fbpx

“جنّة لم تسقط تفّاحتها”: عن إسرائيلي بقلب فلسطيني

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

جنّة لم تسقط تفّاحتها”، بحقّ، عمل إبداعي إنساني، يحاول إحداث اختراق كينونة، وبنية وخرسانة، السرديّة الإسرائيليّة القائمة على معادة فلسطين وحقّ الفلسطينيين في أن تكون لديهم دولتهم، حتّى على المساحة المتواضعة جدّاً، من مساحة فلسطين التاريخيّة.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

الحديثُ هنا عن موضوعٍ إنساني- سياسي شديد الأهميّة والعمق والحساسيّة والتميّز، كأحد اشتقاقات الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي. 

كيف لمواطن إسرائيلي أن يتغيّر، ويتبرَّأ من كميّة الضغائن التي تربّى عليها، ومعاداته حقّ الفلسطيني وهويّته، وكيف يصبحُ مناهضاً للمرويّة أو السرديّة العقائديّة الآيديولوجيّة السياسيّةــ الدينيّة الإسرائيليّة عن فلسطين وأرض الميعاد، وكيف ومتى ينظر الإسرائيلي إلى نفسه وإلى إسرائيل وفلسطين، بقلب فلسطيني، وليس بعين إسرائيليّة– صهيونيّة، قائلاً لبلده، أو ما يفترض أنه بلده وجيشه: “كفى”. 

حديث كهذا، في ظاهره متخيّل سياسي، ثقافي، اجتماعي، نفسي بحت. لكن، في رواية “جنّة لم تسقط تفّاحتها” يتحوّل هذا التقييم إلى حيوات فلسطينيّة وإسرائيليّة متشابكة، متقاطعة، متصارعة، ويتجسّد في شخصيّات متنوّعة، مختلفة في مستويات الوعي، والعداء لفلسطين والفلسطينيين، على الجانب الإسرائيلي، متجانسة العداء والمناهضة للدولة العبريّة، بخطاباتها السياسيّة والإعلاميّة والثقافيّة والعقائديّة والعسكريّة، داخل رواية “جنّة لم تسقط تفّاحتها” للروائيّة الفلسطينيّة ثورة حوامدة. 

الحديثُ هنا عن موضوعٍ إنساني- سياسي شديد الأهميّة والعمق والحساسيّة والتميّز، كأحد اشتقاقات الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي. 

 الرواية تستند إلى حكايتين استراتيجيتين، متداخلتين، متعاضدتين، تتفرّع منهما، قصص وحكايات أخرى، تشكّل مجتمعةً المجال الحيوي الدرامي للرواية. صبيّة فلسطينيّة (عائشة)، سجينة، تسرد قصّتها من داخل السجن، في الفصل الأوّل. تعود بها الذكريات إلى الطفولة، في المخيّم، وعلاقتها بأسرتها، والدها ووالدتها، ومقارناتها بين أبيها وجدّها، ونسب الشبه والاختلاف بينهما، حديثها عن جدّتها ونسوة أخريات، يوميّاتها في السجن الإسرائيلي، وعلاقتها مع السجّان، وحياتها خارج السّجن، وأشياء أخرى، من دون أن نعرف سبب اعتقالها. ثمّ تواصل الجدّة؛ عائشة نسج سرديّتها وعلاقتها بزوجها “أبو شهيد”، وابنها الوحيد، وابنته، وتفاصيل الشقاء والترمّل باكراً، ومعاناة العمل في المزارع، والكثير من المآسي التي مرّت بها أثناء تربية ابنها بدمع العين وعرق الجبين. تدور الأيّام وتتوالى الأحداث، تشيخ الجدّة، وتوصي حفيدتها بأن تُدفن في “يافا” أرض آبائها والأجداد. تضطر الحفيدة “عائشة”، إلى تنفيذ وصية الجدّة “عائشة”، وتتَّفق مع مهرّب، على أن ينقل الجثمان عبر طرق ملتوية جبليّة وعرة، من المخيّم في الضفّة الغربيّة، إلى “يافا”. برغم خطورة المهمّة، يستجيب المهرّب. لكن المهمّة تفشل، وترمي الحفيدة عائشة نفسها من السيارة، كي تعرقل دورية الشرطة الإسرائيليّة التي تلاحقهم، في يهرب السائق والجثمان. وفي الفصول الأخيرة من الرواية، يعرف القارئ سبب اعتقالها. ضمن هذه الحكاية، تتفرّع حكايات أخرى، على ألسنة رواة، هم؛ عائشة الحفيدة، عائشة الجدّة، أبو عايشة، أم عايشة، وفناء (صديقة عائشة الحفيدة)، وفاطمة جلدة (صديقة الجدّة عائشة).

أمّا الحكاية الثانية التي تتداخل مع الأولى، فهي حكاية داوود، الشّاب الإسرائيلي، يهودي من أصل أميركي، متطرّف في دفاعه عن إسرائيل، وكراهيّته لكل ما هو فلسطيني. مصاب بمرضٍ في قلبه، يضطّر الأطباء إلى استبداله بقلبٍ آخر. والده الرجل الأمني العسكري، بحكم علاقاته، يحصل على قلب شابٍ فلسطيني اتهم بطعن مواطن إسرائيلي في تل أبيب. يغيّر القلب الفلسطيني مشاعرَ الشاب الإسرائيلي تجاه حبيبته، وعلاقته مع محيطه القريب، والده وأمّه، وتتغيّر قناعته تجاه إسرائيل وفلسطين، ويتحوّل إلى شخص آخر، يغلب قلبهُ عقله، وبل يغيّر فيه أيضاً. يشعرُ بوجود فتاة تسكن قلبه. يجرّه الفضول إلى رحلة البحث عن صاحب القلب، وبعد معاناة، يتعرّف إليه. في غضون ذلك، يتعرّف إلى الفتاة التي كان يحبّها صاحب القلب، وينجرف نحوها، من دون أن تعرف ذلك. يضعه هذا الحب في مواجهة مباشرة مع الجيش الإسرائيلي، حين يرى داوود أن حياة الفتاة الفلسطينيّة (حبيبته) الجديدة، صارت في مرمى نيران الجنود الإسرائيليين، لأنها تشارك في تظاهرة ترشق الجنود بالحجارة. وتنتهي الرواية بصرخته في وجه إسرائيل وجيشها بالقول: “لا تقتلوني أكثر. لا تقتلوها مرّتين” (ص208). وفي إطار حياة داوود، تتوزّع حكايات أخرى، يرويها كلّ من؛ هيلبا (والدته)، يانئيل (والده)، عيسى الناطور (صديقه الفلسطيني – المسيحي)، مور آيديان (حبيبته السابقة).

إقرأوا أيضاً:

العتبات

استخدمت حوامدة في رواياتها عتبات تمهيديّة، في الأوّلى؛ اعتراف واضح باقتراف الفعل العمد، على أن الرواية حقيقيّة، ولا علاقة للخيال بتفاصيلها: “أحداث الرواية ليست من وحي الخيال، وأي تشابه بين الأحداث والوقائع مقصود مع سبق الإصرار والترصّد” (ص5). بينما أتت العتبة الثانيّة في الإهداء إلى الروائي الفلسطيني الشهيد غسّان كنفاني و”الثورة مستمرّة دائماً” على أن “جنّة لم تسقط تفّاحتها” جزء من تلك الثورة. والكاتبة نفسها، اسمها ثورة.

وجاءت العتبة الثالثة في سياق شكر وجهته الكاتبة إلى “روح واحدةٍ تعرف نفسها” من دون ذكر اسم صاحب/ ة الروح. وأتت العتبة الرابعة تحت عنوان “إلى إشعارٍ آخر” وقالت فيه: “أنا من الذين لا يملكون في اليوم شيئاً، ولا شيء لهم في الغد منتظر”، ويمكن سحبها على ثورة حوامدة على أنها لا ولم تحسب أيّ حساب لردود الأفعال على نصّها الروائي. فلا شيء تخسره، سواء في يومها أو غدها. ما يعني أن العتبات الأربع تتقاطع في جزئيّة الاعتراف المقرون بالتحدّي. 

جدل العنوان

مفردة الجنّة، ذات الحمولة الدينيّة، الميثولوجيّة، عبر الأوصاف والتصوّرات التي وصلتنا عن ذلك المكان المفقود، مُذ سقطت تفّاحتها، واقترف الإنسان الأوّل الخطيئة الأولى، تلك الجنّة التي أفسدها الإنسان بالمعصية، وعُوقِب على فعلتهِ تلك بأن طرد منها، تلك الجنّة التي لا يمكننا إحصاء عدد عناوين الروايات والأعمال الأدبيّة التي اشتملت عليها، تأتي ثورة حوامدة، وتقدّم لنا خطاباً مختلفاً ومعاكساً وبل مناهضاً للموروث الديني والميثولوجي عن الجنّة-ـ المكان المقدّس، وأرض الخلود، الشديدة الجمال… الخ، وتقول: إليكم “الجنّة التي لم تسقط تفّاحتها”. إذاً، العنوان يصدّر لنا نصّاً ـ مكاناً بِكراً، مغايراً، لم تدنّسه الخطيئة. ولعلّ هذا من خصال الفُجاءة تقديم عنوان منشقّ عن المعنى العام المتداول عن الجنّة، يفتحُ قوساً للتأويل، ولا يغلق نفسه على ما هو مفهوم ومطروق وشائع. وعليه، عنوان الرواية فيه من لفت الانتباه، وطاقة الجذب، ما فيه.

تأتي حوامدة على ذكر الجنّة في روايتها في المرّة الأولى في الصفحة 29، بالقول: “الغرفة والمطبخ الصغير والحمام تؤوينا رغم النواقص الكثيرة التي كنا نتجاوزها بالصبر والقناعة، تكفل لنا رغم فقرها ما يبث فينا أمنية عودتنا لجنتنا التي لم تسقط يوماً تفّاحتها”، في إشارة إلى الحنين إلى المكان الأوّل، مسقط الرأس. لكنها تحدثت عن الجنّة في الصفحة 56، بخرير مياه أنهارها وجداولها، كما هو وارد في كتاب التربية الإسلاميّة. وفي نهاية الرواية تقريباً، وتحديداً في الصفحة 197، تقول حوامدة على لسان عائشة: “فلسطين، هذه الجنّة التي لم تسقط تفّاحتها بعد، وإن سقطتْ، ستسقط معها هذه المهزلة القدريّة، هذه الدولة الكبيرة المستكبرة، المتعالية العنجهية، عديمة الديمقراطيّة، المستأسدة بالباطل”. إذاً، يقول اليهود عن فلسطين “أرض ميعادهم”، وتردُّ حوامدة على تلك السرديّة، بسرديّة مناهضة ومعارضة أنها فلسطين أو “الجنّة التي لم تسقط تفّاحها”، برغم كل ما حدث من حروب وخراب ودمار وتهجير ونزوح.

الأحوال على ضفّتي الصّراع

بما أن الرواية تتناول حكايتين متقابلتين، متداخلتين، عن شعبين متصارعين على مكان واحد، فإن حوامدة حاولت ببراعة رصد أحوال إسرائيل بأعين إسرائيليّة، وكذلك نظرتهم لأحوال الفلسطينيين. وترصد أحوال الفلسطينيين وكيف ينظرون لأحوالهم وأحوال الإسرائيليين. فطرحت مشكلات المجتمع الإسرائيلي (ص 81-82) أثناء الحديث على لسان والدي داوود؛ هيلبا ويانئيل. وأشارت إلى مشاغل العمالة الفلسطينيّة في إسرائيل، وأحوال الفلسطينيين المتزوجين من إسرائيليّات… وطرحت خطورة التغلغل الفلسطيني داخل إسرائيل، وكيف يمكن سد “المنافذ والثغرات التي يلجأ إليها فلسطينيو الداخل في الوصول إلى الأحزاب السياسيّة الأكثر خطورة في المسألة الداخليّة… هؤلاء كالأفعى السامّة، لدغتها مميتة” (ص86)، إلى المقارنة بين حياة الفلسطينيين المرفّهة داخل إسرائيل، وحياتهم في المخيّمات، داخل أراضي الضفّة، ودائماً على لسان هيلبا وزوجها يانئيل. وتكشف الرواية عن وجود خلاف ولو طفيف في بنى المجتمع الإسرائيلي، عبر الإشارة إلى الخلاف بين هيلبا ويانئيل في ما يتعلّق باستهداف المدنيين الفلسطينيين، والمبالغة في المخاطر الآتية من “غزّة” تجاه إسرائيل، لتحقيق مكاسب سياسيّة في العالم، عبر زيادة مستويات المظلوميّة من الاستهداف الفلسطيني. وقول هليبا لزوجها: “خذ في الاعتبار أن تصفّى الأمور بعيداً عن المدنيين. بالأمس كان داوود، معلّقاً على حبلٍ بين الحياة والموت، واليوم ينبض بقلبهم، دعهم وشأنهم ودعنا نعيش بسلام بعيداً عنهم” (ص98). لكن هذا لا يلغي عنصريّة هيلبا تماماً تجاه الفلسطينيين، وانتقادها بعض مفردات الخطاب الإعلامي الفلسطيني، استناداً إلى حال العمّال الفلسطينيين، وكيف أنها قرأت مقالاً صحافيّاً عن “رفض العمّال الفلسطينيين الذين يأكلون لحم خيرنا أن يعترفوا بأحقيّتنا في هذه الأرض، ورفضهم العمل في بلادهم بأجور متدنيّة، والازدواجيّة التي تسطع في النهاية أنهم يكونون في بلدانهم أسوداً، وفي إسرائيل قططاً تبحث عن المال” (ص99).

على الضفّة الفلسطينيّة، حاولت الرواية رصد مستويات التحوّل في المجتمع الفلسطيني، وعرّجت على ملّف المفقودين عبر سرد حكاية “أبو مرزوق” المفقود منذ أيّام النكبة (ص17). كذلك تناولت حيوات الفلسطينيين في مخيّم الأمعري (ص 49 – 50) ووصف أحوال المخيّمات في الشتاء والصيف (ص67). وتطرّقت إلى الفلسطينيين الذين غادروا إلى الخليج للعمل والبحث عن مستقبل أفضل، وكيف تغيّروا، وصاروا كسكّان البلدان التي هاجروا إليها، على حساب تراجع فلسطينيّتهم (ص57).

وانتقدت اتفاقيّة أوسلو، والزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، بالقول: “الأرض أغلى من السياسة. القبول بنصف الحل آنذاك، أضعف الموقف الثوري، واختزل تطلعات الشبان الذين رأوا تحرير فلسطين حلاً وحيداً ومجدياً على الأرض لإنهاك المحتل، لتعود إلى الديار عزّتها، وللزغرودة بهاؤها (ص 149). كما تنتقد الرواية الواقع العربي الذي يصبّ في طاحونة مصالح إسرائيل، وكيف أنها المستفيدة من الأوضاع في الضفة الغربية وقطاع غزة، وكأنَّ تل أبيب هي التي تدير الوضع الفلسطيني والعربي (ص173). ومن المواضيع المثيرة للجدل، إشارة الرواية إلى المثليّة الجنسيّة في فلسطين، أثناء الحديث عن شخصيّة هامشيّة تدعى “خالد/ة” (ص57-58).

على الضفّة الفلسطينيّة، حاولت الرواية رصد مستويات التحوّل في المجتمع الفلسطيني، وعرّجت على ملّف المفقودين عبر سرد حكاية “أبو مرزوق” المفقود منذ أيّام النكبة

التحوّل الكبير- الولادة الجديدة

داوود، الإسرائيلي المتعصّب المتطرّف الذي كان مقتنعاً تماماً بأن “هذه الأرض لهم، ولا أحقّية لأحد فيها، وأن الدولة الحالية هي التتمة لما عرف بمملكة إسرائيل” (ص95)، تحوّل إلى شخص آخر، يعاني من تمزّق داخلي بين شخصيتين: “لماذا يلعبون معي هذه اللعبة القذرة؟ ما الذي يحدث لي لأواجه بضدي وعلى مساحة لا تحتمل الصراع أكثر؟! (…) إن قلت: لا أريد هذا القلب، فالأمر أصبح حتميّاً والقلب ينبض الآن. وإن قلت: سأقبل به، كيف له أن يقبل ما يمليه عليه عقلي” (ص78). وفي النهاية يحسم القلب قرار الشاب: “هذه هي المرّة الأولى التي أبكي فيها على شيء تعود ملكيته لفلسطيني” (ص79). ويسأل: “أهذا القلبُ فلسطين التي نحاصرها؟” (ص190).

لغة ثورة حوامدة الروائيّة، سلسة مريحة، فصيحة، منفتحة على العاميّة، وفق مقتضيات الحال، وضرورات العمل. واستخدمت عبارات من الأغاني الفلكلوريّة: “على الله تعود” (ص17)، و”بالهنا يا أم الهنا… يا هنية/ والتوت عيني على الشلبية” (ص54). 

في “جنّة لم تسقط تفّاحتها” رغم تناوب أحد عشر شخصيّة على السرد، كل واحد من زاوية، إلاّ أننا لا نعثر على صوت الراوي العليم، الذي يمكنه ضبط توزيع الأدوار والكلام. في حين نعثر على صوت الكاتبة موزّعاً على أصوات شخصيّات روايتها. 

تطرحُ الرواية أسئلةً مختلفة، لعلَّ أبرزها؛ وسط صراع السرديتين؛ الفلسطينيّة والإسرائيليّة، حين بدأت تنشأ حالة ثالثة، هي خليط من حالتين، تجسّدت في شخصيّة داوود الإسرائيلي، الذي يعيش بقلب شاب فلسطيني، والانقلاب الفكري والإنساني والعقائدي الذي أحدثه ذلك القلب داخل التكوين النفسي والمعرفي في شخصيّته، وانحيازهُ لفلسطين والفلسطينيين الذين ينبض لهم قلبه، وسيطر على عقله تماماً. وهذه الحالة الإنسانيّة ذات الحساسيّة العالية، والتخيّل الروائي الجميل والفذّ، تطرح سؤالاً آخر: ماذا لو كان الأمر معاكساً، بأن يكون الجسد فلسطينياً والقلبُ إسرائيليّاً، سنكون إزاء حالة فلسطينيّة مناهضة ومناقضة لشخصيّة داوود، ومنحازة لإسرائيل والإسرائيليين. فما هو جائز افتراضه في شخصيّة داوود، وفق المتخيّل الروائي لدى ثورة حوامدة، يجوز افتراضه معكوساً أيضاً. الأهمُّ من هذا وذاك، وفق تقديري وقراءتي، أن رواية “جنّة لم تسقط تفّاحتها” تفتح قوساً كبيراً لأسئلة كبيرة يفرزها هذا الصراع التاريخي الوجودي والمصيري الكبير على فلسطين.

“جنّة لم تسقط تفّاحتها”، بحقّ، عمل إبداعي إنساني، يحاول إحداث اختراق كينونة، وبنية وخرسانة، السرديّة الإسرائيليّة القائمة على معادة فلسطين وحقّ الفلسطينيين في أن تكون لديهم دولتهم، حتّى على المساحة المتواضعة جدّاً، من مساحة فلسطين التاريخيّة. ومع ذلك، هذا النصّ الروائي الجميل، يستحقُّ أن يتحوّل إلى فيلم سينمائي قادر على مواجهة السرديّة الإسرائيليّة إبداعيّاً، هذه الرواية أنصفها التكريم، بحصولها على جائزة كتارا، لكنها سقطت، إمّا سهواً أو عمداً، من التناول النقدي، فلسطينيّاً وعربيّاً.

إقرأوا أيضاً: