fbpx

العراق: ملاحقة ملا طلال وإياد الطائي
لـ”تحرّشهما” بـ”عشّ دبابير” المؤسسة العسكرية

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

“تحرشت بعش الدبابير وكشفت من خلال مشهد تمثيلي مع الفنان اياد الطائي بعضاً من فساد مؤسسات الدولة، وما تحدثت عنه لا يمثل إلا رأس الجليد الظاهر على السطح”.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

“أخي إياد… في الوقت الذي تعفو فيه حكومتنا عن تاجر مخدرات محكوم، فهي مارست ضغوطها على القضاء وحصلت على أمري إلقاء قبض وتحرٍ بحقي وحقك”.

بتلك التغريدة ارتفعت حمى قضية الإعلامي احمد ملا طلال والممثل اياد الطائي، والتي لم تهدأ تداعياتها منذ مطلع شهر رمضان 2022، حتى تطور الحال بها لتكون قضية رأي عام يتحدث بها الشارع العراقي والوسط الصحافي العراقي على وجه الخصوص لما لها من تأثير واضح يمس حرية التعبير. 

التغريدة كتبها الإعلامي العراقي بعدما ذهبت السلطة العراقية بعيداً في ملاحقته مع زميله الممثل على خلفية حلقة من برنامج “مع ملا طلال” الذي تعرضه قناة UTV العراقية، عرض في أولى حلقاته مشهداً تمثيلياً أدى دوره الممثل العراقي اياد الطائي مرتدياً زياً عسكرياً وبرتبة رفيعة المستوى (رتبة عميد) يحاوره الاعلامي احمد ملا طلال عن أوضاع وزارة الدفاع العراقية ومنتسبيها وضباطها. 

الحلقة أزعجت “هيئة الإعلام والاتصالات العراقية”، التي تحركت لوقف البرنامج الذي يبث في شهر رمضان، الذي يعتبر موسماً ثرياً للمؤسسات الإعلامية التي تتنافس على عرض برامجها، فيما تجد الرقابة فرصتها السانحة في الشهر نفسه، لفرض هيبتها وقوانينها التي تطبقها من خلال حجب البعض من تلك الأعمال الفنية والبرامج تحت ذرائع كثيرة، أبرزها ما تعدّه “منافياً للقيم الأخلاقية”.

لكن المستغرب لدى الشارع العراقي ان تحجب هيئة الاعلام والاتصالات العراقية برنامجاً سياسياً ساهم في كشف قضايا فساد لإحدى الوزارات العراقية “وبطريقة تمثيلية” جعلت من تلك القضية “ترند” رمضان 2022 في العراق.

المقطع الذي أثار انزعاج السلطة العراقية من الحلقة، لاقى انتشاراً واسعاً في وسائل التواصل الاجتماعي وردود فعل كبيرة، لما من الناس لما ذكر فيه من ارقام خيالية كبيرة تؤخذ من المراتب الصغرى “الجنود” وصولاً الى مراتب أعلى في المؤسسة العسكرية العراقية(الضباط) وتصل الى مليارات الدنانير مقابل عدد كبير من العاملين في تلك المؤسسة، يتقاضون رواتب دون الحضور وتحت مسمى “فضائيين”.

كشف اياد الطائي في حديثه “التمثيلي” أثناء البرنامج أرقاماً تصل الى 150 مليون دينار شهرياً (نحو 100 ألف دولار أميركي) يتقاضاها ضابط واحد رفيع المستوى عن فرقته العسكرية التي يدير شؤونها، فيما تتقاضى جهات عسكرية اخرى تابعة للجيش العراقي من منتسبيها في المناطق المعروفة في بغداد، بحسب “السكيتش” التمثيلي الذي قدمه البرنامج، “جباية” عن وجودها في تلك المناطق كأن تكون مناطق تجارية أو مناطق تتركز فيها محال لبيع المشروبات الكحولية، إذ تعتبر مناطق استراتيجية يعتاش عليها بعض الضباط الكبار لما فيها من واردات مالية كبيرة كما جاء في البرنامج.

إقرأوا أيضاً:

استنكار واسع

بعد إصدار الأمر من هيئة الاعلام والاتصالات العراقية، انهالت التغريدات عبر “تويتر” والمنشورات على “فيسبوك” للتضامن مع ملا طلال، حتى الذين لا يتفقون معه في الرأي.

الناشط وائل الطائي قال عبر “فيسبوك”، “بالرغم من معارضتي له، لكن عندما يصل الامر الى حرية التعبير وكشف الفساد ويأتي دور تكميم الأفواه هنا نقف وقفة تضامنية”.

وتلك إشارة من وائل ومن معه من المغردين المتضامنين حالياً والرافضين في نفس الوقت لما قام به ملا طلال من تغيير لمنهجه الإعلامي، في بداية فترة ولاية رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي، واتهم بأنه مقرب من دوائر القرار الحكومية، وصولاً إلى وصفه من صحافيين ومؤثرين في مواقع التواصل الاجتماعي بـ”بوق السلطة”، لكنه عاد أخيراً إلى تقديم البرامج.

يرى المحلل السياسي اياد العنبر أن ما حصل في تلك القضية، أكبر من ايقاف برنامج واتهام لممثل، بل ذهبت الأمور بـ”حكومتنا الرشيدة إلى الانتقال من “انتقد ولن يسمعك احد” إلى “اذا انتقدت ستكافأ بمذكرة قبض وتحرٍ”.

أما المحامي والمحلل السياسي إبراهيم الصميدعي فيتوجه مباشرة إلى المؤسسة العسكرية بالقول “بدل تكميم الأفواه ومصادرة حرية النقد الإيجابي، أوقفوا الفساد في المؤسسة العسكرية لانكم تعلمون أن الفساد أكبر من هذا واعلى”، الصميدعي اعتقل هو الآخر في وقت سابق لإبدائه آراء عبر وسائل الإعلام حول ملفات فساد وشبهات في ظل الحكومات المتعاقبة بعد 2003، رغم عمله مستشاراً لإحدى تلك الحكومات، وعراباً للعملية السياسية في تشكيل حكومات سابقة.

حجب ثم قرار قضائي باعتقال الصحافي والممثل

“هيئة الاعلام والاتصالات” حجبت البرنامج وأصدرت أمرها إلى قناة UTV بتعليقه فوراً، بسبب الشكوى التي قدمتها وزارة الدفاع العراقية لما اعتبرته “إساءة للجيش العراقي”، و”خطراً على القطعات العسكرية وتماسها في الميدان”، بحسب ما ورد في كتاب الشكوى الذي تناقلت نسخة منه وسائل التواصل الاجتماعي.

ملا طلال غرّد بعد القرار: “تحرشت بعش الدبابير وكشفت من خلال مشهد تمثيلي مع الفنان اياد الطائي بعضاً من فساد مؤسسات الدولة، وما تحدثت عنه لا يمثل إلا رأس الجليد الظاهر على السطح”.

حمى التراشق بالتغريدات والكتب الرسمية عبر “تويتر” و”فيسبوك”، دفعت القضاء العراقي إلى إصدار أمر بإلقاء القبض على ملا طلال واياد الطائي وفق المادة 226 التي تصل عقوبتها إلى السجن 7 سنوات في أشد أحكامها.

وانطلقت إثر ذلك حملة أخرى تندد بتكميم الأفواه وحجب حرية التعبير في البلاد، كان أبرزها ما تحدث به الممثل الكوميدي اثير كشكول عبر صفحته الرسمية: “إذا استمر تكميم الأفواه وقتل حريات التعبير فعلى العراق السلام”.

ليست الحادثة الأولى

لم تكن قضية تعليق برنامج “مع ملا طلال” هي الأولى في مجال التحكم بحرية التعبير في العراق، فقد سبقتها حادثة قريبة منها باعتقال مقدم البرامج قصي شفيق الذي كشف بعض الحقائق والمعلومات في قضية سعر صرف الدولار وما تشوبها من قضايا فساد، فتم اعتقاله واستدعاؤه بناء على شكوى تقدمت بها وزارة المالية متهمةً اياه بتأجيج الرأي العام تجاه عملها للسيطرة على الجانب الاقتصادي والمالي في البلاد.

يرى الإعلامي علي تحسين أن ما تقوم به السلطة ومعها القضاء هو سابقة خطيرة فيها ضرب للحريات الصحافية ويرى معه صحافيون آخرون أنهم ليسوا بمأمن من الملاحقات القضائية للسلطة في حال تم فتح اي ملف او مجرد الإشارة إليه إعلامياً لمحاولة إطلاع الشعب عليه.

جميع ما ذكر يرتبط بقانون “حرية التعبير” الذي لا يزال مسجوناً في أدراج مجلس النواب العراقي وتم تعديل صياغته أكثر من مرة دون التصويت عليه في الدورات السابقة لكونه يحمي حق الصحافي أو الإعلامي في إبداء الرأي في مختلف القضايا، ويمنح الحكومات الحق في مقاضاته ضمن سياق قانون يرتبط بالعمل الصحافي وليس ضمن فقرات قانونية ليست ذات صلة بالصحافة وحرية التعبير.

إقرأوا أيضاً: