fbpx

“باندورا روسيا”: 11 ألف كيان مالي روسي في الخارج!

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!
"درج"

ينشر “الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين” وشركاؤه تحقيقات جديدة توضح كيف قام مصرفيون وأوليغارشيون روس وغيرهم ممن يدورون في فلك بوتين، بإخفاء ثروات هائلة في الملاذات الضريبية بمساعدة عوامل التمكين الغربية.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

فجأة استيقظ العالم على ظاهرة الأوليغارشيين الروس وعلى أدوارهم في تعزيز سلطة قيصر روسيا فلاديمير بوتين. غزو أوكرانيا هو من أيقظها، في وقت سبقت هذا الغزو عشرات الوقائع التي كان يفترض أن تحد من مسار الاندماج المالي والاقتصادي بين امبراطورية بوتين الاقتصادية والنفطية وبين النظام المالي والمصرفي العالمي. وبين أيدينا اليوم دفعة جديدة من “وثائق باندورا” أطلق عليها “الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين” اسم “باندورا روسيا”، تحتوي على وقائع مذهلة لم تكن بعيدة من أنظار العالم قبل غزو أوكرانيا، والمذهل أكثر أنها كانت جزءاً من الماكينة المالية الروسية المنخرطة بالآلة المصرفية العالمية، وما اللجوء إلى الجنات الضريبية سوى جزء من لجوء شركات كبرى غير روسية إلى هذه الكيانات.

نعم بوتين غازٍ وجشع ومحتل، لكن هذه حاله قبل غزو أوكرانيا، وهو تمكن من توظيف المصارف الغربية ومناطق الـ”أوف شور” الغربية في عملية بناء امبراطوريته المالية المترامية، وهو أرسل أوليغارشييه إلى مختلف مناطق العالم واستدعى المصرفيين من العواصم الأوروبية، من دون أن يثير حساسية وجدنا أنها استيقظت فجأة في أعقاب غزوه أوكرانيا. ففي التحقيق الذي ننشره اليوم عن سليمان كريموف، وهو أحد الأوليغارشيين المقربين من بوتين، وردت تفاصيل تكشف طبيعة العلاقة التي ربطت الأخير بالمصارف الغربية نقتطع منها مثلاً هذه الفقرة: “بنى كريموف سمعة طيبة بإقامة حفلات فخمة تصل كلفتها إلى 10 ملايين دولار تجمع المصرفيين الغربيين بمسؤولين حكوميين روسيين، وفقاً لما ذكرته صحيفة فاينانشيال تايمز، التي وصفت كريموف بأنه الأوليغارشي السري لروسيا. كريموف وظّف بيونسيه وشاكيرا لاحتفالاته، وامتلك أحد أكبر اليخوت في العالم”. 

صَمتَ العالم على تغول بوتين في سوريا، وهذا الصمت كان مقدمة لتغوله في أوكرانيا. وفي لحظات أخرى جعل العالم من القيصر شريكاً، فأوكلت إليه مهمات الموازنة بين موقعي طهران وتل أبيب في سوريا، وأتيحت له شراكات اقتصادية مع إسرائيل وتركيا، وفي هذا الوقت استدرج إعجاب دول الخليج في جمعه بين الثروة والسلطة المطلقة. أما علاقته بإيران، فبدورها استدرجت أوهاماً حول إمكان توظيفها في ضبط طموحات طهران، وفي موازنة أدوارها في المشرق.

لقد لوث بوتين العالم قبل غزوه أوكرانيا، لكنه أيضاً كان جزءاً من تمدد عالم المال على القيم التي لطالما حصنت ليبرالية الأنظمة المالية من احتمالات الشطط. فهناك أكثر من 11 ألف كيان خارجي مرتبط بروسيا أضيف إلى قاعدة البيانات الرسمية لتسريبات شركات. هذه الكيانات كانت جزءاً “طبيعياً” من الآلة المالية التي هضمت تحول الاتحاد السوفياتي إلى روسيا الاتحادية من دون أن يرافق هذا التحول ما أملته الليبرالية من شروط.

ينشر “الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين” وشركاؤه تحقيقات جديدة توضح كيف قام مصرفيون وأوليغارشيون روس وغيرهم ممن يدورون في فلك بوتين، بإخفاء ثروات هائلة في الملاذات الضريبية بمساعدة عوامل التمكين الغربية. والمقصود هنا بعوامل التمكين الغربي هو تماماً ما عنيناه بضعف الحساسية الغربية حيال مصادر هذه الثروات وحيال تحولها واجهة لنظام أفضى الصمت عنه إلى غزوه أوكرانيا.

كل هذا قبل أن نباشر البحث في ظاهرة تحول روسيا إلى مصدر أول للغاز في أوروبا، وهذا التحول إذ كان له الدور الأكبر في تضخم الـ”أنا” البوتينية، مترافقاً مع شعور النظام في موسكو بقبول العالم بوظائفه الخارجية، لا سيما في سوريا وليبيا، مثل أيضاً دليلاً جديداً على ما أصاب الليبرالية الغربية، خصوصاً في العقدين الفائتين، من ضعف في الحساسية الديموقراطية لمصلحة ما تمليه الريوع من تنازلات أخلاقية. في العقود الفائتة، شهد العالم طفرة الأوليغارشية الروسية على كل مرافقه. أينما ولينا كنا نلتقيهم، في لارنكا وفي دبي وفي المنتجعات التركية، وكانت أرصدتهم، وما زالت، تُتخم خزائن المصارف، وهؤلاء كانوا أبناء البوتينية، وورثة الإمبراطورية السوفياتية.

بوتين هو تماماً ابن هذا الاختلال، وابن الـ”نيو ليبرالية”، وابن الجزر التي تغاضى النظام المالي العالمي عن إقامة الأشرار فيها.

إقرأوا أيضاً: