fbpx

الانتخابات اللبنانية في مناطق نفوذ الأحزاب الطائفية: تهديد وتشبيح وتخوين

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

“لم تكن هنالك مضايقات مباشرة، ولكن رأينا التحريض على تويتر، وهذا أمر متوقع، فهنالك نسبة شحن عاليه جداً، وليس علينا فقط، بل على جميع المعارضين، وهناك تعبئة على أساس تخويني لكل من هو معارض للقوى الموجودة في المنطقة”

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

لم تمرّ الجلسة التي نظّمها حزب “مواطنون ومواطنات في دولة” في مقهى في كفررمان/ النبطية مروراً هادئاً كما يفترض أن تكون أجواء بلاد تتحضر للانتخابات النيابية المزمع إجراؤها في 15 أيار/ مايو 2022. وكفررمان بلدة معروفة بحضور يساري وشيوعي واسع، إضافة طبعاً إلى حضور “حزب الله” و”حركة أمل”.

انتهت جلسة السبت (19 آذار/ مارس) من دون مشكلة، لكن التحريض بدأ بعد الجلسة مباشرة، مع نشر صور عنها، إذ ما لبثت أن انطلقت دعوات على “تويتر” إلى مقاطعة المقهى، كما تلقى من كان في الجلسة عشرات التهم بالعمالة والتخوين. لم تكن تلك الحملة بسبب خطاب سياسي معادٍ لمشروع “حزب الله” و”حركة أمل”، بل لأن “مواطنون ومواطنات” حزب معارض، تجرأ ورشح أشخاصاً بوجه الثنائي الشيعي في مناطق نفوذه، ما استفز مناصريه، وجعلهم يدعون إلى مقاطعة المقهى، وهذه بالمناسبة طريقة قديمة غالباً ما يستعملها الثنائي في مناطقه لابتزاز أصحاب المحال والمتاجر، وغالباً ما تنجح بسبب قدرة الحزب والحركة على الحشد وإلحاق الضرر الاقتصادي بصاحب أي تجارة أو مصلحة.

وحزب “مواطنون ومواطنات في دولة” هو حزب معارض تأسس عام 2016، وكان حاضراً في انتفاضة تشرين 2019، وبقي ناشطاً حتى بعد خفوت نبض الانتفاضة، يجري تحركات في الشوارع وحوارات في المناطق، ويشارك الآن في الانتخابات النيابية عبر ترشيح أعضاء منه في وجه أحزاب السلطة الحاكمة.

المرشح على لائحة “قادرين” نزار رمال والذي كان موجوداً يوم السبت، يقول لـ”درج”: “لم تكن هنالك مضايقات مباشرة، ولكن رأينا التحريض على تويتر، وهذا أمر متوقع، فهنالك نسبة شحن عالية جداً، وليس علينا فقط، بل على جميع المعارضين، وهناك تعبئة على أساس تخويني لكل من هو معارض للقوى الموجودة في المنطقة، كما أن لأحزاب السلطة امتيازات عدة، فنحن لا نستطيع أن نتكلم في المناسبات الاجتماعية كالعزاء والخطب في الحسينيات، بينما هم لديهم هذا المنبر المجاني الأسبوعي، كما لديهم البلديات ومباني البلديات، بحكم سيطرتهم على معظمها في الجنوب، ما يعطيهم تفوقاً، فيواجه المعارضون صعوبة في إيجاد مقرات ومنابر للتوجه إلى الناس، وأصحاب المحال والمقاهي يخافون من المقاطعة أو من تضرر مصالحهم إذا ما استقبلوك في المقاهي والصالات التي يملكونها”.

في 8 آذار الماضي، كان “مواطنون ومواطنات في دولة” قرر أن ينظّم نشاطاً حوارياً سياسياً قبيل الانتخابات في استراحة أبو هادي- الشياح، وهو جزء من عمل يقوم به الحزب على الأراضي اللبنانية كافة، لكن الجلسة ألغيت وظهر منير دوماني، وهو مرشح عن “حواطنون ومواطنات” في فيديو يقول فيه إن الجلسة ألغيت، برغم الاتفاق مع صاحب الاستراحة مسبقاً. 

ورغم الفيديو التبريري الذي خرج فيه “حزب مواطنون ومواطنات” مخاطباً الثنائي أمل/حزب الله، ضارباً على وتر المقاومة والاحتلال الاسرائيلي، إلا أنه لم يسلم من اتهامات التخوين التي كالها له مناصرو الثنائي على صفحات التواصل الاجتماعي، ولاقاهم في التخوين صاحب الاستراحة نفسه في بيان نشره مناصرو الثنائي، قال فيه صاحب الاستراحة إنه لم يكن يعرف طبيعة الاجتماع، وإن مكانه مفتوح “للشرفاء” فقط، وليس للمشبوهين الذين يتهجمون على بيئة المقاومة.

ألغيت الجلسة ونُقلت الى دوار الطيونة في 15 آذار الماضي، وظلت الأحزاب المعارضة تواصل تحركاتها الانتخابية العادية في المناطق من دون مشكلات كبيرة الى الآن، ما عدا في الطريق الجديدة، حيث تعرضت أيضاً حملة “بيروت تقاوم” لاعتداء من مناصرين لـ”تيار المستقبل” ورئيسه سعد الحريري، وذلك رفضاً للعمل السياسي في المنطقة بعد اعتكاف رئيس “تيار المستقبل”، فمناصرو سعد استفزهم أن تستمع الطريق الجديدة إلى مشاريع سياسية مختلفة بعيداً من آل الحريري. وهذا ما دفعهم للتشبيح على الحملة وتحطيم الخيمة المقامة هناك، مقابل تسجيل غياب تام لقوى الأمن الداخلي ووزارة الداخلية.

ليس فرض القوة على الأرض وحده ما يميز عمل أحزاب السلطة، بل تفوقها في القدرة المالية والدعائية على معارضيهم، ما يعطيهم أفضلية يحصدونها نتائج ومقاعد في البرلمان. وعن التمويل يقول المرشح نزار رمال، “الأموال عامل أساسي في تفوق أحزاب السلطة كما في وسائل الإعلام، التي يمتلكونها إلى النفوذ والقدرة على الظهور عبرها. أما بخصوص التهمة التي ألصقوها  بنا عن التمويل، فنحن لدينا اشتراكات شهرية، وكل مرشح عليه تغطية تكاليف ترشيحه، أما هم فليفصحوا عن تمويلهم ومصادرهم”.

يعاني مرشحو المعارضة في مناطق نفوذ “حزب الله” من حملات تخوين يومية على مواقع التواصل الاجتماعي، فما أن أعلنت المرشحة الشابة رباب يحيى عن ترشحها في قضاء بنت جبيل حتى انهالت عليها تهم الإرهاب، لأنها كانت تدعم الثورة السورية، واعتبر جيش “حزب الله” الإلكتروني أنها مرشحة “جبهة النصرة”، بما يشكل تهديداً جسدياً للشابة المتحمسة لخوض المعركة في منطقة تصعب المنافسة فيها. وقد نالت زميلتها على لائحة “قادرين” ريان شرارة المرشحة في قضاء النبطية نصيبها من فحص الدم والوطنية، عبر سؤالها عما قدمته من “شهداء” ودم وتضحيات، وكأن المرور بالبرلمان يحتم عليك خوض المعارك، من سوريا الى اليمن!

تقول شرارة لـ”درج”: “الفضاء الإلكتروني، في الغالب، لا يعكس صورة الواقع، ولا يعكس تفاعل الأفراد مع بعضهم بعضاً في هذا الواقع. فالسلوك الذي شهدناه على تويتر بعد جلسة كفررمان لا يعكس تجربتنا على الأرض، كوننا لم نواجه اعتراضاً من سكان المنطقة يوم عقدنا الجلسة، بل على العكس، فقد حضرها أفراد من مختلف الخلفيات الحزبية، وكان الحوار مثمراً”.

وتشير شرارة إلى أن “الخطورة تكمن في تضييق الأحزاب الطائفية (بمساعدة اعوانها) على المنصات القليلة التي نكون فيها، من خلال تهديد  أصحاب الأماكن الذين يرحبون بالنقاشات السياسية والدعوة إلى مقاطعتها والتحريض عليها. كما أن  جهات عدة في السابق كانت قاومت تحركاتنا في الشوف، وسط بيروت، الطريق الجديدة، المطيلب حيث تعرضنا للسرقة والضرب من قبل عناصر شرطة البلدية”.

إذاً مع اقتراب موعد الانتخابات النيابية، بدأت الضغوط تتزايد على مرشحي الأحزاب المعارضة، من قبل الأحزاب الطائفية المسيطرة على المناطق، وستسعى قوى الأمر الواقع إلى استعمال جميع الأساليب التخوينية والتشبيحية، لمنع حصول منافسة عادلة وديموقراطية. 

إقرأوا أيضاً: