريّة تأتي لو ناديناها

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

أليس كسر جدار الخوف العالي هو أول خطوة في طريق الحريّة؟ في مكان عميق من قلوب السوريين يدركون أنهم انتصروا بطريقة ما، إذ أنه وكلما كان النظام أكثر استبداداً كلما كان قيام الثورات في حد ذاته انتصاراً.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

بعد 11 عاماً على الثورة السورية، هل ما زالت ثورتنا موجودة حقاً، وما الذي اختلف اليوم لو أردنا استعادة بعض الذكريات؟ 

بعد كل هذا الوقت قد نخشى تذكّر ما حصل، وكأنَّ تلك اللعنة التي سقطت على رؤوسنا فجأة مازالت تهددنا بعودتها في أيّة لحظة.

تغيرت الكثير من الأشياء، تحوّلت أشكال معاناة السوريين لكنها لم تنتهِ، استمرت الصراعات في العالم وقد يكون الوقت والحروب الجديدة ابتلعت ما تبقّى من ذكريات الثورة السورية، إذ أن المعاناة لو استمرت وقتاً طويلاً تغدو عادة، والسوريون باتو يمتلكون هذه العادة، يتأقلمون مع كلّ جديد وانهيارٍ وخسارة كأنها جزء من حياتهم، لحظة تعبُر كما عبرت الصواريخ من فوق رؤوسهم وكما تحولت أجساد أحبائهم إلى أشلاء وعلى الرغم من ذلك استمروا في حين اعتقدوا أن الحياة ستغدو مستحيلة.

وكأنَّ السوريين يدركون اليوم أن الحرب الروسية الأوكرانية ستبعد ذكرى ثورتهم بشكل ما، على الرغم من ذلك نستطيع أن نستشف تعاطفهم القوي مع الأوكرانيين. يشعر السوريون بامتداد المعاناة، إنها ذات آلامهم لكن في مكان آخر، هناك حيث يشترك الدب الروسي في قتلهم، قد يكون من التطرف القول أن السوريين أكثر من يشعر بألم الأوكرانيين اليوم، لكن الحقيقة تقول أنهم جربوا كيف تهدم المنازل فوق رؤوسهم، وكيف يفرون حاملين القليل من ذكرياتهم، إلّا أن حرباً جديدةً قد تعني نسيان القديمة وتوجه الأنظار نحو مكانٍ آخر، ولا يعني هذا أن السوريين يودون من العالم الانتباه إلى معاناتهم وحدهم، لكنهم يخشون أن يتم نسيانهم، ما من شيء يخيفنا اليوم، سوى الاعتياد على نهاية الثورة والاكتفاء بإحصاء السنوات والضحايا.

قبل أحد عشر عاماً كانت فكرة التغيير ممكنة وكان الأمل موجوداً، كنا نعتقد أن الحرية تأتي لو ناديناها، والديمقراطية تسود فيما لو علا صوتنا.

اعتقدنا أننا أقوى من الأنظمة السياسة، لكن كما يستيقظ ناجٍ تحت أنقاض منزله، استيقظنا على الواقع، البعض أدرك الحقيقة باكراً، أدركها آخرون بعد أسابيع من بدء الثورة، أشهر أو سنوات والبعض لا يصدقون لليوم النهاية                  المأساوية للثورة، فهل انتهت الثورة حقاً وكلّ ما حصل لم يكن سوى فترة تحوّل دموية في حياتنا؟

هل يمكن اعتبار الثورة السورية خاسرة؟ 

ما المعيار الذي يحدد مدى انتصار الثورات؟ هل تغيير النظام هو المعيار أم تحقيق جزء من المطالب الشعبية؟ ماذا عن الشعوب التي لا تكسب شيئاً إنما تغدو أنظمتها أكثر قمعيّة؟ ولنا أن نتساءل، هل كانت لحظات قليلة من الانتصار تستحق كلّ ما عشناه لاحقاً من مجازر وقصف واعتقال وتعذيب؟ 

من الصعب تصنيف الثورة السوريّة، بخاصة مع غياب أي نتائج ملموسة على صعيد التغيير الإيجابي، لكن هناك شيء لا يمكن دراسته أو ملاحظته أو حتى قياسه، وهو الخوف. من يعرف السوريين قبل الثورة، يدرك تماماً حجم الخوف الذي كانوا يعيشونه كلما ذُكر اسم الأسد أمامهم أو كلما قيلت كلمة معارض أو شيوعي أو أحداث حماة. 

الكثير من الكلمات كانت تثير الخوف في نفوس السوريين، والثورة أنقذتهم من الخوف ومن الاستمرار في امتلاك الشعور ذاته، فرددوا للمرة الأولى عبارات لطالما خشوا قولها، وواجهوا واحداً من أكثر الأنظمة ديكتاتورية، واختبروا الحريّة والقوة وتحدي الديكتاتور، أليس كسر جدار الخوف العالي هو أول خطوة في طريق الحريّة؟

في مكان عميق من قلوب السوريين يدركون أنهم انتصروا بطريقة ما، إذ أنه وكلما كان النظام أكثر استبداداً كلما كان قيام الثورات في حد ذاته انتصاراً، وهنا يكفي قيام الثورة السورية في يومٍ ما، مهما كان بعيداً، يكفي ترديد كلمات خشي الآلاف قولها لنفهم الانتصار في شكله الخام والأولي، نعم نمتلك الحقّ في اعتبار الثورة نصراً وفي الوقت نفسه التألم لخسارات كثيرة عشناها ثمناً لهذا الانتصار الصغير.

إقرأوا أيضاً: