fbpx

“الذيول”: عن أتباع إيران في العراق الجديد

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

الذيول لا يؤيدون ما تقوم به إيران في العراق وحسب، بل ينخرطون فيه وينفذون أجندتها في أي منطقة في البلاد، وهم لا يخجلون البتة من ذلك.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

“ذيل”، هي كلمة أو مصطلح شعبي رائج يُطلق على كل من يوالي إيران من العراقيين، ويؤيد سياساتها التخريبية، سواءٌ كان الذيل مواطناً عادياً أو مقاتلاً في ميليشيا، أو زعيم ميليشيا أو شيخ عشيرة، أو وزيراً أو حتى رئيس وزراء، ومن هؤلاء لدينا مثالان/ذيلان طويلان هما: رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، ورئيس الوزراء السابق عادل عبد المهدي.

الذيل في قواميس اللغة، هو آخر كل شيء، أسفل الثوب، وما تتركه الريح في الرملِ كأثر ذيل مجرور، وذيل الريح هو ما جَرَّتْ على وجه الأرض من التراب، ويُقال إنّ فلاناً في ذيلٍ ذائِل أي بمعنى أنه في هون شديد. وهو- الذَّيْلُ- مشتق من الجذر ذيل، على وزن: فَعْل. والجمع ذيول.

قوة الذيول

في العراق لن تجد صعوبة في التعرّف إلى “الذيول”، إنهم بارزون جداً، يهتزون عند كل حدث أو حديث، وغالباً ما يجتمعون على رأي واحد، ويتبنون كلاماً ثابتاً يرددونه في الشارع ووسائل الإعلام، ودائماً ما يحتشدون في السوشيال ميديا على هيئة جيوش إلكترونية، إنه نمط يشبه الذباب الإلكتروني، لكنهم ليسوا ذباباً، إنهم “ذيول”.

لهؤلاء الذيول تنظيمات وأحزاب ومؤسسات وميليشيات، ولهم مراجع ورموز سياسية واجتماعية، وتمثيل شعبي مؤثر، ولهم تمثيل في الدولة والحكومات العراقية، وكتل سياسية تحصل على الكثير من المقاعد في البرلمان، وأكثر من ذلك؛ لديهم قوة عسكرية تفوق في عدتها وعتادها قوة الجيش العراقي وجهاز الشرطة على حد سواء، وهؤلاء الذيول يشكلون خطراً حقيقياً، إن حرّكتهم إيران، فهم مثلاً يستطيعون تنفيذ جرائم معلنة، مثل التغيير الديموغرافي القسري (كما فعلوا في منطقة جرف الصخر) والاغتيالات التي تطاول نشطاء مدنيين وضباط جهاز المخابرات العراقي، والقصف بالطائرات المسيرة والصواريخ، كما فعلوا حين قصفوا بيت رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، ويفعلون دائماً في قصف المنطقة الخضراء، ومطار بغداد ومناطق عراقية كثيرة، وما يغريهم في التمادي هو علمهم بأنهم أقوى من الدولة وأجهزتها الأمنية التي ينخرها الفساد والطائفية.

الذيول لا يؤيدون ما تقوم به إيران في العراق وحسب، بل ينخرطون فيه وينفذون أجندتها في أي منطقة في البلاد، وهم لا يخجلون البتة من ذلك. وهذا ليس مستغرباً على الإطلاق، فمن هو على استعداد للموت في سبيل الجمهورية الإسلامية والولي الفقيه، لماذا يخجل من أفعاله، ولهم في ذلك أسوة سيئة، أمثال زعيم مليشيا منظمة بدر، هادي العامري، ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي، أبو مهدي المهندس، وزعيم ميليشيا “عصائب أهل الحق”، قيس الخزعلي، وهلمَّ جراً من زعماء الميليشيات الكثيرة التي لا يُعرف عددها في العراق.

ذيول إيران الطويلة

خلال الحرب العراقية- الإيرانية (1980-1988)، كانت ميليشيا “منظمة بدر” تقاتل إلى جانب الجيش الإيراني ضد الجيش العراقي، يقودها هادي العامري، الذي يظهر في فيديو شهير، يصف فيه الجيش العراقي بأنه “العدو”، ويتعهد بالبقاء مع الإمام الخميني حتى آخر قطرة دم، وأنه- الإمام- “إذا يقول حرب فهي الحرب، وإذا يقول صلح فهو الصلح”، لأن الخميني بالنسبة إلى هادي العامري هو الذي يمثل الإسلام.

القيادي أبو مهدي المهندس، هو الآخر كان يعتبر نفسه جندياً عند قائد “فيلق القدس” قاسم سليماني، وكل مقاتلي الحشد الشعبي يؤكد بـ”فخر” أنهم جنود الحاج قاسم سليماني، ويعتقد أن ذلك نعمة إلهية، وظل على ذلك حتى قتل مع قائده سليماني بالقرب من مطار بغداد الدولي.

ذيل آخر هو واثق البطاط، زعيم ميليشيا “جيش المختار”، كان يصدر نفسه في الساحة العراقية على أنه الأمين العام لـ”كتائب حزب الله” في العراق، له مقابلة تلفزيونية شهيرة على قناة السومرية، حين يأتي على ذكر الخميني، يصفه بالإمام، ويترضى عنه، ويبتهل أن يُحشر معه يوم القيامة، وعن أي احتمال لنشوب حرب بين العراق وإيران، لا يتردد البطاط بالمجاهرة بأنه سيقاتل إلى جانب إيران، وأكثر من ذلك، فإن زعيم ميليشيا جيش المختار لا يعترف بأي حقوق للجنود العراقيين الذين سقطوا في الحرب العراقية- الإيرانية (1980-1988)، وعندما اعتقلت الشرطة العراقية معمم إيراني على الحدود بتهمة تهريب المخدرات، خرج البطاط بتسجيل مصور هدد فيه منتسبي وزارة الداخلية، بـ”قلع عيونهم من جماجمهم، وتحويل رؤوسهم إلى منفضة سجائر”، ويذهب إلى تهديد عائلات المنتسبين في وزارة الداخلية. وهو يعتقد أن من ينتقد سليماني ليس شريفاً، لأن الأخير بحسب ما يقول البطاط: “دافع عن شرف العراقيين، وأعراضهم في الموصل وغيرها من مناطق العراق”.

إقرأوا أيضاً:

ضابط الموساد هاني رمزي والإعلام الولائي

في الثالث عشر آذار/ مارس 2022، قصف الحرس الثوري الإيراني مدينة أربيل بـ12 صاروخاً باليستياً، السلطات المحلية في إقليم كردستان أكدت أن القصف استهدف مناطق سكنية مدنية فقط، ولم يستهدف أي قاعدة عسكرية أو منشأة أجنبية. 

الحرس الثوري الإيراني ووسائل إعلام رسمية إيرانية قالت إن الهجوم استهدف “مركزاً استراتيجياً إسرائيلياً” في العراق. أما بالنسبة إلى ذيول إيران، فماذا كان دورهم في هذه الحادثة؟ بالتأكيد التطبيل والترحيب والتأييد، فمثلاً بعد يوم واحد على القصف، قناة “العهد” (يملكها قيس الخزعلي زعيم ميليشيا عصائب أهل الحق) استضافت المحلل السياسي الإيراني أمير موسوي، الذي كان موجوداً في بغداد، وفتحت له الهواء المباشر لتهديد العراق وإقليم كردستان والتحريض على قصف مواقع أخرى في مدينة أربيل، بحجة وجود أهداف مشروعة لحرس الثورة الإيراني.

السخرية من الإعلام الولائي و”ذيول” الجمهورية الإسلامية، دفع النشطاء والمدونين العراقيين إلى التهكم والضحك على الطريقة التي تروج بها مجموعة قنوات “اتحاد الإذاعات الإسلامية” الموالية لإيران، لحادثة القصف، وإصرارهم على إقناع جماهيرهم أن بيت رجل الأعمال الكردي باز كريم البرزنجي، الذي استهدفه القصف، هو مركز تجسس إسرائيلي، وقد قتل فيه عدد من ضباط الموساد.

الكاتب العراقي والمدون رسلي المالكي كتب على حسابه الشخصي في “فيسبوك” ساخراً: “الموساد يؤكد مقتل (هاني رمزائييم) في الهجوم الذي استهدف أربيل”، هذا المنشور تعدى أن يكون مادةً للسخرية، وسرعان ما تلقفته حسابات الذيول الإيرانية على وسائل التواصل الاجتماعي، وصار خبراً عاجلاً تبنته قنوات فضائية، مثل قناة “النجباء”، التابعة لـ”ميليشيا حزب الله النجباء”، وكذلك شخصيات محسوبة على الإعلام الولائي أمثال منهل المرشدي، الذي كان مستشاراً في “شبكة الإعلام العراقي” (التلفزيون الحكومي الرسمي).

بالنسبة إلى رسلي المالكي والعراقيين، فإن اسم هاني رمزي (الممثل المصري) ارتبط بصورة له يبتسم فيها بطريقة ساخرة، وهي مأخوذة من مشهد له في فيلم “الحب الأول” عندما يتأكد أن الفتاة (حنان الترك بدور وفاء) التي يحبها تحب شخصاً غيره، ولن تكون له أبداً.

هذه الصورة استخدمت كـ”ميم” في العراق، بخاصة بعد تظاهرات ثورة تشرين، وصارت تُرفع في الاحتجاجات، وتستعمل في السوشيال ميديا العراقية، تعبيراً عن الأشياء التي يتمناها العراقيون ولن تحدث أبداً، واستخدم اسم هاني رمزي للتعبير عن استحالة حدوث الشيء، فعندما تعلن الحكومة عن خطة ما، أو قرار أو شيء ما، يكون رد فعل المواطن العراقي بجملة: “من هاني رمزي” أي لن تفعل الحكومة شيئاً إيجابياً أبداً، وهذه الجملة معادل لغوي لكلمة “من طيزي”، التي يستخدمها العراقيون للتعبير عن يأسهم من حدوث أمر ما، كان يجب أن يحدث.

التداول الساخر لتبني الإعلام الموالي لإيران خبر مقتل ضابط الموساد “هانيرمزي” واستخدام صورة الممثل هاني رمزي بالزي العسكري- وهي لدوره في فيلم “أبو العربي”- جعل الممثل نفسه يدخل على خط السخرية، وقد غرّد ساخراً بأن اسم الضابط الشهيد أبو العربي وليس “هانيرمزي” فعادت وسائل الإعلام والسوشيال ميديا العراقية لتداول السخرية من الطريقة التي تعامل بها الموالون لإيران مع قصف مدينة عراقية بصواريخ باليستية.

شرطة مكافحة الذيول

بالعودة إلى كلمة ذيل وذيول، وخلال النبش عن تاريخ استعمالها وصفاً لمؤيدي إيران والحرس الثوري في العراق، فإن الاستعمال الأول للكلمة بدأ عام 2015، خلال الحرب على تنظيم “داعش”، وبروز الدور الإيراني العسكري في العراق، وقيادة قاسم سليماني المليشيات العراقية، والتطبيل الذي كانت تقوم به قنوات “اتحاد الإذاعات الإسلامية” والميليشيات والكتّاب والصحافيون الذين اشترت طهران ذممهم، وصاروا أبواقها في البلاد.

أما دخول المفردة إلى الإعلام، والشاشات العراقية، وكذلك انتشارها لتصبح وصفاً ملازماً للولائيين، فكان بحسب الصحافي العراقي أحمد الحسيني عام 2018 من خلال البرنامج الساخر “ولاية بطيخ” في مشهد “كشف الذيول”، حيث تكون هناك شرطة لمكافحة الذيول، تحمل أجهزة لكشف الانتماءات لدول الجوار، وتبدأ بمواطن يدّعي أنه لا ينتمي لغير العراق، وحين يُمرر عليه الجهاز، تشتغل أغنية “من آمده ام” للمغنية الإيرانية گوگوش، ثم تقطع له شرطة مكافحة الذيول وصلاً لتسفيره إلى طهران.

إقرأوا أيضاً: