fbpx

 باسيل وفرنجية: من سيختار المرشد رئيساً؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

صار للجمهورية مرشداً، وبالأمس جرى تطويبه من قبل خصمين مسيحيين لا يمكن أن يجتمعا إلا في ظله ورعايته، ذاك أن مسافة الخصومة بينهما لا يمكن أن يجسرها غيره

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

لا يكفي كل ما أثارته صورة جبران باسيل وسليمان فرنجية على مائدة أمين عام حزب الله حسن نصرالله من تأويل وتحسّر على المسيحيين وموقعهم في لبنان، لنقول أن الصورة قد استنفدت المعاني التي تحملها، ويجب البحث عما يعقبها من صور يحملها إلينا المشهد الانتخابي في لبنان. 

الصورة هي مستقبل لبنان. المكان الذي نتجه إليه، والتي تقول على نحو أوضح من سابقاتها بأنه صار للجمهورية مرشداً، وبالأمس جرى تطويبه من قبل خصمين مسيحيين لا يمكن أن يجتمعا إلا في ظله ورعايته، ذاك أن مسافة الخصومة بينهما لا يمكن أن يجسرها غيره، وأن المهمة التي لطالما أنيطت بما كنا نسميه “المندوب السامي السوري” في أيام سلطة النظام، يتولاها اليوم مرشد الجمهورية، المتعالي عن صغائر الخصومة بين حلفائه وجامع شملهم. 

في أيام نفوذ النظام السوري، كان “المندوب السامي”، أي غازي كنعان ومن بعده رستم غزالي، يجمع الياس الهراوي ورفيق الحريري حين يختصما، ويتصل بنبيه بري فيقرعه على تصريح أو قانون أو فعلة. أطاحت “14 آذار” بالمندوب السامي وتحولت إلى قوة طائفية خسرت بدورها الحرب مع الطائفة الأخرى وأحلت المرشد محل “المندوب” السامي. كان مساراً طويلاً من الهزائم توج بالأمس بمشهد التطويب. “14 آذار” تحولت في 15 آذار إلى ثورة طائفة على طائفة، ففشلت وخسرت.

نعم كان مساراً طويلاً من الهزائم التي مني بها أيضاً لبنانيون على هامش الانقسام، ناهيك عمن هم في صلبه. وانتفاضة تشرين من العام 2019 كانت لحظة من خارج هذه الهزيمة، ذاك أنها طرحت للحظة فكرة من خارج هذا الصدام. فكرة بسيطة وعادية وغير ثقافوية، كما هي حال الثورات العادية. 

فكرة “كلن يعني كلن”. هذه الفكرة أرعبت ببساطتها النظام. أرعبت المرشد مثلما أرعبت صهر الجمهورية، وهي إذ أطاحت في حينها بـ”يتيم الجمهورية” سعد الحريري، قالت لخصومه المذهبيين نحن لا نواجهكم في سياق معركة إلى جانب خصمكم الذي أطحناه، نحن نواجهكم ونواجهه. وفي هذه اللحظة صار سعداً ابن النظام وابن المرشد، وصار مطلوباً ومُتحَسراً على خساراته، وصار مُنَاشداً بأن يعود. عُد يا سعد، قال نبيه بري أكثر من مرة، ورددها جبران باسيل، وكتبتها صحافة المحور حين قالت أكثر من مرة أن سعد الحريري هو زعيم السنة الذي لا بديل عنه!

صورة جبران باسيل وسليمان فرنجية في إفطار حزب الله تردنا أيضاً إلى هذه الحقيقة، إلى أن الخصم الجديد هو صاحب عبارة “كلن يعني كلن”، فقد استبق جبران الإفطار بخطاب حدد فيه خصمه في الانتخابات. “الثورة” خصمه قبل القوات اللبنانية. لنعد إلى خطابه، ولنحصي فيه عبارات الخصومة التي وزعها على منافسيه، وسنخرج بهذا الاستنتاج. أما حزب الله الذي يستعد للاستثمار بانسحاب الحريري من المشهد لكي ينتقل من موقع “الشريك الأكبر” إلى موقع “صاحب الولاية”، فحريص على أن يقتنع الجميع بأن عليهم أن يواصلوا خصومتهم تحت عباءته. ومن هذا الموقع سيراقب الحزب خصومه الجدد، أبناء “السفارات”، والممولين من “العدو البعيد”، بعد أن كف الخليج عن أن يكون عدواً في ظل الصفقات معه في اليمن، وبعد الزيارة الميمونة التي قام بها ربيب المحور بشار الأسد إلى أبو ظبي.

سنشهد انعطافة في خطاب التخوين، وعلينا أن ندقق بوجهة الاستثمار في المشهد الممزق للتحالفات. انسحاب سعد لمصلحة حزب الله يجب أن لا نبعده عن صفقة سورية إماراتية على هوية الرئيس اللبناني المقبل، وربما رد حزب الله على هذه الصفقة بأن قال بأن المرشحيَن للمنصب لا يجتمعان إلا تحت عباءتي. قد ينطوي هذا التأويل على حس عال بالمؤامرة، لكنه ليس مستبعداً في ظل انتقال الحزب من موقع “الشريك الأكبر” إلى “صاحب الولاية”.

القول بأن المسيحيين هم من سلموا لبنان لحزب الله يبقى مجتزأً، فالسنة أيضاً فعلوا ذلك، والجماعتين فعلتا ذلك بتأثير من ممثليهم الفاشلين والفاسدين. وصورة الأمس التي تجمع باسيل بفرنجية، مشفوعة بخدمات سعد الانتخابية لحزب الله، تعيد شعار “كلن يعني كلن” إلى الأذهان. في حينها كنا نرددها في سياق المواجهة، واليوم نستحضرها في لحظة انتخابية. يجب أن لا نتوهم أنها ستحل قريباً كشعار للجمهورية، إلا أنها الأفق الوحيد والبعيد الذي يمكن أن نبني عليه مستقبلاً للبنان، إذا ما كان لهذا البلد مستقبلاً.

إقرأوا أيضاً: