fbpx

لبنان في موسم الانتخابات: الإطلالة التلفزيونية
بآلاف الدولارات و”هيئة الإشراف” غائبة 

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

يصعب على الناخبين التعرف إلى وجوه المعارضة كلها بينما تسيطر الأحزاب التقليدية على وسائل الإعلام.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

يشكو مرشحون من الوجوه التغييرية الجديدة التي تتهيأ لخوض الانتخابات النيابية المقبلة في لبنان من تعثر إمكانية حصولهم على مساحة عبر وسائل الإعلام التقليدية المعروفة في لبنان. 

“تم التواصل معي من قبل إذاعة قبل أسبوعين بهدف إعطاء منبر للمرشحين الجدد. كنت لأقبل لولا توجب دفع 1500$ لمقابلة تبلغ مدتها نصف ساعة.” تروي المرشحة السابقة عن دائرة الشوف-عاليه رنا قانصو تجربتها. “ثم خفضوا السعر الى أقل من 300$ بعدما اكتشفوا أن لا أحد من المرشحين قادر على الدفع. التغطية الإعلامية مستحيلة إلا في حال توفر رأسمال أو علاقات قوية مع المحطات.أما فرص التغطية المجانية التي عرضت علي كانت من الإعلام البديل بعد أن ربحت باستفتائين شعبيين. كما طلبت جمعية أهلية معلومات عني بإطار مشروع تقوم به لدعم المرشحات لكنها لم تعاود التواصل معي”. 

تواجه رنا قانصو وآخرون مثلها عراقيل للحصول على تغطية اعلامية مع تكريس وسائل الاعلام منح أثيرها لمرشحين آخرين قادرين على دفع مبالغ طائلة. 

في ظل انهيار اقتصادي وفشل سياسي كبير، تبرر كثير من وسائل الإعلام لنفسها ولموظفيها طلب مبالغ طائلة من المرشحين معتبرة موسم الانتخابات فرصة لتعويض نقص السيولة ولو على حساب المصداقية والنزاهة.

بعض وسائل الإعلام المحلية طلبت من معدّي البرامج والمذيعات عدم استضافة أي ضيف في فترة الانتخابات من دون العودة إلى الإدارة التي تفاوض الضيوف على أسعار الطلات الإعلامية بحسب البرنامج ووقت العرض ومدة الحلقة. أحد المرشحين المستقلين أخبر “درج” أن قناة اعلامية طلبت منه عشرة آلاف دولار مقابل إطلالة لربع ساعة في أحد برامجها الصباحية. 

هذا الواقع يجبر المرشحين المستقلين على دفع مبالغ طائلة ليحصلوا على فرصتهم بإطلالات إعلامية على وسائل الإعلام المرئية المحلية أو التخلي عن حقهم بالتمثيل الإعلامي. 

يقلص القانون اللبناني فرص التغطية الاعلامية، وبالتالي فرص فوز المرشحين الذين لا يجدون سبيلاً لبلوغ المنابر الإعلامية. كما يزيل عن عاتقه مسؤولية تحديد سعر ثابت للدقيقة الاعلامية أو الاعلانية لتقع على عاتق لجنة مكونة من 11 شخصاً تراقب عمل الوسائل الاعلامية وتحدد المعايير التي تميز الاعلان الانتخابي، أي عرض دعاية للمرشحين مع الإشارة الى أنه إعلان مدفوع والكشف عن اسم الجهة التي طلبت عرضه، عن الاعلام الانتخابي أي ظهور مرشحين على الشاشات بنشرات الأخبار أو ببرامج حوارية سياسية مقابل لقاء مادي وهي ممارسة تغيب عن شاشات أوروبا إبان الانتخابات. 

كما أنها تحدد أيضا أسعار الإعلانات وتغطيات المهرجان الانتخابي التي تتغير كل دورة. هذه الدورة، أجبرت اللجنة وسائل الإعلام على تقاضي البدل المطلوب بالليرة اللبنانية وحددت سقف الإنفاق الانتخابي وهو 750 مليون ليرة كمبلغ ثابت لكل مرشح في اللائحة بالاضافة الى مبلغ متحرك قدره خمسون ألف ليرة عن كل ناخب مسجل في قوائم الناخبين في الدائرة. وهو مبلغ خيالي للمرشحين الذين يفتقدون جهة ممولة أو وسيلة إعلامية تدعم لوائحهم أو لوائح حلفائهم فتوفر لهم تغطية إعلامية مجانية.

رصدت مؤسسة “مهارات” 194 ساعة من المواد الاعلانية والاعلامية التلفزيونية على شاشات “الجديد” وتلفزيون لبنان والـ LBC   و MTV  و OTV خلال شهر آذار/مارس منها 6 ساعات فقط ظهرت بشكل اعلان او دعاية انتخابية صريحة مقابل 46 ساعة لم يتم التصريح ما إذا كانت مقابل بدل مادي. بالإضافة إلى 86 ساعة من التغطية لمرشحين وحزبيين عبر برامج حوارية من دون توضيح أي منها كانت مدفوعة وأي منها مجانية. كما بلغ مجموع البث المباشر والمقابلات 7500 دقيقة. 

هيئة الإشراف على الإنتخابات، التي تفرض شروطا على المؤسسات الإعلامية والاعلانية الخاصة وتمنعها من عرض دعايات انتخابية بلا موافقتها، أعلنت عن لائحة تضم أسماء 38 مؤسسة اعلامية واعلانية سمحت لها بعرض دعايات انتخابية. لكن الهيئة امتنعت عن اعلان أسعار الدقائق المقدمة لها أو تلك الموافق عليها. سرية التسعير تجعل توحيد سعر الدقيقة لجميع السياسيين مستحيلة. لذلك، تفرض المفاضلات نفسها في فترة تكمن أهميتها بإغداق المرشحين على القنوات التلفزيونية اللبنانية التي تتكل على الانتخابات لتوفير مبالغ بالعملة الصعبة في ظل الوضع الاقتصادي المتردي. مع اقتراب موعد الانتخابات، يزداد التنافس عبر تهافت العديد من المرشحين على الشاشات الخاصة مما يؤدي إلى ارتفاع مستمر بسعر الدقيقة. 

إقرأوا أيضاً:

أما من لا يملك سعر المادة الإعلامية والإعلانية فيضطر للجوء إلى وسائل بديلة مثل وسائل التواصل الاجتماعي. يوضح المرشح عن دائرة الشوف-عاليه مارك ضو تجربته مع الإعلام البديل:”معظم الناخبين ينتمون للفئة العمرية من 40 الى 70 سنة وهي فئة ترتكز على الإعلام التقليدي، خاصة التلفزيون، لتكوين رأيها مما يشكل عائقا أمام وصول المرشحين المستقلين إلى هذه الشريحة”. 

يكمل مارك،”ندرك أن معظم قطاعات الشباب في الأحزاب التقليدية تتقلص شيئا فشيئا مما يسمح لنا باستقطاب هذه الفئة بسبل جديدة تتيحها مواقع التواصل وتكسر الجليد بين المرشحين والمقترعين مثل الـ Facebook Live. نعمل على إنتاج محتوى تفاعلي لنقارب المواضيع بطريقة مختلفة ونطرح الأفكار بطريقة جديدة قريبة من الناس تكسر هالة التلفاز. وهي نقطة قوة يفتقدها المرشحون التقليديون. لكن ذلك لا يغني عن التلفاز بل يجب الاعتماد على الاثنين معا”. 

العالم الافتراضي يشكل منافسة للإعلام التقليدي، وحثّه على خلق سبل جديدة لإبراز أصوات المرشحين كافة لتفادي وصمة التسيس وخلق محتوى يبرز وجهات نظر كافة شرائح المجتمع اللبناني لجذب العدد الأكبر من الجمهور. تسعيرة الدقيقة التي تشكل دخلا هاما للشاشة التقليدية يمكن أيضا أن تحول دون تأمين ضيوف إذ لا يتوفر مع معظم المرشحين المال الكافي للدفع فتضطر القناة التلفزيونية الى استضافة مرشحين بلا مقابل مادي. 

لكن السوق التنافسية التي تخلقها مواقع التواصل تفشل بضمان تكافؤ الفرص بين المرشح الميسور والاخر الأقل يسرا اذ يحدث أن تستضيف القناة وجها جديدا بهدف تشويه صورته أو التطرق الى تفاصيل غير مهمة في حياته عوضا عن الحديث عن إنجازاته المهنية أو برنامجه الانتخابي. كما يمكن أن تستضاف المرشحة ليركز على شكلها وتسأل أسئلة ذكورية من مثل “كيف ستوفقين بين عملك خارج المنزل وداخله؟” بينما تصور المرشحات القليلات للسلطة على أنهن مناضلات الى جانب أزواجهن أو في غيابهم. 

يصعب على الناخبين التعرف إلى وجوه المعارضة كلها بينما تسيطر الأحزاب التقليدية على وسائل الإعلام. خصوصاً أن معظم مرشحي الأحزاب التقليدية متمسكين بمقاعدهم منذ سنوات عدة أو تولوا مناصب رسمية أخرى فباتت أسماؤهم ووجوههم غنية عن التعريف بينما تنضم وجوه جديدة للمعارضة كل دورة انتخابية. التمييز في الظهور الإعلامي يتجلى بوضوح عندما تستأثر السلطة بوسائل إعلامية عدة لتعرض عبر شاشاتها مرشحيها بينما يصارع المرشحون الجدد لنيل بعض التغطية وينجحون بالحصول عليها فقط على الشاشات التي تتخذ موقعا “وسطيا”. 

لكن دقائق التغطية الاعلامية المخصصة للمعارضة على التلفزيون الوسطي تفشل في اظهار كل الوجوه الجديدة. تظهر أسماء مرشحي المعارضة في نشرات الأخبار الثانوية وبرامج قليلة عادة ما تكون بالتنسيق مع مؤسسات أخرى. وإن ظهرت في برامج الحوارات السياسية لا يعطى لها نفس عدد الدقائق الذي يعطى لمرشحي السلطة. بالاضافة الى اجراء حوار خال من التبجيل، قد لا يتعامل الإعلامي مع وجوه المعارضة بالجدية نفسها الذي يتعامل بها مع سائر ضيوفه. أما الشاشات ذات اللون الحزبي الصارخ، فقد تتجاهل كليا الأسماء المعارضة والوجوه “غير الحليفة” مجبرة إياهم على زيارة المقترعين بأنفسهم في المناطق التي تخضع لسلطة الأحزاب، وهي مجازفة أخرى تترتب على المرشحين في وجه قوى الأمر الواقع، التي تفرض هيمنتها على الأرض وعلى وسائل الإعلام.

إقرأوا أيضاً: